الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4816 (11) باب في الأمر بالتقوى والحرص على ما ينفع وترك التفاخر
[ 2591 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=661824 " nindex.php?page=treesubj&link=28647_30483_32498_28776_30455_30469_28785المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان".
(11) ومن باب : nindex.php?page=treesubj&link=30483_19863الأمر بالتقوى والحرص على ما ينفع
(قوله : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ") أي : القوي البدن والنفس ، الماضي العزيمة ، الذي يصلح للقيام بوظائف العبادات من الصوم ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والصبر على ما يصيبه في ذلك ، وغير ذلك مما يقوم به الدين ، وتنهض به كلمة المسلمين ، فهذا هو الأفضل والأكمل ، وأما من لم يكن كذلك من المؤمنين ، ففيه خير من حيث كان مؤمنا ، قائما بالصلوات ، مكثرا لسواد المسلمين ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " وفي كل خير " لكنه قد فاته الحظ الأكبر ، والمقام الأفخر .
و (قوله : " احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز ") أي : استعمل الحرص والاجتهاد في تحصيل ما تنتفع به في أمر دينك ودنياك التي تستعين بها على صيانة دينك ، وصيانة عيالك ، ومكارم أخلاقك ، ولا تفرط في طلب ذلك ، ولا تتعاجز عنه متكلا على القدر ، فتنسب للتقصير ، وتلام على التفريط شرعا وعادة . ومع إنهاء الاجتهاد نهايته ، وإبلاغ الحرص غايته ، فلا بد من الاستعانة [ ص: 683 ] بالله ، والتوكل عليه ، والالتجاء في كل الأمور إليه ، فمن سلك هذين الطريقين حصل على خير الدارين .
و (قوله : " وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت لكان كذا وكذا . قل : قدر الله ، وما شاء فعل ") يعني : إن الذي يتعين بعد وقوع المقدور التسليم لأمر الله ، والرضا بما قدره الله تعالى ، والإعراض عن الالتفات لما مضى وفات . فإن افتكر فيما فاته من ذلك وقال : لو أني فعلت كذا لكان كذا ، جاءته وساوس الشيطان ، ولا تزال به حتى تفضي به إلى الخسران ؛ لتعارض توهم التدبير سابق المقادير ، وهذا هو عمل الشيطان الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " فلا تقل : لو ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " . ولا يفهم من هذا : أنه لا يجوز النطق بـ (لو) مطلقا ؛ إذ قد نطق بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=65906لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، ولجعلتها عمرة " . و " لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمت هذه " . وقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر - رضي الله عنه - : لو أن أحدهم نظر إلى رجليه لرآنا . ومثله كثير ، لأن محل النهي عن إطلاقها إنما هو فيما إذا أطلقت في معارضة القدر ، أو مع اعتقاد أن ذلك المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور ، فأما لو أخبر بالمانع على جهة أن تتعلق به فائدة في المستقبل ، فلا يختلف في جواز إطلاقه ؛ إذ ليس في ذلك فتح لعمل الشيطان ، ولا شيء يفضي إلى ممنوع ، ولا حرام ، والله تعالى أعلم .