الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ومن شك في طهارة أو حدث بنى على أصله ، ولو في غير صلاة ( م ) كمن به وسواس ( و ) وإن تيقنهما وجهل أسبقهما فهو على ضد حاله قبلهما ، وقيل : يتطهر ، كما لو جهله وإن تيقن فعلهما رفعا لحدث ونقضا لطهارة ، كان على مثل حاله قبلهما ، فإن جهل أو أسبقهما أو عين وقتا لا يسعهما : فهل هو كحاله قبلهما أو ضده ؟ فيه وجهان وقيل روايتان ( م 20 - 21 ) وإن تيقن طهارة وفعل حدث فضد حاله قبلهما ، وإن [ ص: 188 ] تيقن أن الطهارة من حدث ولا يدري الحدث على طهر أم لا فمتطهر مطلقا ، وعكس هذه الصورة بعكسها .

                                                                                                          [ ص: 187 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 187 ] مسألة 20 و 21 ) قوله وإن تيقن فعلهما ، رفعا لحدث ونقضا لطهارة ، فعلى مثل حاله قبلهما ، فإن جهل حالهما وأسبقهما أو عين وقتا ، لا يسعهما ، فهل هو كحاله قبلهما أو ضده ؟ فيه وجهان ، وقيل روايتان ، انتهى . وكذا قال المصنف في حواشي المقنع ، وتبع في ذلك ابن حمدان في الرعاية الكبرى ، فإنه قال وإن جهل فاعلها حالهما وأسبقهما ، أو عين لهما وقتا لا يسعهما فهل هو بعدهما كحاله قبلهما أو بضده ؟ وفيه وجهان ، وقيل روايتان ، انتهى إذا علم ذلك فالمصنف ذكر مسألتين .

                                                                                                          ( المسألة الأولى 20 ) إذا جهل حالهما وأسبقهما فأطلق الخلاف فيهما ( أحدهما ) يكون على ضد حاله قبلهما ، وهو الصحيح ، اختاره المجد في شرحه ، والمصنف في نكت المحرر وجزم به في مجمع البحرين ، وشرح ابن عبيدان ، وهو ظاهر ما جزم به ابن تميم .

                                                                                                          ( الوجه الثاني ) يكون كحاله قبلهما وهو ظاهر كلامه في المحرر ، وجماعة ، وأطلقهما في الرعايتين والحاويين وحواشي المصنف على المقنع .

                                                                                                          ( تنبيه ) معنى جهل حالهما وأسبقهما إذا جهل حال الطهارة التي أوقعها بعد زوال مثلا ، وحال الحدث هل كانت الطهارة عن حدث أو عن تجديد ؟ وهل كان الحدث عن طهارة أو عن حدث آخر وجهل أيضا الأسبق منهما ؟ قال المجد ومن تابعه : فإن وجد الفعلان وفقد الابتداء لم يخل : إما أن يفقد فيهما أو في أحدهما مثال فقدانه فيهما أن يقول إني أتحقق أني بعد الزوال توضأت وضوءا لا أدري عن حدث كان أو تجديدا [ ص: 188 ] وإني بلت ولا أدري كنت حين البول محدثا أو متطهرا ولا أعلم السابق من الفعلين ، فهذا يكون على عكس حاله قبل الزوال ، انتهى وعلله بتعليل جيد ، فهذه صورة مسألة المصنف .

                                                                                                          ( المسألة الثانية 21 ) إذا عين وقتا لا يسعهما فهل يكون كحاله قبلهما أو ضده أطلق الخلاف ، وأطلقه في الرعايتين ، والحاويين وحواشي المصنف على المقنع ( أحدهما ) يكون كحاله قبلهما ، اختاره أبو المعالي في شرح الهداية ، وقد قال في المستوعب في مسألة الحالين أنه لو عين فعلهما في وقت لا يتسع لهما تعارض هذا اليقين وسقط ، وكان على مثل حاله قبل ذلك من حدث أو طهارة ، قال في النكت وأظن أن أبا المعالي وجيه الدين أخذ اختياره من هذا ، ونزل كلام من أطلق من الأصحاب عليه ، انتهى . والوجه الثاني يكون على ضد حاله قبلهما ( قلت ) الصواب وجوب الطهارة مطلقا لأن تعين الطهارة قد عارضه يقين الحدث ، وعكسه فيسقطان ، فيتوضأ احتياطا ، ليكون مؤديا للصلاة بيقين من الطهارة إذا ما قيل ذلك مشكوك بما حصل بعده ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية