الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              602 [ 313 ] وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد ، فدخل رجل فصلى ، ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلام ، فقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ! فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ، ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ، ثم قال : ارجع فصل فإنك لم تصل ! حتى فعل ذلك ثلاث مرات ، فقال الرجل : والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا ، فعلمني ! قال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها .

                                                                                              زاد في رواية : إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبر .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 437)، والبخاري ( 757 )، ومسلم ( 397 )، وأبو داود ( 856 )، والترمذي ( 303 )، والنسائي ( 2 \ 125) .

                                                                                              [ ص: 29 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 29 ] وقوله في حديث أبي هريرة للذي علمه الصلاة " إذا قمت إلى الصلاة فكبر " ، هذا الحديث ومساقه يدل على أنه - عليه الصلاة والسلام - قصد إلى ذكر فرائض الصلاة لا غير ; لأن جميع ما ذكره فيه فرض ، وما لم يذكره ليس من فرائضها ، هذا قول كافة أصحابنا وغيرهم ، وهذا ينتقض عليهم بالنية والسلام إذ لم يذكرهما .

                                                                                              وقوله " ما تيسر معك من القرآن " متمسك أبي حنيفة ، فإنه يأخذ بعمومه ، ويقال له : إن ما تيسر هو الفاتحة ; لأن الله تعالى قد يسرها على ألسنة الناس صغارهم وكبارهم ، ذكورهم وإناثهم ، أحرارهم وعبيدهم ، ويتأيد هذا التأويل بقوله " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " .

                                                                                              وقوله " ثم اركع حتى تطمئن راكعا " ، وقال في السجود كذلك ، واختلف أصحابنا في وجوب الطمأنينة ، والأصل المتقدم يرفع هذا الخلاف ، بل ينبغي عليه أن تكون واجبة على كل حال ، وهذا يدل على اختلافهم في ذلك الأصل .

                                                                                              [ ص: 30 ] وقوله " ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " يدل على وجوب القراءة في كل ركعة ، وهو المشهور على ما تقدم .

                                                                                              وقوله " ثم ارفع حتى تطمئن جالسا " ، يريد بين السجدتين . وفي رواية " ثم اجلس حتى تطمئن جالسا " ، وهذا يدل على وجوب الفصل بين السجدتين ، وهل يجب لذاته فلا بد منه أو للفصل فيحصل الفصل بأقل ما يحصل منه ويكون تمامه سنة ؟ اختلف فيه .




                                                                                              الخدمات العلمية