الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4976 [ 2916 ] وعن زيد بن أرقم ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، أصاب الناس فيه شدة ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : ( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا [ المنافقين : 7 ] من حوله) ، قال زهير : وهي في قراءة عبد الله ، وقال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل [ المنافقين : 8 ] قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك ، فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله ، فاجتهد يمينه ما فعل ، فقال : كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فوقع في نفسي مما قالوه شدة حتى أنزل الله تصديقي : إذا جاءك المنافقون [ المنافقين : 1 ]

                                                                                              قال : ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم ، قال : فلووا رؤوسهم . وقوله : كأنهم خشب مسندة [ المنافقين : 4 ] وقال : كانوا رجالا أجمل شيء .


                                                                                              رواه البخاري (4900) ، ومسلم (2772) ، والترمذي (3309 و 3310) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : حتى ينفضوا ) أي : يتفرقوا . و ( من حوله ) : في قراءة عبد الله ، ولم يثبت في شيء من المصاحف المتفق عليها ، ويمكن أن تكون زيادة بيان من جهة ابن مسعود .

                                                                                              و (قوله : ليخرجن الأعز منها الأذل [ المنافقين : 8 ] ) يعني المنافق [ ص: 410 ] بالأعز : نفسه وعشيرته ، وبالأذل : النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، جهل فقال ، وحيث وجب أن يسكن حال غلبت عليه شقوته ، فانعكست فكرته ، فظن الأرض سماء والسراب ماء ، فنبهه ولد نطفته على قبيح غلطته ، فقال له : أنت والله الأذل ، ورسول الله الأعز ، فأنزل الله تصديقه في كتابه لعلهم يسمعون : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [ المنافقين : 8 ] ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم تلطف بهم على مقتضى خلقه الكريم وحلمه العظيم ، ودعاهم للاستغفار فأبت الشقوة إلا التمادي على الجهل والاستكبار فلووا رؤوسهم معرضين ، وصدوا مستكبرين فقوبلوا بلن يغفر الله لهم ، إن الله لا يهدي القوم الفاسقين ، حشرنا الله مع المؤمنين وجنبنا أحوال المنافقين بفضله وكرمه .

                                                                                              و (قوله : كأنهم خشب مسندة [ المنافقين : 4 ] يعني أنهم أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام ، فصورهم معجبة وبواطنهم قبيحة خربة ومسندة إلى الجدر ، شبههم بالجذوع المسندة الممالة إلى جدار، كما قال الشاعر :


                                                                                              قد مضينا بعدهم نتبعهم فرأيناهم قياما كالخشب

                                                                                              [ ص: 411 ] وهو جمع خشبة . يقال : خشبة وخشب بضمهما ، ويقال : خشب ، بفتحهما ، وقد قرئ بهما .




                                                                                              الخدمات العلمية