الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2452 حدثنا يحيى بن بكير عن الليث عن يزيد عن بكير عن كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أخبرته أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي قال أوفعلت قالت نعم قال أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك وقال بكر بن مضر عن عمرو عن بكير عن كريب إن ميمونة أعتقت

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الثاني حديث ميمونة عن يزيد هو ابن أبي حبيب ، وبكير هو ابن عبد الله بن الأشج ، وهذا الإسناد نصفه الأول مصريون ونصفه الآخر مدنيون ، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق يزيد وبكير وكريب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أنها أعتقت وليدة ) أي جارية ، في رواية النسائي من طريق عطاء بن يسار عن ميمونة " أنها كانت لها جارية سوداء " ولم أقف على اسم هذه الجارية ، وبين النسائي من طريق أخرى عن الهلالية [ ص: 259 ] زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي ميمونة في أصل هذه الحادثة أنها كانت سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - خادما فأعطاها خادما فأعتقتها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أما ) بتخفيف الميم ( إنك ) بفتح الهمزة ( لو أعطيتها أخوالك ) أخوالها كانوا من بني هلال أيضا ، واسم أمها هـند بنت عوف بن زهير بن الحارث ، ذكرها ابن سعد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك ) قال ابن بطال : فيه أن هبة ذي الرحم أفضل من العتق ، ويؤيده ما رواه الترمذي والنسائي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعا الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة لكن لا يلزم من ذلك أن تكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقا لاحتمال أن يكون المسكين محتاجا ونفعه بذلك متعديا والآخر بالعكس ، وقد وقع في رواية النسائي المذكورة فقال أفلا فديت بها بنت أخيك من رعاية الغنم فبين الوجه في الأولوية المذكورة وهو احتياج قرابتها إلى من يخدمها ، وليس في الحديث أيضا حجة على أن صلة الرحم أفضل من العتق لأنها واقعة عين ، والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال كما قررته ، ووجه دخول حديث ميمونة في الترجمة أنها كانت رشيدة وأنها أعتقت قبل أن تستأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يستدرك ذلك عليها بل أرشدها إلى ما هـو الأولى ، فلو كان لا ينفذ لها تصرف في مالها لأبطله ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية