الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1364 - وقد روي مثل ذلك أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كما حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا الحماني ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن الحسن بن عياش ، عن عبد الملك بن أبجر ، عن الزبير بن عدي ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، قال : رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرفع يديه في أول تكبيرة ، ثم لا يعود ، قال : ورأيت إبراهيم ، والشعبي يفعلان ذلك .

                                                        قال أبو جعفر : فهذا عمر رضي الله عنه لم يكن يرفع يديه أيضا إلا في التكبيرة الأولى في هذا الحديث ، وهو حديث صحيح لأن الحسن بن عياش ، وإن كان هذا الحديث إنما دار عليه ، فإنه ثقة حجة ، قد ذكر ذلك يحيى بن معين وغيره .

                                                        أفترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خفي عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الركوع والسجود ، وعلم بذلك من دونه ، أو من هو معه يراه يفعل غير ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ، ثم لا ينكر ذلك عليه ، هذا عندنا محال .

                                                        وفعل عمر رضي الله عنه هذا وترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه على ذلك ، دليل صحيح أن ذلك هو الحق الذي لا ينبغي لأحد خلافه .

                                                        وأما ما رووه عن أبي هريرة رضي الله عنه من ذلك ، فإنما هو من حديث إسماعيل بن عياش ، عن صالح بن كيسان .

                                                        وهم لا يجعلون إسماعيل فيما روي عن غير الشاميين حجة ، فكيف يحتجون على خصمهم ، بما لو احتج بمثله عليهم ، لم يسوغوه إياه .

                                                        وأما حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فهم يزعمون أنه خطأ ، وأنه لم يرفعه أحد إلا عبد الوهاب الثقفي خاصة ، والحفاظ يوقفونه على أنس رضي الله عنه .

                                                        وأما حديث عبد الحميد بن جعفر فإنهم يضعفون عبد الحميد ، فلا يقيمون به حجة ، فكيف يحتجون به في مثل هذا .

                                                        [ ص: 228 ] ومع ذلك فإن محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع ذلك الحديث من أبي حميد ، ولا ممن ذكر معه في ذلك الحديث بينهما رجل مجهول ، قد ذكر ذلك العطاف بن خالد عنه ، عن رجل ، وأنا ذاكر ذلك في باب الجلوس في الصلاة إن شاء الله تعالى .

                                                        وحديث أبي عاصم عن عبد الحميد هذا ، ففيه " فقالوا جميعا : صدقت " فليس يقول ذلك أحد غير أبي عاصم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية