( والقسم الثاني ) الذي ذكره بعض القراء
nindex.php?page=treesubj&link=28885التخفيف الرسمي ذهب إليه جماعة من أهل الأداء
nindex.php?page=showalam&ids=12111كالحافظ أبي عمرو الداني ، وشيخه
أبي الفتح فارس بن [ ص: 446 ] أحمد وأبي محمد مكي بن أبي طالب وأبي عبد الله بن شريح وأبي القاسم الشاطبي ، ومن تبعهم على ذلك من المتأخرين . والمراد بالرسم صورة ما كتب في المصاحف العثمانية ، وأصل ذلك عندهم أن
سليما روى عن
حمزة أنه كان يتبع في الوقف على الهمز خط المصحف ، ومعنى ذلك أن
حمزة لا يألو في وقفه على الكلمة التي فيها همز اتباع ما هو مكتوب في المصحف العثماني المجمع على اتباعه . يعني أنه إذا خفف الهمز في الوقف فمهما كان من أنواع التخفيف موافقا لخط المصحف خففه به دون ما خالفه ، وإن كان أقيس ، وهذا معنى قول
الداني في " التيسير " : واعلم أن جميع ما يسهله
حمزة من الهمزات فإنما يراعى فيه خط المصحف دون القياس كما قدمناه - يعني بما قدمه قوله قبل ذلك - فإن انضمت ، أي الهمزة ، جعلها بين الهمزة والواو نحو قوله : ( فادروا ، وبوسا ، ولا يوده ، ومستهزون ، وليواطوا ، ويا بنوم ) وشبهه ما لم تكن صورتها ياء نحو ( قل أونبيكم ، وسنقريك ، وكان سيئه ) وشبهه فإنك تبدلها ياء مضمومة اتباعا لمذهب
حمزة في اتباع الخط عند الوقف ، وهو قول
الأخفش - أعني التسهيل في ذلك بالبدل - انتهى . وهو غاية من الوضوح . معنى قوله : دون القياس - أي المجرد عن اتباع الرسم كما مثل به ، وليس معناه : وإن خالف القياس - كما توهمه بعضهم ، فإن اتباع الرسم لا يجوز إذا خالف قياس العربية كما بينا ونبين ، ولا بد حينئذ من معرفة كتابة الهمز ليعرف ما وافق القياس في ذلك مما خالفه ، فاعلم أن الهمزة وإن كان لها مخرج يخصها ولفظ تتميز به فإنه لم يكن لها صورة تمتاز كسائر الحروف ، ولتصرفهم فيها بالتخفيف إبدالا ، ونقلا ، وإدغاما ، وبين بين ، كتبت بحسب ما تخفف به ، فإن كان تخفيفها ألفا ، أو كالألف كتبت ألفا ، وإن كان ياء أو كالياء كتبت ياء ، وإن كان واوا أو كالواو كتبت واوا ، وإن كان حذفا ينقل ، أو إدغاما ، أو غيره حذفت ما لم تكن أولا ، فإن كانت أولا كتبت ألفا أبدا إشعارا بحالة الابتداء إذا كانت فيه لا يجوز تخفيفها بوجه . هذا هو الأصل والقياس في العربية ورسم المصحف
[ ص: 447 ] وربما خرجت مواضع عن القياس المطرد لمعنى فمما خرج من الهمز الساكن اللازم في المكسور ما قبله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=74ورئيا ) في سورة مريم حذفت صورة همزتها وكتبت بياء واحدة ، قيل : اكتفاء بالكسرة ، والصواب أن ذلك كراهة اجتماع المثلين ؛ لأنها لو صورت لكانت ياء ، فحذفت لذلك كما حذفت من ( و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26يستحيي و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=73يحيي ) ونحو ذلك ؛ لاجتماع المثلين ، وكتبت (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=10هيئ لنا و
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16يهيئ لكم ) في بعض المصاحف صورة الهمزة فيها ألفا ؛ من أجل اجتماع المثلين ، إذ لو حذفت لحصل الإجحاف من أجل أن الياء فيهما قبلها مشددة ، نص على تصويرها ألفا فيهما وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ومكر السيئ و
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43المكر السيئ )
nindex.php?page=showalam&ids=14841الغازي بن قيس في هجاء السنة له ، أنكر
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني كتابة ذلك بألف ، وقال : إنه خلاف الإجماع ، وقال
السخاوي : إن ذلك لم يقله
أبو عمرو ، عن يقين ، بل عن غلبة ظن وعدم اطلاع ، ثم قال : وقد رأيت هذه المواضع في المصحف الشامي كما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14841الغازي بن قيس .
( قلت ) : وكذلك رأيتها أنا فيه ، وقد نص
الشاطبي وغيره على رسم (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=10هيئ و
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16يهيئ ) بياءين ، والله أعلم .
وفي المضموم ما قبله ( تووي إليك ، وتوويه ) حذفت صورة الهمزة كذلك ؛ لأنها لو صورت لكانت واوا ، فيجتمع المثلان أيضا كما حذفت في (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251داود ، وروي ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=19يستوون ) لذلك . وكذلك حذفت في (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5رؤياك ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=60الرؤيا ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43رؤياي ) في جميع القرآن ، فلم يكتب لها أيضا صورة ؛ لأنها لو صورت في ذلك لكانت واوا ، والواو في الخط القديم الذي كتبت به المصاحف العثمانية قريبة الشكل بالراء ، فحذفت لذلك ، ويحتمل أن تكون كتبت على قراءة الإدغام ، أو لتشمل القراءتين تحقيقا وتقديرا ، وهو الأحسن ، وفي المفتوح ما قبلها ( فاداراتم فيها ) من سورة البقرة حذفت صورة الهمزة منه . ولو صورت لكانت ألفا ، وكذلك حذفت الألف التي قبلها بعد الدال . وإنما حذفا اختصارا وتخفيفا ، أو أنهما لو كتبا لاجتمعت الأمثال ، فإن الألف التي بعد الفاء ثابتة بغير خلاف ؛ تنبيها عليها لأنها ساقطة في اللفظ ، بخلاف الآخرتين ، فإنهما وإن حذفتا خطأ فإن موضعهما معلوم ، إذ لا يمكن النطق بالكلمة
[ ص: 448 ] إلا بهما ، وقال بعض أئمتنا : في حذفهما تنبيه على أن اتباع الخط ليس بواجب ليقرأ القارئ بالإثبات في موضع الحذف ، ولا حذف في موضع الإثبات إذا كان ذلك من وجوه القراءات ، وكذلك حذفت صورة الهمزة من ( امتلات ) في أكثر المصاحف تخفيفا . وكذلك ( استاجره ، واستاجرت ) فيما ذكره
أبو داود في التنزيل ، وكذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=34يستأخرون ) في الغيبة والخطاب ، واستثنى بعضهم حرف الأعراف ، ومما خرج من الهمز المتحرك بعد ساكن غير الألف المنشأة في الثلاثة المواضع ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=20يسألون عن ) في الأحزاب ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58موئلا ) في الكهف و ( السوأى ) في الروم و (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29أن تبوء ) في المائدة و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7ليسوءوا ) في سبحان ، فصورت الهمزة في هذه الأحرف الخمسة ، وكان قياسها الحذف ، وأن لا تصور ; لأن قياس تخفيفها النقل ويلحق بها (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67هزوا ) على قراءة
حمزة وخلف و ( كفؤا ) على قراءتهما وقراءة
يعقوب ، فـ "
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=20النشأة " كتبت بألف بعد الشين بلا خلاف ؛ لاحتمال القراءتين ، فهي قراءة
أبي عمرو ومن معه ممن مد صورة المدة ، وفي قراءة
حمزة ، ومن معه ممن سكن الشين صورة الهمزة ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273يسألون ) اختلفت المصاحف في كتابتها ، ففي بعضها بألف بعد السين ، وفي بعضها بالحذف فما كتبت فيه بألف فهي كالنشأة ؛ لاحتمال القراءتين ، فإنه قرأها بتشديد السين والمد يعقوب من رواية
رويس وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وعاصم الجحدري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11813وأبي إسحاق السبيعي ، وما كتبت فيه بالحذف فإنها على قراءة الجماعة الباقين ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58موئلا ) وأجمع المصاحف على تصوير الهمزة فيه ياء ، وذلك من أجل مناسبة رءوس الآي قبل وبعد نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=48موعدا و
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53مصرفا و
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=52موبقا ) ومحافظة على لفظها ، و ( السوأى ) صورت الهمزة فيها ألفا بعد الواو وبعدها ياء هي ألف التأنيث على مراد الإمالة ، ولما صورت ألف التأنيث لذلك ياء صورت الهمزة قبلها ألفا ؛ إشعارا بأنها تابعة لألف التأنيث في الإمالة ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29أن تبوء ) صورت فيه ألفا ولم تصور همزة متطرفة بغير خلاف بعد ساكن في غير هذا الموضع ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7ليسوءوا ) مثلها في قراءة
حمزة ، ومن معه ، وأما على
[ ص: 449 ] قراءة
نافع ، ومن معه ، فإن الألف فيها زائدة ؛ لوقوعها بعد واو الجمع كما هي في (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11قالوا ) وشبهه وحذف إحدى الواوين تخفيفا لاجتماع المثلين على القاعدة و (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67هزوا و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كفوا ) فكتبتا على الأصل بضم العين فصورت على القياس ، ولم تكتب على قراءة من سكن تخفيفا على أن هذه الكلمات السبع لم تصور الهمزة فيها صريحا إلا في (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58موئلا ) قطعا ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29أن تبوء بإثمي ) في أقوى الاحتمالين ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76لتنوء بالعصبة ) في القصص مما صورت الهمزة فيه ألفا مع وقوعها متطرفة بعد ساكن ، وتبعه على ذلك
الشاطبي ، فجعلها أيضا مما خرج عن القياس ، وليس كذلك ، فإن الهمزة من (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76لتنوء ) مضمومة ، فلو صورت لكانت واوا كما صورت المكسورة في (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58موئلا ) ياء كالمفتوحة ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29تبوء و
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=20النشأة والسوأى ، ) والصواب أن صورة الهمزة منها محذوف على القياس ، وهذه الألف وقعت زائدة كما كتبت في ( يعبؤا ) و ( تفتؤا ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19لؤلؤا ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176إن امرؤ ) تشبيها بما زيد بعد واو الجمع ، وهذا محتما أيضا في (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29أن تبوء بإثمي ) والله أعلم .
وذكر بعضهم في هذا الباب ( لا تايسوا من روح الله إنه لا ييأس ) ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أفلم ييأس الذين وليس كذلك ، فإن الألف في هذه المواضع الثلاثة لا تعلق لها بالهمز ، بل تحتمل أمرين : إما أن تكون رسمت على قراءة
ابن كثير وأبي جعفر من روايتي
البزي وابن وردان كما تقدم في باب الهمز المفرد ، والأمر الثاني : أنه قصد بزيادتها أن يفرق بين هذه الكلمات وبين يئس ويئسوا ، فإنها لو رسمت بغير زيادة لاشتبهت بذلك ، ففرق بين ذلك بألف كما فرق بزيادة الألف في مائة للفرق بينه وبين منه ، ولتحتمل القراءتين أيضا ، وكذلك زيادة الألف في : ( لشآي ) في الكهف ، أو فيها وفي غيرها ، وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=69وجيء لا مدخل لها هنا ، والله تعالى أعلم . وأما ( المؤدة ) فرسمت بواو واحدة لاجتماع المثلين وحذفت صورة الهمزة فيها على القياس ، وكذلك في ( مسؤلا ) والعجب من
الشاطبي كيف ذكر ( مسؤلا ) مما حذفت منه إحدى الواوين ، وكذلك حذف ألف
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2قرآنا في أول سورة يوسف والزخرف بعد الهمزة كما كتبت في بعض المصاحف ، فما حذف اختصارا للعلم به فليس من
[ ص: 450 ] هذا الباب ، وكذلك حذف في بعضها من
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=106وقرآنا فرقناه في سبحان . و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2قرآنا عربيا في الزمر ، فكتبت : ( ق . ر . ن ) فحذف غير ذلك من الألفات للتخفيف ، وخرج من الهمز المتحرك بعد الألف من المتوسط أصل مطرد وكلمات مخصوصة . فالأصل المطرد مما اجتمع فيه مثلان فأكثر ، وذلك في المفتوحة مطلقا نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وما جعل أدعياءكم أبناءكم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34وما كانوا أولياءه ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171دعاء ونداء ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=22ماء ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57ملجأ ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92خطأ ) ومن المضمومة إذا وقع بعد الهمزة واو نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90جاءوكم ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142يراءون ) وفي المكسورة إذا وقع بعدها ياء نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40إسرائيل ) ومن ( وراي و شركاي والاي ) في قراءة
حمزة كما تقدم ، فلم يكتب للهمز في ذلك صورة ؛ لئلا يجمع بين صورتين ، والكلمات المخصوصة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257أولياؤهم الطاغوت في البقرة ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128أولياؤهم من الإنس في الأنعام ، وفيها
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ليوحون إلى أوليائهم وفي الأحزاب
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6إلى أوليائكم وفي فصلت
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31نحن أولياؤكم فكتب في أكثر مصاحف
أهل العراق محذوف الصورة ، وفي سائر المصاحف ثابتا . وحكى
ابن المنادي وغيره أن في بعض المصاحف (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34إن أولياؤه ) في الأنفال محذوف أيضا ، وأجمعت المصاحف على حذف ألف البينة قبل الهمز في ذلك كله ونحوه ، والله أعلم . وإنما حذفت صورة الهمز من ذلك ; لأنه لما حذفت الألف من المخفوض اجتمع الصورتان ، فحذفت صورة الهمز لذلك ، وحمل المرفوع عليه ، وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34إن أولياؤه ليناسب
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34وما كانوا أولياءه والله تعالى أعلم ، واختلف أيضا في "
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=74جزاؤه " الثلاثة الأحرف من يوسف . فحكى حذف صورة الهمزة فيها
nindex.php?page=showalam&ids=14841الغازي بن قيس في كتابه " هجاء السنة " ، ورواه
الداني في مقنعه عن
نافع ، ووجه ذلك قرب شبه الواو من صورة الزاي في الخط القديم كما فعلوا في الرؤيا ، فحذفوا صورة الهمزة لشبه الواو بالراء ، والله أعلم .
وأجمعوا على رسم " تراء " من قوله تعالى : فلما تراء الجمعان في الشعراء بألف واحدة ، واختلف علماؤنا في الألف الثابتة والمحذوفة هل الأولى أم الثانية ؟ فذهب
الداني إلى أن المحذوفة
[ ص: 451 ] هي الأولى ، وأن الثانية هي الثابتة ، ووجه بثلاثة أوجه : أحدها أن الأولى زائدة ، والثانية أصلية ، والزائد أولى بالحذف ، والأصلي أولى بالثبوت . والثاني أنهما ساكنان ، وقياسه تغيير الأولى . والثالث أن الثانية قد أعلت بالقلب ، فلا تعل ثانيا بالحذف ؛ لئلا يجتمع عليها إعلالان . وذهب غيره إلى أن الثانية هي الأولى ، وأن الثانية هي المحذوفة ، واستدلوا بخمسة أوجه :
أحدها أن الأولى تدل على معنى وليست الثانية كذلك ، فحذفها أولى . والثاني أن الثانية طرف ، والطرف أولى بالحذف . والثالث أن الثانية حذفت في الوصل لفظا ، فناسب أن تحذف خطا . والرابع أن حذف إحدى الألفين إنما سببه كراهية اجتماع المثلين ، والاجتماع إنما يتحقق بالثانية ، فكان حذفها أولى . والخامس أن الثانية لو ثبتت لرسمت ياء ؛ لأنها قياسها لكونها منقلبة عن ياء ، وأجابوا عن الأولى بأن الزائد إنما يكون أولى بالحذف من الأصلي إذا كانت الزيادة لمجرد التوسع ، أما إذا كانت للأبنية فلا . وعن الثاني بأنها لم تحذف لالتقاء الساكنين ، بل للمثلين ، وأيضا فقد غير الثاني لالتقاء الساكنين كثيرا ، وعن الثالث بأن محل القلب اللفظ ، ومحل الحذف الخط ، فلم يتعدد الإعلال في واحد منهما ، وخرج من المتطرف بعد الألف كلمات وقعت الهمزة فيها مضمومة ومكسورة ، فالمضمومة منها ثمان كلمات كتبت الهمزة فيها واوا بلا خلاف ، وهي (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12شركاء ) في الأنعام ( أنهم فيكم شركؤا ) ، وفي الشورى ( أم لهم شركؤا ) ونشاء في هود ( أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا ) ، والضعفاء في إبراهيم ( فقال الضعفؤا ) ، وشفعاء في الروم ( من شركائهم شفعؤا ) ، و دعاء في غافر ( وما دعاؤا الكافرين ) ، والبلاء في الصافات ( إن هذا لهو البلؤا المبين ) ، وفي الدخان ( بلؤا مبين ) ، وبرآء في الممتحنة ( إنا برؤاء ) ، وجزاء في الأولين من المائدة ( وذلك جزؤا الظالمين ) و ( إنما جزؤا الذين ) ، وفي الشورى ( وجزؤا سيئة ) ، وفي الحشر ( وذلك جزؤا الظالمين ) ، واختلف في أربع ، وهي
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=85جزاء المحسنين في الزمر ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=76جزاء من تزكى في طه ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=88جزاء الحسنى في الكهف وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197علماء بني إسرائيل في الشعراء ،
[ ص: 452 ] و ( إنما يخشى الله من عباده العلمؤا ) في فاطر ، وفي ( أنباؤا ما كانوا به ) في الأنعام والشعراء . فما كتب من هذه الألفاظ بالواو ، فإن الألف قبله تحذف اختصارا ، وتلحق بعد الواو منه ألف تشبيها بواو يدعوا ، وقالوا : وما لا يكتب فيه صورة الهمزة فإن الألف فيه تثبت لوقوعها طرفا والمكسورة صورت الهمزة فيه ياء في أربع كلمات بغير خلاف ، وهي ( من تلقاي نفسي ) في يونس و ( إيتاي ذي القربى ) في النحل ، و ( من آناي الليل ) في طه ، و ( أو من وراي حجاب ) في الشورى ، والألف قبلها ثابتة فيها ، ولكن حذفت في بعض المصاحف من ( تلقاي نفسي ) ، و ( إيتاي ذي القربى ) قال
السخاوي قد رأيت في المصحف الشامي الألف محذوفة من ( تلقي نفسي ) ، ومن ( ايتي ذي القربى ) كما كتبت إلى بغير ألف ، وثابتة في آناي الليل ، ووراي حجاب . انتهى . واختلف في ( بلقاي ربهم ، ولقاي الآخرة ) الحرفين في الروم ، فنص
nindex.php?page=showalam&ids=14841الغازي بن قيس على إثبات الياء فيهما ، وقال
الداني : ومصاحف
أهل المدينة على ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14841الغازي بن قيس بالياء . وقال
السخاوي : وقد رأيت الحرف الأول من
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=154بلقاء ربهم بغير ياء ، ورأيت الحرف الثاني " ولقاي الآخرة " بالياء . وأما اللاي فإنها كتبت في السور الثلاث ( إلى ) على صورة " إلى الجارة لتحتملها القراءات الأربع . فالألف حذفت اختصارا كما حذفت
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15من تلقاء نفسي وبقيت صورة الهمزة عند من حذف الياء وحقق الهمزة ، أو سهلها بين بين ، وصورة الياء عند من أبدلها ياء ساكنة ، وأما عند وقف حمزة ، ومن معه ممن أثبت الهمزة والياء جميعا ، فحذفت إحدى الياءين لاجتماع الصورتين ، والظاهر أن صورة الهمزة محذوفة ، والثابت هو الياء ، والله أعلم .
وخرج من الهمز المتحرك المتطرف المتحرك ما قبله بالفتح كلمات وقعت الهمزة فيها مضمومة ومكسورة . فالمضمومة عشرة كتبت الهمزة فيها واوا ، وهي ( تفتوا ) في يوسف ، و ( يتفيوا ) في النحل ، و ( أتوكوا ) و ( لا تظموا ) كلاهما في طه ، و ( يدروا عنها ) في النور ، و ( يعبوا ) في الفرقان ، و ( الملا ) في أول المؤمنين ، وهو
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27فقال الملأ الذين كفروا من قومه [ ص: 453 ] في قصة
نوح ، وفي المواضع الثلاثة في النمل ، وهي ( الملوا اني ) ( والملوا فتواني ) ( والملوا ايكم ) و ( ينشوا في الحلية ) في الزخرف ( ونبو ) في غير حرف براءة ، وهو في إبراهيم ( نبوا الذين ) ، وكذلك في التغابن ، و ( نبوا عظيم ) في ص ، و ( نبوا الخصم ) فيها ، إلا أنه في بعض المصاحف كتب بغير واو ، و ( ينبوا الإنسان ) في القيامة على اختلاف فيه ، وزيدت الألف بعد الواو في هذه المواضع تشبيها بالألف الواقعة بعد واو الضمير ، والمكسورة موضع واحد صورت الهمزة فيه ياء ، وهي ( من نباي المرسلين ) في الأنعام ، إلا أن الألف زيدت قبلها ، وقد قيل : إن الألف هي صورة الهمزة في ذلك ، وإن الياء زائدة ، والأول هو الأولى ، بل الصواب . فإن الهمزة المضمومة من ذلك صورت واوا بالاتفاق ، فحمل المكسورة على نظيرها أصح ، وأيضا فإن الألف زيدت قبل الياء رسما في ( لشاي ) من سورة الكهف ، وفي " جيء " لغير موجب فزيادتها هنا لموجب الفتحة بعد الهمزة أولى ، وأيضا فإن الكتاب أجمعوا على زيادة الألف في ( ماية ) قبل الياء ليفرقوا بينها وبين منه ، وحمل علماء الرسم الألف في ياء (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس ) على ذلك للفرق بينها وبين ( بيس ) مع وجود القراءة بهذه الصورة ، فحملها هنا للفرق بينها وبين بني ونبي أولى ، والله أعلم . وتقدم ذكر (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43السيئ ) في موضعي فاطر وحكاية
الغازي وغيره أن صورة الهمزة فيه كتبت ألفا على غير قياس ، وإنكار
الداني ذلك وأنها كتبت ياء على القياس . ووجه رسم ما تقدم من مضموم المتطرف واوا ومكسوره ياء تنبيها على وجه تخفيفها وفقا لذلك على لغة من يقف عليه بذلك كما قدمناه . وقيل : تقوية للهمزة في الخط كما قويت في اللفظ بحرف المد . وقيل : اعتناء ببيان حركتها ، وقيل : إجراء للمتطرف في مجرى المتوسط باعتبار وصله بما بعده ، كما أجروا بعض الهمزات المبتدآت لذلك ، والأول هو الصواب ؛ لظهور فائدته وبيان ثمرته ، والله تعالى أعلم ، وخرج من الهمز المتوسط المتحرك بعد متحرك أصل مطرد ، وهو ما وقع بعد الهمزة فيه
[ ص: 454 ] واوا أو ياء ، فلم ترسم في ذلك صورة ، وذلك نحو ( مستهزون ) و ( صابون ) و ( مالون ) و ( يستنبونك ) و ( ليطفو ) و ( بروسكم ) و ( يطون ) ونحو ( خاسين ) و ( صابين ) و ( متكين ) ، وذلك إما لاجتماع المثلين على القاعدة المألوفة رسما ، أو على لغة من يسقط الهمزة رأسا ، أو لتحتمل القراءتين إثباتا وحذفا ، والله أعلم . وكذلك حذفوها من ( سيات ) في الجمع نحو ( كفر عنهم سياتهم ) ، و ( اجترحوا السيات ) لاجتماع المثلين ، وعرضوا عنها إثبات الألف على غير قياسهم في ألفات جمع التأنيث ، وأثبتوا صورتها في المفرد (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=81سيئة ) ، و ( سيئا ) وجمعوا بين صورتها وألف الجمع في
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24المنشآت ، وخرج من ذلك الهمزة المضمومة بعد كسر ما لم يكن بعدها واو نحو ( ولا ينبيك ) ، و ( سنقريك ) فلم يرسم على مذهب الجادة بواو ، بل رسم على مذهب
الأخفش بالياء ورسم عكسه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108سئل و
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=14سئلوا على مذهب الجادة ، ولم يرسم على مذهب
الأخفش ، واختلف من المفتوح بعد الفتح في ( اطمانوا ) ، وفي ( لاملن ) أعني التي قبل النون ، وفي : ( اشمزت ) فرسمت في بعض المصاحف بالألف على القياس ، وحذفت في أكثرها على غير قياس تخفيفا واختصارا إذا كان موضعها معلوما ، وكذلك اختلفوا في ( ارايت ) و ( اريتم ) و ( اريتكم ) في جميع القرآن ، فكتب في بعض المصاحف بالإثبات ، وفي بعضها بالحذف ، إما على الاختصار أو على قراءة الحذف ، وذكر بعضهم الحذف في سورة
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4الدين فقط ، وذكره بعضهم فيها وفي ( أريتم ) فقط ، والصحيح إجراء الخلاف في الجميع ، والله أعلم .
وأما ( نأى ) في سبحان وفصلت فإنه رسم بنون وألف فقط ؛ ليحتمل القراءتين ، فعلى قراءة من قدم حرف المد على الهمز ظاهر ، وعلى قراءة الجمهور قد رسم الألف المنقلبة ألفا فاجتمع حينئذ ألفان فحذف إحداهما ، ولا شك عندنا أنها المنقلبة ، وأن هذه الألف الثابتة هي صورة الهمزة كما سيأتي بيانه ، وكذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76رأى كتب في جميع القرآن براء وألف لا غير ، والألف فيه صورة الهمزة كذلك وكتب في موضعي النجم وهما
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=11ما كذب الفؤاد ما رأى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لقد رأى من آيات ربه الكبرى بألف بعدها ياء على لغة الإمالة فجمع
[ ص: 455 ] في ذلك بين اللغتين ، والله أعلم .
وأما رسم ( ماية ) و ( مايتين ) و ( ملايه ) و ( ملايهم ) بالألف قبل الياء ، فالألف في ذلك زائدة كما قدمنا ، والياء فيه صورة الهمزة قطعا ، والعجب من
الداني nindex.php?page=showalam&ids=14563والشاطبي ومن قلدهما كيف قطعوا بزيادة الياء في ( ملايه ) و ( ملايهم ) فقال
الداني في مقنعه : وفي مصاحف
أهل العراق وغيرها و ( ملايه ) و ( ملايهم ) حيث وقع بزيادة ياء بعد الهمزة ، قال : كذلك رسمها
nindex.php?page=showalam&ids=14841الغازي بن قيس في كتاب " هجاء السنة " الذي رواه عن
أهل المدينة ، قال
السخاوي : وكذلك رأيته في المصحف الشامي .
( قلت ) : وكذلك في جميع المصاحف ، ولكنها غير زائدة ، بل هي صورة الهمزة ، وإنما الزائدة الألف ، والله أعلم .
وخرج من الهمز الواقع أولا كلمات لم تصور الهمزة فيه ألفا كما هو القياس فيما وقع أولا ، بل صورت بحسب ما تخفف به حالة وصلها بما قبلها ؛ إجراء للمبتدأ في ذلك مجرى المتوسط ، وتنبيها على جواز التخفيف جمعا بين اللغتين ، فرسمت المضمومة في ( أونبيكم ) بالواو بعد الألف ، ولم ترسم في نظيرها ( أأنزل أألقي ) بل كتبا بألف واحدة للجمع بين الصورتين ، وكذلك سائر الباب نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6أأنذرتهم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140أأنتم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أأشفقتم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أأمنتم من ، أألله أذن ) وكذلك ما اجتمع فيه ثلاث ألفات لفظا نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=58أآلهتنا ، وكذلك إذا أإنا إلا مواضع كتبت بياء على مراد الوصل كما سنذكره ، ورسم " هؤلاء " بواو ، ثم وصل بها التنبيه بحذف ألفه كما فعل في ( يأيها ) ، ورسم ( يابنوم ) في طه بواو ، ووصل بنون ( ابن ) ثم وصلت ألف ابن بياء النداء المحذوفة الألف ، فالألف التي بعد الياء هي ألف ( ابن ) هذا هو الصواب كما نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=14467أبو الحسن السخاوي ، نقله عن المصحف الشامي رؤية ، وكذلك رأيتها أنا فيه غير أن بها أثر حك أظنه وقع بعد
السخاوي ، والله أعلم .
( وهذا المصحف ) الذي ينقل عنه
السخاوي ويشير إليه بالمصحف الشامي هو بالمشهد الشرقي الشمالي الذي يقال له مشهد علي
بالجامع الأموي من
دمشق المحروسة . وأخبرنا شيوخنا الموثوق بهم أن هذا المصحف كان أولا بالمسجد المعروف
بالكوشك داخل
دمشق الذي جدد
[ ص: 456 ] عمارته الملك العادل
nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين محمود بن زنكي - رحمه الله - وأن
السخاوي - رحمه الله - كان سبب مجيئه إلى هذا المكان من الجامع ، ثم إني أنا رأيتها كذلك في المصحف الكبير الشامي الكائن بمقصورة
الجامع الأموي المعروف بالمصحف العثماني ، ثم رأيتها كذلك بالمصحف الذي يقال له : الإمام ، بالديار المصرية ، وهو الموضوع بالمدرسة الفاضلية داخل
القاهرة المعزية ، وكتبت الهمزة من أم في ( ابن أم ) في الأعراف ألفا مفصولة ، وأما ( هاؤم اقروا ) في الحاقة فالهمزة فيه ليست من هذا الباب ، فلم تكن كالهمزة من (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=31هؤلاء وهانتم ) ; لأن همزة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19هاؤم حقيقية ؛ لأنها تتمة كلمة " هاء " بمعنى خذ ، ثم اتصل بها ضمير الجماعة المتصل وهؤلاء ( وهانتم ) الهاء فيه للتنبيه دخلت على أولاء ، وعلى أنتم فتسهل همزة ( هاوم ) بلا خلاف بين بين ويوقف ( هاوم ) على الميم بلا نظر ، وقد منع
أبو محمد مكي الوقف عليها ظنا منه أن الأصل ( هاومو ) بواو ، وإنما كتبت على لفظ الوصل فحذفت لالتقاء الساكنين كما حذفت في سندع الزبانية فقال : لا يحين الوقف عليه ؛ لأنك إن وقفت على الأصل بالواو خالفت الخط ، وإن وقفت بغير واو خالفت الأصل ، وذكر
الشيخ أبو الحسن السخاوي في شرحه معنى ذلك ، وذلك سهو بين ، فإن الميم في ( هاوم ) مثل الميم في ( أنتم ) الأصل فيهما الصلة بالواو على ما تقدم في قراءة
ابن كثير وأبي جعفر ورسم المصحف في جميع ذلك بحذف الواو فيما ليس بعده ساكن ، فما بعده ساكن أولى فالوقف على الميم لجميع القراء ، وإذا كان الذي يصل ميم الجمع بواو في الوصل لا يقف بالواو على الأصل فما الظن بغيره . وهذا مما نبه عليه الأستاذ
أبو شامة - رحمه الله - ورسم ( لاصلبنكم ) في طه والشعراء وفي بعض المصاحف بالواو بعد الألف ، وكذلك ( ساوريكم ) فقطع
الداني ومن تبعه بزيادة الواو في ذلك ، وإن صورة الهمزة هو الألف قبلها ، والظاهر أن الزائد في ذلك هو الألف ، وأن صورة الهمزة هو الواو ، كتبت على مراد الوصل تنبيها على التخفيف ، والدليل على ذلك زيادة الألف بعد اللام في نظير ذلك وهو ( لا اذبحنه ) و ( لا اوضعوا ) ، وكذلك إذا خففنا الهمزة
[ ص: 457 ] في ذلك فإنا نخففها بين الهمزة والواو كما أنا إذا خففناها في هذا نخففه بين الهمزة والألف ، فدل على زيادة الألف في كل ذلك ، والله أعلم . " نعم " زيدت الواو بإجماع من أئمة الرسم والكتابة في أولي للفرق بينها وبين ( إلى ) الجارة ، وفي أولئك للفرق بينها وبين (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4إليك ) واطردت زيادتها في ( أولوا ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أولات ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119أولاء ) حملا على أخواته ، وهي في (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179ياأولي ) تحتمل الزيادة ، وهو الظاهر لزيادتها في نظائرها ، وتحتمل أن تكون الواو صورة الهمزة كما كتبت في هؤلاء ، وتكون الألف ألف ياء ، وهو بعيد ؛ لاطراد حذف الألف من ياء حرف النداء ، ولكن إذا أمكن الحمل على عدم الزيادة بلا معارض فهو أولى ، والله أعلم .
ورسمت المكسورة في : ( لين ) ، ( ويوميذ ) ، ( وحينيذ ) ياء موصولة بما قبلها كلمة واحدة . وكذلك صورت في ( اينكم ) في الأنعام والنمل ، والثاني من العنكبوت وفصلت ( و أين لنا ) في الشعراء ( و أينا لمخرجون ) في النمل و ( أينا لتاركوا ) في الصافات و ( ايذا متنا ) في الواقعة ، وكذا رسم ( أين ذكرتم ) في يس و ( ايفكا ) في الصافات في مصاحف
العراق ورسما في غيرها بألف واحدة ، وكذلك سائر الباب ، والله أعلم .
وأما " أيمة " فليست من هذا الباب ، وإن كان قد ذكرها
الشاطبي وغيره فيه ، فإن الهمزة فيه ليست أولا ، وإن كانت فاء ، بل هي مثلها في يئن ويئط ، وكذلك في ( ييس ) ، وإن كانت عينا فرسمها ياء على الأصل ، وهذا مما لا إشكال فيه ، والله أعلم .
وحذفت الهمزة المفتوحة بعد لام التعريف من كلمتين ، إحداهما ( الآن ) في موضعي يونس وفي جميع القرآن إجراء للمبتدأ مجرى المتوسطة ، وذلك باعتبار لزوم هذه الكلمة الأداة ، واختلف في الذي في سورة الجن وهو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9فمن يستمع الآن ) فكتب في بعضها بألف ، وهذه الألف هي صورة الهمزة ، إذ الألف التي بعدها محذوفة على الأصل اختصارا ، والثانية ( الايكة ) في الشعراء وص رسمت في جميع المصاحف بغير ألف بعد اللام ، وقبلها لاحتمال القراءتين فهي على قراءة
أهل الحجاز والشام ظاهرة تحقيقا ، وعلى قراءة الكوفيين والبصريين
[ ص: 458 ] تحتمل تقديرا على اللفظ ومراد النقل . ورسم ( أفاين مات ) في آل عمران ( أفاين مت ) في الأنبياء بياء بعد الألف . فقيل : إن الياء زائدة ، والصواب زيادة الألف كما أذكره ، ورسم ( باييد ، وباييكم ) بألف بعد الباء وبياءين بعدها ، فقيل : إن الياء الواحدة زائدة ، ولا وجه لزيادتها هنا ، والصواب عندي - والله أعلم - أن الألف هي الزائدة كما زيدت في مائة ومائتين ، والياء بعدها هي صورة الهمزة كتبت على مراد الوصل وتنزيلا للمبتدأة منزلة المتوسطة كغيرها ، وأما ( باية ، وباياتنا ) فرسم في بعض المصاحف بألف بعد الياء وياءين بعدها ، فذهب جماعة إلى زيادة الياء الواحدة ، وقال
السخاوي : وقد رأيته في المصاحف العراقية ( بايية ، وباييتنا ) بياءين بعد الألف ، ولم أر فيها غير ذلك . ثم رأيته في المصحف الشامي كذلك بياءين ، قال : إنما كتبت ذلك على الإمالة ، فصورت الألف الممالة ياء ، وحذفت الألف التي بعد الياء الثانية من ( بآية ، وبآياتنا ) كما حذفت من ( آيات ) انتهى . وقوله : حذفت الألف التي بعد الياء الثانية من ( بآية ) فيه نظر ; لأنه ليس بعد الياء في ( بآية ) ألف ، إنما الألف التي بعد الياء في ( بآياتنا ) ، ولو قال : الألف التي بعد الهمزة في ( بآية ) والألف التي بعد الياء في ( بآياتنا ) لكان ظاهرا . ولعله أراد ذلك فسبق قلمه ، أو لعله إنما رأى بـ " آية " الجمع مثل ( بآياتنا ) ، وعليه يصح كلامه ، ولكن سقط من الناسخ سنة ، والله أعلم .
( فهذا ) ما علمناه خرج من رسم الهمز عن القياس المطرد ، وأكثره على قياس مشهور ، وغالبه لمعنى مقصود ، وإن لم يرد ظاهره فلا بد له من وجه مستقيم يعلمه من قدر للسلف قدرهم وعرف لهم حقهم . وقد كان بعض الناس يقول في بعض ما خرج عما عرفه من القياس : هو عندنا مما قال فيه
عثمان - رضي الله عنه - : أرى في المصاحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني : ولا يجوز عندنا أن يرى
عثمان - رضي الله عنه - شيئا في المصحف يخالف رسم الكتابة مما لا وجه له فيها فيقره على حاله ويقول : إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها ، ولو جاز ذلك لم يكن للكتابة معنى ولا فائدة ، بل كانت تكون وبالا لاشتغال
[ ص: 459 ] القلوب بها ، ثم قال :
nindex.php?page=treesubj&link=28885وعلة هذه الحروف وغيرها من الحروف المرسومة في المصحف على خلاف ما جرى به رسم الكتاب من الهجاء - الانتقال من وجه معروف مستفيض إلى وجه آخر مثله في الجواز والاستعمال ، وإن كان المنتقل عنه أكثر استعمالا . انتهى . والأثر فقد رواه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=11939أبو بكر بن أبي داود بألفاظ مضطربة مختلفة وكلها منقطعة لا يصح شيء منها ، وكيف يصح أن يكون
عثمان - رضي الله عنه - يقول ذلك في مصحف جعل للناس إماما يقتدى به ، ثم يتركه لتقيمه العرب بألسنتها ويكون ذلك بإجماع من
الصحابة حتى قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : لو وليت من المصاحف ما ولي
عثمان لفعلت كما فعل . وأيضا فإن
عثمان - رضي الله عنه - لم يأمر بكتابة مصحف واحد ، إنما كتب بأمره عدة مصاحف ، ووجه كلا منها إلى مصر من أمصار المسلمين ، فماذا يقول أصحاب هذا القول فيها ؟ أيقولون : إنه رأى اللحن في جميعها متفقا عليه فتركه لتقيمه العرب بألسنتها أم رآه في بعضها ؟ فإن قالوا في بعض دون بعض ، فقد اعترفوا بصحة البعض ولم يذكر أحد منهم ولا من غيرهم أن اللحن كان في مصحف دون مصحف ، ولم تأت المصاحف مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءات وليس ذلك بلحن ، وإن قالوا : رآه في جميعها لم يصح أيضا ، فإنه يكون مناقضا لقصده في نصب إمام يقتدى به على هذه الصورة ، وأيضا فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم سادات الأمة وعلماؤها ، فكيف يقيمه غيرهم .
وإنما قصدنا استيعاب ما رسم في ذلك مما يتعلق بالهمز لأنا لما أتينا على تحقيقه على مذاهب أهل العربية ، وكان منه ما صح نقلا وما لا يصح تعين أن تأتي على رسم الهمز لنذكر ما يصح أيضا مما لا يصح . قال الذين أثبتوا
nindex.php?page=treesubj&link=28953الوقف بالتخفيف الرسمي : اختلفوا في كيفيته اختلافا شديدا ، فمنهم من خصه بما وافق التخفيف القياسي ولو بوجه كما ذهب إليه
محمد بن واصل وأبو الفتح فارس بن أحمد ، وصاحبه
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني ،
nindex.php?page=showalam&ids=13269وابن شريح ،
ومكي nindex.php?page=showalam&ids=14563والشاطبي ، وغيرهم . فعلى قول هؤلاء
[ ص: 460 ] إذا كان في التخفيف القياسي وجه راجح ، وهو مخالف ظاهر الرسم ، وكان الوجه الموافق ظاهره مرجوحا كان هذا الموافق الرسم هو المختار ، وإن كان مرجوحا باعتبار التخفيف القياسي فقد يكون ذلك بالواو المحضة نحو ( يعبوا ، والبلوا ، وهزوا ، و كفوا ) مما كتب بالواو . وقد يكون بالياء المحضة نحو ( من نباي المرسلين ، ومن أناي الليل ) مما كتب بالياء ، وقد يكون بالألف نحو ( النشاة ) مما كتب بألف . وقد يكون بين بين نحو ما مثلنا به عند من وقف عليه بالروم الموافق للمصحف كما سيأتي ، ونحو ( سنقريك ، وسيية ) ، ونحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=31هؤلاء و أينكم ) عند جمهورهم ، ونحو ( يابنوم ، ويوميذ ) ، ونحو ( السواى ، ومويلا ) على رأي . وقد يكون بالحذف نحو : ( يستهزون و المنشيون ، وخاسيين و متكيين و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171دعاء ونداء و
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57ملجأ ) وقد يكون بالنقل نحو ( أفيدة ، ومسولا ، والظمان ) وقد يكون بالنقل والإدغام نحو ( شيا ، وسوا ) وقد يكون بالإدغام نحو ( رءيا ، وتؤي ) ، ونحو ( روياك ، والرويا ) عند بعضهم . وهذا هو الرسم القوي ، وقد يقال له : الصحيح ، وقد يقال : المختار . قال
أبو عبد الله بن شريح في كافيه : الاختيار عند القراء الوقف
لحمزة على المهموز بتسهيل لا يخالف المصحف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني في جامعه : وقد اختلف علماؤنا في
nindex.php?page=treesubj&link=28951_28885كيفية تسهيل ما جاء من الهمز المتطرف مرسوما في المصحف على نحو حركته ، كقوله : ( فقال الملؤا الذين كفروا ) وهو الحرف الأول من سورة المؤمنين ، وكذلك الثلاثة الأحرف من النمل . وكذلك ( تفتوا ، ونشوا ) ، وما أشبهه مما صورت الهمزة فيه واوا على حركتها ، أو على مراد الوصل ، وكذلك : ( من نباي المرسلين ) وشبهه مما رسمت فيه ياء على ذلك أيضا ، فقال بعضهم : تسهيل الهمزة في جميع ذلك على حركة ما قبلها فتبدل ألفا ساكنة حملا على سائر نظائره وإن اختلفت صورتها فيه ؛ إذ ذاك هو القياس قال : وكان هذا مذهب شيخنا
أبي الحسن - رحمه الله . وقال آخرون : تسهل الهمزة في ذلك بأن تبدل بالحرف الذي منه حركتها موافقة على رسمها ، تبدل واوا ساكنة في قوله : ( الملوا ) وبابه ،
[ ص: 461 ] وتبدل ياء ساكنة في قوله : ( من نباي المرسلين ) ونحوه . قال : وهذا كان مذهب شيخنا
أبي الفتح - رحمه الله - وهو اختياري أنا ، وإن كان المذهب الأول هو القياس فإن هذا أولى من جهتين : أحدهما أن
أبا هشام وخلفا رويا ، عن
حمزة نصا أنه كان يتبع في الوقف على الهمزة خط المصحف ، فدل على أن وقفه على ذلك كان بالواو وبالياء على حال رسمه دون الألف لمخالفتهما إياه ، والجهة الثانية أن خلفا قد حكى ذلك عن
حمزة منصوصا ، ثم حكى ذلك ثم قال : وهذه الكلم في المصاحف مرسومة بالياء والواو . ومع هاتين الجهتين فإن إبدال الهمزة بالحرف الذي منه حركتها دون حركة ما قبلها في الوقف خاصة في نحو ذلك لغة معروفة حكاها
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وغيره من النحويين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : يقولون في الوقف : هذا الكلو ، فيبدلون من الهمزة واوا ، و : مررت بالكلي ، فيبدلون منها ياء ، و : رأيت الكلا ، فيبدلون منها ألفا حرصا على البيان . قال - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه - : وهم الذين يحققون في الوصل . قال
الداني : فواجب استعمال هذه اللغة في مذهب
هشام وحمزة في الكلم المتقدمة ؛ لأنهما من أهل التحقيق في الوصل كالعرب الذين جاء عنهم ذلك . انتهى . وقال أيضا : وقد اختلف أهل الأداء في
nindex.php?page=treesubj&link=28951إدغام الحرف المبدل من الهمزة وفي إظهاره في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51وتؤوي إليك ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=13التي تؤويه ) ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52روحا ) فمنهم من رأى إدغامه موافقة للخط ، ومنهم من رأى إظهاره لكون البدل عارضا ، فالهمزة في التقدير والنية ، وإدغامها ممتنع ، قال : والمذهبان في ذلك صحيحان ، والإدغام أولى ; لأنه قد جاء منصوصا عن
حمزة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52روحا ) لموافقة رسم المصحف الذي جاء عنه اتباعه عند الوقف على الهمز ، ومنهم من عمم في التخفيف الرسمي فأبدل الهمزة بما صورت به وحذفها فيما حذفت فيه ، فيبدلها واوا خالصة في نحو ( روف ) ( أبناوكم ) و ( توزهم ) ، و ( شركاوكم ) ، و ( يذروكم ) ، و ( نساوكم ) ، و ( أحباوه ) ، و ( هولاء ) ويبدلها ياء خالصة في نحو ( تايبات ) ( سايحات ) و ( نسايكم ) و ( أبنايكم ) و ( خايفين ) و ( أوليك ) و ( جاير ) و ( مويلا ) و ( لين ) ويبدلها ألفا خالصة في نحو ( سال ) و ( امراته ) و ( سالهم ) و ( بداكم )
[ ص: 462 ] و ( اخاه ) وحذفها في نحو ( وما كانوا أولياه إن أولياوه ، إلى أوليايهم ) ، ويقول في ( فاداراتم : فادارتم ) ، وفي ( امتلأت : امتلت ) ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=45اشمأزت : اشمازت ، واشمزت ) ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6أأنذرتهم : أنذرتهم ) ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=8الموءودة : المودة ) على وزن الموزة ( ولا يبالون ) ورد ذلك على قياس أم لا ، صح ذلك في العربية أم لم يصح ، اختلت الكلمة أم لم تختل ، فسد المعنى أم لم يفسد ، وبالغ بعض المتأخرين من شراح قصيدة
الشاطبي في ذلك حتى أتى بما لا يحل ولا يسوغ . فأجاز في نحو ( رأيت ، وسألت : رايت وسالت ) فجمع بين ثلاث سواكن ، ولا يسمع هذا إلا من اللسان الفارسي ، وأجاز في نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64يجأرون : يجرون ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19ويسألون : يسلون ) فأفسد المعنى وغير اللفظ ، وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4برآء - بروا فغير المعنى وأفسد اللفظ ، وأتى بما لا يسوغ ، ورأيت فيما ألفه
ابن بصخان في وقف
حمزة أن قال : وما رسم منه بالألف وقف عليه بها نحو ( وأخاه ، بأنهم ) ، وكنت أظن أنه إنما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38فآتهم ) على ما فيه حتى رأيته بخطه ( بانهم ) فعلمت أنه يريد أن يقال في الوقف ( بانهم ) فيفتح الباء التي قبل الهمزة ، إذ لا يمكن أن ينطق بالألف بعدها إلا بفتحها ، ثم يمد على الألف من أجل التقاء الساكنين . وهذا كله لا يجوز ولا يصح نقله ولا تثبت روايته عن
حمزة ولا عن أحد من أصحابه ، ولا عمن نقل عنهم ، ويقال له : الرسمي . وقد يقال له : الشاذ ، وقد يقال له : المتروك ، على أن بعضه أشد نكرا من بعض . فأما إبدال الهمزة ياء في نحو ( خايفين ، وجاير ، وأوليك ) ، وواوا في نحو ( ابناوكم ، وأحباوه ) فإني تتبعته من كتب القراءات ونصوص الأئمة ، ومن يعتبر قولهم فلم أر أحدا ذكره ولا نص عليه ولا صرح به ، ولا أفهمه كلامه ، ولا دلت عليه إشارته سوى
أبي بكر بن مهران ، فإنه ذكر في كتابه في وقف
حمزة وجها في نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5تائبات ) بإبدال الياء ، وفي نحو ( رووف ) بإبدال الواو . ورأيت
nindex.php?page=showalam&ids=13757أبا علي الأهوازي في كتابه " الاتضاح " حكى هذا عن شيخه
أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري ، وقال : ولم أر أحدا ذكره ولا حكاه من جميع من لقيت غيره ( قلت ) : ثم إني راجعت
[ ص: 463 ] كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وهو " الاستبصار " فلم أره حكى في جميع ذلك سوى بين بين لا غير ، والقصد أن إبدال الياء والواو محضتين في ذلك ، هو مما لم تجزه العربية ، بل نص أئمتها على أنه من اللحن الذي لم يأت في لغة العرب ، وإن تكلمت به النبط ، وإنما الجائز من ذلك هو بين بين لا غير . وهو الموافق لاتباع الرسم أيضا ، وأما غير ذلك فمنه ما ورد على ضعف ، ومنه ما لم يرد بوجه ، وكله غير جائز من القراءة من أجل عدم اجتماع الأركان الثلاثة فيه . فهو من الشاذ المتروك الذي لا يعمل به ولا يعتمد عليه ، والله أعلم .
وسيأتي النص في كل فرد فرد ليعلم الجائز من الممتنع والله الموفق . وذهب جمهور أهل الأداء إلى
nindex.php?page=treesubj&link=28949القول بالتخفيف القياسي حسبما وردت الرواية به دون العمل بالتخفيف الرسمي ، وهذا الذي لم يذكر
ابن سوار وابن شيطا وأبو الحسن بن فارس وأبو العز القلانسي ، وأبو محمد سبط الخياط وأبو الكرم الشهرزوري ، والحافظ
أبو العلاء ، وسائر العراقيين ،
وأبو طاهر بن خلف ، وشيخه
أبو القاسم الطرسوسي وأبو علي المالكي وأبو الحسن بن غلبون وأبو القاسم بن الفحام وأبو العباس المهدوي ، وأبو
عبد الله بن سفيان ، وغيرهم من الأئمة سواه ، ولا عدلوا إلى غيره ، بل ضعف
أبو الحسن بن غلبون القول به ، ورد على الآخذين به ، ورأى أن ما خالف جادة القياس لا يجوز اتباعه ولا الجنوح إليه إلا برواية صحيحة ، وأنها في ذلك معدومة ، والله أعلم .
