الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              768 (33) باب

                                                                                              تحريم الصلاة التكبير ، وتحليلها التسليم

                                                                                              [ 394 ] عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير ، والقراءة بـ الحمد لله رب العالمين وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ، ولكن بين ذلك . وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما . وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا . وكان يقول في كل ركعتين التحية . وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى . وكان ينهى عن عقبة الشيطان ، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع . وكان يختم الصلاة بالتسليم .

                                                                                              وفي رواية : كان ينهى عن عقب الشيطان .

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 110)، ومسلم (498)، وأبو داود (783)، وابن ماجه (812) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (33) ومن باب : تحريم الصلاة التكبير ، وتحليلها التسليم

                                                                                              هذه الترجمة هي نص حديث علي الصحيح الذي خرجه أبو داود ، وحديث عائشة موافق له بالفعل . وفي هذه الترجمة رد على أبي حنيفة حيث لا يشترط في الدخول في الصلاة التكبير . وفيه أيضا رد على الشافعي - رحمه الله - حيث يرى أن [ ص: 99 ] البسملة من الفاتحة ، وأنها لا بد من قراءتها في الصلاة في أول الفاتحة ; لأن عائشة قالت : كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين ، وهذا إنما يتضح إذا خفضنا القراءة عطفا على التكبير ، كما اختاره بعض من لقيناه . وقد قيدته بالنصب عطفا على الصلاة عن غيره ، ويكون فيه أيضا حجة على الشافعي ، إلا أن الوجه الأول أوضح ، فتأمله .

                                                                                              وقولها : لم يشخص رأسه ولم يصوبه ; تعني : لم يرفع رأسه بحيث يرى أنه شخص ولم ينزله . وهو من : صاب يصوب ; إذا نزل . وفيه حجة لمالك - رحمه الله - على مختاره من كيفية الجلوس في الصلاة ، وفيه حجة على من لم يوجب الاعتدال في الرفع من السجود ، وفيه دليل على مشروعية التشهدين في الصلاة . وجمهور الفقهاء على أنهما سنتان ، وليستا بواجبتين ، إلا أحمد بن حنبل وطائفة من أصحاب الحديث . وقد روي عن الشافعي : أن التشهد الأخير واجب . وروى أبو مصعب نحو ذلك عن مالك . ومستند الجمهور : كون النبي - صلى الله عليه وسلم - سها عن الجلوس والتشهد ، فاجتزأ عنه بسجود السهو .

                                                                                              وقولها : وكان ينهى عن عقبة الشيطان ، وفي رواية : عن عقب الشيطان . قال الهروي ، عن أبي عبيد : عقب الشيطان : هو أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين ، وهو الذي يجعله بعض الناس الإقعاء ، وسيأتي في حديث ابن عباس .

                                                                                              [ ص: 100 ] وروي عن الطبري : عقب بضم العين وفتح القاف ، وهو جمع عقبة ، كغرفة وغرف ، والمحدثون يقولون : عقب بفتح العين ، وكسر القاف .

                                                                                              وقولها : وكان يختم الصلاة بالتسليم : حجة على أبي حنيفة - رحمه الله - والأوزاعي والثوري ; حيث لم يشترطوا في الخروج من الصلاة التسليم ، وحديث جلي في المسألة كما قدمناه .




                                                                                              الخدمات العلمية