الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ما جاء في الرعاف

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : ينصرف من الرعاف في الصلاة إذا سال شيء أو قطر قليلا كان [ ص: 141 ] أو كثيرا فيغسله عنه ثم يبني على صلاته ، قال : وإن كان غير قاطر ولا سائل فيفتله بأصابعه ولا شيء عليه ، قال : وقد كان سالم بن عبد الله يدخل أصابعه في أنفه وهو في الصلاة فيخرجها وفيها دم فيفتلها ولا ينصرف ، مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال لأصحابه : ما تقولون في رجل رعف فلم ينقطع عنه الدم ؟ فسكت القوم ، قال سعيد : يومئ إيماء .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك فيمن رعف خلف الإمام ثم ذهب يغسل الدم عنه إنه يصلي في بيته أو حيث أحب .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : قول مالك عندي حيث أحب أي أقرب المواضع منه حيث يغسل الدم عنه ، وذلك إذا كان الإمام قد فرغ من صلاته إلا أن تكون جمعة فإنه يرجع إلى المسجد لأن الجمعة لا تكون إلا في المسجد .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : فيمن رعف بعدما ركع أو بعدما رفع رأسه من ركوعه أو سجد سجدة من الركعة ، رجع فغسل الدم عنه وألغى الركعة بسجدتيها وابتدأ القراءة قراءة تلك الركعة من أولها . قال : وسألت مالكا عن الرجل يرعف قبل أن يسلم الإمام وقد تشهد وفرغ من تشهده ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ينصرف فيغسل الدم ثم يرجع ، فإن كان الإمام قد انصرف قعد فتشهد وسلم ، فإن رعف بعدما سلم الإمام ولم يسلم هو سلم وأجزأت عنه صلاته .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : في الرجل يكون مع الإمام يوم الجمعة فيرعف بعدما صلى مع الإمام ركعة بسجدتيها ، قال : يخرج ويغسل الدم عنه ثم يرجع إلى المسجد فيصلي ما بقي عليه من صلاة الجمعة ركعة وسجدتيها ، قال ابن القاسم : وإذا رجع والإمام لم يفرغ لأنه في التشهد جالس جلس معه ، فإذا جلس الإمام قضى الركعة التي بقيت عليه وإن جاء وقد ذهب الإمام صلى ركعة بسجدتيها .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : فإن هو صلى مع الإمام ركعة بسجدتيها ثم ركع أيضا مع الإمام الركعة الثانية وسجد معه سجدة من الركعة الثانية ثم رعف ، قال : يخرج فيغسل الدم عنه ثم يرجع فيصلي ركعة بسجدتيها ويلغي الركعة الثانية التي لم تتم مع الإمام بسجدتيها أدرك الإمام أو لم يدركه ، قال : وكذلك لو أنه رعف بعدما صلى مع الإمام ركعة وسجد معه سجدة ثم ذهب يغسل الدم عنه ثم يرجع قبل أن يركع الإمام الركعة الثانية ، قال : يلغي الركعة الأولى ولا يعتد بالركعة التي لم يتم سجودها حتى رعف ولا يسجد السجدة التي بقيت عليه .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : كل من رعف في صلاته فإنه يقضي في بيته أو حيث أحب حيث غسل الدم عنه في أقرب المواضع إليه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وذلك إذا علم أنه لا يدرك مع الإمام شيئا مما بقي عليه من الصلاة إلا الجمعة فإنه لا يصلي ما بقي عليه إذا هو رعف إلا في المسجد لأن الجمعة لا تكون إلا في المسجد .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : وإن هو افتتح مع الإمام الصلاة يوم الجمعة فلم يركع معه أو ركع وسجد إحدى السجدتين ثم رعف ثم [ ص: 142 ] ذهب يغسل الدم عنه فلم يرجع حتى فرغ الإمام من الصلاة ، قال : يبتدي الظهر أربعا .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : إذا هو رعف بعد ركعة بسجدتيها يوم الجمعة فخرج فغسل الدم عنه ثم رجع وقد فرغ الإمام من الركعة الثانية ، قال : يصلي الركعة الباقية بقراءة ، قال : وإن هو سها عن قراءة السورة التي مع القرآن في الركعة التي يقضي سجد للسهو قبل السلام قلت له : فإن سها عن قراءة أم القرآن في الركعة التي يقضي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يسجد لسهوه قبل السلام ثم يسلم ثم يقوم فيصلي الظهر أربعا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : وهذا الذي رعف يوم الجمعة وقد بقيت عليه ركعة ثم رجع يصليها وقد فرغ الإمام من صلاته .

                                                                                                                                                                                      قال : يجهر بالقراءة كما كان الإمام يفعل ، قال : وقال مالك فيمن رعف مع الإمام في الظهر بعدما صلى معه ركعة فخرج فغسل الدم عنه ثم جاء وقد صلى الإمام ركعتين وبقيت له ركعة ، قال : يتبع الإمام فيما يصلي الإمام ولا يصلي ما فاته به الإمام حتى يفرغ الإمام ، فإذا فرغ الإمام قام فقضى ما فاته مما صلى الإمام وهو غائب عن الإمام .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : من قاء عامدا أو غير عامد في الصلاة استأنف ولم يبن وليس هو بمنزلة الرعاف عنده لأن صاحب الرعاف يبني وهذا لا يبني .

                                                                                                                                                                                      قال مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه كان إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى على ما صلى ولم يتكلم .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب قال : وبلغني عن سعيد بن المسيب وسالم وابن عباس وطاوس وعروة بن الزبير ويحيى بن سعيد مثله ، قال يحيى : ما نعلم عليه وضوءا وهذا الذي عليه الناس .

                                                                                                                                                                                      قال علي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة بن قيس : أنه أم قوما فرعف فأشار إلى رجل فتقدم فذهب فتوضأ ثم رجع فصلى ما بقي من صلاته وحده .

                                                                                                                                                                                      قال وكيع عن علي عن مغيرة عن إبراهيم قال : البول والريح يعيد منهما الوضوء والصلاة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية