الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 468 ] الآية الثانية عشرة قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم } .

                                                                                                                                                                                                              فيها عشر مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : في سبب نزولها : كان المشركون يقدمون للتجارة ، فنزلت هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس } الآية .

                                                                                                                                                                                                              رواه سعيد بن جبير وروى غيره أنه لما أمر بإخراج المشركين من مكة شق ذلك على الناس ، فقالوا : كيف بما نصيب منهم في التجارة في الميرة ; فأنزل الله : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } . فأغناهم الله بالجزية .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : { لما نزلت الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : ناد في أذانك ألا يحج بعد العام مشرك } .

                                                                                                                                                                                                              ويحتمل أن تكون التلاوة بعد الأذان ; فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يحج في العام الثاني كرمه الله وكرم دينه عن أن يخالطهم مشرك .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : إذا امتنع دخول المشركين مكة لعزة الإسلام ، فلم يبقى الناس على ما كانوا عليه من الذل والهوان ؟ المسألة الثالثة : قوله تعالى { إنما المشركون نجس } : اعلموا وفقكم الله أن النجاسة ليست بعين حسية ، وإنما هي حكم شرعي ، أمر الله بإبعادها ، كما أمر بإبعاد البدن عن الصلاة عند الحدث ، وكلاهما أمر شرعي ليس بعين حسية . [ ص: 469 ] وقد ذهلت الحنفية عن هذه الحقيقة ; فظنوا أن إزالة النجاسة أمر حسي ، تعم زوال العين في بعض المواضع ، وهو إذا ظهرت ، حسي . وكونها بعينها نجسة حكمي ، وبقاء المحل نجسا بعد زوال عينها حكمي . وقد حققنا ذلك في مسائل الخلاف .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية