الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثاني في آدابه- صلى الله عليه وسلم- في صلاة العيدين

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في الوقت والمكان ، الذي كان يصلي فيهما العيد .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام الشافعي عن أبي الحويرث- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران أن عجل الأضحى ، وأخر الفطر ، وذكر الناس» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والخمسة ، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، وأول شيء يبدأ به الصلاة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود ، وابن ماجه ، والبيهقي ، عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال :

                                                                                                                                                                                                                              أصابهم مطر في يوم فطر فصلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في المسجد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن القيم : لم يصل العيد في المسجد إلا مرة واحدة أصابهم المطر فصلى بهم في المسجد ، إن ثبت الحديث ، وهو في سنن أبي داود وابن ماجه .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في صلاة العيد قبل الخطبة- وبغير أذان ، ولا إقامة .

                                                                                                                                                                                                                              روى الأئمة إلا الإمام مالك ، وأبو داود ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال :

                                                                                                                                                                                                                              «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر ، وعمر ، يصلون العيدين قبل الخطبة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عنه ، قال : شهدت العيد مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فصلى بلا أذان ولا إقامة ، ثم شهدت صلاة العيد مع أبي بكر ، فصلى بلا أذان ولا إقامة ، ثم شهدت صلاة العيد مع عمر ، فصلى بلا أذان ولا إقامة ثم شهدت العيد مع عثمان فصلى بلا أذان ولا إقامة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن جابر بن سمرة- رضي الله تعالى عنه- قال : «صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- غير مرة ، ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة» . [ ص: 316 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وابن ماجه ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : شهدت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العيد ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، فكلهم صلى قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن عطاء عن جابر- رضي الله عنه- «صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في عيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام الشافعي عن عبد الله بن يزيد الخطمي- رضي الله عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، كانوا يبدءون بالصلاة قبل الخطبة ، حتى قدم معاوية فقدم معاوية الخطبة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني- برجال ثقات- عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يبدءون بالصلاة قبل الخطبة في العيد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان ، عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يخرج يوم الأضحى ، ويوم الفطر ، إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ، فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم» ، وفي لفظ : «جلوس على صفوفهم فيعظهم ، ويوصيهم ، ويأمرهم» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- العيد ركعتين .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ، والخمسة ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خرج في يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما» .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في عدد تكبيره- صلى الله عليه وسلم- في صلاة العيد .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والدارقطني ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يكبر في العيدين قبل القراءة سبعا ، في الركعة الأولى ، سوى تكبيرة الافتتاح» ، وفي لفظ «تكبيرة الركوع ، ويكبر خمسا في الآخرة سوى تكبيرة الركوع» . [ ص: 317 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والدارقطني ، عن عبد الله بن عمرو- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كبر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في الثانية» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي- وحسنه- وابن ماجه ، والدارقطني ، عن عمرو بن عوف المزني- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كبر في العيدين في الأولى سبعا ، قبل القراءة ، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه ، والدارقطني ، عن سعد القرظ- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يكبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة» .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في قراءته- صلى الله عليه وسلم- في صلاة العيدين .

                                                                                                                                                                                                                              روى الأئمة إلا البخاري ، عن أبي واقد الليثي- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في العيدين ب ق والقرآن المجيد و اقتربت الساعة وانشق القمر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في العيدين ب ق والقرآن المجيد ، [و اقتربت الساعة ] وروى الإمامان : مالك ، وأحمد ، ومسلم ، والأربعة ، عن النعمان بن بشير وابن ماجه ، عن ابن عباس ، والإمام أحمد ، والطبراني ، عن سمرة بن جندب- رضي الله تعالى عنهم- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في العيدين سبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية زاد النعمان وربما اجتمعتا في يوم واحد فقرأهما» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك ، والخمسة ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن [ ص: 318 ] النبي- صلى الله عليه وسلم- صلى يوم الفطر ركعتين لا يقرأ فيهما إلا بأم القرآن لم يزد عليها شيئا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار بسند ضعيف ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة العيدين ب عم يتساءلون ، والشمس وضحاها » . [ ص: 319 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية