الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=23810 2483 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14577العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه } متفق عليه وزاد nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري { nindex.php?page=hadith&LINKID=2580ليس لنا مثل السوء } nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد في رواية : قال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : ولا أعلم القيء إلا حراما ) .
2484 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31452لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ، ومثل الرجل يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم رجع في قيئه } رواه الخمسة وصححه الترمذي )
حديث nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححاه قوله : ( العائد في هبته . . . إلخ ) استدل بالحديث على تحريم nindex.php?page=treesubj&link=7325الرجوع في الهبة ; لأن القيء حرام فالمشبه به مثله ووقع في رواية أخرى nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري وغيره { nindex.php?page=hadith&LINKID=42533كالكلب يرجع في قيئه } وهي تدل على عدم التحريم ، لأن الكلب غير متعبد ، فالقيء ليس حراما عليه ، وهكذا قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس المذكور : " كمثل الكلب " . . . إلخ وتعقب بأن ذلك للمبالغة في الزجر كقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=37302فيمن لعب بالنردشير : فكأنما غمس يده في لحم خنزير } وأيضا الرواية الدالة على التحريم غير منافية للرواية الدالة على الكراهة على تسليم دلالتها على الكراهة فقط ، لأن الدال على التحريم قد دل على الكراهة وزيادة وقد قدمنا في باب نهي المتصدق أن يشتري ما تصدق به من كتاب الزكاة عن nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي أن التحريم هو الظاهر من سياق الحديث ، وقدمنا أيضا أن الأكثر حملوه على التنفير خاصة لكون القيء مما يستقذر ، ويؤيد القول بالتحريم قوله [ ص: 15 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=2580ليس لنا مثل السوء } وكذلك قوله " لا يحل للرجل " قال في الفتح : وإلى القول بتحريم الرجوع في الهبة بعد أن تقبض ذهب جمهور العلماء إلا هبة الوالد لولده وستأتي
وذهبت الحنفية والهادوية إلى حل الرجوع في الهبة دون الصدقة إلا إذا حصل مانع من الرجوع كالهبة لذي رحم ونحو ذلك مما هو مذكور في كتب الفقه من الموانع قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : إن قوله : " لا يحل " لا يستلزم التحريم ، قال : وهو كقوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30092لا تحل الصدقة لغني } وإنما معناه لا يحل له من حيث يحل لغيره من ذوي الحاجة ، وأراد بذلك التغليظ في الكراهة قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : يخص من عموم هذا الحديث من وهب بشرط الثواب ، ومن كان والدا والموهوب له ولده ، والهبة لم تقبض والتي ردها الميراث إلى الواهب لثبوت الإخبار باستثناء كل ذلك وأما ما عدا ذلك كالغني يثيب الفقير ونحو من يصل رحمه فلا رجوع قال : ومما لا رجوع فيه مطلقا الصدقة يراد بها ثواب الآخرة
قال في الفتح : اتفقوا على أنه لا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=23517الرجوع في الصدقة بعد القبض ا هـ وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه قال : من وهب هبة يرجو ثوابها فهي رد على صاحبها ما لم يثب منها ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم قال الحافظ : والمحفوظ من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ورواه عبد الله بن موسى مرفوعا قيل : وهو وهم قال الحافظ : صححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=15776الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها } وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث سمرة مرفوعا بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10503إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع } ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال الحافظ : وسنده ضعيف قال ابن الجوزي : أحاديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وسمرة ضعيفة وليس منها ما يصح . وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37607من وهب هبة فهو أحق بها حتى يثاب عليها ، فإن رجع في هبته فهو كالذي يقيء ويأكل منه }
فإن صحت هذه الأحاديث كانت مخصصة لعموم حديث الباب ، فيجوز الرجوع في الهبة قبل الإثابة عليها ومفهوم حديث سمرة يدل على جواز nindex.php?page=treesubj&link=7329الرجوع في الهبة لغير ذي الرحم قوله : ( إلا الوالد فيما يعطي ولده ) استدل به على أن nindex.php?page=treesubj&link=23810للأب أن يرجع فيما وهب لابنه ، وإليه ذهب الجمهور وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا يحل للواهب أن يرجع في هبته مطلقا ، وحكاه في البحر عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة والناصر والمؤيد بالله تخريجا له
وحكي في الفتح عن الكوفيين أنه لا يجوز للأب الرجوع إذا كان الابن الموهوب له صغيرا أو كبيرا وقبضها ، وهذا التفصيل لا دليل عليه واحتج المانعون مطلقا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور في الباب ، ويرد عليهم الحديث المذكور بعد المقترن بمخصصه ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور الأحاديث الآتية في الباب الذي بعد هذا المصرحة بأن الولد وما ملك لأبيه ، فليس رجوعه في الحقيقة [ ص: 16 ] رجوعا ، وعلى تقدير كونه رجوعا فربما اقتضته مصلحة التأديب ونحو ذلك واختلف في nindex.php?page=treesubj&link=23810الأم هل حكمها حكم الأب في الرجوع أم لا ؟ فذهب أكثر الفقهاء إلى الأول ، كما قال صاحب الفتح واحتجوا بأن لفظ الوالد يشملها وحكي في البحر عن الأحكام والمؤيد بالله وأبي طالب والإمام يحيى أنه لا يجوز لها الرجوع إذ رجوع الأب مخالف للقياس فلا يقاس عليه ، والمالكية فرقوا بين الأب والأم فقالوا : للأم أن ترجع إذا كان الأب حيا دون ما إذا مات ، وقيدوا رجوع الأب بما إذا كان الابن الموهوب له لم يستحدث دينا أو ينكح ، وبذلك قال إسحاق ، والحق أنه يجوز للأب الرجوع في هبته لولده مطلقا ، وكذلك الأم إن صح أن لفظ الوالد يشملها لغة أو شرعا لأنه خاص ، وحديث المنع من الرجوع عام فيبنى العام على الخاص
. قال في المصباح : الوالد : الأب ، وجمعه بالواو والنون ، والوالدة : الأم ، وجمعها بالألف والتاء ، والوالدان : الأب والأم للتغليب ا هـ وحديث سمرة المتقدم بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10503إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع } مخصص بحديث الباب ، لأن الرحم على فرض شموله للابن أعم من هذا الحديث مطلقا وقد قيل : إن الرحم غلب على غير الولد فهو حقيقة عرفية لغوية فيما عداه ، فإن صح ذلك فلا تعارض