الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            2558 - ( وعن ابن عباس : { أن رجلا مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يترك وارثا إلا عبدا هو أعتقه فأعطاه ميراثه } ) .

                                                                                                                                            2559 - ( وعن قبيصة عن تميم الداري قال : { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما السنة في الرجل من أهل الشرك يسلم على يد رجل من المسلمين ؟ فقال : هو أولى الناس بمحياه ومماته } وهو مرسل قبيصة لم يلق تميما الداري ) .

                                                                                                                                            2560 - ( وعن عائشة : { أن مولى للنبي صلى الله عليه وسلم خر من عذق نخلة فمات ، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هل له من نسيب أو رحم ؟ قالوا : لا ، قال : أعطوا ميراثه بعض أهل قريته } رواهن الخمسة إلا النسائي ) .

                                                                                                                                            [ ص: 78 ] وعن بريدة قال : { توفي رجل من الأزد فلم يدع وارثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادفعوه إلى أكبر خزاعة } رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            2562 - ( وعن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه وكانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت : { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } فتوارثوا بالنسب } رواه الدارقطني )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث ابن عباس الأول حسنه الترمذي وهو من رواية عوسجة عن ابن عباس قال البخاري عوسجة مولى ابن عباس الهاشمي روى عنه ابن دينار ولم يصح وقال أبو حاتم : ليس بالمشهور وقال النسائي : عوسجة ليس بالمشهور ولا نعلم أحدا يروي عنه غير عمرو وقال أبو زرعة الرازي : ثقة وحديث تميم قال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن موهب ، ويقال : ابن وهب عن تميم الداري ، وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن موهب وتميم الداري قبيصة بن ذؤيب ، وهو عندي ليس بمتصل ا هـ . وقال الشافعي في هذا الحديث : ليس بثابت إنما يرويه عبد العزيز بن عمر عن ابن وهب عن تميم الداري وابن وهب ليس بالمعروف عندنا ولا نعلمه لقي تميما .

                                                                                                                                            ومثل هذا لا يثبت عندنا ولا عندك من قبل أنه مجهول ولا أعلمه متصلا وقال الخطابي : ضعف أحمد بن حنبل حديث تميم الداري هذا وقال : عبد العزيز راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان وقال البخاري في الصحيح : واختلفوا في صحة هذا الخبر وقال أبو مسهر : عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ضعيف الحديث وقد احتج بعبد العزيز المذكور البخاري في صحيحه وأخرج له هو ومسلم وقال يحيى بن معين : عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ثقة وقال ابن عمار : ثقة ليس بين الناس فيه اختلاف وحديث عائشة حسنه الترمذي ، وقد عزا المنذري في مختصر السنن حديث عائشة هذا والحديثين اللذين قبله إلى النسائي فينظر في قول المصنف : رواهن الخمسة إلا النسائي وحديث بريدة أخرجه أيضا النسائي مسندا ومرسلا وقال جبريل بن أحمر : ليس بالقوي والحديث منكر ا هـ وقال الموصلي : فيه نظر وقال أبو زرعة الرازي شيخ وقال يحيى بن معين : كوفي ثقة ولفظ أبي داود عن بريدة قال : { أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إن عندي ميراث رجل من الأزد ولست أجد أزديا أدفعه إليه ، قال : فاذهب فالتمس أزديا ، فالتمس أزديا حولا قال : فأتاه بعد الحول فقال : يا رسول الله لم أجد أزديا أدفعه إليه ، قال : فانطلق فانظر أول خزاعي [ ص: 79 ] تلقاه فادفعه إليه فلما ولى قال : علي بالرجل ، فلما جاء قال : انظر أكبر خزاعة فادفعه إليه } .

                                                                                                                                            وفي لفظ له آخر قال : { مات رجل من خزاعة ، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه ، فقال : التمسوا له وارثا أو ذا رحم ، فلم يجدوا له وارثا ، فقال : انظروا أكبر رجل من خزاعة } وحديث ابن عباس الثاني أخرجه أيضا أبو داود بلفظ : { كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب ، فيرث أحدهما من الآخر ، فنسخ ذلك الأنفال فقال : { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } } وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال وأخرج نحوه ابن سعد عن عروة بن الزبير وفيه : { فصارت المواريث بعد للأرحام والقرابة ، وانقطعت تلك المواريث بالمؤاخاة } ذكره الأسيوطي في أسباب النزول ومعناه في الدر المنثور

                                                                                                                                            قوله : ( فأعطاه ميراثه ) قيل : إن ذلك من باب الصرف لا من باب التوريث قوله : ( هو أولى الناس بمحياه ومماته ) فيه دليل على أن من أسلم على يد رجل من المسلمين ومات ولا وارث له غيره كان له ميراثه .

                                                                                                                                            وقال الناصر والشافعي ومالك والأوزاعي : لا وارث له ، بل يصرف الميراث إلى بيت المال دونه وقالت الحنفية والقاسمية وزيد بن علي وإسحاق : إنه يرث ، إلا أن الحنفية والمؤيد بالله يشترطون في إرثه المحالفة قوله : ( هل له من نسيب أو رحم ) فيه دليل على توريث ذوي الأرحام ، وقد تقدم الكلام على ذلك قوله : ( أعطوا ميراثه بعض أهل قريته ) فيه دليل على جواز صرف ميراث من لا وارث له معلوم إلى واحد من أهل بلده وظاهر قوله : " ادفعوا إلى أكبر خزاعة " إن ذلك من باب التوريث لأن الرجل إذا كان يجتمع هو وقبيلته في جد معلوم ولم يعلم له وارث منهم على التعيين فأكبرهم سنا أقربهم إليه نسبا ، لأن ، كبر السن مظنة لعلو الدرجة قوله : ( وكانوا يتوارثون بذلك ) قال في البحر : أراد بالآية أن العصبات وذوي السهام أولى بالميراث من الحلفاء والمدعين

                                                                                                                                            قال أبو عبيد : نسخت ميراثهما قوله تعالى: { إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا } أي إلى حلفائكم وقال جابر بن زيد ومقاتل بن محمد وعطاء : بل إلى قرابتهم المشركين فأجازوا الوصية لهم للآية قال المهدي : وهو ظاهر البطلان لقوله تعالى: { لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } فكيف سماهم أولياء المؤمنين ا هـ .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية