الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      مات بعدما حال الحول على ماشيته ولم يأته المصدق وأوصى بزكاتها قلت : أرأيت من له ماشية تجب فيها الزكاة فحال عليها الحول ولم يأته المصدق ، فهلك رب الماشية وأوصى بأن يخرج صدقة الماشية فجاءه الساعي ، أله أن يأخذ صدقة الماشية التي أوصى بها الميت ؟ فقال : ليس للساعي أن يأخذ من الورثة الصدقة ، ولكن على الورثة أن يفرقوها في المساكين وفيمن تحل لهم الصدقة الذين ذكر الله .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم لا يكون للمصدق أن يأخذ من الورثة الصدقة وقد أوصى بها الميت ؟

                                                                                                                                                                                      فقال : لأن مالكا قال : إذا جاء المصدق وقد هلك رب الماشية فلا سبيل للمصدق على الماشية وإن كان الحول قد حال عليها قبل أن يموت ربها ، قال مالك : وليست مثل الدنانير والدراهم فلما أوصى الميت بأن تخرج صدقتها ، فإنما وقعت وصيته للذين ذكر الله في كتابه ، الذين تحل لهم الصدقة وليس لهذا العامل عليها سبيل .

                                                                                                                                                                                      قلت : أكان مالك يجعل هذه الوصية في الثلث ؟ فقال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فابتدأ وصيته هذه في الماشية على الوصايا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      فقال : لا ، فقلت : لم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الزكاة لم تجب عليه إلا بإتيان الساعي ، ولا يكون ذلك على من ورث وذلك أن المشتري والموهوب له والوارث كل مفيد ، فلا زكاة عليهم في فائدة إلا أن يضاف ذلك إلى إبل أو بقر أو غنم تجب فيها الصدقة ، تضاف الغنم إلى الغنم والبقر إلى البقر والإبل إلى الإبل ، ولا تضاف الإبل إلى البقر ولا إلى الغنم ولا تضاف الغنم إلى الإبل والبقر ، ولا تضاف البقر إلى الإبل والغنم ، فإذا مات الرجل قبل أن يأتيه الساعي وأوصى بها فليست بمبدأة ، وإنما تكون مبدأة في قول مالك ما قد وجب على الميت قبل موته مما فرط فيه ، مثل الدنانير يموت الرجل وعنده دنانير أو دراهم قد وجبت فيها الزكاة فرط فيها ، فليس على الورثة أن يؤدوا عن الميت زكاة الدنانير التي وجبت عليه إلا أن يتطوعوا بذلك أو يوصي بذلك الميت ولم يفرط في زكاة عليه ، فإن أوصى بذلك الميت كان ذلك في رأس ماله مبدأ على ما سواه [ ص: 368 ] من الوصايا وغيره .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية