[ ص: 318 ] فصل . في إذا دلائل النسخ استدل على نسخ أحدهما بأمور : أحدها : اقتضاء اللفظ له ، بأن يعلم تقدم أحد الحكمين على الآخر ، فيكون المتقدم منسوخا ، والمتأخر ناسخا . قال ورد في الشيء الواحد حكمان مختلفان ، ولم يمكن استعمالهما الماوردي : المراد بالتقدم التقدم في التنزيل ، لا التلاوة ، فإن العدة بأربعة أشهر سابقة في التلاوة على العدة بالحول ، مع أنها ناسخة لها ، واقتضاء اللفظ إما بالتصريح كقوله : { الآن خفف الله عنكم } فإنه يقتضي نسخه لثبات الواحد للعشرة بقوله : { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } فإنه يقتضي نسخ الإمساك بعد الفطر ، وقوله : { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } الآية فإنه يقتضي نسخ الصدقة عند المناجاة ، وإما بأن يذكر لفظ يتضمن التنبيه على النسخ ، كما نسخ الإمساك في البيوت حد الزنى بقوله : { أو يجعل الله لهن سبيلا } فنبه على عدم الاستدامة في الإمساك ، ولذلك قال : { } ، وإما بالاستدلال بأن تكون إحدى الآيتين مكية ، والأخرى مدنية فعلم أن المنزل خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا بالمدينة ناسخ للمنزل بمكة . قاله وغيره . أبو إسحاق المروزي
الثاني : بقوله عليه السلام : هذا ناسخ أو ما في معناه ، كقوله : { } . كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها
الثالث : فعل النبي صلى الله عليه وسلم كرجم ماعز ، ولم يجلده ، يدل على أن قوله : { } منسوخ ، ذكره [ ص: 319 ] الثيب بالثيب جلد مائة ورجمه بالحجارة ابن السمعاني ، ثم قال : وقد قالوا : إن الفعل لا ينسخ القول في قول أكثر الأصوليين ، وإنما يستدل بالفعل على تقدم النسخ بالقول ، فيكون القول منسوخا بمثله من القول ، لكن فعله بين ذلك القول .
الرابع : إجماع الصحابة ، كنسخ رمضان ، ونسخ الزكاة سائر الحقوق في المال ، ذكره صوم يوم عاشوراء ابن السمعاني أيضا ، وكذا حديث : { } واتفقت الصحابة على ترك استعمالهم هذا ، فدل عدولهم عنه على نسخه . انتهى . وقد نص من غل صدقته ، فإنا آخذوها وشطر ماله على ذلك أيضا ، فيما نقله الشافعي في المدخل ، فقال : ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر - عن الرسول - آخر مؤقت يدل على أن أحدهما بعد الآخر ، أو بقول من سمع الحديث أو العامة . انتهى . وجرى عليه البيهقي في " الناسخ " من كتابه ، أبو إسحاق المروزي والشيخ في " اللمع " ، وسليم في " التقريب " ، والماوردي في " الحاوي " ، وقال : يكون الإجماع مبينا لا ناسخا . وكذا قال القاضي : يستدل بالإجماع على أن معه خبرا به وقع النسخ ، لأن الإجماع لا ينسخ . ولم يجعل الصيرفي [ ص: 320 ] الإجماع دليلا على تعيين النص للنسخ ، بل جعله مترددا بين النسخ والغلط ، فإنه قال في كتابه : فإن أجمع على إبطال حكم أحدهما فهو منسوخ أو غلط ، والأمر ثابت . انتهى .
ومعنى قوله : أو غلط ، أي من جهة بعض رواته ، كما صرح به في كتابه ، فقال : القفال الشاشي دل على أن الخبر منسوخ أو غلط من الراوي . هذا لفظه . والتحقيق أن إذا روي حديث والإجماع على خلافه ، لأنه لا ينعقد إلا بعد الرسول ، وبعده يرتفع النسخ ، وإنما النسخ يرفع بدليل الإجماع ، وعلى هذا ينزل نص الإجماع لا ينسخ به والأصحاب . الشافعي
الخامس : نقل الراوي الصحابي تقدم أحد الحكمين وتأخر الآخر ، إذ لا مدخل للاجتهاد فيه ، كما لو روي أن أحدهما شرع بمكة ، والآخر بالمدينة ، أو أحدهما عام بدر والآخر عام الفتح ، فإن وجد مثال هذا فلا بد أن يكون المتأخر ناسخا للمتقدم ، كقول : { جابر } ، وكقول كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار أبي بن كعب : كان { } رخصة في أول الإسلام ، ثم أمر بالغسل ، كذا قاله الماء من الماء ابن السمعاني وغيره ، وهو واضح إن كان الخبران غير متواترين ، أما إذا قال في أحد الخبرين المتواترين : إنه كان قبل الآخر ، ففي قوله خلاف ، وجزم القاضي في " التقريب " بأنه لا يقبل قوله . ونقله الهندي عن الأكثرين ، لأنه يتضمن ، وهو غير جائز ، وقال القاضي نسخ المتواتر بالآحاد عبد الجبار : يقبل ، وإن لم يقبل المظنون في نسخ العلوم ، إذ الشيء يقبل بطريق الضمن والتبع ، ولا يقبل بطريق الأصالة ، كما تقبل شهادة القابلة بالولادة ، ويتضمن ذلك ثبوت النسب وإن كن لو شهدن بالنسب ابتداء لم يقبل .
وقال أبو الحسين البصري : هذا يقتضي الجواز العقلي في قبوله لا في وقوعه ، ما لم يثبت أنه يلزم من ثبوت أحد الحكمين ثبوت الآخر ، والجواز العقلي لا نزاع فيه ، ثم قال القاضي في " التقريب " : لا فرق في ثبوت النسخ [ ص: 321 ] بالمتأخر بين أن يكون [ الراوي ] للحديثين واحدا أو اثنين لأنه قد يسمعهما الاثنان في وقتين وكذلك الواحد ، وشرط ابن السمعاني كون الراوي لهما واحدا ، قال : فإن كان راوي المتقدم غير راوي المتأخر نظر ، فإن كان المتأخر خبر واحد كان ناسخا للمتقدم ، وإن كان المتقدم من أخبار المتواتر ، لم يصر منسوخا بخبر الواحد المتأخر ، وإن كانا متواترين أو آحادا ، فالمتأخر ناسخ للمتقدم .
هذا كله إن أخبر أن هذا متأخر ، فإن قال : هذا ناسخ نظر ، فإن كان ذكر دليله فواضح . قاله ابن السمعاني . وقال القاضي : لا يثبت به النسخ عند الجمهور ، ولو ذكر دليله ، لكن ينظر فيه ، فإن اقتضى النسخ عمل به ، وإلا فلا ، وإن أرسله إرسالا ، ففيه وجهان ، حكاهما ابن السمعاني أحدهما : يقبل قوله في النسخ ، ونقله عن . قلت : والذي في " المعتمد " أن الكرخي أبا عبد الله البصري حكى عن شيخه أنه إن عينه ، فقال : هذا نسخ لهذا ، لم يرجع إليه ، لاحتمال أنه قاله عن اجتهاد ، وإن لم يعينه بل قال : هذا منسوخ قبل . أبي الحسن الكرخي
وحكى الدبوسي في " التقويم " هذا التفصيل عن أبي عبد الله البصري ، ثم قال : ومنهم من قال : لا فرق بينهما .
والثاني : أنه لا يقبل قوله في النسخ ما لم يذكر دليله ، لجواز أن يعتقد ما ليس بنسخ نسخا ، ولأن العلماء مختلفون في أسباب النسخ كالزيادة على النص ، والنقصان منه ، وكاعتقاد آخرين أن قوله : { } منسوخ بقوله : { إذا التقى الختانان } ونحو ذلك ، ولذلك لم يقبل قول من [ ص: 322 ] قال : إن مسح الخف نسخ بالكتاب . وهذا ما نقله إنما الماء من الماء القاضي في " التقريب " عن الجمهور ، وقال : إنه الصحيح ، وعلله بما ذكرنا . وقال ابن السمعاني : إنه أظهر الوجهين ، وكذا صححه في " اللمع " ، وسليم ، وصرح ابن برهان بأنه المذهب ، فقال في كتابه " الأوسط " : إذا قال الصحابي هذا منسوخ لم يقبل منه عندنا خلافا للحنفية ، لأن مذاهب الناس في النسخ مختلفة ، فرب شيء يعتقده ناسخا ، وليس بناسخ ، ولأن النسخ إسقاط للحديث بالكلية .
وجزم به الغزالي في المستصفى ، وإلكيا في " التلويح " وعلله بما سبق ، ثم قال : فأما إذا قال الصحابي : إن كذا كان حكما ثابتا من قبل ، وإنه نسخ الآن ، ولم يذكر ما به نسخ ، فإن كان يتابعه ، كقول الكرخي حين ذكر له في التشهد : التحيات الزاكيات . قال : كان هذا ثم نسخ . ونحوه ما روي عن ابن مسعود ، ابن عمر في الرضاع أنهما قالا : قد كان التوقيت ، وأما الآن فلا . وابن عباس
قال : والذي رآه أكثر الأصوليين أنه لا يرجع إلى قول الصحابي في ذلك ، لأنه إذا كان فيما صرح به بأنه ناسخا للأية أن لا يكون ناسخا لها في الحقيقة ، وإن اعتقده فغير ممتنع أن يطلق ذلك إطلاقا ، ولا يذكر ما لأجله النسخ ، ولو ذكره لكان مما لا ينسخ به . قال : نعم ، ولو علم من حاله أنه إنما ذكر أنه منسوخ لأمر لا يلتبس ، وجب الرجوع إلى قوله . قال : وهذا قريب من مخالفة الراوي مضمون الحديث الذي رواه انتهى . وهذا تفصيل حسن . وفصل بعض المتأخرين من الحنابلة بين أن يكون هناك نص آخر يخالف [ ص: 323 ] ما ادعى نسخه ، فإنه يقبل قوله ، لأن الظاهر أن ذلك النص الناسخ ، ويكون حاصل الصحابي الإعلام بالمتقدم والمتأخر ، وقوله يقبل في ذلك . قال : ونقل عن القاضي أبو يعلى أنه أومأ إلى أن الصحابي إذا قال : هذه الآية منسوخة ، لم يصر إلى قوله حتى يبين الناسخ . أحمد
وقال عبد الوهاب في " الملخص " إذا قال الصحابي : هذا منسوخ ، فقيل : يقبل مطلقا وقيل بالمنع . وقيل : إن أطلق قبل . وإن أضافه إلى ناسخ زعم أنه الذي نسخه ، نظر فيه ، فإن كان مما يوجب النسخ حكم به ، وإلا فلا . قال : ولست أحفظ في هذا عن أصحابنا شيئا ، ولكن عندي إن كان في معنى النسخ وصفته ، وليس فيه خلاف بين الصحابة ، فالواجب أن يخرج فيه قولان ، وإن لم يكن بينهم خلاف في صفة النسخ وشروطه وجب قبوله . انتهى .
وأطلق النسخ بقول الصحابي ، وكذا الأستاذ أبو منصور في مسألة قول الراوي : أمرنا ، وجرى عليه المحدثون ، ومنهم القاضي أبو الطيب ، وهو ظاهر نص ابن الصلاح السابق ذكره في الإجماع ، وقد احتج أصحابنا بقول الشافعي عائشة في الرضعات إن العشر منها نسخن بالخمس ، واحتجوا على أن قوله تعالى : { لا يحل لك النساء من بعد } منسوخ بقوله : { إنا أحللنا لك } لأجل قول عائشة : { } . لكن أجاب ما مات الرسول حتى أحل الله له النساء اللاتي حظرن عليه القاضي عن هذا بأنهم لم ينسخوا بقول ، بل بحجتها في النسخ ، فلأجل الآية والتأول لها قالوا وقالت ذلك . [ ص: 324 ] ووراء ذلك أمور : أحدها : أن يقول الصحابي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نسخت عنكم كذا . قال عائشة القاضي : ويجب قبوله إذا كان المنسوخ من غير الآحاد ، فإن كان مما يوجب العلم ، لم يرفع مثل هذا ، إلا أن ينضم ما يوجب القطع .
الثاني : هذا كله إذا صرح بالنسخ قياسا ، وأما إذا قال قولا يخالف الحديث ، فلا يقتضي نسخ النص سواء انتشر أم لا . قاله القاضي أيضا . قال : ومن جعل قوله حجة إذا انتشر ، ولم يحفظ له مخالف ترك به حكم النص ، وتبين عنده أنه منسوخ ، لأنه إجماع .
الثالث : إذا كان راوي أحدهما متقدم الصحبة ، والآخر متأخرا ، فقسمه ابن السمعاني إلى قسمين أحدهما : أن تنقطع صحبة الأول عند صحبة الثاني ، فيكون الحكم الذي رواه المتأخر ناسخا للذي رواه الأول كرواية قيس بن طلق ، في مس الذكر . وأبي هريرة
والثاني : أن لا تنقطع صحبة المتقدم عند صحبة المتأخر ، فلا تكون رواية المتأخر الصحبة ناسخة لرواية المتقدم ، لجواز أن يكون المتقدم راويا لما تأخر ، كما لا يجوز أن يكون راويا لما تقدم ، وإثبات النسخ بمجرد الاحتمال ممتنع ، كرواية ، ابن عباس في التشهد ، فلا تكون رواية وابن مسعود ناسخة لرواية ابن عباس ، ولكن يطلب الترجيح من خارج . ا هـ . والقسم الأول ذكره ابن مسعود إلكيا ، وصاحب " المصادر " ومثلا به ، وجزما [ ص: 325 ] به ، لكن القاضي خالفهم . قال في " المصادر " : وشرط الشريف المرتضى في ذلك أن يكون الذي صحبه آخرا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قبل صحبته له ، لأنه لا يمتنع أن يراه أولا ويسمع منه ، وهو مصاحب له ، ثم رآه ثانيا ويختص به .
والقسم الثاني ذكره الشيخ في " اللمع " ، وجزم بعدم النسخ ، وكذا الهندي ، قال : ومن هذا يعلم أنه لا يثبت النسخ بكون راوي أحد الخبرين من أحداث الصحابة ، أو يكون إسلامه متأخرا عن إسلام راوي الآخر ، وبذلك صرح القاضي في " التقريب " . وأطلق ، الأستاذ أبو منصور وابن برهان أن رواية المتأخر صحبة ناسخة لرواية المتقدم .
الرابع : أن يكون الراوي لأحدهما أسلم بعد موت الآخر ، أو بعد قصته ، وفيه احتمالان للشيخ في " اللمع " ، وجزم سليم في صورة الموت بأن رواية المتأخر ناسخة .
الخامس : معرفة التاريخ للواقعتين ، كحديث شداد بن أوس أنه قال : { } . قال أفطر الحاجم والمحجوم الشاشي : هو منسوخ بحديث : { ابن عباس } . أخرجه احتجم وهو محرم صائم . فإن مسلم إنما صحبه محرما في حجة الوداع سنة عشر ، وفي بعض طرق حديث ابن عباس شداد أن ذلك كان في زمن الفتح ، وذلك سنة ثمان .
السادس : كون أحد الحكمين شرعيا ، والآخر موافقا للعادة ، فيكون [ ص: 326 ] الشرعي ناسخا للمعتاد ، كخبر مس الفرج . ذكره وغيره ، ومنعه الأستاذ أبو منصور القاضي ، والغزالي . لأنه يجوز ورود الشرع بتقرير الوصف ، ثم يرد نسخه ، ورده إلى ما كان في العقل ، فإن الموافق للعقل لم يرد بعد نقل حكمه .
وقال الماوردي في " الحاوي " : دلائل النسخ يقدم أحدها على الآخر ، فإن جهل عدل إلى الثاني وهو بيان الرسول ، فإن ثبت عنه عمل به ، وكانت السنة مبينة لا ناسخة ، فإن عدم عدل إلى الثالث ، وهو الإجماع ، فإن فقد عدل إلى الرابع ، وهو الاستعمال ، فإذا كان أحدهما مستعملا والآخر متروكا ، كان المستعمل ناسخا ، والمتروك منسوخا ، فإن فقد عدل إلى الخامس ، وهو الترجيح بشواهد الأصول والأدلة وكان غاية العمل به .
وما ذكره في الرابع ينازعه قول الصيرفي : إذا وجد حكمان متماثلان ، وأحدهما منسوخ لم يحكم بأن السابق منهما نسخ بالآخر ، وذلك كصوم عاشوراء مع صوم رمضان ، جاء أنه لما نزل فرض رمضان نسخ صوم عاشوراء ، فنقول : اتفق نسخه عند ثبوت فرض رمضان ، لا أنه نسخه ، لأنه غير مناف له ، وحكاه سليم أيضا .
[ ص: 318 ] فَصْلٌ . فِي nindex.php?page=treesubj&link=22230_22229دَلَائِلِ النَّسْخِ إذَا nindex.php?page=treesubj&link=22230_22229_22232وَرَدَ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ حُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ ، وَلَمْ يُمْكِنْ اسْتِعْمَالُهُمَا اُسْتُدِلَّ عَلَى نَسْخِ أَحَدِهِمَا بِأُمُورٍ : أَحَدُهَا : اقْتِضَاءُ اللَّفْظِ لَهُ ، بِأَنْ يُعْلَمَ تَقَدُّمُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ، فَيَكُونُ الْمُتَقَدِّمُ مَنْسُوخًا ، وَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : الْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ التَّقَدُّمُ فِي التَّنْزِيلِ ، لَا التِّلَاوَةِ ، فَإِنَّ الْعِدَّةَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ سَابِقَةٌ فِي التِّلَاوَةِ عَلَى الْعِدَّةِ بِالْحَوْلِ ، مَعَ أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لَهَا ، وَاقْتِضَاءُ اللَّفْظِ إمَّا بِالتَّصْرِيحِ كَقَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ } فَإِنَّهُ يَقْتَضِي نَسْخَهُ لِثَبَاتِ الْوَاحِدِ لِلْعَشَرَةِ بِقَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ } فَإِنَّهُ يَقْتَضِي نَسْخَ الْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْفِطْرِ ، وَقَوْلُهُ : { nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ } الْآيَةَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي نَسْخَ الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمُنَاجَاةِ ، وَإِمَّا بِأَنْ يُذْكَرَ لَفْظٌ يَتَضَمَّنُ التَّنْبِيهَ عَلَى النَّسْخِ ، كَمَا نَسَخَ الْإِمْسَاكَ فِي الْبُيُوتِ حَدَّ الزِّنَى بِقَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا } فَنَبَّهَ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِدَامَةِ فِي الْإِمْسَاكِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=48121خُذُوا عَنِّي ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا } ، وَإِمَّا بِالِاسْتِدْلَالِ بِأَنْ تَكُونَ إحْدَى الْآيَتَيْنِ مَكِّيَّةً ، وَالْأُخْرَى مَدَنِيَّةً فَعُلِمَ أَنَّ الْمُنْزَلَ بِالْمَدِينَةِ نَاسِخٌ لِلْمُنْزَلِ بِمَكَّةَ . قَالَهُ nindex.php?page=showalam&ids=11817أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَغَيْرُهُ .
الثَّانِي : بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : هَذَا نَاسِخٌ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ ، كَقَوْلِهِ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29288كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا } .
الثَّالِثُ : فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرَجْمِ مَاعِزٍ ، وَلَمْ يَجْلِدْهُ ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62548الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمُهُ بِالْحِجَارَةِ } مَنْسُوخٌ ، ذَكَرَهُ [ ص: 319 ] ابْنُ السَّمْعَانِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ قَالُوا : إنَّ الْفِعْلَ لَا يَنْسَخُ الْقَوْلَ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ بِالْفِعْلِ عَلَى تَقَدُّمِ النَّسْخِ بِالْقَوْلِ ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ مَنْسُوخًا بِمِثْلِهِ مِنْ الْقَوْلِ ، لَكِنَّ فِعْلَهُ بَيَّنَ ذَلِكَ الْقَوْلَ .
الرَّابِعُ : إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ، كَنَسْخِ رَمَضَانَ nindex.php?page=treesubj&link=22233صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَنَسْخِ الزَّكَاةِ سَائِرَ الْحُقُوقِ فِي الْمَالِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَيْضًا ، وَكَذَا حَدِيثُ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62549مَنْ غَلَّ صَدَقَتَهُ ، فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ } وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى تَرْكِ اسْتِعْمَالِهِمْ هَذَا ، فَدَلَّ عُدُولُهُمْ عَنْهُ عَلَى نَسْخِهِ . انْتَهَى . وَقَدْ نَصَّ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا ، فِيمَا نَقَلَهُ nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ ، فَقَالَ : وَلَا يُسْتَدَلُّ عَلَى النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ إلَّا بِخَبَرٍ - عَنْ الرَّسُولِ - آخَرَ مُؤَقَّتٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ ، أَوْ بِقَوْلِ مَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ أَوْ الْعَامَّةِ . انْتَهَى . وَجَرَى عَلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=11817أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي " النَّاسِخِ " مِنْ كِتَابِهِ ، وَالشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " ، وَسُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " ، وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي " ، وَقَالَ : يَكُونُ الْإِجْمَاعُ مُبَيِّنًا لَا نَاسِخًا . وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي : يُسْتَدَلُّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَعَهُ خَبَرًا بِهِ وَقَعَ النَّسْخُ ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْسَخُ . وَلَمْ يَجْعَلْ الصَّيْرَفِيُّ [ ص: 320 ] الْإِجْمَاعَ دَلِيلًا عَلَى تَعْيِينِ النَّصِّ لِلنَّسْخِ ، بَلْ جَعَلَهُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ النَّسْخِ وَالْغَلَطِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ : فَإِنْ أُجْمِعَ عَلَى إبْطَالِ حُكْمِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ مَنْسُوخٌ أَوْ غَلَطٌ ، وَالْأَمْرُ ثَابِتٌ . انْتَهَى .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : أَوْ غَلَطٌ ، أَيْ مِنْ جِهَةِ بَعْضِ رُوَاتِهِ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ nindex.php?page=showalam&ids=15022الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ : nindex.php?page=treesubj&link=22234_22233إذَا رُوِيَ حَدِيثٌ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ مَنْسُوخٌ أَوْ غَلَطٌ مِنْ الرَّاوِي . هَذَا لَفْظُهُ . وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=22233الْإِجْمَاعَ لَا يُنْسَخُ بِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ ، وَبَعْدَهُ يَرْتَفِعُ النَّسْخُ ، وَإِنَّمَا النَّسْخُ يُرْفَعُ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ ، وَعَلَى هَذَا يُنَزَّلُ نَصُّ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ .
الْخَامِسُ : نَقْلُ الرَّاوِي الصَّحَابِيِّ تَقَدُّمَ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ وَتَأَخُّرَ الْآخَرِ ، إذْ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ ، كَمَا لَوْ رُوِيَ أَنَّ أَحَدَهُمَا شُرِعَ بِمَكَّةَ ، وَالْآخَرَ بِالْمَدِينَةِ ، أَوْ أَحَدَهُمَا عَامَ بَدْرٍ وَالْآخَرَ عَامَ الْفَتْحِ ، فَإِنْ وُجِدَ مِثَالُ هَذَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا لِلْمُتَقَدِّمِ ، كَقَوْلِ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62550كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ } ، وَكَقَوْلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : كَانَ { nindex.php?page=hadith&LINKID=15096الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ } رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْخَبَرَانِ غَيْرَ مُتَوَاتِرَيْنِ ، أَمَّا إذَا قَالَ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ الْمُتَوَاتِرَيْنِ : إنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْآخَرِ ، فَفِي قَوْلِهِ خِلَافٌ ، وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ . وَنَقَلَهُ الْهِنْدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ ، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ nindex.php?page=treesubj&link=22217نَسْخَ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ : يُقْبَلُ ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ الْمَظْنُونُ فِي نَسْخِ الْعُلُومِ ، إذْ الشَّيْءُ يُقْبَلُ بِطَرِيقِ الضِّمْنِ وَالتَّبَعِ ، وَلَا يُقْبَلُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ ، كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ بِالْوِلَادَةِ ، وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ ثُبُوتَ النَّسَبِ وَإِنْ كُنَّ لَوْ شَهِدْنَ بِالنَّسَبِ ابْتِدَاءً لَمْ يُقْبَلْ .
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ : هَذَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ الْعَقْلِيَّ فِي قَبُولِهِ لَا فِي وُقُوعِهِ ، مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ ثُبُوتُ الْآخَرِ ، وَالْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ لَا نِزَاعَ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " : لَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ النَّسْخِ [ ص: 321 ] بِالْمُتَأَخِّرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ [ الرَّاوِي ] لِلْحَدِيثَيْنِ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْمَعُهُمَا الِاثْنَانِ فِي وَقْتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَاحِدُ ، وَشَرَطَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ كَوْنَ الرَّاوِي لَهُمَا وَاحِدًا ، قَالَ : فَإِنْ كَانَ رَاوِي الْمُتَقَدِّمِ غَيْرَ رَاوِي الْمُتَأَخِّرِ نُظِرَ ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ خَبَرَ وَاحِدٍ كَانَ نَاسِخًا لِلْمُتَقَدِّمِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ أَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرِ ، لَمْ يَصِرْ مَنْسُوخًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْمُتَأَخِّرِ ، وَإِنْ كَانَا مُتَوَاتِرَيْنِ أَوْ آحَادًا ، فَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ .
هَذَا كُلُّهُ إنْ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا مُتَأَخِّرٌ ، فَإِنْ قَالَ : هَذَا نَاسِخٌ نُظِرَ ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرَ دَلِيلَهُ فَوَاضِحٌ . قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ . وَقَالَ الْقَاضِي : لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسْخُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَلَوْ ذَكَرَ دَلِيلَهُ ، لَكِنْ يُنْظَرُ فِيهِ ، فَإِنْ اقْتَضَى النَّسْخَ عُمِلَ بِهِ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ إرْسَالًا ، فَفِيهِ وَجْهَانِ ، حَكَاهُمَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَحَدُهُمَا : يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّسْخِ ، وَنَقَلَهُ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيِّ . قُلْت : وَاَلَّذِي فِي " الْمُعْتَمَدِ " أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ حَكَى عَنْ شَيْخِهِ nindex.php?page=showalam&ids=15071أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَهُ ، فَقَالَ : هَذَا نَسْخٌ لِهَذَا ، لَمْ يُرْجَعْ إلَيْهِ ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَالَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ بَلْ قَالَ : هَذَا مَنْسُوخٌ قَبْلُ .
وَحَكَى الدَّبُوسِيُّ فِي " التَّقْوِيمِ " هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّسْخِ مَا لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَهُ ، لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَا لَيْسَ بِنَسْخٍ نَسْخًا ، وَلِأَنَّ الْعُلَمَاءَ مُخْتَلِفُونَ فِي أَسْبَابِ النَّسْخِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ ، وَالنُّقْصَانِ مِنْهُ ، وَكَاعْتِقَادِ آخَرِينَ أَنَّ قَوْلَهُ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62547إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ } مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12449إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ } وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ مَنْ [ ص: 322 ] قَالَ : إنَّ مَسْحَ الْخُفِّ نَسْخٌ بِالْكِتَابِ . وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " عَنْ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَ : إنَّهُ الصَّحِيحُ ، وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرْنَا . وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ : إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ ، وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي " اللُّمَعِ " ، وَسُلَيْمٌ ، وَصَرَّحَ ابْنُ بَرْهَانٍ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ " الْأَوْسَطِ " : إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ هَذَا مَنْسُوخٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ ، لِأَنَّ مَذَاهِبَ النَّاسِ فِي النَّسْخِ مُخْتَلِفَةٌ ، فَرُبَّ شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ نَاسِخًا ، وَلَيْسَ بِنَاسِخِ ، وَلِأَنَّ النَّسْخَ إسْقَاطٌ لِلْحَدِيثِ بِالْكُلِّيَّةِ .
وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى ، وَإِلْكِيَا فِي " التَّلْوِيحِ " وَعَلَّلَهُ بِمَا سَبَقَ ، ثُمَّ قَالَ : فَأَمَّا إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ : إنْ كَذَا كَانَ حُكْمًا ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ ، وَإِنَّهُ نُسِخَ الْآنَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بِهِ نُسِخَ ، فَإِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيّ كَانَ يُتَابِعُهُ ، كَقَوْلِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ ذُكِرَ لَهُ فِي التَّشَهُّدِ : التَّحِيَّاتُ الزَّاكِيَاتُ . قَالَ : كَانَ هَذَا ثُمَّ نُسِخَ . وَنَحْوُهُ مَا رُوِيَ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ، nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّضَاعِ أَنَّهُمَا قَالَا : قَدْ كَانَ التَّوْقِيتُ ، وَأَمَّا الْآنَ فَلَا .
قَالَ : وَاَلَّذِي رَآهُ أَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِيمَا صَرَّحَ بِهِ بِأَنَّهُ نَاسِخًا لِلْأَيَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ نَاسِخًا لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ إطْلَاقًا ، وَلَا يَذْكُرُ مَا لِأَجْلِهِ النَّسْخُ ، وَلَوْ ذَكَرَهُ لَكَانَ مِمَّا لَا يُنْسَخُ بِهِ . قَالَ : نَعَمْ ، وَلَوْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِأَمْرٍ لَا يَلْتَبِسُ ، وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ . قَالَ : وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ مُخَالَفَةِ الرَّاوِي مَضْمُونَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ انْتَهَى . وَهَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ . وَفَصَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نَصٌّ آخَرُ يُخَالِفُ [ ص: 323 ] مَا ادَّعَى نَسْخَهُ ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ النَّصُّ النَّاسِخُ ، وَيَكُونُ حَاصِلُ الصَّحَابِيِّ الْإِعْلَامُ بِالْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ ، وَقَوْلُهُ يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ . قَالَ : وَنَقَلَ nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ أَنَّهُ أَوْمَأَ إلَى أَنَّ الصَّحَابِيَّ إذَا قَالَ : هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ ، لَمْ يَصِرْ إلَى قَوْلِهِ حَتَّى يُبَيِّنَ النَّاسِخَ .
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ : هَذَا مَنْسُوخٌ ، فَقِيلَ : يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْمَنْعِ . وَقِيلَ : إنْ أَطْلَقَ قُبِلَ . وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَاسِخٍ زَعَمَ أَنَّهُ الَّذِي نَسَخَهُ ، نُظِرَ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوجِبُ النَّسْخَ حُكِمَ بِهِ ، وَإِلَّا فَلَا . قَالَ : وَلَسْت أَحْفَظُ فِي هَذَا عَنْ أَصْحَابِنَا شَيْئًا ، وَلَكِنْ عِنْدِي إنْ كَانَ فِي مَعْنَى النَّسْخِ وَصِفَتِهِ ، وَلَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُخَرَّجَ فِيهِ قَوْلَانِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ خِلَافٌ فِي صِفَةِ النَّسْخِ وَشُرُوطِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ . انْتَهَى .
وَأَطْلَقَ nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ النَّسْخَ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ ، وَكَذَا nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي مَسْأَلَةِ قَوْلِ الرَّاوِي : أُمِرْنَا ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُحَدِّثُونَ ، وَمِنْهُمْ nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ السَّابِقِ ذَكَرَهُ فِي الْإِجْمَاعِ ، وَقَدْ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِ عَائِشَةَ فِي الرَّضَعَاتِ إنَّ الْعَشْرَ مِنْهَا نُسِخْنَ بِالْخَمْسِ ، وَاحْتَجُّوا عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ } لِأَجْلِ قَوْلِ عَائِشَةَ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62551مَا مَاتَ الرَّسُولُ حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ النِّسَاءَ اللَّاتِي حُظِرْنَ عَلَيْهِ } . لَكِنْ أَجَابَ الْقَاضِي عَنْ هَذَا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْسَخُوا بِقَوْلِ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ ، بَلْ بِحُجَّتِهَا فِي النَّسْخِ ، فَلِأَجَلْ الْآيَةِ وَالتَّأَوُّلِ لَهَا قَالُوا وَقَالَتْ ذَلِكَ . [ ص: 324 ] وَوَرَاءَ ذَلِكَ أُمُورٌ : أَحَدُهَا : أَنْ يَقُولَ الصَّحَابِيُّ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَسَخْتُ عَنْكُمْ كَذَا . قَالَ الْقَاضِي : وَيَجِبُ قَبُولُهُ إذَا كَانَ الْمَنْسُوخُ مِنْ غَيْرِ الْآحَادِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوجِبُ الْعِلْمَ ، لَمْ يَرْفَعْ مِثْلَ هَذَا ، إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ .
الثَّانِي : هَذَا كُلُّهُ إذَا صَرَّحَ بِالنَّسْخِ قِيَاسًا ، وَأَمَّا إذَا قَالَ قَوْلًا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ ، فَلَا يَقْتَضِي نَسْخَ النَّصِّ سَوَاءٌ انْتَشَرَ أَمْ لَا . قَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا . قَالَ : وَمَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ حُجَّةً إذَا انْتَشَرَ ، وَلَمْ يُحْفَظْ لَهُ مُخَالِفٌ تُرِكَ بِهِ حُكْمُ النَّصِّ ، وَتَبَيَّنَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ ، لِأَنَّهُ إجْمَاعٌ .
الثَّالِثُ : إذَا كَانَ رَاوِي أَحَدِهِمَا مُتَقَدِّمَ الصُّحْبَةِ ، وَالْآخَرُ مُتَأَخِّرًا ، فَقَسَمَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ إلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنْ تَنْقَطِعَ صُحْبَةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ صُحْبَةِ الثَّانِي ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ الَّذِي رَوَاهُ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا لِلَّذِي رَوَاهُ الْأَوَّلُ كَرِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ .
وَالثَّانِي : أَنْ لَا تَنْقَطِعَ صُحْبَةُ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ صُحْبَةِ الْمُتَأَخِّرِ ، فَلَا تَكُونُ رِوَايَةُ الْمُتَأَخِّرِ الصُّحْبَةِ نَاسِخَةً لِرِوَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ رَاوِيًا لِمَا تَأَخَّرَ ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاوِيًا لِمَا تَقَدَّمَ ، وَإِثْبَاتُ النَّسْخِ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ مُمْتَنِعٌ ، كَرِوَايَةِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّشَهُّدِ ، فَلَا تَكُونُ رِوَايَةُ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ نَاسِخَةً لِرِوَايَةِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَلَكِنْ يَطْلُبُ التَّرْجِيحَ مِنْ خَارِجٍ . ا هـ . وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ إلْكِيَا ، وَصَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " وَمَثَّلَا بِهِ ، وَجَزَمَا [ ص: 325 ] بِهِ ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ خَالَفَهُمْ . قَالَ فِي " الْمَصَادِرِ " : وَشَرَطَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي صَحِبَهُ آخِرًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَبْلَ صُحْبَتِهِ لَهُ ، لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَرَاهُ أَوَّلًا وَيَسْمَعَ مِنْهُ ، وَهُوَ مُصَاحِبٌ لَهُ ، ثُمَّ رَآهُ ثَانِيًا وَيَخْتَصُّ بِهِ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " ، وَجَزَمَ بِعَدَمِ النَّسْخِ ، وَكَذَا الْهِنْدِيُّ ، قَالَ : وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسْخُ بِكَوْنِ رَاوِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مِنْ أَحْدَاثِ الصَّحَابَةِ ، أَوْ يَكُونُ إسْلَامُهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ إسْلَامِ رَاوِي الْآخَرِ ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " . وَأَطْلَقَ nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ ، وَابْنُ بَرْهَانٍ أَنَّ رِوَايَةَ الْمُتَأَخِّرِ صُحْبَةً نَاسِخَةٌ لِرِوَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ .
الرَّابِعُ : أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي لِأَحَدِهِمَا أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ ، أَوْ بَعْدَ قِصَّتِهِ ، وَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلشَّيْخِ فِي " اللُّمَعِ " ، وَجَزَمَ سُلَيْمٌ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْمُتَأَخِّرِ نَاسِخَةٌ .
الْخَامِسُ : مَعْرِفَةُ التَّارِيخِ لِلْوَاقِعَتَيْنِ ، كَحَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1392أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ } . قَالَ الشَّاشِيُّ : هُوَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13192احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ } . أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ . فَإِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ إنَّمَا صَحِبَهُ مُحْرِمًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ شَدَّادٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْحِ ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ .
السَّادِسُ : كَوْنُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ شَرْعِيًّا ، وَالْآخَرِ مُوَافِقًا لِلْعَادَةِ ، فَيَكُونُ [ ص: 326 ] الشَّرْعِيُّ نَاسِخًا لِلْمُعْتَادِ ، كَخَبَرِ مَسِّ الْفَرْجِ . ذَكَرَهُ nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ ، وَمَنَعَهُ الْقَاضِي ، وَالْغَزَالِيُّ . لِأَنَّهُ يَجُوزُ وُرُودُ الشَّرْعِ بِتَقْرِيرِ الْوَصْفِ ، ثُمَّ يَرِدُ نَسْخُهُ ، وَرَدُّهُ إلَى مَا كَانَ فِي الْعَقْلِ ، فَإِنَّ الْمُوَافِقَ لِلْعَقْلِ لَمْ يَرِدْ بَعْدَ نَقْلِ حُكْمِهِ .
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي " : دَلَائِلُ النَّسْخِ يُقَدَّمُ أَحَدُهَا عَلَى الْآخَرِ ، فَإِنْ جُهِلَ عُدِلَ إلَى الثَّانِي وَهُوَ بَيَانُ الرَّسُولِ ، فَإِنْ ثَبَتَ عَنْهُ عُمِلَ بِهِ ، وَكَانَتْ السُّنَّةُ مُبَيِّنَةً لَا نَاسِخَةً ، فَإِنْ عُدِمَ عُدِلَ إلَى الثَّالِثِ ، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ ، فَإِنْ فُقِدَ عُدِلَ إلَى الرَّابِعِ ، وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْتَعْمَلًا وَالْآخَرُ مَتْرُوكًا ، كَانَ الْمُسْتَعْمَلُ نَاسِخًا ، وَالْمَتْرُوكُ مَنْسُوخًا ، فَإِنْ فُقِدَ عُدِلَ إلَى الْخَامِسِ ، وَهُوَ التَّرْجِيحُ بِشَوَاهِدِ الْأُصُولِ وَالْأَدِلَّةِ وَكَانَ غَايَةُ الْعَمَلِ بِهِ .
وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّابِعِ يُنَازِعُهُ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ : إذَا وُجِدَ حُكْمَانِ مُتَمَاثِلَانِ ، وَأَحَدُهُمَا مَنْسُوخٌ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّ السَّابِقَ مِنْهُمَا نُسِخَ بِالْآخَرِ ، وَذَلِكَ كَصَوْمِ عَاشُورَاءَ مَعَ صَوْمِ رَمَضَانَ ، جَاءَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ فَرْضُ رَمَضَانَ نُسِخَ صَوْمُ عَاشُورَاءَ ، فَنَقُولُ : اتَّفَقَ نَسْخُهُ عِنْدَ ثُبُوتِ فَرْضِ رَمَضَانَ ، لَا أَنَّهُ نَسَخَهُ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لَهُ ، وَحَكَاهُ سُلَيْمٌ أَيْضًا .
الثَّانِي : بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : هَذَا نَاسِخٌ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ ، كَقَوْلِهِ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29288كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا } .
الثَّالِثُ : فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرَجْمِ مَاعِزٍ ، وَلَمْ يَجْلِدْهُ ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62548الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمُهُ بِالْحِجَارَةِ } مَنْسُوخٌ ، ذَكَرَهُ [ ص: 319 ] ابْنُ السَّمْعَانِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ قَالُوا : إنَّ الْفِعْلَ لَا يَنْسَخُ الْقَوْلَ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ بِالْفِعْلِ عَلَى تَقَدُّمِ النَّسْخِ بِالْقَوْلِ ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ مَنْسُوخًا بِمِثْلِهِ مِنْ الْقَوْلِ ، لَكِنَّ فِعْلَهُ بَيَّنَ ذَلِكَ الْقَوْلَ .
الرَّابِعُ : إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ، كَنَسْخِ رَمَضَانَ nindex.php?page=treesubj&link=22233صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَنَسْخِ الزَّكَاةِ سَائِرَ الْحُقُوقِ فِي الْمَالِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَيْضًا ، وَكَذَا حَدِيثُ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62549مَنْ غَلَّ صَدَقَتَهُ ، فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ } وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى تَرْكِ اسْتِعْمَالِهِمْ هَذَا ، فَدَلَّ عُدُولُهُمْ عَنْهُ عَلَى نَسْخِهِ . انْتَهَى . وَقَدْ نَصَّ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا ، فِيمَا نَقَلَهُ nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ ، فَقَالَ : وَلَا يُسْتَدَلُّ عَلَى النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ إلَّا بِخَبَرٍ - عَنْ الرَّسُولِ - آخَرَ مُؤَقَّتٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ ، أَوْ بِقَوْلِ مَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ أَوْ الْعَامَّةِ . انْتَهَى . وَجَرَى عَلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=11817أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي " النَّاسِخِ " مِنْ كِتَابِهِ ، وَالشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " ، وَسُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " ، وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي " ، وَقَالَ : يَكُونُ الْإِجْمَاعُ مُبَيِّنًا لَا نَاسِخًا . وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي : يُسْتَدَلُّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَعَهُ خَبَرًا بِهِ وَقَعَ النَّسْخُ ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْسَخُ . وَلَمْ يَجْعَلْ الصَّيْرَفِيُّ [ ص: 320 ] الْإِجْمَاعَ دَلِيلًا عَلَى تَعْيِينِ النَّصِّ لِلنَّسْخِ ، بَلْ جَعَلَهُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ النَّسْخِ وَالْغَلَطِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ : فَإِنْ أُجْمِعَ عَلَى إبْطَالِ حُكْمِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ مَنْسُوخٌ أَوْ غَلَطٌ ، وَالْأَمْرُ ثَابِتٌ . انْتَهَى .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : أَوْ غَلَطٌ ، أَيْ مِنْ جِهَةِ بَعْضِ رُوَاتِهِ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ nindex.php?page=showalam&ids=15022الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ : nindex.php?page=treesubj&link=22234_22233إذَا رُوِيَ حَدِيثٌ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ مَنْسُوخٌ أَوْ غَلَطٌ مِنْ الرَّاوِي . هَذَا لَفْظُهُ . وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=22233الْإِجْمَاعَ لَا يُنْسَخُ بِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ ، وَبَعْدَهُ يَرْتَفِعُ النَّسْخُ ، وَإِنَّمَا النَّسْخُ يُرْفَعُ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ ، وَعَلَى هَذَا يُنَزَّلُ نَصُّ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ .
الْخَامِسُ : نَقْلُ الرَّاوِي الصَّحَابِيِّ تَقَدُّمَ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ وَتَأَخُّرَ الْآخَرِ ، إذْ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ ، كَمَا لَوْ رُوِيَ أَنَّ أَحَدَهُمَا شُرِعَ بِمَكَّةَ ، وَالْآخَرَ بِالْمَدِينَةِ ، أَوْ أَحَدَهُمَا عَامَ بَدْرٍ وَالْآخَرَ عَامَ الْفَتْحِ ، فَإِنْ وُجِدَ مِثَالُ هَذَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا لِلْمُتَقَدِّمِ ، كَقَوْلِ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62550كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ } ، وَكَقَوْلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : كَانَ { nindex.php?page=hadith&LINKID=15096الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ } رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْخَبَرَانِ غَيْرَ مُتَوَاتِرَيْنِ ، أَمَّا إذَا قَالَ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ الْمُتَوَاتِرَيْنِ : إنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْآخَرِ ، فَفِي قَوْلِهِ خِلَافٌ ، وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ . وَنَقَلَهُ الْهِنْدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ ، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ nindex.php?page=treesubj&link=22217نَسْخَ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ : يُقْبَلُ ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ الْمَظْنُونُ فِي نَسْخِ الْعُلُومِ ، إذْ الشَّيْءُ يُقْبَلُ بِطَرِيقِ الضِّمْنِ وَالتَّبَعِ ، وَلَا يُقْبَلُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ ، كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ بِالْوِلَادَةِ ، وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ ثُبُوتَ النَّسَبِ وَإِنْ كُنَّ لَوْ شَهِدْنَ بِالنَّسَبِ ابْتِدَاءً لَمْ يُقْبَلْ .
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ : هَذَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ الْعَقْلِيَّ فِي قَبُولِهِ لَا فِي وُقُوعِهِ ، مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ ثُبُوتُ الْآخَرِ ، وَالْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ لَا نِزَاعَ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " : لَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ النَّسْخِ [ ص: 321 ] بِالْمُتَأَخِّرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ [ الرَّاوِي ] لِلْحَدِيثَيْنِ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْمَعُهُمَا الِاثْنَانِ فِي وَقْتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَاحِدُ ، وَشَرَطَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ كَوْنَ الرَّاوِي لَهُمَا وَاحِدًا ، قَالَ : فَإِنْ كَانَ رَاوِي الْمُتَقَدِّمِ غَيْرَ رَاوِي الْمُتَأَخِّرِ نُظِرَ ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ خَبَرَ وَاحِدٍ كَانَ نَاسِخًا لِلْمُتَقَدِّمِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ أَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرِ ، لَمْ يَصِرْ مَنْسُوخًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْمُتَأَخِّرِ ، وَإِنْ كَانَا مُتَوَاتِرَيْنِ أَوْ آحَادًا ، فَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ .
هَذَا كُلُّهُ إنْ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا مُتَأَخِّرٌ ، فَإِنْ قَالَ : هَذَا نَاسِخٌ نُظِرَ ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرَ دَلِيلَهُ فَوَاضِحٌ . قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ . وَقَالَ الْقَاضِي : لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسْخُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَلَوْ ذَكَرَ دَلِيلَهُ ، لَكِنْ يُنْظَرُ فِيهِ ، فَإِنْ اقْتَضَى النَّسْخَ عُمِلَ بِهِ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ إرْسَالًا ، فَفِيهِ وَجْهَانِ ، حَكَاهُمَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَحَدُهُمَا : يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّسْخِ ، وَنَقَلَهُ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيِّ . قُلْت : وَاَلَّذِي فِي " الْمُعْتَمَدِ " أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ حَكَى عَنْ شَيْخِهِ nindex.php?page=showalam&ids=15071أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَهُ ، فَقَالَ : هَذَا نَسْخٌ لِهَذَا ، لَمْ يُرْجَعْ إلَيْهِ ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَالَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ بَلْ قَالَ : هَذَا مَنْسُوخٌ قَبْلُ .
وَحَكَى الدَّبُوسِيُّ فِي " التَّقْوِيمِ " هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّسْخِ مَا لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَهُ ، لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَا لَيْسَ بِنَسْخٍ نَسْخًا ، وَلِأَنَّ الْعُلَمَاءَ مُخْتَلِفُونَ فِي أَسْبَابِ النَّسْخِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ ، وَالنُّقْصَانِ مِنْهُ ، وَكَاعْتِقَادِ آخَرِينَ أَنَّ قَوْلَهُ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62547إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ } مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12449إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ } وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ مَنْ [ ص: 322 ] قَالَ : إنَّ مَسْحَ الْخُفِّ نَسْخٌ بِالْكِتَابِ . وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " عَنْ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَ : إنَّهُ الصَّحِيحُ ، وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرْنَا . وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ : إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ ، وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي " اللُّمَعِ " ، وَسُلَيْمٌ ، وَصَرَّحَ ابْنُ بَرْهَانٍ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ " الْأَوْسَطِ " : إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ هَذَا مَنْسُوخٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ ، لِأَنَّ مَذَاهِبَ النَّاسِ فِي النَّسْخِ مُخْتَلِفَةٌ ، فَرُبَّ شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ نَاسِخًا ، وَلَيْسَ بِنَاسِخِ ، وَلِأَنَّ النَّسْخَ إسْقَاطٌ لِلْحَدِيثِ بِالْكُلِّيَّةِ .
وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى ، وَإِلْكِيَا فِي " التَّلْوِيحِ " وَعَلَّلَهُ بِمَا سَبَقَ ، ثُمَّ قَالَ : فَأَمَّا إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ : إنْ كَذَا كَانَ حُكْمًا ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ ، وَإِنَّهُ نُسِخَ الْآنَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بِهِ نُسِخَ ، فَإِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيّ كَانَ يُتَابِعُهُ ، كَقَوْلِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ ذُكِرَ لَهُ فِي التَّشَهُّدِ : التَّحِيَّاتُ الزَّاكِيَاتُ . قَالَ : كَانَ هَذَا ثُمَّ نُسِخَ . وَنَحْوُهُ مَا رُوِيَ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ، nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّضَاعِ أَنَّهُمَا قَالَا : قَدْ كَانَ التَّوْقِيتُ ، وَأَمَّا الْآنَ فَلَا .
قَالَ : وَاَلَّذِي رَآهُ أَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِيمَا صَرَّحَ بِهِ بِأَنَّهُ نَاسِخًا لِلْأَيَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ نَاسِخًا لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ إطْلَاقًا ، وَلَا يَذْكُرُ مَا لِأَجْلِهِ النَّسْخُ ، وَلَوْ ذَكَرَهُ لَكَانَ مِمَّا لَا يُنْسَخُ بِهِ . قَالَ : نَعَمْ ، وَلَوْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِأَمْرٍ لَا يَلْتَبِسُ ، وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ . قَالَ : وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ مُخَالَفَةِ الرَّاوِي مَضْمُونَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ انْتَهَى . وَهَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ . وَفَصَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نَصٌّ آخَرُ يُخَالِفُ [ ص: 323 ] مَا ادَّعَى نَسْخَهُ ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ النَّصُّ النَّاسِخُ ، وَيَكُونُ حَاصِلُ الصَّحَابِيِّ الْإِعْلَامُ بِالْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ ، وَقَوْلُهُ يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ . قَالَ : وَنَقَلَ nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ أَنَّهُ أَوْمَأَ إلَى أَنَّ الصَّحَابِيَّ إذَا قَالَ : هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ ، لَمْ يَصِرْ إلَى قَوْلِهِ حَتَّى يُبَيِّنَ النَّاسِخَ .
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ : هَذَا مَنْسُوخٌ ، فَقِيلَ : يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْمَنْعِ . وَقِيلَ : إنْ أَطْلَقَ قُبِلَ . وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَاسِخٍ زَعَمَ أَنَّهُ الَّذِي نَسَخَهُ ، نُظِرَ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوجِبُ النَّسْخَ حُكِمَ بِهِ ، وَإِلَّا فَلَا . قَالَ : وَلَسْت أَحْفَظُ فِي هَذَا عَنْ أَصْحَابِنَا شَيْئًا ، وَلَكِنْ عِنْدِي إنْ كَانَ فِي مَعْنَى النَّسْخِ وَصِفَتِهِ ، وَلَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُخَرَّجَ فِيهِ قَوْلَانِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ خِلَافٌ فِي صِفَةِ النَّسْخِ وَشُرُوطِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ . انْتَهَى .
وَأَطْلَقَ nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ النَّسْخَ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ ، وَكَذَا nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي مَسْأَلَةِ قَوْلِ الرَّاوِي : أُمِرْنَا ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُحَدِّثُونَ ، وَمِنْهُمْ nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ السَّابِقِ ذَكَرَهُ فِي الْإِجْمَاعِ ، وَقَدْ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِ عَائِشَةَ فِي الرَّضَعَاتِ إنَّ الْعَشْرَ مِنْهَا نُسِخْنَ بِالْخَمْسِ ، وَاحْتَجُّوا عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ } لِأَجْلِ قَوْلِ عَائِشَةَ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=62551مَا مَاتَ الرَّسُولُ حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ النِّسَاءَ اللَّاتِي حُظِرْنَ عَلَيْهِ } . لَكِنْ أَجَابَ الْقَاضِي عَنْ هَذَا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْسَخُوا بِقَوْلِ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ ، بَلْ بِحُجَّتِهَا فِي النَّسْخِ ، فَلِأَجَلْ الْآيَةِ وَالتَّأَوُّلِ لَهَا قَالُوا وَقَالَتْ ذَلِكَ . [ ص: 324 ] وَوَرَاءَ ذَلِكَ أُمُورٌ : أَحَدُهَا : أَنْ يَقُولَ الصَّحَابِيُّ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَسَخْتُ عَنْكُمْ كَذَا . قَالَ الْقَاضِي : وَيَجِبُ قَبُولُهُ إذَا كَانَ الْمَنْسُوخُ مِنْ غَيْرِ الْآحَادِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوجِبُ الْعِلْمَ ، لَمْ يَرْفَعْ مِثْلَ هَذَا ، إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ .
الثَّانِي : هَذَا كُلُّهُ إذَا صَرَّحَ بِالنَّسْخِ قِيَاسًا ، وَأَمَّا إذَا قَالَ قَوْلًا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ ، فَلَا يَقْتَضِي نَسْخَ النَّصِّ سَوَاءٌ انْتَشَرَ أَمْ لَا . قَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا . قَالَ : وَمَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ حُجَّةً إذَا انْتَشَرَ ، وَلَمْ يُحْفَظْ لَهُ مُخَالِفٌ تُرِكَ بِهِ حُكْمُ النَّصِّ ، وَتَبَيَّنَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ ، لِأَنَّهُ إجْمَاعٌ .
الثَّالِثُ : إذَا كَانَ رَاوِي أَحَدِهِمَا مُتَقَدِّمَ الصُّحْبَةِ ، وَالْآخَرُ مُتَأَخِّرًا ، فَقَسَمَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ إلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنْ تَنْقَطِعَ صُحْبَةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ صُحْبَةِ الثَّانِي ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ الَّذِي رَوَاهُ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا لِلَّذِي رَوَاهُ الْأَوَّلُ كَرِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ .
وَالثَّانِي : أَنْ لَا تَنْقَطِعَ صُحْبَةُ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ صُحْبَةِ الْمُتَأَخِّرِ ، فَلَا تَكُونُ رِوَايَةُ الْمُتَأَخِّرِ الصُّحْبَةِ نَاسِخَةً لِرِوَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ رَاوِيًا لِمَا تَأَخَّرَ ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاوِيًا لِمَا تَقَدَّمَ ، وَإِثْبَاتُ النَّسْخِ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ مُمْتَنِعٌ ، كَرِوَايَةِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّشَهُّدِ ، فَلَا تَكُونُ رِوَايَةُ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ نَاسِخَةً لِرِوَايَةِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَلَكِنْ يَطْلُبُ التَّرْجِيحَ مِنْ خَارِجٍ . ا هـ . وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ إلْكِيَا ، وَصَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " وَمَثَّلَا بِهِ ، وَجَزَمَا [ ص: 325 ] بِهِ ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ خَالَفَهُمْ . قَالَ فِي " الْمَصَادِرِ " : وَشَرَطَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي صَحِبَهُ آخِرًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَبْلَ صُحْبَتِهِ لَهُ ، لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَرَاهُ أَوَّلًا وَيَسْمَعَ مِنْهُ ، وَهُوَ مُصَاحِبٌ لَهُ ، ثُمَّ رَآهُ ثَانِيًا وَيَخْتَصُّ بِهِ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " ، وَجَزَمَ بِعَدَمِ النَّسْخِ ، وَكَذَا الْهِنْدِيُّ ، قَالَ : وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسْخُ بِكَوْنِ رَاوِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مِنْ أَحْدَاثِ الصَّحَابَةِ ، أَوْ يَكُونُ إسْلَامُهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ إسْلَامِ رَاوِي الْآخَرِ ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " . وَأَطْلَقَ nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ ، وَابْنُ بَرْهَانٍ أَنَّ رِوَايَةَ الْمُتَأَخِّرِ صُحْبَةً نَاسِخَةٌ لِرِوَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ .
الرَّابِعُ : أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي لِأَحَدِهِمَا أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ ، أَوْ بَعْدَ قِصَّتِهِ ، وَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلشَّيْخِ فِي " اللُّمَعِ " ، وَجَزَمَ سُلَيْمٌ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْمُتَأَخِّرِ نَاسِخَةٌ .
الْخَامِسُ : مَعْرِفَةُ التَّارِيخِ لِلْوَاقِعَتَيْنِ ، كَحَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1392أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ } . قَالَ الشَّاشِيُّ : هُوَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13192احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ } . أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ . فَإِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ إنَّمَا صَحِبَهُ مُحْرِمًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ شَدَّادٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْحِ ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ .
السَّادِسُ : كَوْنُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ شَرْعِيًّا ، وَالْآخَرِ مُوَافِقًا لِلْعَادَةِ ، فَيَكُونُ [ ص: 326 ] الشَّرْعِيُّ نَاسِخًا لِلْمُعْتَادِ ، كَخَبَرِ مَسِّ الْفَرْجِ . ذَكَرَهُ nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ ، وَمَنَعَهُ الْقَاضِي ، وَالْغَزَالِيُّ . لِأَنَّهُ يَجُوزُ وُرُودُ الشَّرْعِ بِتَقْرِيرِ الْوَصْفِ ، ثُمَّ يَرِدُ نَسْخُهُ ، وَرَدُّهُ إلَى مَا كَانَ فِي الْعَقْلِ ، فَإِنَّ الْمُوَافِقَ لِلْعَقْلِ لَمْ يَرِدْ بَعْدَ نَقْلِ حُكْمِهِ .
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي " : دَلَائِلُ النَّسْخِ يُقَدَّمُ أَحَدُهَا عَلَى الْآخَرِ ، فَإِنْ جُهِلَ عُدِلَ إلَى الثَّانِي وَهُوَ بَيَانُ الرَّسُولِ ، فَإِنْ ثَبَتَ عَنْهُ عُمِلَ بِهِ ، وَكَانَتْ السُّنَّةُ مُبَيِّنَةً لَا نَاسِخَةً ، فَإِنْ عُدِمَ عُدِلَ إلَى الثَّالِثِ ، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ ، فَإِنْ فُقِدَ عُدِلَ إلَى الرَّابِعِ ، وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْتَعْمَلًا وَالْآخَرُ مَتْرُوكًا ، كَانَ الْمُسْتَعْمَلُ نَاسِخًا ، وَالْمَتْرُوكُ مَنْسُوخًا ، فَإِنْ فُقِدَ عُدِلَ إلَى الْخَامِسِ ، وَهُوَ التَّرْجِيحُ بِشَوَاهِدِ الْأُصُولِ وَالْأَدِلَّةِ وَكَانَ غَايَةُ الْعَمَلِ بِهِ .
وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّابِعِ يُنَازِعُهُ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ : إذَا وُجِدَ حُكْمَانِ مُتَمَاثِلَانِ ، وَأَحَدُهُمَا مَنْسُوخٌ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّ السَّابِقَ مِنْهُمَا نُسِخَ بِالْآخَرِ ، وَذَلِكَ كَصَوْمِ عَاشُورَاءَ مَعَ صَوْمِ رَمَضَانَ ، جَاءَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ فَرْضُ رَمَضَانَ نُسِخَ صَوْمُ عَاشُورَاءَ ، فَنَقُولُ : اتَّفَقَ نَسْخُهُ عِنْدَ ثُبُوتِ فَرْضِ رَمَضَانَ ، لَا أَنَّهُ نَسَخَهُ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لَهُ ، وَحَكَاهُ سُلَيْمٌ أَيْضًا .