الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هكذا هو في رواية أبي ذر، وفي رواية الباقين باب الزكاة من الإسلام، وقول الله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله الآية، وفي بعض النسخ، وقوله تعالى: وما أمروا الآية، قوله: "وقول الله" مجرور عطف على محل قوله: "الزكاة من الإسلام" لأنها مضاف إليها، وكذلك قوله: وقوله تعالى، وأما رواية أبي ذر فإنها بلا عطف لأن الواو في قوله: وما أمروا واو العطف في القرآن عطف بها على ما قبله وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة فإن قلت: كيف التئام الآية بالترجمة؟ قلت: الالتئام بينهما معنوي، وهو أن الآية فيها ذكر أن الزكاة من الدين والدين هو الإسلام لقوله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام وتحقيق ذلك أن الله تعالى ذكر في هذه الآية الكريمة ثلاثة أشياء الأول: إخلاص الدين الذي هو رأس جميع العبادات، والثاني: إقامة الصلاة التي هي عماد الدين، والثالث: إيتاء الزكاة التي تذكر دائما تالية للصلاة، ثم أشار إلى جميع ذلك بقوله: وذلك دين القيمة أي المذكور من هذه الأشياء هو دين القيمة أي دين الملة القيمة فالموصوف محذوف، وقرئ: "وذلك الدين القيمة" على تأويل الدين بالملة، ومعنى القيمة المستقيمة الناطقة بالحق والعدل، فإن قلت: كيف خص الزكاة بالترجمة والمذكور ثلاثة أشياء؟ قلت: أجيب عن هذا عن قريب، قوله: وما أمروا أي وما أمر أهل الكتاب في التوراة والإنجيل إلا بالدين الحنيفي ولكنهم حرفوا وبدلوا، وقال الزمخشري فإن قلت: ما وجه قوله: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين قلت: معناه: وما أمروا في الكتابين إلا لأجل أن يعبدوا الله على هذه الصفة، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: "إلا أن يعبدوا" بمعنى بأن يعبدوا الله انتهى، قلت: العبادة بمعنى التوحيد، أي: وما أمروا إلا ليوحدوا الله والاستثناء من أعم عام المفعول لأجله أي: ما أمروا لأجل شيء إلا للعبادة أي: التوحيد، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص [ ص: 265 ] السبب، ويدخل فيه جميع الناس، قوله: " مخلصين " حال من الضمير الذي في " أمروا "، وقوله: " الدين " منصوب به، قوله: " حنفاء " حال أخرى جمع حنيف، وهو المائل عن الضلال إلى الهداية، قوله: " ويقيموا الصلاة " عطف على قوله: " ليعبدوا الله " من باب عطف الخاص على العام، وفيه تفضيل للصلاة والزكاة على سائر العبادات، وقد مر معنى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية