الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الذي يوصي أن يقضى عنه صيام واجب قلت : أرأيت لو أن رجلا أفطر في رمضان من عذر ثم صح أو رجع من سفره ففرط ولم يصمه حتى مات ، وقد صح شهرا وقدم فأقام في أهله شهرا فمات وأوصى أن يطعم [ ص: 280 ] عنه ؟ فقال : قال مالك : يكون ذلك في ثلثه ، يبدأ على أهل الوصايا والزكاة تبدأ على هذا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فالعتق في الظهار وقتل النفس إن أوصى بهما مع هذا الطعام بأيهما يبدأ في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : العتق في الظهار وقتل النفس يبدآن على كفارة الأيمان ، كذلك قال لي مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن رجلا قال : لله علي أن أطعم ثلاثين مسكينا وكان قد فرط في قضاء رمضان فأوصى بهما جميعا . بأيهما يبدأ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يبدأ بالطعام لقضاء رمضان الذي فرط فيه .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يبدأ بالذي هو آكد ، قال ابن القاسم : وقضاء رمضان هو عندي آكد .

                                                                                                                                                                                      قال : ولقد سألنا مالكا عن الذي يكون عليه الصيام من رمضان وصيام الهدي بأيهما يبدأ في صيامه ؟ فقال : بالهدي إلا أن يرهقه رمضان آخر فيقضي رمضان ثم يقضي صيام الهدي بعد ذلك قال : وقال مالك : الزكاة إذا أوصى بها تبدأ على كل شيء مما في كتاب الله عز وجل من عتق أو غيره ، إلا المدبر في الصحة وحده فإنه يبدأ على الزكاة ولا يفسخ الزكاة التدبير .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن فرط رجل في قضاء رمضان ثم مات ولم يوص به ؟ فقال : قال مالك : ذلك إلى أهله إن شاءوا أطعموا عنه وإن شاءوا تركوا ، ولا يجبرون على ذلك ولا يقضى به عليهم ، قال : وكل شيء مما أوجب عليه من زكاة أو غيره ثم لم يوص بها لم تجبر الورثة على أداء ذلك إلا أن يشاءوا .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكم يطعم لرمضان إن أوصى بذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : مدا عن كل يوم لكل مسكين .

                                                                                                                                                                                      قلت : أفيجزئ أن يطعم مسكينا واحدا ثلاثين مدا ؟ فقال : لا يجزئه إلا أن يطعم ثلاثين مسكينا مدا مدا .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟ فقال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان إنما صح أياما ؟ فقال : قال مالك : فبقدر الأيام التي صح فيها يجب عليه الطعام . قال : وقال مالك : والمسافر والمريض في هذا سواء .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية