الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في تجليل الهدي]

                                                                                                                                                                                        ويجلل الهدي بعد الإشعار ، والجلال على قدر السعة ، قال ابن حبيب : فمنهم من يجلل الوشي ، ومنهم يجلل الحبر ، والمشطب ، والقباطي ، والأنماط ، والملاحف والأزر .

                                                                                                                                                                                        قال مالك في كتاب محمد : ويشق على الأسنمة إذا كانت قليلة الثمن لئلا تسقط ، وما علمت من ترك ذلك إلا ابن عمر - رضي الله عنهما - ، استبقاء للثياب ؛ لأنه كان يجلل الحلل المرتفعة ، وكان لا يجلل حتى يغدو من منى .

                                                                                                                                                                                        وروي عنه : أنه كان يجلل بذي الحليفة ، فإذا مشى ليلة نزعه ، وإذا قرب من الحرم جللها ، وإذا خرج إلى منى جللها ، وإذا كان النحر نزعه .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في الموطأ : أما الجلال ؛ فينزع لئلا يخرقه الشوك ، وأما القباطي ؛ فتترك عليها لأنها جماد . [ ص: 1145 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف أي ذلك يقدم : الصلاة أو التقليد أو الإشعار ؟

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في المدونة : تقلد ، ثم تشعر ، ثم يدخل المسجد فيصلي .

                                                                                                                                                                                        وقال في المبسوط : يركع ثم يقلد ثم يشعر .

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن ؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - ، وقد تقدم

                                                                                                                                                                                        والتقليد والإشعار قبل الإحرام ، إذا كان الهدي تطوعا ، أو كان عن تمتع ، أو قران مضى ، وعن عام فرط .

                                                                                                                                                                                        فإن تمتع بعمرة لم يقلد ، ويشعر قبل أن يحرم بالحج ؛ لأن دم المتعة لم يجب قبل الإحرام ، وإيجابه قبل الإحرام تطوع ، والتطوع لا يجزئ عن واجبه .

                                                                                                                                                                                        واختلف إن فعل وقدم الإشعار والتقليد قبل الإحرام ، فقال أشهب وعبد الملك : لا يجزئه . وقال ابن القاسم : يجزئه .

                                                                                                                                                                                        وكذلك القران لا يوجب الهدي عند التقليد قبل أن يحرم بالقران ، فإن فعل ؛ لم يجزئه على قول أشهب وعبد الملك ، وأجزأه على قول ابن القاسم .

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب الحج الثاني من المدونة : إذا أهدت امرأة هديا تطوعا ، وهي معتمرة ، ثم حاضت قبل أن تطوف ، فأردفت الحج وصارت قارنة : أنه يجزئها ذلك الهدي عن دم القران .

                                                                                                                                                                                        وكذلك الرجل يعتمر ، ثم يردف الحج قبل الطواف ، وكان قد قلد هديا قبل [ ص: 1146 ] أن يقرن ، فإن هو طاف وسعى للعمرة ، ثم أخر نحر الهدي لينحره عن التمتع ؛ كان فيه قولان : فقال مرة : يجزئه عن دم القران . ومرة قال : لا يجزئ .

                                                                                                                                                                                        وكل هذا راجع إلى التقليد والإشعار ، هل يجب به الهدي أم لا ؟

                                                                                                                                                                                        وهذا فيما سوى الغنم ، فإنها تجب على قول مالك بالنية والسوق ، أو بالنية بانفرادها وإن لم تسق ؛ لأنها لا تقلد ولا تشعر ، فلم يبق إلا النية .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية