الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              101 [ 55 ] وعنه ; عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيما عبد أبق من مواليه ، فقد كفر ، حتى يرجع إليهم .

                                                                                              وفي آخر : أيما عبد أبق ، فقد برئت منه الذمة .

                                                                                              وفي آخر : إذا أبق العبد ، لم تقبل له صلاة .

                                                                                              رواه أحمد ( 4 \ 357 و 365 ) ، ومسلم ( 68 و 69 و 70 ) ، وأبو داود ( 4360 ) ، والنسائي ( 7 \ 102 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " أيما عبد أبق من مواليه ، فقد كفر " ) محمول على ما ذكرنا .

                                                                                              و (قوله : " فقد برئت منه الذمة ") أي : ذمة الإيمان وعهده وخفارته : إن كان مستحلا للإباق ، فيجب قتله بعد الاستتابة ; لأنه مرتد ، وإن لم يكن كذلك ، فقد خرج عن حرمة المؤمنين وذمتهم ; فإنه تجوز عقوبته على إباقه ، وليس لأحد أن يحول بين سيده وبين عقوبته الجائزة إذا شاءها السيد . ويقال : برئت من الرجل والدين براءة ، وبرئت أبرأ إليه برءا وبروءا ، ويقال أيضا : برؤت - بضم الراء - أبرؤ .

                                                                                              [ ص: 257 ] و (قوله : " لم تقبل له صلاة ") إن كان مستحلا ، حمل الحديث على ظاهره ; لأنه يكون كافرا ، ولا يقبل لكافر عمل .

                                                                                              وإن لم يكن كذلك ، لم تصح صلاته على مذهب المتكلمين في الصلاة في الدار المغصوبة ; لأنه منهي عن الكون في المكان الذي يصلي فيه ، ومأمور بالرجوع إلى سيده ، وأما على مذهب الفقهاء المصححين لتلك الصلاة ، فيمكن أن يحمل الحديث على مذهبهم على أن الإثم الذي يلحقه في إباقه أكثر من الثواب الذي يدخل عليه من جهة الصلاة ; فكأنه صلاته لم تقبل ; إذ لم يتخلص بسببها من الإثم ، ولا حصل له منها ثواب يتخلص به من عقاب الله على إباقه ; فكان هذا كما قلناه في قوله - عليه الصلاة والسلام - : إن شارب الخمر لا تقبل منه صلاة أربعين يوما ، وقد كنا كتبنا في ذلك الحديث جزءا حسنا .




                                                                                              الخدمات العلمية