الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 760 ] 53 - ومنها قوله: (ع): "والجواب ما أجاب به أبو شامة أنها مسألتان".

فسؤال قتادة عن الاستفتاح بأي سورة.

وفي "صحيح مسلم " أن قتادة قال: "نحن سألناه عنه".

قلت: وفيه نظر; لأنه يوهم أن الحمل المذكور في صحيح مسلم وليس كذلك، فإن مسلما قال - في صحيحه . "ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر . ثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله تعالى عنهم - فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم.

ثنا محمد بن المثنى . ثنا أبو داود - هو الطيالسي - ثنا شعبة وزاد قال شعبة فقلت لقتادة : أسمعته من أنس - رضي الله عنه - ؟

قال : نعم نحن سألناه.

فهذا اللفظ صريح في أن السؤال كان عن عدم سماع القراءة لا عن [سماع] الاستفتاح بأي سورة.

وقد روى الخطيب في "الجهر بالبسملة" هذا الحديث من طريق أخرى عن أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ولفظه: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - كانوا لا يستفتحون القراءة بـ بسم الله الرحمن الرحيم.

قال شعبة : قلت لقتادة : أسمعته من أنس ؟ [ ص: 761 ] قال: نعم نحن سألناه عنه.

وقال أبو يعلى في مسنده : ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ثنا أبو داود عن شعبة ، عن قتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال: "صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وخلف أبي بكر وعمر وخلف عثمان رضي الله عنهم فلم يكونوا يستفتحون القراءة بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) .

قال شعبة : فقلت لقتادة : أسمعته من أنس - رضي الله عنه؟

قال: نعم ثم سألت أنسا - رضي الله تعالى عنه -

وهكذا رواه عبد الله بن أحمد في "زيادات المسند" من حديث أبي داود الطيالسي .

وكذا أخرجه الإسماعيلي عن عبد الله بن ناجية ، عن محمد بن المثنى وبندار ، عن أبي داود .

وكذا أخرجه أبو نعيم في "مستخرجه" من طريق "مسند أبي [ ص: 762 ] داود " وكذلك رواه عمر بن مرزوق ، عن شعبة بلفظ: "يستفتحون بالحمد لله رب العالمين" .

وفيه: "نحن سألناه عن ذلك".

أخرجه أبو نعيم في "المستخرج" - أيضا - .

فوضح بذلك أن سؤال قتادة ، ليس مخالفا لسؤال أبي سلمة فطريق الجمع بينهما أن يقال: إن سؤال أبي سلمة كان متقدما على سؤال قتادة بدليل قوله - في روايته - : "لم يسألني عنه أحد قبلك" فكأنه كان إذ ذاك غير ذاكر لذلك، فأجاب (بأنه) لا يحفظه، ثم سأله قتادة عنه فتذكر ذلك، وحدثه بما عنده فيه.

وأما احتجاج أبي شامة على أن سؤال قتادة له في الحديث الذي أخرجه البخاري عن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - وجواب أنس - رضي الله عنه - أنها كانت مدا حيث أجاب بالبسملة دون غيرها من آيات القرآن دل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بالبسملة في قراءته .

ففيه نظر، لأنه يحتمل أن يكون ذكر أنس للبسملة على سبيل المثال لقراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينتهض الدليل على ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية