[ ص: 320 ] الآية السابعة
قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى nindex.php?page=treesubj&link=28994ربوة ذات قرار ومعين } .
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى : قوله : ( ربوة ) فيها خمس لغات : كسر الراء ، وفتحها ، وضمها ، ثلاث لغات ، ويقال رباوة بفتح الراء وكسرها ، ولم أقيد غيره فيما وجدته الآن عندي .
المسألة الثانية : في تعيين هذه الربوة ستة أقوال :
الأول : أنها الرملة ; وهي
فلسطين ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ورواه .
الثاني : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هي
ببيت المقدس أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا .
الثالث : أنها
دمشق ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب وأشهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
الرابع : أنها
مصر قاله
ابن زيد بن أسلم . وليس الربا إلا
بمصر ، والماء يرسل فيكون الربا عليها القرى ، ولولا ذلك غرقت .
الخامس : أنه المرتفع من الأرض ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير والضحاك .
السادس : أنها المكان المستوي ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
قال القاضي : هذه الأقوال منها ما تفسر لغة ، ومنها ما تفسر نقلا ; فأما التي تفسر لغة فكل أحد يشترك فيه ; لأنها مشتركة المدرك بين الخلق .
وأما ما يفسر منها نقلا فمفتقر إلى سند صحيح يبلغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه تبقى هاهنا نكتة ; وذلك أنه إذا نقل الناس تواترا أن هذا موضع كذا ، أو أن هذا الأمر جرى كذا ، أو وقع لزم قبوله ، والعلم به ; لأن الخبر المتواتر ليس من شرطه الإيمان ، وخبر الآحاد لا بد من كون المخبر به بصفة الإيمان ; لأنه بمنزلة الشاهد ، والخبر المتواتر بمنزلة العيان ، وقد بينا ذلك في أصول الفقه .
[ ص: 321 ]
والذي شاهدت عليه الناس ، ورأيتهم يعينونها تعيين تواتر
دمشق ، ففي سفح الجبل في غربي
دمشق مائلا إلى جوفها موضع مرتفع تتشقق منه الأنهار العظيمة ، وفيها الفواكه البديعة من كل نوع ، وقد اتخذ بها مسجد يقصد إليه ، ويتعبد فيه ، أما أنه قد قدمنا أن مولد
عيسى صلى الله عليه وسلم كان
ببيت لحم لا خلاف فيه ، وفيه رأيت الجذع كما تقدم ، ولكنها لما خرجت بابنها اختلفت الرواة ، هل أخذت به غربا إلى
مصر ؟ أم أخذت به شرقا إلى
دمشق ؟ فالله أعلم .
المسألة الثالثة : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ذات قرار ومعين }
فيه قولان : أحدهما : أرض منبسطة وباحة واسعة .
الثاني : ذات شيء يستقر فيه من قوت وماء ; وذلك كله محتمل .
وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ومعين } وهي :
المسألة الرابعة : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ومعين } يريد به الماء ، وهو مفعل بمعنى مفعول ، ويقال : معن الماء وأمعن إذا سال ، فيكون فعيل بمعنى فاعل . قال
عبيد : واهية أو معين ممعن أو هضبة دونها لهوب
وفيها أقوال لا يتعلق بها حكم .
[ ص: 320 ] الْآيَةُ السَّابِعَةُ
قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إلَى nindex.php?page=treesubj&link=28994رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } .
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : ( رَبْوَةٍ ) فِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ : كَسْرُ الرَّاءِ ، وَفَتْحُهَا ، وَضَمُّهَا ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ ، وَيُقَالُ رِبَاوَةٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا ، وَلَمْ أُقَيِّدْ غَيْرَهُ فِيمَا وَجَدْته الْآنَ عِنْدِي .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي تَعْيِينِ هَذِهِ الرَّبْوَةِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهَا الرَّمْلَةُ ; وَهِيَ
فِلَسْطِينُ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ .
الثَّانِي : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : هِيَ
بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَقْرَبُ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا .
الثَّالِثُ : أَنَّهَا
دِمَشْقُ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ .
الرَّابِعُ : أَنَّهَا
مِصْرُ قَالَهُ
ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ . وَلَيْسَ الرُّبَا إلَّا
بِمِصْرَ ، وَالْمَاءُ يُرْسَلُ فَيَكُونُ الرُّبَا عَلَيْهَا الْقُرَى ، وَلَوْلَا ذَلِكَ غَرِقَتْ .
الْخَامِسُ : أَنَّهُ الْمُرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ .
السَّادِسُ : أَنَّهَا الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ .
قَالَ الْقَاضِي : هَذِهِ الْأَقْوَالُ مِنْهَا مَا تُفَسَّرُ لُغَةً ، وَمِنْهَا مَا تُفَسَّرُ نَقْلًا ; فَأَمَّا الَّتِي تُفَسَّرُ لُغَةً فَكُلُّ أَحَدٍ يَشْتَرِكُ فِيهِ ; لِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةُ الْمَدْرَكِ بَيْنَ الْخَلْقِ .
وَأَمَّا مَا يُفَسَّرُ مِنْهَا نَقْلًا فَمُفْتَقِرٌ إلَى سَنَدٍ صَحِيحٍ يَبْلُغُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَنَّهُ تَبْقَى هَاهُنَا نُكْتَةٌ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَقَلَ النَّاسُ تَوَاتُرًا أَنَّ هَذَا مَوْضِعُ كَذَا ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ جَرَى كَذَا ، أَوْ وَقَعَ لَزِمَ قَبُولُهُ ، وَالْعِلْمُ بِهِ ; لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمُتَوَاتِرَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الْإِيمَانُ ، وَخَبَرَ الْآحَادِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُخْبِرِ بِهِ بِصِفَةِ الْإِيمَانِ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ ، وَالْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ .
[ ص: 321 ]
وَاَلَّذِي شَاهَدْت عَلَيْهِ النَّاسَ ، وَرَأَيْتهمْ يُعَيِّنُونَهَا تَعْيِينَ تَوَاتُرٍ
دِمَشْقَ ، فَفِي سَفْحِ الْجَبَلِ فِي غَرْبِيِّ
دِمَشْقَ مَائِلًا إلَى جَوْفِهَا مَوْضِعٌ مُرْتَفِعٌ تَتَشَقَّقُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ ، وَفِيهَا الْفَوَاكِهُ الْبَدِيعَةُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ، وَقَدْ اُتُّخِذَ بِهَا مَسْجِدٌ يُقْصَدُ إلَيْهِ ، وَيُتَعَبَّدُ فِيهِ ، أَمَّا أَنَّهُ قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَوْلِدَ
عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
بِبَيْتِ لَحْمٍ لَا خِلَافَ فِيهِ ، وَفِيهِ رَأَيْت الْجِذْعَ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَلَكِنَّهَا لَمَّا خَرَجَتْ بِابْنِهَا اخْتَلَفَتْ الرُّوَاةُ ، هَلْ أَخَذَتْ بِهِ غَرْبًا إلَى
مِصْرَ ؟ أَمْ أَخَذَتْ بِهِ شَرْقًا إلَى
دِمَشْقَ ؟ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }
فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَرْضٌ مُنْبَسِطَةٌ وَبَاحَةٌ وَاسِعَةٌ .
الثَّانِي : ذَاتُ شَيْءٍ يَسْتَقِرُّ فِيهِ مِنْ قُوتٍ وَمَاءٍ ; وَذَلِكَ كُلُّهُ مُحْتَمَلٌ .
وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وَمَعِينٍ } وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وَمَعِينٍ } يُرِيدُ بِهِ الْمَاءَ ، وَهُوَ مَفْعَلُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، وَيُقَالُ : مَعَنَ الْمَاءُ وَأَمْعَنَ إذَا سَالَ ، فَيَكُونُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ . قَالَ
عُبَيْدٌ : وَاهِيَةٌ أَوْ مَعِينٌ مُمْعِنٌ أَوْ هَضْبَةٌ دُونَهَا لُهُوبُ
وَفِيهَا أَقْوَالُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ .