الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6863 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال كنا عند عمر فقال نهينا عن التكلف

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الخامس : - قوله : عن أنس كنا عند عمر فقال : نهينا عن التكلف ) هكذا أورده مختصرا . وذكر الحميدي أنه جاء في رواية أخرى عن ثابت عن أنس أن عمر قرأ وفاكهة وأبا فقال : ما الأب ؟ ثم قال ما كلفنا أو قال ما أمرنا بهذا . قلت : هو عند الإسماعيلي من رواية هشام عن ثابت وأخرجه من طريق يونس بن عبيد عن ثابت بلفظ : " أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله وفاكهة وأبا ما الأب ؟ فقال عمر : نهينا عن التعمق والتكلف " وهذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري ، وأولى منه ما أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي مسلم الكجي عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه ، ولفظه عن أنس : " كنا عند عمر وعليه قميص في ظهره أربع رقاع ، فقرأ : وفاكهة وأبا فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ؟ ثم قال : مه نهينا عن التكلف " وقد أخرجه عبد بن حميد في تفسيره عن سليمان بن حرب بهذا السند مثله سواء ، وأخرجه أيضا عن سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة بدل حماد بن زيد ، وقال بعد قوله فما الأب ، ثم قال : يا ابن أم عمر إن هذا لهو التكلف وما عليك أن لا تدري ما الأب . وسليمان بن حرب سمع من الحمادين لكنه اختص بحماد بن زيد فإذا أطلق قوله حدثنا حماد فهو ابن زيد وإذا روى عن حماد بن سلمة نسبه ، وأخرج عبد بن حميد أيضا من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن أنس أنه أخبره أنه سمع عمر يقول فأنبتنا فيها حبا وعنبا الآية ، إلى قوله وأبا . قال كل هذا قد عرفناه فما الأب ؟ ثم رمى عصا كانت في يده ثم قال : هذا لعمر الله التكلف " اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب " وأخرجه الطبري من وجهين آخرين عن الزهري وقال في آخره : اتبعوا ما بين لكم في الكتاب " وفي لفظ : ما بين لكم فعليكم به وما لا فدعوه " وأخرج عبد بن حميد أيضا من طريق إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن زيد " أن رجلا سأل عمر عن فاكهة وأبا فلما رآهم عمر يقولون أقبل عليهم بالدرة " ومن وجه آخر عن إبراهيم النخعي قال : قرأ أبو بكر الصديق وفاكهة وأبا ، فقيل ما الأب ؟ فقيل كذا وكذا فقال أبو بكر إن هذا لهو التكلف ، أي أرض تقلني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم . وهذا منقطع بين النخعي والصديق وأخرج أيضا من طريق إبراهيم التيمي " أن أبا بكر سئل عن الأب ما هو فقال : أي سماء تظلني " فذكر مثله ، وهو منقطع أيضا لكن أحدهما يقوي الآخر وأخرج الحاكم في تفسير آل عمران من المستدرك من طريق حميد عن أنس قال : قرأ عمر وفاكهة وأبا فقال بعضهم كذا وقال بعضهم كذا فقال عمر : دعونا من هذا آمنا به كل من عند ربنا ، وأخرج الطبري من طريق موسى بن أنس نحوه ومن طريق معاوية بن قرة ومن طريق قتادة كلاهما عن أنس كذلك وقد جاء أن ابن عباس فسر " الأب " عند عمر فأخرج عبد بن حميد أيضا من طريق سعيد بن جبير قال : كان عمر يدني ابن عباس فذكر نحو القصة الماضية في تفسير إذا جاء نصر الله وفي آخرها وقال تعالى أنا صببنا الماء صبا إلى قوله وأبا قال : فالسبعة رزق لبني آدم " والأب ما تأكل الأنعام " ولم يذكر أن عمر أنكر عليه ذلك وأخرج [ ص: 286 ] الطبري بسند صحيح عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس قال " الأب ما تنبته الأرض مما تأكله الدواب ، ولا يأكله الناس " وأخرج عن عدة من التابعين نحوه ، ثم أخرج من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بسند صحيح قال " الأب الثمار الرطبة " وهذا أخرجه ابن أبي حاتم بلفظ وفاكهة وأبا قال : الثمار الرطبة ، وكأنه سقط منه واليابسة ، فقد أخرج أيضا من طريق عكرمة عن ابن عباس بسند حسن " الأب الحشيش للبهائم " وفيه قول آخر أخرجاه من طريق عطاء قال : كل شيء ينبت على وجه الأرض فهو أب ، فعلى هذا فهو من العام بعد الخاص ، ومن طريق الضحاك قال : الأب كل شيء أنبتت الأرض سوى الفاكهة ، وهذا أعم من الأول ، وذكر بعض أهل اللغة أن الأب مطلق المرعى ، واستشهد بقول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        له دعوة ميمونة ريحها الصبا بها ينبت الله الحصيدة والأبا

                                                                                                                                                                                                        وقيل الأب " يابس الفاكهة " وقيل إنه ليس بعربي ، ويؤيده خفاؤه على مثل أبي بكر وعمر .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        في إخراج البخاري هذا الحديث في آخر الباب مصير منه إلى أن قول الصحابي " أمرنا ونهينا " في حكم المرفوع ولو لم يضفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ثم اقتصر على قوله : نهينا عن التكلف " وحذف القصة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية