الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر نزوله- صلى الله عليه وسلم- بالعرج :

                                                                                                                                                                                                                              وضياع زاملته التي بينه وبين أبي بكر ، ثم سار- صلى الله عليه وسلم- حتى إذا نزل بالعرج ، وكانت زاملته وزاملة أبي بكر واحدة ، وكانت مع غلام لأبي بكر ، فجلس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر [ ص: 460 ] إلى جانبه وعائشة إلى جانبه الآخر ، وأسماء بنت أبي بكر إلى جانبه وأبو بكر ينتظر الغلام أن يطلع عليه فطلع وليس معه البعير ، فقال : أين بعيرك ؟ فقال : أضللته البارحة ، فقال أبو بكر- وكان فيه حدة : بعير واحد تضله ، فطفق يضرب الغلام بالسوط ، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتبسم ويقول : «انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ؟ » ،

                                                                                                                                                                                                                              وما يزيد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على أن يقول ذلك ويتبسم ، ترجم أبو داود على هذه القصة «باب المحرم يؤدب» .

                                                                                                                                                                                                                              قلت سبق أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حج على رحل ، وكانت زاملة ، قال المحب الطبري : فيحتمل أن يكون بعض الزاملة عليها ، وبعض الزاملة مع زاملة أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- ولما بلغ آل فضالة الأسلمي ، أن زاملة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ضلت حملوا له جفنة من حيس فأقبلوا بها حتى وضعوها بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : «هلم يا أبا بكر ، فقد جاء الله تعالى بغذاء أطيب ، وجعل أبو بكر يغتاظ على الغلام ، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «هون عليك يا أبا بكر ، فإن الأمر ليس إليك ، ولا إلينا معك ، وقد كان الغلام حريصا على ألا يضل بعيره ، وهذا خلف مما كان معه» ، ثم أكل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأهله ، وأبو بكر ومن كان معه يأكل حتى شبعوا ، فقال فأقبل صفوان بن المعطل- رضي الله تعالى عنه- وكان على ساقة الناس ، والبعير معه ، وعليه الزاملة ، فجاء حتى أناخ على باب منزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر : «متاعك ؟ » ، فقال : «ما فقدت شيئا إلا قعبا كنا نشرب فيه ، فقال الغلام : هذا القعب معي» فقال أبو بكر لصفوان : أدى الله عنك الأمانة .

                                                                                                                                                                                                                              وجاء سعد بن عبادة ، وابنه قيس- رضي الله تعالى عنهما- ومعهما زاملة تحمل زادا يؤمان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فوجدا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- واقفا بباب منزله ، قد رد الله - عز وجل- عليه زاملته ، فقال سعد يا رسول الله : بلغنا أن زاملتك ضلت الغداة ، وهذه زاملة مكانها ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «قد جاء الله بزاملتنا ، فارجعا بزاملتكما بارك الله فيكما» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية