الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
الغرة والتحجيل من الإسباغ وأين تبلغ الحلية وفضل الإسباغ على المكاره
[ 184 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن عبد الله المجمر ; قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=657370رأيت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يتوضأ ; فغسل وجهه وأسبغ الوضوء ، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق ، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ . وقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=treesubj&link=31000_22630_74_9_30499_34_53_57_30231أنتم الغر المحجلون يوم القيامة ، من إسباغ الوضوء ، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله .
قوله : " ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ") أشرع : رباعي ; أي : [ ص: 499 ] مد يده بالغسل إلى العضد ، وكذلك : " حتى أشرع في الساق " أي : مد يده إليه ، من قولهم : أشرعت الرمح قبله ; أي : مددته إليه ، وسددته نحوه ، وأشرع بابا إلى الطريق ; أي : فتحه مسددا إليه ، وليس هذا من : شرعت في هذا الأمر ، ولا من : شرعت الدواب في الماء بشيء ; لأن هذا ثلاثي وذاك رباعي . وكان nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة يبلغ بالوضوء إبطيه وساقيه ، وهذا الفعل منه مذهب له ، ومما انفرد به ، ولم يحكه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلا ، وإنما استنبطه من قوله - عليه الصلاة والسلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=908739أنتم الغر المحجلون " . ومن قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=72074تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ منه الوضوء " . قال nindex.php?page=showalam&ids=14961أبو الفضل عياض : والناس مجمعون على خلاف هذا ، وأن لا يتعدى بالوضوء حدوده لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=62862فمن زاد فقد تعدى وظلم " .
والإشراع المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هو محمول على nindex.php?page=treesubj&link=62_9استيعاب المرفقين والكعبين بالغسل ، وعبر عن ذلك بالإشراع في العضد والساق ; لأنهما مباديهما . nindex.php?page=treesubj&link=22630وتطويل الغرة والتحجيل بالمواظبة على الوضوء لكل صلاة وإدامته ، فتطول غرته بتقوية نور وجهه ، وتحجيله بتضاعف نور أعضائه .
قال الشيخ - رحمه الله - : وأصل الغرة لمعة بيضاء في جبهة الفرس ، تزيد على قدر الدرهم ، يقال منه : فرس أغر ، ثم قد استعمل في الجمال والشهرة وطيب الذكر ، كما قال :
ثياب بني عوف طهارى نقية وأوجههم عند المشاهد غرار
[ ص: 500 ] والتحجيل : بياض في اليدين والرجلين من الفرس ، وأصله من الحجل ; وهو الخلخال والقيد . ولا بد أن يجاوز التحجيل الأرساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين ، وهو في هذا الحديث مستعار عبارة عن النور الذي يعلو أعضاء الوضوء يوم القيامة .