الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2330 [ ص: 442 ] 1395 - (2334) - (1 \ 258) عن ابن عباس ، قال : كان اسم جويرية برة ، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك ، فسماها جويرية ، كراهة أن يقال : خرج من عند برة ، قال : وخرج بعد ما صلى ، فجاءها فقالت : ما زلت بعدك يا رسول الله دائبة ، قال : فقال لها : "لقد قلت بعدك كلمات لو وزن ، لرجحن بما قلت : سبحان الله عدد ما خلق الله ، سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله مداد كلماته " .

التالي السابق


* قوله : "كره ذلك " : لما فيه من التزكية ، أو لما فيه من كراهة اللفظ وشناعته إذا قيل : "خرج" مثلا ; كما ذكره ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - ، وقد جاء أنه كان يغير خوفا من التزكية .

* "بعدك " : أي : بعد خروجك .

* "دائبة " : من دأب في عمله ; كمنع - بدال مهملة وهمزة وموحدة - : إذا جد .

* "بعدك " : أي : بعد أن خرجت من عندك .

* "كلمات " : منصوب على أنه مقول القول ، ولا يضر فيه الإفراد لفظا ; لكونها عبارة عن الجمل معنى .

* قوله : "لو وزن " : على بناء المفعول - بتشديد النون - ; أي : لو وزنت تلك الكلمات ، وقيس ثوابها بعملك ، لكان ثوابها أكثر من ثواب عملك ; لأن "سبحان الله" إذا كان مجردا عن العدد يحمل على مرة واحدة ، وإذا كان مع عدد ، كان مجملا قائما مقام المفصل ، ولا شك أنه لو قال ذلك العدد تفصيلا ، لغلب في الوزن ، فكذلك الإجمال .

* قوله : "عدد ما خلق " : - منصوب على نزع الخافض - ; أي : بعدد جميع

[ ص: 443 ] مخلوقاته ، وقيل : بعدد كل واحد ، وأنت خبير بأن عدد كل واحد واحد ، ولا يناسب المقام .

وكذا "رضا نفسه" أي : بمقدار رضا ذاته الشريفة ; أي : بمقدار يكون سببا لرضاه - تعالى - ، أو بمقدار يرضى ذلك المقدار - ويختاره لنفسه ، وفيه إطلاق النفس عليه تعالى من غير مشاكلة ، وبمقدار ثقل عرشه ، وبمقدار زيادة كلماته ; أي : بمقدار يساويهما ، وقيل : نصبها على الظرفية بتقدير : قدر ; أي : قدر عدد مخلوقاته ، وقدر رضا ذاته .

فإن قلت : كيف يصح التقييد بالعدد المذكور ، مع أن صفة التقدس لا تتعدد ; فإنه التنزه عن جميع ما لا يليق بجنابه الأقدس ، وقول المتكلم غير متعدد على أنه لا يقدر على هذا العدد ؟

قلت : لعله قيد لقول المتكلم بالنظر إلى استحقاق ذاته الأقدس الأظهر ، والمعنى : هو تعالى حقيق أن أسبحه هذا العدد ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية