الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
82 - قوله: (ص): في الكلام على التعليق: " والبخاري قد يفعل ذلك، لكون ذلك الحديث معروفا من جهة الثقات عن ذلك الشخص علقه عنه" .

اعترض عليه مغلطاي بأن الكلام يحتاج إلى تثبت فيه فإني لم أره لغيره.

قلت: قد سبقه إلى ذلك الإسماعيلي ، ومنه نقل ابن الصلاح كلامه فإنه قال - في المدخل إلى المستخرج الذي صنفه على صحيح البخاري - ما نصه: "كثيرا ما يقول البخاري : قال فلان وقال فلان عن فلان" فيحتمل أن يكون إعراضه عن التصريح بالتحديث لأوجه.

[أوجه تعليقات البخاري ] :

أحدها: أن لا يكون قد سمعه عاليا وهو معروف من جهة الثقات عن ذلك المروي عنه، فيقول: قال فلان مقتصرا على صحته وشهرته من غير جهته.

2- الثاني: أن يكون قد ذكره في موضع آخر بالتحديث، فاكتفى عن إعادته ثانيا.

3- والثالث: أن يكون سمعه ممن ليس هو على شرط كتابه فنبه على الخبر المقصود بذكر من رواه لا على وجه التحديث به عنه".

قلت: ومن تأمل تعاليق البخاري حيث لم تتصل لم يجدها تكاد أن [ ص: 600 ] تخرج عن هذه الأوجه التي ذكرها الإسماعيلي ولكن بقي عليه، أن يذكر السبب الحامل له على إيراد ما ليس على شرطه في أثناء ما هو على شرطه وقد بينت مقاصده في ذلك في مقدمة تغليق التعليق وأشرت في أوائل هذه الفوائد إلى طرف من ذلك وحاصله أنه أيضا على أوجه:

1- أحدها: أن يكون كرره، وهذا قد تداخل مع الأوجه التي ذكرها الإسماعيلي .

2- وثانيها: أن يكون أوردها في معرض المتابعة والاستشهاد لا على سبيل الاحتجاج ولا شك أن المتابعات يتسامح فيها بالنسبة إلى الأصول ، وإنما يعلقها وإن كانت عنده مسموعة، لئلا يسوقها مساق الأصول.

3- وثالثها: أن يكون إيراده لذلك منبها على موضع يوهم تعليل الرواية التي على شرطه، كأنه يروي حديثا من طريق سفيان الثوري عن حميد عن أنس - رضي الله عنه - ويقول بعده: قال يحيى بن أيوب عن حميد سمعت أنسا - رضي الله عنه - فمراده بهذا التعليق أن هذا مما سمعه حميد لئلا يتوهم متوهم أن الحديث معلول بتدليس حميد . فإن قيل: فلم يسقه من طريق يحيى بن أيوب السالم من هذه العلة ويقتصر عليه؟

قلنا: لأن يحيى بن أيوب ليس على شرطه ولو كان فالثوري أجل وأحفظ فنزل كلا منهما منزلته التي يستحقها.

ذاك في الاحتجاج به، وهذا في المتابعة القوية - والله أعلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية