الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4974 (16) ومن سورة النور

                                                                                              [ 2893 ] عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي ، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك بعدما أنزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه مسيرنا ، حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين أذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل ، فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه ! قالت : وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم ، إنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا ، ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش ، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش ، فادلج فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني فعرفني حين رآني ، وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي ، ووالله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك في شأني ، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول : كيف تيكم ؟ فذاك يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت بعدما نقهت ، وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع ، وهو متبرزنا ، ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا ، فانطلقت أنا وأم مسطح ، وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف ، وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب ، فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح ! فقلت لها : بئس ما قلت ! أتسبين رجلا قد شهد بدرا ؟ قالت : أي هنتاه ! أولم تسمعي ما قال ؟ قلت : وماذا قال ؟ قالت : فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا إلى مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال : كيف تيكم ؟ قلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قالت : وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما ، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجئت أبوي فقلت لأمي : يا أمتاه ، ما يتحدث الناس ؟ فقالت : يا بنية ، هوني عليك ، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها ! قالت : قلت : سبحان الله ! وقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت أبكي ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله . قالت : فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود ، فقال : يا رسول الله ، هم أهلك ، ولا نعلم إلا خيرا . وأما علي بن أبي طالب فقال : لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، وإن تسأل الجارية تصدقك . قالت : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال : أي بريرة ، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة ؟ قالت له بريرة : والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ! قالت : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول . قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر : يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي ؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ! ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ! وما كان يدخل على أهلي إلا معي . فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله ، إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ! قالت : فقام سعد بن عبادة - وهو سيد الخزرج ، وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله ، لا تقتله ولا تقدر على قتله ! فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد بن معاذ - فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله ، لنقتلنه ; فإنك منافق تجادل عن المنافقين ! فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت . قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي ! فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها ، فجلست تبكي . قالت : فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس . قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل ، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء .

                                                                                              قالت : فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ، ثم قال : أما بعد ، يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ; فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه ! قالت : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي ، حتى ما أحس منه قطرة .

                                                                                              فقلت لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ! فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ! وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن ، إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به ، فإن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقونني ، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون [ يوسف : 18 ]

                                                                                              قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي . قالت : وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر يتلى ، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها .

                                                                                              قالت : فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه .

                                                                                              قالت : فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : أبشري يا عائشة ! أما الله فقد برأك . فقالت لي أمي : قومي إليه ! فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله ; هو الذي أنزل براءتي ! قالت : فأنزل الله عز وجل : إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم عشر آيات [ النور : 11 - 20 ] ، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات براءتي .

                                                                                              قالت : فقال أبو بكر - وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ! فأنزل الله عز وجل : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ، إلى قوله : ألا تحبون أن يغفر الله لكم [ النور : 22 ]

                                                                                              قال عبد الله بن المبارك : هذه أرجى آية في كتاب الله .

                                                                                              فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي ! فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : لا أنزعها منه أبدا .

                                                                                              قالت عائشة : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري : ما علمت - أو : ما رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله ، أحمي سمعي وبصري ! والله ما علمت إلا خيرا .

                                                                                              قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها فهلكت فيمن هلك .

                                                                                              قال الزهري : فهذا ما انتهى إلينا .

                                                                                              زاد في رواية : قال عروة : كانت عائشة تكره أن يسب حسان عندها ، وتقول : إنه قال :


                                                                                              فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

                                                                                              وفي أخرى : قالت : لما ذكر من شأني الذي ذكر وما علمت به قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا ، فتشهد فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي ، وايم الله ما علمت على أهلي من سوء قط ، وأبنوهم بمن ، والله ما علمت عليه من سوء قط ، ولا دخل بيتي قط إلا وأنا حاضر ، ولا غبت في سفر إلا غاب معي .

                                                                                              وساق الحديث بقصته ، وفيه : ولقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فسأل جاريتي ، فقالت : والله ما علمت عليها عيبا ، إلا أنها كانت ترقد حتى تدخل الشاة فتأكل عجينها - أو قالت : خميرها - فانتهرها بعض أصحابه ، فقال : اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ! حتى أسقطوا لها به . فقالت : سبحان الله ! والله ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر ! وقد بلغ الأمر ذلك الرجل الذي قيل له . فقال : سبحان الله ! والله ما كشفت عن كنف أنثى قط .

                                                                                              قالت عائشة : وقتل شهيدا في سبيل الله .

                                                                                              وكان الذين تكلموا به : مسطح ، وحمنة ، وحسان . وأما المنافق عبد الله بن أبي فهو الذي كان يستوشيه ويجمعه ، وهو الذي تولى كبره وحمنة .

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 195) ، والبخاري (4750) ، ومسلم في التوبة (2770) (56 - 58) ، والترمذي (3179) ، والنسائي (1 \ 163) .

                                                                                              [ ص: 365 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 365 ] (16) ومن سورة النور

                                                                                              (قولها " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه " ) دليل على أن للقرعة مدخلا شرعيا في الحقوق المشتركة ، وهو قول الكافة . قال أبو عبيدة : وقد عمل بها ثلاثة من الأنبياء : يونس وزكريا ومحمد صلى الله عليهم أجمعين . قال ابن المنذر : واستعمالها كالإجماع بين أهل العلم فيما يقسم بين الشركاء ، ولا معنى لقول من ردها ، وحكي عن أبي حنيفة إجازتها . قال : ولا تقسيم في القياس ، ولكنا تركنا القياس للآثار .

                                                                                              قلت : ومقتضى هذا أنه قصرها على المواضع التي وردت في الأحاديث دون تعديتها إلى غيرها ، وهو قول مالك أيضا والمغيرة وبعض أصحابنا ، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة ترك القول بها ، وأنكرها بعض الكوفيين وقال : هي كالأزلام . وبإجازتها في المشكلات قال الشافعي . قال القاضي : وهو مشهور مذهب مالك .

                                                                                              وأما القرعة بين النساء إذا أراد سفرا فقد اختلف العلماء في ذلك ; فذهب مالك في أحد قوليه والشافعي وأبو حنيفة إلى أنه لا يخرج منهن إلا من خرجت عليها القرعة تمسكا بظاهر هذا الحديث فإنه كالنص في ذلك ، وقال مالك أيضا : إن له أن يسافر بمن شاء منهن بغير قرعة وإن القسمة هنا سقطت [ ص: 366 ] للضرورة ; إذ قد تكون إحداهن أخف محملا وأقل مؤونة وأصلح للسفر والأخرى أصلح للمقام في بيته لسد ضيعته وللقيام بولده ، وقد تكون أثقل جسما وأكثر مؤونة .

                                                                                              قلت : والذي يقع لي أن هذا ليس بخلاف في أصل القرعة في هذا ، وإنما هذا لاختلاف أحوال النساء ، فإذا كان فيهن من تصلح للسفر ومن لا تصلح تعين من تصلح ، ولا يمكن أن يقال : يجب أن يسافر بمن لا تصلح ; لأن ذلك ضرر ومشقة عليه ، ولا ضرر ولا ضرار ، وإنما تدخل القرعة إذا كن كلهن صالحات للسفر ، فحينئذ تتعين القرعة ; لأنه لو أخرج واحدة منهن بغير قرعة لخيف أن يكون ذلك ميلا إليها ، ولكان للأخرى مطالبته بحقها ، فإذا خرج بمن وقعت عليها القرعة انقطعت حجة الأخرى وارتفعت التهمة عنه ، وطاب قلب من بقي منهن ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              و (قوله " آذن ليلة بالرحيل " ) هو بالمد وفتح الذال ، بمعنى أعلم . والهودج : القبة التي تكون فيها المرأة على ظهر البعير ، وهو الخدر ، ويجمع : هوادج .

                                                                                              و (قولها " فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع " ) ، قال ابن السكيت : الجزع بفتح الجيم وإسكان الزاي الخرز اليماني . وظفار بفتح الظاء قرية باليمن .

                                                                                              قلت : هكذا صحيح الرواية " ظفار " كما قاله ابن السكيت ، وفي الصحاح " ظفار " مثل قطام : مدينة في اليمن . يقال : من دخل ظفار حمر ، وجزع ظفاري : [ ص: 367 ] منسوب إليها ، وكذلك عود ظفاري ، وهو العود الذي يتبخر به ، وعلى هذا فمن قيده جزع أظفار بألف فقد أخطأ ، وبالوجه الصحيح رويته .

                                                                                              و (قولها " وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم ، إنما يأكلن العلق " ) ، اختلف الرواة في تقييد هذا الحرف ; فرواه العذري بضم الياء وفتح الهاء وتشديد الباء على ما لم يسم فاعله " يهبلن " ، ومن طريق الطبري بفتح الياء وسكون الهاء وفتح الباء " يهبلن " ، والصواب بضمها ; لأن ماضيه فعل ، وفي بعض الروايات عن ابن الحذاء " لم يهبلن " بضم الياء وفتح الهاء وكسر الباء مشددة ، وهذه الرواية هي المعروفة في اللغة . قال في الصحاح : هبله اللحم إذا كثر عليه وركب بعضه على بعض . وأهبله أيضا ، يقال : رجل مهبل ، قال أبو كبير :


                                                                                              . . . . . . . . . . . . . . . . . . . فشب غير مهبل

                                                                                              قال : وقالت عائشة في حديث الإفك : والنساء يومئذ لم يهبلهن اللحم .

                                                                                              والعلق : جمع علقة ، وهو القليل من الطعام ، وكأنه الذي يمسك الرمق ويعلق النفس للازدياد منه ، أي : يشوقها إليه .

                                                                                              و (قولها " فتيممت منزلي الذي كنت فيه " ) ; أي : قصدته . وقد تقدم أن التيمم [ ص: 368 ] في الأصل هو القصد . والتعريس : النزول من آخر الليل . وقال أبو زيد : هو النزول في أي وقت كان ، وأدلج : سار من أول الليل ، وادلج - مشددا - سار من آخره . وقيل : هما لغتان ، والأول المعروف .

                                                                                              و (قولها " فخمرت وجهي بجلبابي " ) ; أي : غطيته بثوبي .

                                                                                              و (قولها " بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة " ) ، الرواية الصحيحة بالغين المعجمة والراء المهملة ، من الوغرة بسكون الغين ، وهي شدة الحر ، ومنه قيل : في صدره على وغر - بالتسكين ، أي : ضغن وعداوة ، تقول : وغر صدره علي يوغر وغرا ، فهو واغر الصدر عليه ، وقد أوغرت صدره على فلان . وقد رواه مسلم من حديث يعقوب بن إبراهيم " موعزين " بالعين المهملة والزاي ، ويمكن أن يقال فيه : هو من وعزت إليه ، أي : تقدمت . يقال : وعزت إليه وعزا ، مخففا ، ويقال : وعزت إليه توعيزا ، بالتشديد ، والرواية الأولى أصح وأولى ، والظهيرة : شدة الحر ، وهي الهاجرة . ونحرها : صدرها ; أي : أولها . وقد صحفه بعضهم فقال " موعرين " بالعين المهملة والراء ، ولا يلتفت إليه .

                                                                                              و (قولها " فهلك من هلك في شأني " ) ; أي : بقول البهتان والقذف . وكبر [ ص: 369 ] الشيء : معظمه . والناس يفيضون ; أي : يخوضون فيه ويكثرون القول . ويريبني : من الريبة ، وهي اسم للتهمة والشك . تقول : رابني فلان : إذا رأيت منه ما يريبك ، وهذيل تقول : أرابني فلان . قال الهذلي :


                                                                                              يا قوم ما لي وأبا ذؤيب كأنني أربته بريب


                                                                                              وأراب الرجل : صار ذا ريبة ، فهو مريب - حكاه الجوهري ، وقال غيره : يقال أرابني الأمر يريبني إذا توهمته وشككت فيه ، فإذا استيقنته قلت : رابني منه كذا ، يريبني ، وقال الفراء : هما بمعنى واحد في الشك .

                                                                                              و (قولها " بعدما نقهت من مرضي " ) هو بفتح القاف ; أي : أفقت ، فأما بكسر القاف فهو بمعنى فهمت الحديث . والمناصع : مواضع معروفة . والمتبرز بفتح الراء : هو موضع التبرز ، وهو الخروج إلى البراز ، وهو الفضاء من الأرض التي من خرج إليها فقد برز ، أي ظهر ، وكني به - هنا - عن الخروج للحدث . والكنف : جمع كنيف ، وهو الموضع المتخذ للتخلي ، وأصل الكنيف : الساتر . والمرط : الكساء .

                                                                                              [ ص: 370 ] و (قولها " تعس مسطح " ) هو بكسر العين ، معناه : انتكس وسقط على وجهه ، دعت عليه لما قال . والمسطح : عود من أعواد الحناء ، وهو - هنا - لقب لهذا الرجل ، واسمه : عوف بن أثاثة بن عبد المطلب بن عبد مناف .

                                                                                              و (قولها " يا هنتاه " ) ; أي : يا امرأة . ويقال للرجل : يا هناه ، ولا يستعملان إلا في النداء ، وهما في الأصل عبارة عن كل نكرة ، وقد تقدم الكلام عليها ، ونونها مخففة ، وحكى الهروي عن بعضهم تشديد النون فأنكره الأزهري .

                                                                                              و (قولها " فوالله لقلما كانت امرأة وضيئة قط عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها " ) ، وضيئة : فعيلة من الوضاءة ، وهي الحسن والنظافة . أي : جميلة ، وكانت عائشة - رضي الله عنها - كذلك . والضرائر : الضرات . وكثرن ; أي : بالقول والأذى - تهون عليها ما سمعت .

                                                                                              [ ص: 371 ] و (قولها " لا يرقأ لي دمع " ) ; أي : لا ينقطع ، وهو مهموز . يقال : رقأ الدم يرقأ إذا انقطع ، ومنه قولهم : " لا تسبوا الإبل ، فإن فيها رقوء الدم " بفتح الراء والهمز . واستلبث الوحي ; أي استبطأه ، فيكون الوحي منصوبا على المفعول ، ويصح رفعه على أن يكون " استلبث " بمعنى لبث ، كما قال استجاب بمعنى أجاب ، وهو كثير .

                                                                                              و (قولها " أهلك ، ولا نعلم إلا خيرا " ) منصوب على أنه مفعول بفعل مضمر ; أي : أمسك أهلك ، أو الزم . هكذا وقع في نسخة بالنصب ، وفي رواية : هم أهلك - على الابتداء والخبر ; أي : العفائف واللائقات بك . وأغمصه : أعيبه ، من الغمص وهو العيب . والداجن : الشاة المقيمة في البيت ، ويقال على الحمام أيضا . ودجن : إذا أقام .

                                                                                              [ ص: 372 ] و (قولها " فاستعذر من عبد الله بن أبي ") ; أي : طلب من يقبل عذره ، كما قال : " من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهلي " ، أي : من يقبل عذري في حقه وعقوبته . فقال سعد : أنا أعذرك منه - أي : أقبل عذرك فيه .

                                                                                              و (قولها " ولكن اجتهلته الحمية " ) ، كذا رواية الجلودي ، وعند ابن ماهان " احتملته " ، أي : حملته - والمعنى واحد ، وهو أن الحمية حملته على الغضب حتى صدر عنه خلق الجاهلية .

                                                                                              وبين السعدين ما بين الكلمتين ، والله يؤتي فضله من يشاء .

                                                                                              وثار الحيان : تواثب القبيلان ; الأوس والخزرج .

                                                                                              [ ص: 373 ] و (قوله " فإنه قد بلغني كذا وكذا ") هو كناية عما رميت به من الإفك ، وهذا يدل على أن " كذا وكذا " يكنى بها عن الأحوال كما يكنى بها عن الأعداد ، وقد تقدم .

                                                                                              و (قوله " إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ") من الإلمام ، وهو النزول النادر غير المتكرر ، كما قال :


                                                                                              متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا . . . . . . . . . . . . . .


                                                                                              أي : متى يقع منك هذا النادر ؟ وهو أصل اللمم .

                                                                                              و (قوله " فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ") دليل على أن مجرد الاعتراف لا يغني عن التوبة ، بل إذا اعترف به متصلا نادما ، وقد تقدم القول في التوبة في كتابها .

                                                                                              [ ص: 374 ] و (قولها " فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي ، حتى ما أحس منه قطرة " ) ; أي : انقبض وارتفع ، وإنما كان ذلك لأن الحزن والموجدة قد انتهت نهايتها وبلغت غايتها ، ومهما انتهى الأمر إلى ذلك جف الدمع لفرط حرارة المصيبة ، كما قال الشاعر :


                                                                                              عيني سحا ولا تشحا جل مصابي عن الدواء
                                                                                              إن الأسى والبكا جميـ ـعا ضدان كالداء والدواء


                                                                                              و (قولها " ولشأني كان في نفسي أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى " ) دليل على أن الذي يتعين على أهل الفضل والعلم والعبادة والمنزلة احتقار [ ص: 375 ] أنفسهم وترك الالتفات إلى أعمالهم ولا إلى أحوالهم ، وتجريد النظر إلى لطف الله ومنته وعفوه ورحمته وكرمه ومغفرته . وقد اغتر كثير من الجهال بالأعمال فلاحظوا أنفسهم بعين استحقاق الكرامات وإجابة الدعوات ، وزعموا أنهم ممن يتبرك بلقائهم ويغتنم صالح دعائهم ، وأنهم يجب احترامهم وتعظيمهم فيتمسح بأثوابهم وتقبل أيديهم ، ويرون أن لهم من المكانة عند الله بحيث ينتقم لهم ممن تنقصهم في الحال وأن يؤخذ من أساء الأدب عليهم من غير إمهال ، وهذه كلها نتائج الجهل العميم والعقل غير المستقيم ; فإن ذلك إنما يصدر من جاهل معجب بنفسه غافل عن جرمه وذنبه ، مغتر بإمهال الله - عز وجل - له عن أخذه . ولقد غلب أمثال هؤلاء الأنذال في هذه الأزمان ، فاستتبعوا العوام ، وعظمت بسببهم على أهل الدين المصائب والطوام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وهذه نفثات مصدور ، وإلى الله عاقبة الأمور .

                                                                                              و (قولها " فما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه " ) ; أي : ما برحه ولا قام عنه . يقال : رامه يريمه ريما ; أي : برحه ولازمه ، ويقال : رمت فلانا ، ورمت من عند فلان . قال الأعشى :


                                                                                              أبانا فلا رمت من عندنا فإنا بخير إذا لم ترم


                                                                                              [ ص: 376 ] وأما رام بمعنى طلب فيقال منه : رام يروم روما . والبرحاء على فعلاء : شدة الحمى وغيرها ، وهو البرح أيضا . يقال : لقيت منه برحا بارحا ، ولقيت منه البرحين والبرحين - بضم الباء وكسرها ; أي : الشدائد والدواهي . وسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : انكشف ما كان به وزال عنه ، وهو بالتشديد مبني لما لم يسم فاعله .

                                                                                              و (قوله تعالى : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة . . .) الآية [ النور : 22 ] - أي : لا يحلف . يقال : آلى يؤلي ، وائتلى يأتلي - بمعنى واحد ، والفضل هنا : المال والسعة في العيش والرزق .

                                                                                              و (قولها " تساميني " ) ; أي : تعاندني وتضاهيني في الجمال والمكانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من السمو وهو الارتفاع .

                                                                                              [ ص: 377 ] و (قول زينب " أحمي سمعي وبصري " ) ; أي : أمنعهما من عقوبة الله تعالى بالكف عن قول سمعت أو رأيت . أي : لم أر ولم أسمع ، وما علمت إلا خيرا ، فعصمها الله من الهلاك بما رزقها من التثبت والدين والورع ، مع أنها كانت تناصبها وتنافسها في المرتبة ، فكان كما قال من لا يجوز عليه الخطأ ولا الكذب : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب [ الطلاق : 2 - 3 ]

                                                                                              و (قولها " وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك ) ; أي : حدت حد القذف فيمن حد .

                                                                                              و (قوله " أسقطوا لها به " ) ، كذا عند الجلودي ; أي : كلموها بسقط من القول . يقال : أسقط الرجل إذا قال كلاما رديئا سقط فيه . وعلى هذا فيكون الضمير في " به " عائدا على القول ، أي : أسقطوا لها بالقول . وقيل : معناه صرحوا لها بالفحش ، ولذلك لما سمعته بريرة أعظمت ذلك وأنكرته ، وقالت : سبحان الله ! والله ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر . وقد وقعت هذه الكلمة التي هي " سبحان الله " في هذا الحديث على نحو ما جاءت في قوله : سبحانك هذا بهتان عظيم [ النور : 16 ] ، والمقصود بذكرها في هذه المواضع إعظام نسبة السوء إلى عائشة -رضي الله عنها - وتحقيق براءتها ، وكأن المتكلم بها يريد أن يقول : التنزيه والبراءة لله من أن يجري ذلك على مثل عائشة وأن يوقعه في الوجود ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              [ ص: 378 ] و (قوله " أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي ") ; أي : اتهموهم وقذفوهم بالفاحشة ، ويقال : رجل مأبون أي معروف بخلة من السوء ; أي : متهم . ويقال : أبنه - بالفتح في الماضي - يأبنه بالضم والكسر في المضارع .

                                                                                              و (قول صفوان رضي الله عنه " والله ما كشفت عن كنف أنثى قط ") هو بفتح النون ، وهو الثوب هنا ، وأصله الساتر ، وهو كناية عن الجماع ; أقسم أنه ما جامع امرأة قط ، وكأنه لم يكن له أرب في النساء ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              [ ص: 379 ] و (قوله " وكان الذين تكلموا به : مسطح ، وحمنة ، وحسان ) ، وقد ذكرنا الخلاف في حسان في باب فضائله ; هل صرح بالقذف أم لا ؟ وهل حد أم لا ؟ والصحيح أنه حد بما رواه أبو داود عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك وتلا القرآن ، فلما نزل أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم ، وسماهم : حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش . وفي كتاب الطحاوي : ثمانين ثمانين . وأما حمنة ومسطح فحدا ، ولم يسمع بحد لعبد الله بن أبي ، والظاهر من الأخبار والأحاديث أنه لم يحد ، وإنما لم يحد عدو الله لأن الله قد أعد له في الآخرة عذابا عظيما ; لكان نقصا من عذابه في الأخرى وتخفيفا عنه ، وقد أشار الله تعالى إلى هذا بقوله : والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم [ النور : 11 ] مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة - رضي الله عنها - وبكذب كل من رماها ، فقد حصلت فائدة الحد ; إذ مقصوده إظهار كذب القاذف وبراءة المقذوف ، كما قال تعالى : فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون [ النور : 13 ] وإنما حد هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى لا يبقى عليهم تبعة من ذلك في الآخرة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحدود : إنها كفارة لمن أقيمت عليه - كما تقدم في حديث عبادة بن الصامت . ويحتمل أن يقال : إنما ترك حد ابن أبي استئلافا لقومه واحتراما لابنه ، وإطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك ، وقد كانت ظهرت مباديها من سعد بن عبادة ومن قومه كما تقدم .

                                                                                              ومعنى يستوشيه : يطلبه ويبحث عنه ويشنعه . يقال : فلان يستوشي فرسه يعقبه ; أي : يطلب ما عنده من الجري ويستخرجه .

                                                                                              وحديث الإفك هذا فيه أحكام كثيرة لو تتبعت لطال الأمر وأفضى إلى الملال ، ومن تفقدها من أهل الفطنة وجدها .

                                                                                              [ ص: 380 ] ووقعت هذه القضية في غزوة المريسيع ، وهو ماء في ناحية قديد مما يلي الساحل . أغار النبي صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون ; أي : غافلون ، وأنعامهم تسقى على الماء ، فقتل المقاتلة وأسر ، وكانت هذه الغزوة في شعبان سنة ست من الهجرة . هذا أشهر الأقوال عند أهل السير ، وعلى هذا ينشأ بحث يلزم منه وهم بعض النقلة ; فإنه قد تقدم في هذا الحديث أن سعد بن معاذ هو الذي راجع سعد بن عبادة حتى سرى أمرهما ، ولم يختلف أحد من الرواة في أن سعد بن معاذ - رضي الله عنه - مات في منصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بني قريظة بعد أن حكم بحكم الله ، وذلك سنة أربع ، ولم يدرك غزوة المريسيع - هذا قول أهل النقل .

                                                                                              قلت : فعلى هذا يكون ذكر سعد بن معاذ في هذا الحديث وهما وغلطا ، وكذلك قال أبو عمر بن عبد البر . قال : وإنما تراجع في ذلك سعد بن عبادة وأسيد بن حضير ، وكذلك ذكر ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ، وهو الصحيح . قال القاضي أبو الفضل : قال ابن عقبة : إن غزوة المريسيع كانت سنة أربع في سنة غزوة الخندق ، وقد ذكر البخاري اختلاف ابن إسحاق وابن عقبة في ذلك . قال : وقد وجدت الطبري ذكر ذلك عن الواقدي أن المريسيع سنة خمس ، قال : وكانت الخندق وقريظة بعدها . قال : ووجدت القاضي إسماعيل قال : اختلفوا في ذلك ، والأولى أن تكون المريسيع قبلها .

                                                                                              قلت : فعلى هذا يستقيم ما رواه مسلم والبخاري من ذكر سعد بن معاذ ، ولا يكون ذكره وهما ، والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية