الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل في قدر المعجز من القرآن

قال القاضي أبو بكر : ذهب عامة أصحابنا ، وهو قول أبي الحسن الأشعري في كتبه ، إلى أن أقل ما يعجز عنه من القرآن السورة قصيرة كانت أو طويلة ، أو ما كان بقدرها . قال : فإذا كانت الآية بقدر حروف سورة وإن كانت كسورة الكوثر فذلك معجز .

قال : ولم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقل من هذا القدر .

وذهبت المعتزلة إلى أن كل سورة برأسها فهي معجزة . وقد حكي عنهم نحو قولنا ، إلا أن منهم من لم يشترط كون الآية بقدر السورة ، بل شرط الآيات الكبيرة .

وقد علمنا أنه تحداهم تحديا إلى السور كلها ، ولم يخص . ولم يأتوا بشيء منها ، فعلم أن جميع ذلك معجز .

وأما قوله تعالى : فليأتوا بحديث مثله ( الطور : 34 ) فلا يخالف هذا ; لأن الحديث التام لا تتحصل حكايته في أقل من كلمات سورة قصيرة . وهو يؤكد مذهب أصحابنا وإن كان قد يتأول قوله : فليأتوا بحديث مثله على القبيل دون التفصيل .

فإن قيل : هل يعرف إعجاز السور الطوال ؟ وهل يعرف إعجاز كل قدر من القرآن بلغ الحد الذي قدرتموه على ما تعرفون به إعجاز سورة البقرة ونحوها ؟ .

قلنا : إن أبا الحسن الأشعري قد أجاب عن ذلك بأن كل سورة قد علم كونها معجزة بعجز العرب عنها . وسمعت بعض الكبراء من أهل هذا الشأن يقول : إنه يصح أن يكون علم ذلك توقيفا ، والطريقة الأولى أسد ، وتظهر فائدتهما في أن الأولى تبين أن ما [ ص: 239 ] علم به كون جميع القرآن معجزا موجود في كل سورة ; قصرت أو طالت ، فيجب أن يكون الحكم في الكل واحدا . والأخرى تتضمن تقدير معرفة إعجاز القرآن بالطريق التي سلكناها .

التالي السابق


الخدمات العلمية