( نية مقارنة له ) أي للأداء ( ولو ) كانت المقارنة ( حكما ) كما لو وشرط صحة أدائها [ ص: 269 ] أو دفعها لذمي ليدفعها لأن المعتبر للفقراء جاز نية الأمر ولذا لو قال هذا تطوع أو عن كفارتي ثم نواه عن الزكاة قبل دفع الوكيل صح ، ولو دفع بلا نية ثم نوى والمال قائم في يد الفقير ، أو نوى عند الدفع للوكيل ثم دفع الوكيل بلا نية ضمن وكان متبرعا إلا إذا وكله الفقراء خلط زكاة موكليه إلا إذا قال : ربها ضعها حيث شئت ، ولو وللوكيل أن يدفع لولده الفقير وزوجته لا لنفسه أجزأ إن كان على نية الرجوع وكانت دراهم الموكل قائمة ( أو مقارنة [ ص: 270 ] بعزل ما وجب ) كله أو بعضه ، ولا يخرج عن العهدة بالعزل بل بالأداء للفقراء ( أو تصدق بكله ) إلا إذا نوى نذرا أو واجبا آخر فيصح ويضمن الزكاة ، ولو تصدق ببعضه لا تسقط حصته عند الثاني خلافا للثالث وأطلقه نعم العين والدين ، حتى لو أبرأ الفقير عن النصاب صح ( وسقط عنه ) . واعلم أن تصدق بدراهم نفسه يجوز أداء الدين عن الدين والعين عن العين ، وعن الدين [ ص: 271 ] لا يجوز . وحيلة الجواز أن يعطي مديونه الفقير زكاته ثم يأخذها عن دينه ، ولو امتنع المديون مد يده وأخذها لكونه ظفر بجنس حقه ، فإن مانعه رفعه للقاضي ، وحيلة التكفين بها التصدق على فقير ثم هو يكفن فيكون الثواب لهما وكذا في تعمير المسجد ، وتمامه في حيل الأشباه وأداء الدين عن العين ، وعن دين سيقبض
كتاب الزكاة
التالي
السابق
( قوله : وشرط صحة أدائها إلخ ) قد علم اشتراط النية من قوله أولا لله تعالى ، لكن ذكرت هنا لبيان تفاصيلها أفاده في البحر ( قوله نية ) أشار إلى أنه لا اعتبار للتسمية ; فلو سماها هبة أو قرضا تجزيه في الأصح ، وإلى أنه لو وقع عنها عند الثاني لأن نية الفرض أقوى وعند الثالث يقع عنه ، وإلى أنه ليس للفقير أخذها بلا علمه إلا إذا لم يكن في قرابته أو قبيلته أحوج منه فيضمن حكما لا ديانة ، وإلى أن الساعي لو أخذها منه كرها لا يسقط الفرض عنه في الأموال الباطنة ، بخلاف الظاهرة هو المفتى به ، وإلى أنها لا تؤخذ من تركته لفقد النية إلا إذا أوصى فتعتبر من الثلث ، وتمامه في البحر . زاد في الجوهرة : أو تبرع ورثته . نوى الزكاة والتطوع
قلت : ولعل وجهه أنهم قائمون مقامه فتكفي نيتهم فتأمل ( قوله مقارنة ) هو الأصل كما في سائر العبادات ، وإنما اكتفي بالنية عند العزل كما سيأتي لأن الدفع يتفرق فيتخرج باستحضار النية عند كل دفع فاكتفى بذلك للحرج بحر ، والمراد مقارنتها للدفع إلى الفقير ، وأما المقارنة للدفع إلى الوكيل فهي من الحكمية كما يأتي ط ( قوله : والمال قائم في يد الفقير ) بخلاف ما إذا نوى بعد هلاكه بحر . وظاهره أن المراد بقيامه في يد الفقير بقاؤه [ ص: 269 ] في ملكه لا اليد الحقيقية ، وأن النية تجزيه مادام في ملك الفقير ، ولو بعد أيام ( قوله أو دفعها لذمي ) نبه على لأن الزكاة عبادة مالية محضة ، فتصح فيها إنابة الذمي وإن لم يكن من أهل النية لأن الشرط فيها نية الأمر ، بخلاف الحج لأنه عبادة مركبة من المال والبدن فتشترط فيه أهلية المأمور للنية ( قوله : لأن المعتبر نية الآمر ) علة للمسألتين ( قوله ولذا ) أي لكون المعتبر نية الآمر ( قوله لو قال ) أي عند الدفع إلى الوكيل ( قوله ثم نواه عن الزكاة ) أي ولم يعلم الوكيل بذلك بل دفع إلى الفقير بنية التطوع أو الكفارة ( قوله ضمن وكان متبرعا ) لأنه ملكه بالخلط وصار مؤديا مال نفسه . قال في التتارخانية : إلا إذا وجد الإذن أو أجاز المالكان ا هـ أي أجاز قبل الدفع إلى الفقير ، لما في البحر : لو الفرق بين الزكاة والحج لم يجز لأنها وجدت نفاذا على المتصدق لأنها ملكه ولم يصر تائبا عن غيره فنفذت عليه ا هـ لكن قد يقال : تجزي عن الآمر مطلقا لبقاء الإذن بالدفع . قال في البحر : ولو تصدق عنه بأمره جاز ويرجع بما دفع عند أدى زكاة غيره بغير أمره فبلغه فأجاز . وعند أبي يوسف لا يرجع إلا بشرط الرجوع ا هـ تأمل ، ثم قال في التتارخانية أو وجدت دلالة الإذن بالخلط كما جرت العادة بالإذن من أرباب الحنطة بخلط ثمن الغلات ; وكذلك المتولي إذا كان في يده أوقيات مختلفة وخلط غلاتها ضمن وكذلك السمسار إذا خلط الأثمان أو البياع إذا خلط الأمتعة يضمن . ا هـ . قال في التجنيس : ولا عرف في حق السماسرة والبياعين بخلط ثمن الغلات والأمتعة ا هـ ويتصل بهذا العالم إذا سأل للفقراء شيئا وخلط يضمن . محمد
قلت : ومقتضاه أنه لو وجد العرف فلا ضمان لوجود الإذن حينئذ دلالة . والظاهر أنه لا بد من علم المالك بهذا العرف ليكون إذنا منه دلالة ( قوله إذا وكله الفقراء ) لأنه كلما قبض شيئا ملكوه وصار خالطا مالهم بعضه ببعض ووقع زكاة عن الدافع ، لكن بشرط أن لا يبلغ المال الذي بيد الوكيل نصابا . فلو بلغه وعلم به الدافع لم يجزه إذا كان الآخذ وكيلا عن الفقير كما في البحر عن الظهيرية .
قلت : وهذا إذا كان الفقير واحدا ، فلو كانوا متعددين لا بد أن يبلغ لكل واحد نصابا لأن ما في يد الوكيل مشترك بينهم ، فإذا كانوا ثلاثة ، وما في يد الوكيل بلغ نصابين لم يصيروا أغنياء فتجزي الزكاة عن الدفع بعده إلى أن يبلغ ثلاثة أنصباء إلا إذا كان وكيلا عن كل واحد بانفراده ، فحينئذ يعتبر لكل واحد نصابه على حدة ، وليس له الخلط بلا إذنهم ; فلو خلط أجزأ عن الدافعين وضمن للموكلين . وأما إذا لم يكن الآخذ وكيلا عنهم فتجزي ، وإن بلغ المقبوض نصبا كثيرة لأنهم لم يملكوا شيئا مما في يده ( قوله : لولده الفقير ) وإذا كان ولدا صغيرا فلا بد من كونه فقيرا أيضا لأن الصغير يعد غنيا بغنى أبيه أفاده ط عن أبي السعود وهذا حيث لم يأمره بالدفع إلى معين ; إذ لو خالف ففيه قولان حكاهما في القنية . وذكر في البحر أن القواعد تشهد للقول بأنه لا يضمن لقولهم : . ا هـ . لو نذر التصدق على فلان له أن يتصدق على غيره
أقول : وفيه نظر لأن تعيين الزمان والمكان والدرهم والفقير غير معتبر في النذر لأن الداخل تحته ما هو قربة ، وهو أصل التصدق دون التعيين فيبطل ، وتلزم القربة كما صرحوا به ، وهنا الوكيل إنما يستفيد التصرف من الموكل وقد أمره بالدفع إلى فلان فلا يملك الدفع إلى غيره كما لو أوصى لزيد بكذا ليس للوصي الدفع إلى غيره فتأمل ( قوله وزوجته ) أي الفقيرة ( قوله ولو تصدق إلخ ) أي الوكيل بدفع الزكاة إذا أمسك دراهم الموكل [ ص: 270 ] ودفع من ماله ليرجع ببدلها في دراهم الموكل صح . بخلاف ما إذا أنفقها أولا على نفسه مثلا ثم دفع من ماله فهو متبرع ، وعلى هذا التفصيل الوكيل بالإنفاق أو بقضاء الدين أو الشراء كما سيأتي إن شاء الله - تعالى - في الوكالة . وفيه إشارة إلى أنه ، ولذا لو أمر غيره بالدفع عنه جاز كما قدمناه ، لكن اختلف فيما إذا دفع من مال آخر خبيث . قال في البحر : وظاهر القنية ترجيح الإجزاء استدلالا بقولهم لا يشترط الدفع من عين مال الزكاة فللمسلم صرف ثمنها عن زكاة ماله . [ فرع ] مسلم له خمر فوكل ذميا فباعها من ذمي
بحر عن الخانية وسيأتي متنافي الوكالة ( قوله بعزل ما وجب ) في نسخة لعزل باللام ، وهي أحسن ليوافق المعطوف عليه ( قوله : ولا يخرج عن العهدة بالعزل ) فلو ضاعت لا تسقط عنه الزكاة ولو مات كانت ميراثا عنه ، بخلاف ما إذا ضاعت في يد الساعي لأن يده كيد الفقراء بحر عن المحيط ( قوله أو تصدق بكله ) بالرفع عطفا على قوله : نية ، وأفاد به سقوط الزكاة ، ولو نوى نفلا أو لم ينو أصلا لأن الواجب جزء منه ، وإنما تشترط النية لدفع المزاحم فلما أدى الكل زالت المزاحمة بحر ( قوله إلا إذا نوى إلخ ) في التعبير بالتصديق إيماء إلى هذا الاستثناء كما في النهر ( قوله فيصح ) أي عما نوى ( قوله : لا تسقط حصته ) أي لا تسقط زكاة ما يتصدق به فتجب زكاته وزكاة الباقي ( قوله : خلافا للثالث ) أشار بذلك تبعا لمتن الملتقى إلى اعتماد قول للوكيل بدفع الزكاة أن يوكل غيره بلا إذن ; ولذا قدمه أبي يوسف قاضي خان وقد أخره في الهداية مع دليله ، وعادته تأخير المختار عنده على عكس عادة قاضي خان وصاحب الملتقى فافهم .
( قوله : وأطلقه ) أي أطلق التصدق ( قوله حتى إلخ ) تفريع على شموله الدين ح وقيد بالفقير لأنه لو كان غنيا فوهبه بعد الحول ففيه روايتان أصحهما الضمان بحر عن المحيط أي ضمان زكاة ما وهبه لأنه استهلكه بعد الوجوب ( قوله : صح ، وسقط عنه ) أي صح الإبراء وسقط عنه زكاته نوى الزكاة أو لا لما مر ولو أبرأه عن البعض سقط زكاته دون الباقي ، ولو نوى به الأداء عن الباقي بحر ( قوله واعلم إلخ ) ما كان ثابتا في الذمة من مال الزكاة وبالعين ما كان قائما في ملكه من نقود وعروض ، والقسمة رباعية ; لأن الزكاة إما أن تكون دينا أو عينا ، والمال المزكى كذلك ، لكن الدين إما أن يسقط بالزكاة أو يبقى مستحق القبض بعدها فتصير خمسة فيجوز الأداء في ثلاثة : الأولى أداء الدين عن دين سقط بها كما مثل من إبراء الفقير عن كل النصاب . الثانية أداء العين عن العين كنقد حاضر عن نقد أو عرض حاضر . الثالثة أداء العين عن الدين كنقد حاضر عن نصاب دين . وفي صورتين لا يجوز : [ ص: 271 ] الأولى أداء الدين عن العين كجعله ما في ذمة مديونه زكاة لماله الحاضر ، بخلاف ما إذا أمر فقيرا بقبض دين له على آخر عن زكاة عين عنده فإنه يجوز لأنه عند قبض الفقير يصير عينا فكان عينا عن عين . المراد بالدين
الثانية أداء دين عن دين سيقبض كما تقدم عن البحر ، وهو ما لو وعلله بأن الباقي يصير عينا بالقبض فيصير مؤديا بالدين عن العين . ا هـ . ولذا أطلق أبرأ الفقير عن بعض النصاب ناويا به الأداء عن الباقي الشارح الدين أولا عن التقييد بالسقوط ، ولقوله بعده سيقبض ( قوله وحيلة الجواز ) أي فيما على آخر سيقبض ( قوله أن يعطي مديونه إلخ ) قال في الأشباه وهو أفضل من غيره أي لأنه يصير وسيلة إلى براءة ذمة المديون ( قوله لكونه ظفر بجنس حقه ) نقل العلامة إذا كان له دين على معسر ، وأراد أن يجعله زكاة عن عين عنده أو عن دين له البيري في آخر شرح الأشباه أن الدراهم والدنانير جنس واحد في مسألة الظفر ( قوله فإن مانعه إلخ ) والحيلة إذا خاف ذلك ما في الأشباه ، وهو أن يوكل المديون خادم الدائن بقبض الزكاة ثم بقضاء دينه ، فبقبض الوكيل صار ملكا للموكل ، ولا يسلم المال للوكيل إلا في غيبة المديون لاحتمال أن يعزله عن وكالة قضاء دينه حال القبض قبل الدفع . ا هـ . وفيها : إن كان للدائن شريك في الدين يخاف أن يشاركه في المقبوض ، فالحيلة أن يتصدق الدائن بالدين ويهب المديون ما قبضه للدائن فلا مشاركة ( قوله : ثم هو ) أي الفقير يكفن والظاهر أن له أن يخالف أمره لأنه مقتضى صحة التملك كما سيأتي في باب المصرف بحثا ( قوله : فيكون الثواب لهما ) أي ثواب الزكاة للمزكي ، وثواب التكفين للفقير . وقد يقال : إن ثواب التكفين يثبت للمزكي أيضا ، لأن الدال على الخير كفاعله ، وإن اختلف الثواب كما وكيفا ط .
