الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1396 وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح جميعا عن الليث بن سعد قال قتيبة حدثنا ليث عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس أنه قال إن امرأة اشتكت شكوى فقالت إن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس فبرأت ثم تجهزت تريد الخروج فجاءت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسلم عليها فأخبرتها ذلك فقالت اجلسي فكلي ما صنعت وصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح جميعا عن الليث بن سعد قال قتيبة : حدثنا ليث عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس أنه قال : إن امرأة اشتكت شكوى فقالت : إن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس ، وذكر الحديث إلى أن قال : قالت ميمونة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة ) هذا الحديث مما أنكر على مسلم بسبب إسناده ، قال الحفاظ ذكر ابن عباس فيه وهم ، وصوابه ( عن إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة ) هكذا هو المحفوظ من رواية الليث وابن جريج عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة من غير ذكر ابن عباس ، وكذلك رواه البخاري في صحيحه عن الليث عن نافع عن إبراهيم عن ميمونة ، ولم يذكر ابن عباس ، قال الدارقطني في كتاب العلل : وقد رواه بعضهم عن ابن عباس عن ميمونة ، وليس يثبت ، وقال البخاري في تاريخه الكبير : إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب عن أبيه وميمونة ، وذكر حديثه هذا من طريق الليث وابن جريج ولم يذكر فيه ابن عباس ، ثم قال : وقال لنا المكي عن ابن جريج : أنه سمع نافعا قال : إن إبراهيم بن معبد حدث أن ابن عباس حدثه عن ميمونة ، قال البخاري : ولا يصح فيه ابن عباس ، قال القاضي عياض : قال بعضهم صوابه إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس أنه قال : إن امرأة اشتكت ، قال القاضي : وقد ذكر مسلم قبل هذا في هذا الباب حديث عبد الله عن نافع عن ابن عمر ، وحديث موسى الجهني عن نافع عن ابن عمر ، وحديث أيوب عن نافع عن ابن عمر ، وهذا مما استدركه الدارقطني على مسلم . وقال : ليس بمحفوظ عن أيوب ، وعلل الحديث عن نافع بذلك ، وقال : قد خالفهم الليث وابن جريج فروياه عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ميمونة . وقد ذكر مسلم الروايتين ولم يذكر البخاري في صحيحه رواية نافع بوجه ، وقد ذكر البخاري في تاريخه رواية عبد الله وموسى عن نافع ، قال : والأول أصح ، يعني رواية إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة كما قال الدارقطني . والله أعلم .

                                                                                                                قلت : ويحتمل صحة الروايتين جميعا كما فعله مسلم ، وليس هذا الاختلاف المذكور مانعا من ذلك ، ومع هذا فالمتن صحيح بلا خلاف . والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 517 ] قوله : ( عن ميمونة رضي الله عنها أنها أفتت امرأة نذرت الصلاة في بيت المقدس أن تصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم واستدلت بالحديث ) هذه الدلالة ظاهرة ، وهذا حجة لأصح الأقوال في مذهبنا في هذه المسألة ، فإنه إذا نذر صلاة في مسجد المدينة أو الأقصى هل تتعين ؟ فيه قولان ، الأصح : تتعين ، فلا تجزئه تلك الصلاة في غيره ، والثاني : لا تتعين بل تجزئه تلك الصلاة حيث صلى ، فإذ قلنا تتعين فنذرها في أحد هذين المسجدين ثم أراد أن يصليها في الآخر ، ففيه ثلاثة أقوال : أحدها : يجوز ، والثاني لا يجوز ، والثالث وهو الأصح إن نذرها في الأقصى جاز العدول إلى مسجد المدينة دون عكسه . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية