الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              483 [ 252 ] وعن ميمونة ; أنها كانت تغتسل هي والنبي - صلى الله عليه وسلم - في إناء واحد . ومثله عن أم سلمة .

                                                                                              رواه البخاري ( 253 ) ، ومسلم ( 322 ) ، والترمذي ( 62 ) ، والنسائي ( 1 \ 129 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قول عائشة : " إنها كانت تغتسل هي والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد ") تعني : مفترقين ، أو سمت الصاع : مدا ، كما قالت في الفرق الذي كان يسع ثلاثة آصع ، وكأنها قصدت بذلك التقريب ، ولذلك قال فيه : " أو قريبا من [ ص: 583 ] ذلك " ، وإنما احتجنا إلى هذا التأويل لأنه لا يتأتى أن يغتسل اثنان من ثلاثة أمداد لقلتها ، والله أعلم .

                                                                                              وهذا يدل على استحباب التقليل مع الإسباغ ، وهو مذهب كافة أهل العلم والسنة ، خلافا للإباضية والخوارج . واتفق العلماء على جواز اغتسال الرجل وحليلته ووضوئهما معا من إناء واحد ، إلا شيئا روي في كراهية ذلك عن أبي هريرة ، وحديث ابن عمر وعائشة وغيرهما يرده ، وإنما الاختلاف في وضوئه أو غسله من فضلها ، فجمهور السلف وأئمة الفتوى على جوازه ، وروي عن ابن المسيب والحسن : كراهة فضل وضوئها ، وكره أحمد فضل وضوئها وغسلها . وشرط ابن عمر : إذا كانت حائضا أو جنبا . وذهب الأوزاعي إلى جواز تطهر كل واحد منهما بفضل صاحبه ما لم يكن أحدهم جنبا ، أو المرأة حائضا .

                                                                                              وسبب هذا الاختلاف : اختلافهم في تصحيح أحاديث النهي الواردة في ذلك ، ومن صححها اختلفوا أيضا في الأرجح منها ، أو مما يعارضها ، كحديث ميمونة أنه - عليه الصلاة والسلام - : " كان يغتسل بفضلها " ، وكحديث ابن عباس الذي خرجه الترمذي وصححه ، قال فيه : اغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جفنة ، فأراد [ ص: 584 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ منه فقالت : إني كنت جنبا ، فقال : " إن الماء لا يجنب " .

                                                                                              ولا شك في أن هذه الأحاديث أصح وأشهر عند المحدثين ، فيكون العمل بها أولى ، وأيضا فقد اتفقوا على جواز غسلهما معا ، مع أن كل واحد منهما يغتسل بما يفضله صاحبه عن غرفه .




                                                                                              الخدمات العلمية