قلت : وأخرج السيوطي في الجامع الصغير { لو مرت الصدقة على يدي مائة لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدئ من غير أن ينقص من أجره شيء } ( قوله وكذا ) الإشارة إلى الحيلة ( قوله وتمامه إلخ ) هو ما قدمناه عن الأشباه
قلت : ولعل وجهه أنهم قائمون مقامه فتكفي نيتهم فتأمل ( قوله مقارنة ) هو الأصل كما في سائر العبادات ، وإنما اكتفي بالنية عند العزل كما سيأتي لأن الدفع يتفرق فيتخرج باستحضار النية عند كل دفع فاكتفى بذلك للحرج بحر ، والمراد مقارنتها للدفع إلى الفقير ، وأما المقارنة للدفع إلى الوكيل فهي من الحكمية كما يأتي ط ( قوله : والمال قائم في يد الفقير ) بخلاف ما إذا نوى بعد هلاكه بحر . وظاهره أن المراد بقيامه في يد الفقير بقاؤه [ ص: 269 ] في ملكه لا اليد الحقيقية ، وأن النية تجزيه مادام في ملك الفقير ، ولو بعد أيام ( قوله أو دفعها لذمي ) نبه على لأن الزكاة عبادة مالية محضة ، فتصح فيها إنابة الذمي وإن لم يكن من أهل النية لأن الشرط فيها نية الأمر ، بخلاف الحج لأنه عبادة مركبة من المال والبدن فتشترط فيه أهلية المأمور للنية ( قوله : لأن المعتبر نية الآمر ) علة للمسألتين ( قوله ولذا ) أي لكون المعتبر نية الآمر ( قوله لو قال ) أي عند الدفع إلى الوكيل ( قوله ثم نواه عن الزكاة ) أي ولم يعلم الوكيل بذلك بل دفع إلى الفقير بنية التطوع أو الكفارة ( قوله ضمن وكان متبرعا ) لأنه ملكه بالخلط وصار مؤديا مال نفسه . قال في التتارخانية : إلا إذا وجد الإذن أو أجاز المالكان ا هـ أي أجاز قبل الدفع إلى الفقير ، لما في البحر : لو الفرق بين الزكاة والحج لم يجز لأنها وجدت نفاذا على المتصدق لأنها ملكه ولم يصر تائبا عن غيره فنفذت عليه ا هـ لكن قد يقال : تجزي عن الآمر مطلقا لبقاء الإذن بالدفع . قال في البحر : ولو تصدق عنه بأمره جاز ويرجع بما دفع عند أدى زكاة غيره بغير أمره فبلغه فأجاز . وعند أبي يوسف لا يرجع إلا بشرط الرجوع ا هـ تأمل ، ثم قال في التتارخانية أو وجدت دلالة الإذن بالخلط كما جرت العادة بالإذن من أرباب الحنطة بخلط ثمن الغلات ; وكذلك المتولي إذا كان في يده أوقيات مختلفة وخلط غلاتها ضمن وكذلك السمسار إذا خلط الأثمان أو البياع إذا خلط الأمتعة يضمن . ا هـ . قال في التجنيس : ولا عرف في حق السماسرة والبياعين بخلط ثمن الغلات والأمتعة ا هـ ويتصل بهذا العالم إذا سأل للفقراء شيئا وخلط يضمن . محمد
قلت : ومقتضاه أنه لو وجد العرف فلا ضمان لوجود الإذن حينئذ دلالة . والظاهر أنه لا بد من علم المالك بهذا العرف ليكون إذنا منه دلالة ( قوله إذا وكله الفقراء ) لأنه كلما قبض شيئا ملكوه وصار خالطا مالهم بعضه ببعض ووقع زكاة عن الدافع ، لكن بشرط أن لا يبلغ المال الذي بيد الوكيل نصابا . فلو بلغه وعلم به الدافع لم يجزه إذا كان الآخذ وكيلا عن الفقير كما في البحر عن الظهيرية .
قلت : وهذا إذا كان الفقير واحدا ، فلو كانوا متعددين لا بد أن يبلغ لكل واحد نصابا لأن ما في يد الوكيل مشترك بينهم ، فإذا كانوا ثلاثة ، وما في يد الوكيل بلغ نصابين لم يصيروا أغنياء فتجزي الزكاة عن الدفع بعده إلى أن يبلغ ثلاثة أنصباء إلا إذا كان وكيلا عن كل واحد بانفراده ، فحينئذ يعتبر لكل واحد نصابه على حدة ، وليس له الخلط بلا إذنهم ; فلو خلط أجزأ عن الدافعين وضمن للموكلين . وأما إذا لم يكن الآخذ وكيلا عنهم فتجزي ، وإن بلغ المقبوض نصبا كثيرة لأنهم لم يملكوا شيئا مما في يده ( قوله : لولده الفقير ) وإذا كان ولدا صغيرا فلا بد من كونه فقيرا أيضا لأن الصغير يعد غنيا بغنى أبيه أفاده ط عن أبي السعود وهذا حيث لم يأمره بالدفع إلى معين ; إذ لو خالف ففيه قولان حكاهما في القنية . وذكر في البحر أن القواعد تشهد للقول بأنه لا يضمن لقولهم : . ا هـ . لو نذر التصدق على فلان له أن يتصدق على غيره
أقول : وفيه نظر لأن تعيين الزمان والمكان والدرهم والفقير غير معتبر في النذر لأن الداخل تحته ما هو قربة ، وهو أصل التصدق دون التعيين فيبطل ، وتلزم القربة كما صرحوا به ، وهنا الوكيل إنما يستفيد التصرف من الموكل وقد أمره بالدفع إلى فلان فلا يملك الدفع إلى غيره كما لو أوصى لزيد بكذا ليس للوصي الدفع إلى غيره فتأمل ( قوله وزوجته ) أي الفقيرة ( قوله ولو تصدق إلخ ) أي الوكيل بدفع الزكاة إذا أمسك دراهم الموكل [ ص: 270 ] ودفع من ماله ليرجع ببدلها في دراهم الموكل صح . بخلاف ما إذا أنفقها أولا على نفسه مثلا ثم دفع من ماله فهو متبرع ، وعلى هذا التفصيل الوكيل بالإنفاق أو بقضاء الدين أو الشراء كما سيأتي إن شاء الله - تعالى - في الوكالة . وفيه إشارة إلى أنه ، ولذا لو أمر غيره بالدفع عنه جاز كما قدمناه ، لكن اختلف فيما إذا دفع من مال آخر خبيث . قال في البحر : وظاهر القنية ترجيح الإجزاء استدلالا بقولهم لا يشترط الدفع من عين مال الزكاة فللمسلم صرف ثمنها عن زكاة ماله . [ فرع ] مسلم له خمر فوكل ذميا فباعها من ذمي
بحر عن الخانية وسيأتي متنافي الوكالة ( قوله بعزل ما وجب ) في نسخة لعزل باللام ، وهي أحسن ليوافق المعطوف عليه ( قوله : ولا يخرج عن العهدة بالعزل ) فلو ضاعت لا تسقط عنه الزكاة ولو مات كانت ميراثا عنه ، بخلاف ما إذا ضاعت في يد الساعي لأن يده كيد الفقراء بحر عن المحيط ( قوله أو تصدق بكله ) بالرفع عطفا على قوله : نية ، وأفاد به سقوط الزكاة ، ولو نوى نفلا أو لم ينو أصلا لأن الواجب جزء منه ، وإنما تشترط النية لدفع المزاحم فلما أدى الكل زالت المزاحمة بحر ( قوله إلا إذا نوى إلخ ) في التعبير بالتصديق إيماء إلى هذا الاستثناء كما في النهر ( قوله فيصح ) أي عما نوى ( قوله : لا تسقط حصته ) أي لا تسقط زكاة ما يتصدق به فتجب زكاته وزكاة الباقي ( قوله : خلافا للثالث ) أشار بذلك تبعا لمتن الملتقى إلى اعتماد قول للوكيل بدفع الزكاة أن يوكل غيره بلا إذن ; ولذا قدمه أبي يوسف قاضي خان وقد أخره في الهداية مع دليله ، وعادته تأخير المختار عنده على عكس عادة قاضي خان وصاحب الملتقى فافهم .
