الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          والأذنان منه ( و هـ م ) ففي وجوب مسحهما وأخذ ماء جديد لهما ( و هـ ش ) كما لو لم يبق بيده بلل روايتان ( م 15 - 16 ) [ ص: 150 ] ويستحب مسحهما بعد ، ذكره القاضي ، ويتوجه ، تخريج ، واحتمال ، وذكر الأزجي يمسح الأذنين معا ( و ش ) ولم يصرحوا بخلافه وعنه هما عضوان مستقلان ( و ش ) فيجب ماء جديد في وجه ( خ ) ويتوجه منه يجب الترتيب . ولا يأخذ لصماخيه ماء غير ظاهر [ ص: 151 ] أذنيه ( ش ) والبياض فوقهما دون الشعر من الرأس كبقيته ، بدليل الموضحة ، ولم يجوز شيخنا الاقتصار عليه ، ولا يستحب تكرار المسح ، وعنه بلى ، بماء جديد . نصره أبو الخطاب وابن الجوزي ( و ش ) وكذا أذنيه ( و ) ذكره ابن هبيرة ، ولا مسح العنق ، وعنه بلى ، اختاره في الغنيمة ، وابن الجوزي في أسباب الهداية . وأبو البقاء وابن الصيرفي وابن رزين ( و هـ ) والرجلان كاليدين فيما تقدم ( و ) والكعبان : العظمات الناتئان ( و ) ويستحب تخلل أصابع يديه على الأصح ( ش ) كرجليه ( و ) زاد جماعة ، فيخلل رجليه بخنصره لخبر المستورد ، رواه أحمد وغيره ، ولكنه ضعيف .

                                                                                                          ويبدأ من اليمنى بخنصرها ، واليسرى بالعكس ، للتيامن ، زاد في التلخيص ، ويخلل باليسرى من أسفل الرجل .

                                                                                                          وفي نهاية الأزجي بخنصر يده اليمنى ، ويستحب التيامن ( و ) وقيل يكره تركه ( و ش ) والغسيل ثلاثا ( و ) حتى طهارة المستحاضة ، ذكره [ ص: 152 ] في الخلاف ، ويعمل في عددها بالأقل ( و هـ ش ) وفي النهاية بالأكثر ، وتكره الزيادة ( و ) وقيل تحرم ، قال جماعة يكره الكلام ، وذكره بعضهم عن العلماء ، والمراد : بغير ذكر الله تعالى ، كما صرح به جماعة ، والمراد بالكراهة ترك الأولى ( و ) للحنفية والشافعية ، مع أن ابن الجوزي وغيره لم يذكروه فيما يكره ويسن . وذكر جماعة : يقول عند كل عضو ما ورد ، والأول أظهر ، لضعفه جدا ، مع أن كل من وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره ، ولو شرع لتكرر منه ، ولنقل عنه . قال أبو الفرج : ويكره السلام عليه وفي الرعاية : ورده ، مع أنه ذكر لا يكره رد متخل ، وهو سهو ، وظاهر كلام الأكثر لا يكره السلام ، ولا الرد ، وإن كان الرد على طهر أكمل لفعله عليه السلام .

                                                                                                          وفي الصحيحين { أن أم هانئ سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل ، فقال : من هذه ؟ قلت أم هانئ بنت أبي طالب قال : مرحبا بأم هانئ } فظاهر كلامهم لا تستحب التسمية عند كل عضو .

                                                                                                          وظاهر ما ذكره بعضهم يستقبل القبلة ، ولا تصريح بخلافه ، وهو متجه في كل طاعة إلا لدليل ، والأقطع يغسل الباقي أصلا ، وكذا تبعا في المنصوص ( م ) ومن تبرع بتطهيره لزمه ، ويتوجه لا ، ويتيمم ( و هـ م ) ويأتي في استطاعة الحج ويلزمه بأجرة مثله ، وقيل لا ( و هـ ) لتكرار الضرر دواما ، وإن عجز صلى وفي الإعادة وجهان كعادم ماء وتراب ( م 17 ) ويتوجه في استنجاء مثله [ ص: 153 ] وفي المذهب يلزمه بأجرة مثله وزيادة لا تجحف بمال في أحد الوجهين وإن منع يسير وسخ ظفر ونحوه وصول الماء ففي صحة طهارته وجهان ( م 18 ) ( و ش ) وقيل يصح ممن يشق تحرزه منه ، وجعل شيخنا مثله كل يسير [ ص: 154 ] منع حيث كان كدم ، وعجين ، واختار العفو ، وإذا فرغ استحب رفع بصره إلى السماء ، وقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وما ورد ، ويتوجه ذلك بعد الغسل ولم يذكروه والترتيب ( هـ م ) كما ذكر الله تعالى ، والموالاة ( هـ ش ) فرضان على الأصح ، وقيل : يسقط ترتيب ، وقيل : وموالاة سهوا ( و م ر ) واختار في الانتصار لا ترتيب في نفل وضوء ، وإنه يصح بالمستعمل مع كونه طاهرا ، ومعناه في الخلاف في المسألة الأولى ، وتوضأ علي فمسح وجهه ، ويديه ، ورأسه ، ورجليه وقال : هذا وضوء من لم يحدث ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثله ، قال شيخنا : إذا كان مستحبا له أن يقتصر على البعض ، كوضوء ابن عمر لنومه جنبا ، إلا رجليه .

                                                                                                          وفي الصحيحين : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل فأتى حاجته يعني الحدث ، ثم غسل وجهه ويديه ، ثم نام } وذكر بعض العلماء أن هذا الغسل للتنظيف ، والتنشيط للذكر وغيره ، وإن انغمس في راكد كثير ثم أخرجها مرتبا نص عليه ، وقيل : أو مكث بقدره أجزأ ، كجار .

                                                                                                          وفي الانتصار لم يفرق أحمد بينهما ، وإن تحرك في راكد يصير كجار ، فلا بد من الترتيب والموالاة : أن لا يؤخر غسل عضو حتى يجف العضو قبله ، وقيل أي عضو كان ، وقيل : بل الكل ، ويعتبر زمن معتدل ، وقدره من غيره ، ولو جف لاشتغاله في الآخر بسنة كتخليل ، أو إسباغ ، أو إزالة شك لم يضر ، ولوسوسة وإزالة نجاسة وجهان ( م 19 - 21 ) ولتحصيل الماء روايتان ، ويضر إسراف ; وإزالة وسخ ، [ ص: 155 ] ونحوه ، وعنه يعتبر طول الفصل عرفا ، قال الخلال : هو أشبه بقوله ، والعمل عليه . ويسن تجديد الوضوء لكل صلاة للأخبار ، وعنه لا ، كما لو لم يصل بينهما ، ويتوجه احتمال ، كما لو لم يفعل بينهما ما يستحب له الوضوء ، وكتيمم ، وكغسل ، خلافا لشرح العمدة فيه ، وحكي عنه يكره الوضوء ، وقيل لا يداوم عليه ، ويأتي فعل الوارث لها ونذرها ، وهل

                                                                                                          [ ص: 156 ] هي مقصودة في نفسها ، فيلزم منه استحبابه ولو لم يفعل به شيئا ، كقول بعض الشافعية ، وعلل ابن عقيل استحبابه بأنه عبادة يشترط لها النية ، فكان له نفل مشروع كالصلاة . وتباح معونته ( و ) وتنشيف أعضائه ( و ) وعنه يكرهان كنفض يده ، لخبر أبي هريرة { إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم فإنها مراوح الشيطان } رواه المعمري ، وغيره من رواية البختري بن عبيد وهو متروك ، واختار صاحب المغني والمحرر وغيرهما لا يكره ، وهو أظهر ( و ) وقيل لأحمد عن مسح بلل الكف فكرهه ، وقال : لا أدري ، لم أسمع فيه بشيء ، ويتوجه الخلاف ، وإن وضأه غيره ونواه ، وقيل : وموضئه المسلم صح ( و ) وعنه لا ، وإن أكرهه عليه لم يصح في الأصح ، ويقف عن يساره ، وقيل عن يمينه ، وتسن الزيادة على موضع الفرض ، وعنه لا ( و م ) ويباح هو وغسل في مسجد إن لم يؤذ به أحدا ، حكاه ابن المنذر إجماعا ، وعنه يكره ( و هـ م ) وإن نجس حرم ، كاستنجاء ، وريح ، وهل يكره إراقته فيما يداس فيه ؟ روايتان ( م 22 ) .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 15 و 16 ) قوله : والأذنان منه ، ففي وجوب مسحهما واستحباب أخذ ماء جديد لهما كما لو لم يبق في يده بلل روايتان انتهى ، ذكر المصنف مسألتين :

                                                                                                          ( المسألة الأولى 15 ) هل يجب مسحهما إذا قلنا : هما من الرأس ، قلنا بوجوب مسح جميعه أم لا يجب ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الرعايتين ، ومختصر ابن تميم والحاويين [ ص: 150 ] وشرح ابن عبيدان وغيرهم ( إحداهما ) : لا يجب مسحهما بل يستحب وهو الصحيح قال الزركشي وهي الأشهر نقلا ( قال الشارح ) هذا ظاهر المذهب . قال في الفائق هذا أصح الروايتين : قال في مجمع البحرين ، هذا أظهر الروايتين ، واختاره الخلال والشيخ وجزم به في العمدة .

                                                                                                          وقال في المغني : والظاهر عن أبي عبد الله أنه لا يجب مسحهما وإن وجب الاستيعاب ، قال الشارح ، والناظم ، والأولى مسحهما ، يعنيان لأجل الخروج من الخلاف . والرواية الثانية يجب مسحهما ، نص عليه ، قال الزركشي اختاره الأكثر ، انتهى ، وجزم به في الهداية ، والمذهب والمستوعب ، والخلاصة ، والمقنع ، والتلخيص والمحرر وغيرهم ، وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره ، وقدمه في الشرح وشرح ابن رزين وهو من مفردات المذهب .

                                                                                                          ( تنبيه ) حكى الخلاف روايتين كما حكاه المصنف ابن عبد القوي في مجمع البحرين ، وابن تميم ، وصاحب الفائق ، والزركشي ، وغيرهم ، وحكاهما ، وجهين في الرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الرعاية الكبرى .

                                                                                                          ( المسألة الثانية 16 ) هل يستحب أخذ ماء جديد لهما أم لا ؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الهداية والمستوعب والتلخيص ، والبلغة في صفة الوضوء والمحرر ، والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين وغيرهم ( إحداهما ) : يستحب مسحهما بماء جديد ، وهو الصحيح ، اختاره الخرقي ، وابن أبي موسى والقاضي ، في الجامع الصغير والشيرازي وابن البنا والشيخ والشارح وابن عبدوس في تذكرته ، قال في الخلاصة : يستحب على الأصح وجزم به ابن عقيل في التذكرة ، والفصول ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والكافي والمقنع والمذهب الأحمد ، والتلخيص ، والبلغة في سنن الوضوء وشرح ابن منجى ، والإفادات [ ص: 151 ] والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم ( والرواية الثانية ) : لا يستحب بل يمسحان بماء الرأس اختاره القاضي في تعليقه ، وأبو الخطاب في خلافه الصغير والمجد في شرح الهداية والشيخ تقي الدين وابن عبيدان وصاحب الفائق وغيرهم ( قلت ) وهو أولى وقال ابن رجب في الطبقات ذكر الشيخ تقي الدين في شرح العمدة أن أبا الفتح بن جلبة قاضي حران كان يختار مسح الأذنين بماء جديد بعد مسحهما بماء الرأس قال ابن رجب وهو غريب بعيد انتهى ، والذي رأيناه في شرح العمدة للشيخ تقي الدين إنه قال : ذكر القاضي عبد الوهاب وابن حامد أنهما يمسحان بماء جديد بعد أن يمسحهما بماء الرأس ، قال وليس بشيء انتهى ، فزاد ابن حامد فالظاهر أن عبد الوهاب هذا هو ابن جلبة قاضي حران . [ ص: 152 ]

                                                                                                          ( مسألة 17 ) قوله : " ويلزم العاجز بأجرة مثله ، وقيل لا يلزم لتكرر الضرر دواما ، وإن عجز صلى ، وفي الإعادة وجهان كعادم ماء وتراب " انتهى ، وكذا قال في [ ص: 153 ] المغني والشرح وابن عبيدان وأطلقهما في التلخيص والرعايتين ( أحدهما ) لا يعيد وهو الصحيح ، قال في مجمع البحرين : صلى ولم يعد في أقوى الوجهين ، قال ابن تميم وابن رزين وغيرهما : صلى على حسب حاله ولم يذكروا إعادة ولا عدمها ( قلت ) هذا الصحيح من المذهب ، وقد صحح الشيخ الموفق والمجد والشارح وصاحب مجمع البحرين والتصحيح وتصحيح المحرر والفائق وغيرهم .

                                                                                                          وقال الناظم : إنه المشهور واختاره ابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين ، ونصراه ابن عبيدان وغيره وجزم به ناظم المفردات وغيره ، وقدمه المصنف ، وغيره ، إنه لا يلزمه الإعادة فيما إذا عدم الماء والتراب ، وقد قاسه المصنف والشيخ والشارح ابن عبيدان وغيرهم هنا على من عدم الماء والتراب ، وكان الأليق بالمصنف تقديمه هنا ، ولكنه تابع الشيخ في المغني ، والوجه الثاني تلزمه الإعادة .

                                                                                                          ( مسألة 18 ) قوله : وإن منع يسير وسخ ظفر ونحوه وصول الماء ففي صحة طهارته وجهان انتهى ، وأطلقهما في الحاويين ( أحدهما ) لا تصح طهارته ، واختاره ابن عقيل وجزم به في الفصول ، وقدمه في التلخيص ، وشرح ابن رزين وابن عبيدان والقواعد الأصولية وغيرهم ، والوجه الثاني تصح ، وهو الصحيح ، صححه في الرعاية الكبرى والمصنف في حواشي المقنع ، وجزم به في الإفادات ، وقدمه في الرعاية الصغرى ، وإليه ميل الشيخ الموفق قال في مجمع البحرين : اختاره شيخ الإسلام ، يعني به الشيخ الموفق ، ومال إليه هو ، واختاره الشيخ تقي الدين ، قال المصنف : وقيل تصح ممن يشق تحرزه منه كأرباب الصنائع ، والأعمال الشاقة من الزراعة وغيرها واختاره في التلخيص . [ ص: 154 - 155 ]

                                                                                                          ( مسألة 19 - 21 ) قوله : " ولوسوسة وإزالة نجاسة وجهان " ولتحصيل الماء روايتان ، يعني إذا أخل بالموالاة بسبب ذلك ، هل يضر أم لا ؟ إذا قلنا هي فرض فذكر المصنف ثلاث مسائل ( المسألة الأولى 19 ) هل تضر وتقطع الموالاة الإطالة بسبب الوسوسة في أثناء الوضوء أم لا ؟ أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم والزركشي ( أحدهما ) لا يضر ، وهو الصحيح ، صححه في الرعاية الكبرى ، وقدمه في المغني ، والشرح وشرح ابن عبيدان وابن رزين وغيرهم ( والوجه الثاني ) يضر ، جزم به في الحاوي الكبير ومجمع البحرين والظاهر أنهما تابعا المجد في شرحه ، وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير ( المسألة الثانية 20 ) هل تضر الإطالة بسبب إزالة نجاسة في أثناء الوضوء أم لا تضر ؟ أطلق فيه الخلاف ، وأطلقه ابن تميم والزركشي ( أحدهما ) يضر ، وهو الصحيح قدمه في الرعاية الكبرى والوجه الثاني لا يضر ( المسألة الثالثة 21 ) هل تضر الإطالة لأجل تحصيل الماء أم لا ؟ أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم ( أحدهما ) يضر ، وهو الصحيح ، قدمه في الرعاية والزركشي وهو ظاهر كلام ابن رزين في شرحه ، والرواية الثانية لا يضر ، ولا يقطع الموالاة [ ص: 156 ] مسألة 22 ) قوله وهل يكره إراقته يعني الماء المتوضأ به فيما يداس فيه ؟ روايتان انتهى ، وأطلقهما في الفصول ، والمذهب ، وشرح ابن عبيدان وغيرهم ( إحداهما ) : يكره فيما يداس فيه كالطريق ونحوه ، وهو الصحيح ، اختاره ابن حمدان في الإيجاز ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، ومختصر ابن تميم ، ولم يذكر في الجامع خلافه ، والرواية الثانية لا يكره ( تنبيه ) على القول بالكراهة تكون تنزيها للماء ، جزم به في الرعاية ( قلت ) وهو الصواب ، وقيل للطريق ، لأنه مختلف في نجاسته ، قال ابن تميم وابن عبيدان وهل ذلك تنزيه للماء أو للطريق على وجهين وأطلقهما أيضا في الفصول فهذه اثنتان وعشرون مسألة قد فتح الله علينا بتصحيحها .




                                                                                                          الخدمات العلمية