الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ولا يطهر جلد نجس بموته بدبغه ، نقله الجماعة ويجوز استعماله في يابس على الأصح ، قيل بعد دبغه ( و م ) وقيل : وقبله ( م 5 ) ( و ش ) فإن جاز أبيح الدبغ ، وإلا احتمل التحريم ، واحتمل الإباحة ، كغسل نجاسة بمائع ، وماء مستعمل وإن [ ص: 102 ] لم يطهر ، كذا قال القاضي ، وكلام غيره خلافه وهو أظهر ( م 6 ) ويأتي [ ص: 103 ] آخر باب إزالة النجاسة . ونقل جماعة أخيرا طهارته ( و 5 ش م ر ) وعنه مأكول اللحم ، اختارهما جماعة ، والمذهب الأول عند الأصحاب ، لعدم رفع المتواتر بالآحاد ، وخالف شيخنا وغيره ، ويؤيده نقل الجماعة لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان ، ونقل خطاب بن بشير كنت أذهب إليه ثم رأيت السنة كلها ، وهو المذهب عند الأصحاب .

                                                                                                          وقال القاضي : وعندي أن أحمد رجع عن القول الأول ، لأنه صرح به في رواية خطاب بن بشير ، وفي اعتبار غسله وجعل تشميسه دباغا وجهان ( م 7 - 9 ) ويتوجهان في تتريبه ، أو ريح ، ولا يحصل بنجس .

                                                                                                          وفي الرعاية بلى ويغسل بعده ( و هـ ش ) وينتفع بما طهر ( و ) وقيل : [ ص: 104 ] ويأكل المأكول ( و ق ) ويجوز بيعه ، وعنه لا ( و م ) كما لو لم يطهر ( و ) أو باع قبل الدبغ ( و ) نقله الجماعة ، وأطلق فيه أبو الخطاب أنه يجوز بيعه مع نجاسته ، كثوب نجس ، فيتوجه منه بيع نجاسة يجوز الانتفاع بها ، ولا فرق ولا إجماع كما قيل قال ابن القاسم المالكي : لا بأس ببيع الزبل ، قال اللخمي : هذا من قوله يدل على بيع العذرة .

                                                                                                          وقال ابن الماجشون : لا بأس ببيع العذرة ، لأنه من منافع الناس ، وتأتي المسألة أول البيع ، فعلى المنع يتوجه أنهما في الإثم سواء لقوله عليه السلام في الربا : { الآخذ والمعطي فيه سواء } وقد يحتمل أن المشتري أسهل ، للحاجة ، كرواية في أرض الشام ونحوها ، قال أشهب المالكي في شراء الزبل : المشتري أعذر فيه من البائع .

                                                                                                          وقال ابن عبد الحكم : هما سيان في الإثم لم يعذر الله واحدا منهما . ويحرم استعمال جلد آدمي ( ع ) قال في التعليق وغيره : ولا يطهر بدبغه ، وأطلق بعضهم وجهين ، وجعل المصران وترا [ ص: 105 ] دباغ ، وكذا الكرش ، ذكره أبو المعالي ، ويتوجه لا . وفي الخرز بشعر خنزير روايات الجواز ( و هـ م ) والكراهة ، والتحريم ( م 10 ) ( و ش ) ويجب غسل ما خرز به رطبا لتنجيسه ، وعنه لا ، لإفساد المغسول . وفي لبس جلد ثعلب وافتراش جلد سبع روايتان ( م 11 - 12 ) ويجوز الانتفاع [ ص: 106 ] بالنجاسات في رواية ( و هـ م ر ) لكن كرهه أحمد ، وجماعة ، وعنه : وشحم الميتة ( و ش ) أومأ إليه في رواية ابن منصور ، ومال إليه شيخنا ، وعنه المنع ( م 13 ) ( و م ر ) ويعتبر أن لا [ ص: 107 ] ينجس ، وقيل مائعا . وصرح ابن الجوزي بالروايتين في ثوب نجس ، وحمله صاحب النظم على ظاهره لكون ابن الجوزي قرنه بنجس العين . واحتج بعضهم بتجويز جمهور العلماء الانتفاع بالنجاسة لعمارة الأرض للزرع مع الملابسة لذلك عادة . قال ابن هبيرة في حديث حذيفة : { إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما } ، قال فيه إن الإنسان إذا قضى حاجته أو بال في سباطة غيره يجوز ، ألا تراه يقول : أتى سباطة قوم ، وما يذكر أنه استأذنهم . كذا قال ، وفيه ما يدل على أن التراب الملقى إذا خالطه زبل أو نجاسة لم يحرم استعماله تحت الشجر والنخل والمزارع وسأله الفضل عن غسل الصائغ الفضة بالخمر ، هل يجوز ؟ قال : هذا غش ، لأنها تبيض به ، ولا يطهر جلد غير مأكول ولو آدميا ، قلنا : ينجس بموته ( و . ر ) قاله القاضي ، وغيره بذبحه ( هـ ) كلحمه ( و ) فلا يجوز ذبح الحيوان لذلك ( هـ ) قال شيخنا ولو في النزع .

                                                                                                          ولبن الميتة وإنفحتها وجلدتها نجس ، وجزم به جماعة في الجلدة ، وذكره في الخلاف اتفاقا ، وعنه طاهر مباح ( و هـ ) وصوفها وشعرها وريشها طاهر مباح ، نقل الميموني صوف الميتة : ما أعلم أحدا كرهه ، وعنه نجس ( و ش ) اختاره الآجري ، قال : لأنه ميتة ، وكذا من حيوان حي لا يؤكل ، وعنه من طاهر طاهر وافق الشافعية عليه ، كجزه ( ع ) [ ص: 108 ] وكشعر آدمي ( ق ) وإن لم ينتفع به على الأصح فيهما لحرمته ، وقيل : ينجس شعر هر وما دونها بموته لزوال علة الطوف به وإن لم ينجس شعر غير آدمي جاز استعماله ، وإلا ففي استعماله في يابس ولبسه في غير صلاة روايتان ( م 14 ) واستثنى جماعة شعر كلب وخنزير وجلدهما . [ ص: 109 ] وفي طهارة رطوبة أصله بغسله ، وجهان ( م 15 ) ونقل عبد الله : لا بأس به إذا غسل . وكذا رواه الدارقطني عن أم سلمة مرفوعا وهو ضعيف ، ونقل أبو طالب ينتفع بصوفهما إذا غسل ، قيل : فريش الطير ؟ قال : هذا أبعد . وحرم في المستوعب نتف ذلك من حي [ ص: 110 ] لإيلامه ، وكرهه في النهاية . وعظمها وقرنها وظفرها وعصبها نجس ، وعنه طاهر ( و هـ ) قال بعضهم : فعلى هذا يجوز بيعه ، اختاره ابن وهب المالكي ، فقيل : لأنه لا حياة فيه ( و هـ ) وقيل : وهو أصح ، لانتفاء سبب التجنيس ، وهي الرطوبة ، وعلى نجاسة ذلك لا يباع كما سبق ( و م ) وجوز مطرف وابن الماجشون المالكيان بيع أنياب الفيل ، وأجازه ابن وهب وأصبغ إذا دبغت بأن يغلى ويسلق ، وإن صلب قشر بيضة دجاجة ميتة فباطنها طاهر ( م ) وإلا فوجهان ( م 16 ) ولا يحرم بسلقه في نجاسة نص عليه .

                                                                                                          [ ص: 101 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 101 ] مسألة 5 ) قوله : ويجوز استعماله ، يعني الجلد النجس إذا قلنا لا يطهر بالدبغ في يابس على الأصح ، قيل بعد دبغه وقيل وقبله ، انتهى .

                                                                                                          ( أحدهما ) لا يباح إلا بعد الدبغ لا غير ، جزم به في الفصول ، والمجد في شرحه ، والشرح ، ومختصر ابن تميم ، والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم ، وقدمه الزركشي ، وعليه شرح ابن منجى ، وابن عبد القوي في مجمع البحرين وابن عبيدان والمقنع ، قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة : لا يباح استعماله في اليابسات ، مع القول بنجاسته في إحدى الروايتين ، وهو أظهر للنهي عن ذلك ( والوجه الثاني ) يباح بعده وقبله ، وهو ظاهر كلامه في المغني ، والنظم ، ومجمع البحرين ، لكن تدليله يدل على الأول ، واختاره أبو الخطاب وغيره ، قال في الفائق : ويباح الانتفاع بها في اليابسات ، اختاره الشيخ تقي الدين ، انتهى فخالف هنا ما قاله في شرح العمدة وقدمه في الرعاية الكبرى ، وقال : على الأظهر .

                                                                                                          [ ص: 102 ] مسألة 6 ) قوله فإن جاز يعني الاستعمال أبيح الدبغ ، وإلا احتمل التحريم ، واحتمل الإباحة ، كغسل نجاسة بمائع وماء مستعمل ، وإن لم يطهر ، كذا قال القاضي وكلام غيره خلافه ، وهو أظهر ، انتهى . قال ابن تميم : ويباح فعل الدباغ وإن لم نقل أنه مطهر ، إذا قلنا : يباح الانتفاع به في اليابس ، وإلا ففيه وجهان .

                                                                                                          وقال في الرعاية الكبرى : فإن جاز استعماله في يابس جاز دبغه ، وإن حرم فوجهان ، انتهى ، ( قلت ) الصواب أنه أقرب إلى التحريم إذ لا فائدة في ذلك ، وهو عبث ، والظاهر أنه مراد المصنف بقوله وكلام غيره خلافه ، وهو أظهر .

                                                                                                          ( تنبيه ) قوله بعد أن قدم أن جلد الميتة لا يطهر بالدبغ : ونقل جماعة أخيرا طهارته وعنه مأكول اللحم ، اختارهما جماعة ، انتهى ، قد يقال : لم يقدم المصنف حكما في هاتين الروايتين ، وهو ما إذا قلنا يطهر بالدبغ : هل يشمل كل ما كان طاهرا في حالة الحياة ، أو لا يطهر إلا ما كان مأكول اللحم ؟ فالمصنف حكى روايتين ، وأكثر الأصحاب حكى وجهين ، وأطلقهما في الفائق ، وشرح ابن عبيدان ، والزركشي ، وغيرهم ( أحدهما ) يطهر كل ما كان طاهرا في حال الحياة ، وهو الصحيح ، اختاره الشيخ الموفق ، وصاحب التلخيص ، والشارح ، وابن حمدان في رعايتيه ، والشيخ تقي الدين ، وغيرهم ، وقدمه في الحاويين ، وهو ظاهر كلام جماعة كثيرة ، لاقتصارهم على الرواية الأولى ، وقد يقال : إنه ظاهر ما قدمه المصنف من الروايتين الأخيرتين لابتدائه بها ( والرواية الثانية ) لا يطهر إلا ما كان مأكولا في حالة الحياة ، قال المصنف : اختاره جماعة ( قلت ) منهم المجد في شرحه ، وابن عبد القوي في مجمع البحرين ، وابن رزين في شرحه ، والشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية ، وجزم به في الفصول .

                                                                                                          [ ص: 103 ] مسألة 7 - 9 ) قوله : وفي اعتبار غسله وجعل تشميسه دباغا وجهان ، ويتوجهان في تتريبه ، أو ريح ، انتهى ، شمل كلامه مسائل :

                                                                                                          ( المسألة الأولى 7 ) هل يعتبر غسل المدبوغ بعد الدبغ أم لا ؟ أطلق الخلاف فيه وأطلقه في الفصول ، والمذهب والكافي ، والتلخيص ، والشرح ، ومختصر ابن تميم ، والحاوي الكبير ، والفائق وغيرهم ( أحدهما ) يشترط غسله ، وهو الصحيح ، اختاره الشيخ الموفق ، والمجد ، قال في مجمع البحرين : يشترط غسله في أظهر الوجهين ، قال ابن عبيدان : اشتراط الغسل أظهر ، وصححه في الرعايتين ، وحواشي المصنف ، وقدمه ابن رزين في شرحه ( والوجه الثاني ) لا يشترط ( قلت ) وهو أولى ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقال في الفصول : قال بعض مشايخنا وذلك يخرج على اختلاف الوجهين في الأثر بعد الاستجمار بالأحجار ، هل طاهر أم لا ؟ على وجهين ، انتهى ، ( قلت ) الصحيح من المذهب أنه غير طاهر ، وقدمه المصنف في باب إزالة النجاسة وغيره .

                                                                                                          [ ص: 104 ] المسألة الثانية 8 ) هل يحصل الدباغ بتشميسه أم لا ؟ أطلق فيه الخلاف ، وأطلقه ابن تميم وصاحب الفائق ( أحدهما ) لا يحصل الدباغ بذلك ، وهو الصحيح ، قدمه في التلخيص ، والرعايتين ، والحاوي الكبير ، وحواشي المحرر ، وغيرهم ( قلت ) وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، لاشتراطهم الدبغ ، وأن يكون يابسا ، ولم يذكروا هذا منها ( والوجه الثاني ) يحصل الدبغ بذلك والله أعلم .

                                                                                                          ( المسألة الثالثة 9 ) قوله : ويتوجهان في تتريبه أو ريح ( قلت ) قد صرح ابن تميم وابن حمدان بإجراء الخلاف في التتريب ، وكذا صاحب التلخيص ، وقدم أنه لا يطهر ، وهو الصواب فيهما ، والظاهر أن المصنف لم يطلع على ذلك والله أعلم .

                                                                                                          [ ص: 105 ] مسألة 10 ) قوله وفي الخرز بشعر خنزير روايات ، الجواز ، والكراهة ، والتحريم ، انتهى . وأطلقهن ابن عبيدان في شرحه ( إحداها ) يحرم ، وصححه في مجمع البحرين وقدمه ابن رزين في شرحه ( والرواية الثانية ) يجوز من غير كراهة وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب ومختصر ابن تميم ( والرواية الثالثة ) يكره جزم به في المنور وصححه في الحاويين وقدمه في الرعايتين ( قلت ) وهو أقرب إلى الصواب ، وأطلق الجواز والكراهة في المغني والشرح وآداب المستوعب .

                                                                                                          ( مسألة 11 - 12 ) قوله : وفي لبس جلد ثعلب وافتراش جلد سبع روايتان ، انتهى ، شمل كلامه مسألتين .

                                                                                                          ( المسألة الأولى 11 ) أطلق في لبس جلد الثعلب روايتين ( واعلم ) أن فيه روايات ( إحداهن ) الإباحة مطلقا ، اختارها أبو بكر ، وقدمها في الرعاية .

                                                                                                          وقال الشيخ تقي الدين : وأما الثعلب ففيه نزاع ، والأظهر جواز الصلاة فيه ( والرواية الثانية ) الإباحة في غير الصلاة نص عليها ، وقدمها في الفائق ( والرواية الثالثة ) الكراهة في الصلاة دون غيرها ( والرواية الرابعة ) التحريم مطلقا ، اختارها الخلال نقله عنه في التلخيص وأطلق الخلاف في التلخيص وابن تميم ، والآداب الكبرى وقال في الرعاية : وقيل يباح لبسه ، قولا واحدا ، وفي كراهة الصلاة فيه وجهان انتهى .

                                                                                                          ( وقال ) الشيخ الموفق والشارح وابن رزين وابن عبيدان وغيرهم : الخلاف هنا مبني على الخلاف في حلها ، انتهى والصحيح من المذهب عدم الحل فيكون المذهب عند هؤلاء تحريم لبسه على القول بأن الدبغ لا يطهر .

                                                                                                          [ ص: 106 ] المسألة الثانية 12 ) أطلق في افتراش جلد سبع روايتين . وأطلقهما في الفائق والرعاية الكبرى وحكاهما وجهين ( إحداهما ) عدم الجواز ، وهو الصحيح ، اختاره القاضي والشيخ الموفق وابن رزين وابن عبيدان وغيرهم ( والرواية الثانية ) الجواز اختاره أبو الخطاب ، وبالغ حتى بجواز الانتفاع بجلود الكلاب في اليابس وشد البنوق ونحوه ، ولم يشترط دباغا .

                                                                                                          ( تنبيه ) قد قدم المصنف وغيره من الأصحاب كابن حمدان صاحب الحاوي الكبير كراهة لبس وافتراش جلد مختلف في نجاسته ، فقال المصنف في باب ستر العورة وأحكام اللباس : ويكره لبسه وافتراشه جلدا مختلفا في نجاسته ، وقيل لا ، وعنه يحرم .

                                                                                                          وفي الرعاية وغيرها إن طهر بدبغه لبسه بعده وإلا لم يجز ، انتهى .

                                                                                                          ( فمسألة ) المصنف في هذا الباب فرد من أفراد المسألة التي في ستر العورة فيما يظهر ، والله أعلم .

                                                                                                          ( قلت ) ويحتمل أن يكون مراد المصنف هنا بالروايتين على القول بالنجاسة وبالخلاف في ستر العورة بالنظر إلى كونه مختلفا فيه ، لا إلى كونه نجسا ، فعلى هذا ينتفي التكرار والاعتراض ، ولكن يحتاج إلى تصريح بالخلاف في المسألتين من خارج ، ويشكل عليه حكاية الخلاف في الصلاة ، والله أعلم .

                                                                                                          ( مسألة 13 ) " ويجوز الانتفاع بالنجاسات في رواية ، لكن كرهه أحمد وجماعة وعنه المنع " انتهى ( إحداهما ) الجواز قدمه ابن تميم ، فقال : ويجوز إيقاد السرجين النجس ، انتهى ، قال ابن حمدان في باب إزالة النجاسة ، ويجوز ذلك في الأقيس ، وإليه ميل ابن عبيدان وابن عبد القوي في مجمع البحرين ، واختاره الشيخ تقي الدين ( قلت ) وهو الصواب ، وتقدم كلام أبي الخطاب في الانتصار ( والرواية الثانية ) المنع من ذلك ، قال القاضي : لا يجوز إيقاد النجس أشبه دهن الميتة انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) وهو ظاهر كلام جماعة .

                                                                                                          [ ص: 107 ] تنبيه قوله " وصوفها وشعرها وريشها طاهر مباح ، وعنه نجس ، وكذا من حيوان حي لا يؤكل ، وعنه من طاهر طاهر " انتهى ، في كلامه نظر من وجوه .

                                                                                                          [ ص: 108 ] أحدها ) أن كلامه شمل الطاهر والنجس ويستثنى من ذلك شعر الكلب والخنزير قطعا ( الثاني ) أن ظاهر ما قدمه أن هذه الأجزاء المنفصلة من الحيوان الذي لا يؤكل طاهرة ، وأنه المذهب ، وليس الأمر كذلك ، بل الصحيح من المذهب أنها من الحيوان الطاهر طاهرة ومن النجس نجسة على ما بينته في الإنصاف ، وهو الرواية الأخيرة ( والثالث ) أن ظاهر قوله بعد ذلك " كجزه إجماعا " أن الإجماع عائد إلى شعر الحيوان الطاهر الذي لا يؤكل ، وليس الأمر كذلك ، وإنما الإجماع عائد إلى شعر الحيوان المأكول ( الرابع ) قوله بعد ذلك " وكشعر آدمي " فيه عموم ويستثنى من محل الخلاف شعر النبي صلى الله عليه وسلم ( قلت ) وكذا شعر سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولم أره والله أعلم .

                                                                                                          ( مسألة 14 ) قوله : وإن لم ينجس شعر غير الآدمي جاز استعماله وإلا ففي استعماله في يابس ولبسه في غير الصلاة روايتان ، انتهى ، وأطلقهما في الآداب الكبرى ، قال في الرعاية الكبرى : وهل يباح ثوب من شعر ما لا يؤكل مع نجاسته غير جلد كلب وخنزير ؟ على روايتين وقيل : هما بناء على طهارته ونجاسته ، وفي جواز استعماله في يابس أو لبسه في غير الصلاة روايتان ، وعنه هو مباح من حيوان طاهر نجس بموته ، لا من حيوان نجس حيا ، انتهى .

                                                                                                          وقال ابن تميم : اختلف قوله في الثوب من شعر حيوان لا يؤكل لحمه فعنه هو طاهر مباح ، وعنه هو نجس ، وفي استعماله [ ص: 109 ] في اليابس ، ولبسه في غير الصلاة روايتان ، وعنه ما كان من حيوان طاهر فمباح ، وما كان من نجس فلا ، انتهى ، فأطلقا الخلاف أيضا كالمصنف ، وظاهر كلامه في الفصول وغيره المنع ( قلت ) الصواب جواز استعماله في يابس ولبسه في غير الصلاة قياسا على استعمال جلد الميتة بعد الدبغ في اليابسات إذا قلنا لا يطهر على ما تقدم ، وكذا قبل الدبغ على قول ، وقد نص الإمام أحمد على جواز اتخاذ واستعمال المنخل من شعر نجس وقطع به ابن تميم وصاحب الفائق وابن حمدان ولكن اختار الكراهة وغيرهم .

                                                                                                          ( مسألة 15 ) قوله : وفي طهارة رطوبة أصله بغسله وجهان ، انتهى ، وهما احتمالان مطلقان في الفصول ، وأطلق الوجهين في المستوعب ، والمغني والشرح ومجمع البحرين وابن تميم وابن عبيدان وغيرهم ، وأحدهما يطهر ، نقل عبد الله لا بأس به إذا غسل ، ونقل أبو طالب ينتفع بصوفهما إذا غسل ، قيل : فريش الطير ؟ قال : هذا أبعد ، فظاهره أنه يطهر وجزم به في الرعاية الصغرى ، وقدمه في الكبرى وشرح ابن رزين وصححه في النظم والوجه الثاني لا يطهر ( قلت ) وهو الصواب .

                                                                                                          ( تنبيه ) قوله وحرم في المستوعب نتف صوف وشعر وريش من حي لإيلامه وكرهه في النهاية ، انتهى ، ظاهره إطلاق الخلاف ، والصواب ما قاله في المستوعب إن حصل إيلام ، قطع به في الرعاية الكبرى .

                                                                                                          [ ص: 110 ] مسألة 16 ) : قوله وإن صلب قشر بيضة دجاجة ميتة فباطنها طاهر وإلا فوجهان انتهى ، وأطلقهما في المذهب والمستوعب والمغني والشرح والنظم والرعايتين ومختصر ابن تميم والحاوي الصغير وغيرهم ( أحدهما ) هي نجسة ، وهو الصحيح ، عليه أكثر الأصحاب وقطع به القاضي أبو الحسين في فروعه وغيره ، قال في الفصول : قاله أصحابنا وقدمه في الكافي والحاوي الكبير ومجمع البحرين وشرح ابن عبيدان وابن رزين والفائق وغيره ( والوجه الثاني ) هي طاهرة اختاره ابن عقيل ( قلت ) وهو قوي وإليه ميله في المغني فهذه ست عشرة مسألة قد فتح الله علينا بتصحيحها .




                                                                                                          الخدمات العلمية