( قوله : وأطلقه ) أي أطلق التصدق ( قوله حتى إلخ ) تفريع على شموله الدين ح وقيد بالفقير لأنه لو كان غنيا فوهبه بعد الحول ففيه روايتان أصحهما الضمان بحر عن المحيط أي ضمان زكاة ما وهبه لأنه استهلكه بعد الوجوب ( قوله : صح ، وسقط عنه ) أي صح الإبراء وسقط عنه زكاته نوى الزكاة أو لا لما مر ولو أبرأه عن البعض سقط زكاته دون الباقي ، ولو نوى به الأداء عن الباقي بحر ( قوله واعلم إلخ ) ما كان ثابتا في الذمة من مال الزكاة وبالعين ما كان قائما في ملكه من نقود وعروض ، والقسمة رباعية ; لأن الزكاة إما أن تكون دينا أو عينا ، والمال المزكى كذلك ، لكن الدين إما أن يسقط بالزكاة أو يبقى مستحق القبض بعدها فتصير خمسة فيجوز الأداء في ثلاثة : الأولى أداء الدين عن دين سقط بها كما مثل من إبراء الفقير عن كل النصاب . الثانية أداء العين عن العين كنقد حاضر عن نقد أو عرض حاضر . الثالثة أداء العين عن الدين كنقد حاضر عن نصاب دين . وفي صورتين لا يجوز : [ ص: 271 ] الأولى أداء الدين عن العين كجعله ما في ذمة مديونه زكاة لماله الحاضر ، بخلاف ما إذا أمر فقيرا بقبض دين له على آخر عن زكاة عين عنده فإنه يجوز لأنه عند قبض الفقير يصير عينا فكان عينا عن عين . المراد بالدين
الثانية أداء دين عن دين سيقبض كما تقدم عن البحر ، وهو ما لو وعلله بأن الباقي يصير عينا بالقبض فيصير مؤديا بالدين عن العين . ا هـ . ولذا أطلق أبرأ الفقير عن بعض النصاب ناويا به الأداء عن الباقي الشارح الدين أولا عن التقييد بالسقوط ، ولقوله بعده سيقبض ( قوله وحيلة الجواز ) أي فيما على آخر سيقبض ( قوله أن يعطي مديونه إلخ ) قال في الأشباه وهو أفضل من غيره أي لأنه يصير وسيلة إلى براءة ذمة المديون ( قوله لكونه ظفر بجنس حقه ) نقل العلامة إذا كان له دين على معسر ، وأراد أن يجعله زكاة عن عين عنده أو عن دين له البيري في آخر شرح الأشباه أن الدراهم والدنانير جنس واحد في مسألة الظفر ( قوله فإن مانعه إلخ ) والحيلة إذا خاف ذلك ما في الأشباه ، وهو أن يوكل المديون خادم الدائن بقبض الزكاة ثم بقضاء دينه ، فبقبض الوكيل صار ملكا للموكل ، ولا يسلم المال للوكيل إلا في غيبة المديون لاحتمال أن يعزله عن وكالة قضاء دينه حال القبض قبل الدفع . ا هـ . وفيها : إن كان للدائن شريك في الدين يخاف أن يشاركه في المقبوض ، فالحيلة أن يتصدق الدائن بالدين ويهب المديون ما قبضه للدائن فلا مشاركة ( قوله : ثم هو ) أي الفقير يكفن والظاهر أن له أن يخالف أمره لأنه مقتضى صحة التملك كما سيأتي في باب المصرف بحثا ( قوله : فيكون الثواب لهما ) أي ثواب الزكاة للمزكي ، وثواب التكفين للفقير . وقد يقال : إن ثواب التكفين يثبت للمزكي أيضا ، لأن الدال على الخير كفاعله ، وإن اختلف الثواب كما وكيفا ط .
قلت : وأخرج السيوطي في الجامع الصغير { لو مرت الصدقة على يدي مائة لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدئ من غير أن ينقص من أجره شيء } ( قوله وكذا ) الإشارة إلى الحيلة ( قوله وتمامه إلخ ) هو ما قدمناه عن الأشباه