( وَالْقِسْمُ الثَّانِي ) الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الْقُرَّاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=28885التَّخْفِيفُ الرَّسْمِيُّ ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ
nindex.php?page=showalam&ids=12111كَالْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ ، وَشَيْخِهِ
أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ [ ص: 446 ] أَحْمَدَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ مَكِّيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيِّ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ . وَالْمُرَادُ بِالرَّسْمِ صُورَةُ مَا كُتِبَ فِي الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ ، وَأَصْلُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَنَّ
سُلَيْمًا رَوَى عَنْ
حَمْزَةَ أَنَّهُ كَانَ يَتَّبِعُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْهَمْزِ خَطَّ الْمُصْحَفِ ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ
حَمْزَةَ لَا يَأْلُو فِي وَقْفِهِ عَلَى الْكَلِمَةِ الَّتِي فِيهَا هَمْزٌ اتِّبَاعَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَى اتِّبَاعِهِ . يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا خَفَّفَ الْهَمْزَ فِي الْوَقْفِ فَمَهْمَا كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّخْفِيفِ مُوَافِقًا لِخَطِّ الْمُصْحَفِ خَفَّفَهُ بِهِ دُونَ مَا خَالَفَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَقْيَسَ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ
الدَّانِيِّ فِي " التَّيْسِيرِ " : وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا يُسَهِّلُهُ
حَمْزَةُ مِنَ الْهَمَزَاتِ فَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ خَطُّ الْمُصْحَفِ دُونَ الْقِيَاسِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ - يَعْنِي بِمَا قَدَّمَهُ قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ - فَإِنِ انْضَمَّتْ ، أَيِ الْهَمْزَةُ ، جَعَلَهَا بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ نَحْوُ قَوْلِهِ : ( فَادْرُوا ، وَبُوسًا ، وَلَا يَوُدُهُ ، وَمُسْتَهْزُونَ ، وَلِيُوَاطُوا ، وَيَا بْنُومٍّ ) وَشِبْهُهُ مَا لَمْ تَكُنْ صُورَتُهَا يَاءً نَحْوُ ( قُلْ أُونَبِّيكُمْ ، وَسَنُقْرِيكَ ، وَكَانَ سَيِّئُهُ ) وَشِبْهُهُ فَإِنَّكَ تُبْدِلُهَا يَاءً مَضْمُومَةً اتِّبَاعًا لِمَذْهَبِ
حَمْزَةَ فِي اتِّبَاعِ الْخَطِّ عِنْدَ الْوَقْفِ ، وَهُوَ قَوْلُ
الْأَخْفَشِ - أَعْنِي التَّسْهِيلَ فِي ذَلِكَ بِالْبَدَلِ - انْتَهَى . وَهُوَ غَايَةٌ مِنَ الْوُضُوحِ . مَعْنَى قَوْلِهِ : دُونَ الْقِيَاسِ - أَيِ الْمُجَرَّدِ عَنِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ كَمَا مَثَّلَ بِهِ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ : وَإِنْ خَالَفَ الْقِيَاسَ - كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ ، فَإِنَّ اتِّبَاعَ الرَّسْمِ لَا يَجُوزُ إِذَا خَالَفَ قِيَاسَ الْعَرَبِيَّةِ كَمَا بَيَّنَّا وَنُبَيِّنُ ، وَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ مَعْرِفَةِ كِتَابَةِ الْهَمْزِ لِيُعْرَفَ مَا وَافَقَ الْقِيَاسَ فِي ذَلِكَ مِمَّا خَالَفَهُ ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْهَمْزَةَ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَخْرَجٌ يَخُصُّهَا وَلَفْظٌ تَتَمَيَّزُ بِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا صُورَةٌ تَمْتَازُ كَسَائِرِ الْحُرُوفِ ، وَلِتَصَرُّفِهِمْ فِيهَا بِالتَّخْفِيفِ إِبْدَالًا ، وَنَقْلًا ، وَإِدْغَامًا ، وَبَيْنَ بَيْنَ ، كُتِبَتْ بِحَسَبِ مَا تُخَفَّفُ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ تَخْفِيفُهَا أَلِفًا ، أَوْ كَالْأَلِفِ كُتِبَتْ أَلِفًا ، وَإِنْ كَانَ يَاءً أَوْ كَالْيَاءِ كُتِبَتْ يَاءً ، وَإِنْ كَانَ وَاوًا أَوْ كَالْوَاوِ كُتِبَتْ وَاوًا ، وَإِنْ كَانَ حَذْفًا يُنْقَلُ ، أَوْ إِدْغَامًا ، أَوْ غَيْرَهُ حُذِفَتْ مَا لَمْ تَكُنْ أَوَّلًا ، فَإِنْ كَانَتْ أَوَّلًا كُتِبَتْ أَلِفًا أَبَدًا إِشْعَارًا بِحَالَةِ الِابْتِدَاءِ إِذَا كَانَتْ فِيهِ لَا يَجُوزُ تَخْفِيفُهَا بِوَجْهٍ . هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْقِيَاسُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَرَسْمِ الْمُصْحَفِ
[ ص: 447 ] وَرُبَّمَا خَرَجَتْ مَوَاضِعُ عَنِ الْقِيَاسِ الْمُطَّرِدِ لِمَعْنًى فَمِمَّا خَرَجَ مِنَ الْهَمْزِ السَّاكِنِ اللَّازِمِ فِي الْمَكْسُورِ مَا قَبْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=74وَرِئْيًا ) فِي سُورَةِ مَرْيَمَ حُذِفَتْ صُورَةُ هَمْزَتِهَا وَكُتِبَتْ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ ، قِيلَ : اكْتِفَاءً بِالْكَسْرَةِ ، وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صُوِّرَتْ لَكَانَتْ يَاءً ، فَحُذِفَتْ لِذَلِكَ كَمَا حُذِفَتْ مِنْ ( وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26يَسْتَحْيِي وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=73يُحْيِي ) وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ ، وَكُتِبَتْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=10هَيِّئْ لَنَا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16يُهَيِّئْ لَكُمْ ) فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ صُورَةُ الْهَمْزَةِ فِيهَا أَلِفًا ؛ مِنْ أَجْلِ اجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ ، إِذْ لَوْ حُذِفَتْ لَحَصَلَ الْإِجْحَافُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْيَاءَ فِيهِمَا قَبْلَهَا مُشَدَّدَةٌ ، نَصَّ عَلَى تَصْوِيرِهَا أَلِفًا فِيهِمَا وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43الْمَكْرُ السَّيِّئُ )
nindex.php?page=showalam&ids=14841الْغَازِي بْنُ قَيْسٍ فِي هِجَاءِ السُّنَّةِ لَهُ ، أَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ كِتَابَةَ ذَلِكَ بِأَلِفٍ ، وَقَالَ : إِنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ ، وَقَالَ
السَّخَاوِيُّ : إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْهُ
أَبُو عَمْرٍو ، عَنْ يَقِينٍ ، بَلْ عَنْ غَلَبَةِ ظَنٍّ وَعَدَمِ اطِّلَاعٍ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ فِي الْمُصْحَفِ الشَّامِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14841الْغَازِي بْنُ قَيْسٍ .
( قُلْتُ ) : وَكَذَلِكَ رَأَيْتُهَا أَنَا فِيهِ ، وَقَدْ نَصَّ
الشَّاطِبِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى رَسْمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=10هَيِّئْ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=16يُهَيِّئْ ) بِيَاءَيْنِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي الْمَضْمُومِ مَا قَبْلَهُ ( تُووِي إِلَيْكَ ، وَتُووِيهِ ) حُذِفَتْ صُورَةُ الْهَمْزَةِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صُوِّرَتْ لَكَانَتْ وَاوًا ، فَيَجْتَمِعُ الْمِثْلَانِ أَيْضًا كَمَا حُذِفَتْ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251دَاوُدُ ، وَرُوِيَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=19يَسْتَوُونَ ) لِذَلِكَ . وَكَذَلِكَ حُذِفَتْ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5رُؤْيَاكَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=60الرُّؤْيَا ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43رُؤْيَايَ ) فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ ، فَلَمْ يُكْتَبْ لَهَا أَيْضًا صُورَةٌ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صُوِّرَتْ فِي ذَلِكَ لَكَانَتْ وَاوًا ، وَالْوَاوُ فِي الْخَطِّ الْقَدِيمِ الَّذِي كُتِبَتْ بِهِ الْمَصَاحِفُ الْعُثْمَانِيَّةُ قَرِيبَةُ الشَّكْلِ بِالرَّاءِ ، فَحُذِفَتْ لِذَلِكَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كُتِبَتْ عَلَى قِرَاءَةِ الْإِدْغَامِ ، أَوْ لِتَشْمَلَ الْقِرَاءَتَيْنِ تَحْقِيقًا وَتَقْدِيرًا ، وَهُوَ الْأَحْسَنُ ، وَفِي الْمَفْتُوحِ مَا قَبْلَهَا ( فَادَّارَاتُمْ فِيهَا ) مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ حُذِفَتْ صُورَةُ الْهَمْزَةِ مِنْهُ . وَلَوْ صُوِّرَتْ لَكَانَتْ أَلِفًا ، وَكَذَلِكَ حُذِفَتِ الْأَلِفُ الَّتِي قَبْلَهَا بَعْدَ الدَّالِ . وَإِنَّمَا حُذِفَا اخْتِصَارًا وَتَخْفِيفًا ، أَوْ أَنَّهُمَا لَوْ كُتِبَا لَاجْتَمَعَتِ الْأَمْثَالُ ، فَإِنَّ الْأَلِفَ الَّتِي بَعْدَ الْفَاءِ ثَابِتَةٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ ؛ تَنْبِيهًا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا سَاقِطَةٌ فِي اللَّفْظِ ، بِخِلَافِ الْآخِرَتَيْنِ ، فَإِنَّهُمَا وَإِنْ حُذِفَتَا خَطَأً فَإِنَّ مَوْضِعَهُمَا مَعْلُومٌ ، إِذْ لَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِالْكَلِمَةِ
[ ص: 448 ] إِلَّا بِهِمَا ، وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا : فِي حَذْفِهِمَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ الْخَطِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِيَقْرَأَ الْقَارِئُ بِالْإِثْبَاتِ فِي مَوْضِعِ الْحَذْفِ ، وَلَا حَذْفَ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ ، وَكَذَلِكَ حُذِفَتْ صُورَةُ الْهَمْزَةِ مِنِ ( امْتَلَاتِ ) فِي أَكْثَرِ الْمَصَاحِفِ تَخْفِيفًا . وَكَذَلِكَ ( اسْتَاجِرْهُ ، وَاسْتَاجَرْتَ ) فِيمَا ذَكَرَهُ
أَبُو دَاوُدَ فِي التَّنْزِيلِ ، وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=34يَسْتَأْخِرُونَ ) فِي الْغَيْبَةِ وَالْخِطَابِ ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ حَرْفَ الْأَعْرَافِ ، وَمِمَّا خَرَجَ مِنَ الْهَمْزِ الْمُتَحَرِّكِ بَعْدَ سَاكِنٍ غَيْرِ الْأَلِفِ الْمُنْشَأَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَوَاضِعِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=20يَسْأَلُونَ عَنْ ) فِي الْأَحْزَابِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58مَوْئِلًا ) فِي الْكَهْفِ وَ ( السُّوأَى ) فِي الرُّومِ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29أَنْ تَبُوءَ ) فِي الْمَائِدَةِ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7لِيَسُوءُوا ) فِي سُبْحَانَ ، فَصُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْرُفِ الْخَمْسَةِ ، وَكَانَ قِيَاسُهَا الْحَذْفَ ، وَأَنْ لَا تُصَوَّرَ ; لِأَنَّ قِيَاسَ تَخْفِيفِهَا النَّقْلُ وَيُلْحَقُ بِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67هُزُوًا ) عَلَى قِرَاءَةِ
حَمْزَةَ وَخَلَفٍ وَ ( كُفُؤًا ) عَلَى قِرَاءَتِهِمَا وَقِرَاءَةِ
يَعْقُوبَ ، فَـ "
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=20النَّشْأَةَ " كُتِبَتْ بِأَلِفٍ بَعْدِ الشِّينِ بِلَا خِلَافٍ ؛ لِاحْتِمَالِ الْقِرَاءَتَيْنِ ، فَهِيَ قِرَاءَةُ
أَبِي عَمْرٍو وَمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ مَدَّ صُورَةَ الْمَدَّةِ ، وَفِي قِرَاءَةِ
حَمْزَةَ ، وَمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ سَكَّنَ الشِّينَ صُورَةَ الْهَمْزَةِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273يَسْأَلُونَ ) اخْتَلَفَتِ الْمَصَاحِفُ فِي كِتَابَتِهَا ، فَفِي بَعْضِهَا بِأَلِفٍ بَعْدِ السِّينِ ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْحَذْفِ فَمَا كُتِبَتْ فِيهِ بِأَلِفٍ فَهِيَ كَالنَّشْأَةِ ؛ لِاحْتِمَالِ الْقِرَاءَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ قَرَأَهَا بِتَشْدِيدِ السِّينِ وَالْمَدِّ يَعْقُوبُ مِنْ رِوَايَةِ
رُوَيْسٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَاصِمٍ الْجَحْدَرَيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11813وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، وَمَا كُتِبَتْ فِيهِ بِالْحَذْفِ فَإِنَّهَا عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ الْبَاقِينَ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58مَوْئِلًا ) وَأَجْمَعَ الْمَصَاحِفُ عَلَى تَصْوِيرِ الْهَمْزَةِ فِيهِ يَاءً ، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ مُنَاسَبَةِ رُءُوسِ الْآيِ قَبْلُ وَبَعْدُ نَحْوُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=48مَوْعِدًا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53مَصْرِفًا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=52مَوْبِقًا ) وَمُحَافَظَةً عَلَى لَفْظِهَا ، وَ ( السُّوأَى ) صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا أَلِفًا بَعْدَ الْوَاوِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ هِيَ أَلِفُ التَّأْنِيثِ عَلَى مُرَادِ الْإِمَالَةِ ، وَلَمَّا صُوِّرَتْ أَلِفُ التَّأْنِيثِ لِذَلِكَ يَاءً صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ قَبْلَهَا أَلِفًا ؛ إِشْعَارًا بِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأَلِفِ التَّأْنِيثِ فِي الْإِمَالَةِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29أَنْ تَبُوءَ ) صُوِّرَتْ فِيهِ أَلِفًا وَلَمْ تُصَوَّرْ هَمْزَةً مُتَطَرِّفَةً بِغَيْرِ خِلَافٍ بَعْدَ سَاكِنٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7لِيَسُوءُوا ) مِثْلُهَا فِي قِرَاءَةِ
حَمْزَةَ ، وَمَنْ مَعَهُ ، وَأَمَّا عَلَى
[ ص: 449 ] قِرَاءَةِ
نَافِعٍ ، وَمَنْ مَعَهُ ، فَإِنَّ الْأَلِفَ فِيهَا زَائِدَةٌ ؛ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ وَاوِ الْجَمْعِ كَمَا هِيَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11قَالُوا ) وَشِبْهِهِ وَحَذْفُ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ تَخْفِيفًا لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67هُزُوًا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كُفُّوا ) فَكُتِبَتَا عَلَى الْأَصْلِ بِضَمِّ الْعَيْنِ فَصَوِّرَتْ عَلَى الْقِيَاسِ ، وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ سَكَّنَ تَخْفِيفًا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ السَّبْعَ لَمْ تُصَوَّرِ الْهَمْزَةُ فِيهَا صَرِيحًا إِلَّا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58مَوْئِلًا ) قَطْعًا ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي ) فِي أَقْوَى الِاحْتِمَالَيْنِ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ ) فِي الْقَصَصِ مِمَّا صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ أَلِفًا مَعَ وُقُوعِهَا مُتَطَرِّفَةً بَعْدَ سَاكِنٍ ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ
الشَّاطِبِيُّ ، فَجَعَلَهَا أَيْضًا مِمَّا خَرَجَ عَنِ الْقِيَاسِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ الْهَمْزَةَ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76لَتَنُوءُ ) مَضْمُومَةٌ ، فَلَوْ صُوِّرَتْ لَكَانَتْ وَاوًا كَمَا صُوِّرَتِ الْمَكْسُورَةُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58مَوْئِلًا ) يَاءً كَالْمَفْتُوحَةِ ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29تَبُوءَ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=20النَّشْأَةَ وَالسُّوأَى ، ) وَالصَّوَابُ أَنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ مِنْهَا مَحْذُوفٌ عَلَى الْقِيَاسِ ، وَهَذِهِ الْأَلِفُ وَقَعَتْ زَائِدَةً كَمَا كُتِبَتْ فِي ( يَعْبَؤُا ) وَ ( تَفَتَؤُا ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19لُؤْلُؤًا ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176إِنِ امْرُؤٌ ) تَشْبِيهًا بِمَا زِيدَ بَعْدَ وَاوِ الْجَمْعِ ، وَهَذَا مُحَتَّمًا أَيْضًا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=29أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ ( لَا تَايَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ ) ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ الْأَلِفَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْهَمْزِ ، بَلْ تَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ تَكُونَ رُسِمَتْ عَلَى قِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ مِنْ رِوَايَتَيِ
الْبَزِّيِّ وَابْنِ وَرْدَانَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْهَمْزِ الْمُفْرَدِ ، وَالْأَمْرُ الثَّانِي : أَنَّهُ قُصِدَ بِزِيَادَتِهَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَبَيْنَ يَئِسَ وَيَئِسُوا ، فَإِنَّهَا لَوْ رُسِمَتْ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ لَاشْتَبَهَتْ بِذَلِكَ ، فَفُرِّقَ بَيْنَ ذَلِكَ بِأَلِفٍ كَمَا فُرِّقَ بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ فِي مِائَةٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِنْهُ ، وَلِتَحْتَمِلَ الْقِرَاءَتَيْنِ أَيْضًا ، وَكَذَلِكَ زِيَادَةُ الْأَلِفِ فِي : ( لِشَآيٍ ) فِي الْكَهْفِ ، أَوْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا ، وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=69وَجِيءَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هُنَا ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . وَأَمَّا ( الْمَؤُدَةُ ) فَرُسِمَتْ بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ وَحُذِفَتْ صُورَةُ الْهَمْزَةِ فِيهَا عَلَى الْقِيَاسِ ، وَكَذَلِكَ فِي ( مَسْؤُلًا ) وَالْعَجَبُ مِنَ
الشَّاطِبِيِّ كَيْفَ ذَكَرَ ( مَسْؤُلًا ) مِمَّا حُذِفَتْ مِنْهُ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ ، وَكَذَلِكَ حُذِفَ أَلِفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2قُرْآنًا فِي أَوَّلِ سُورَةِ يُوسُفَ وَالزُّخْرُفِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ كَمَا كُتِبَتْ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ ، فَمَا حُذِفَ اخْتِصَارًا لِلْعِلْمِ بِهِ فَلَيْسَ مِنْ
[ ص: 450 ] هَذَا الْبَابِ ، وَكَذَلِكَ حُذِفَ فِي بَعْضِهَا مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=106وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ فِي سُبْحَانَ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2قُرْآنًا عَرَبِيًّا فِي الزُّمَرِ ، فَكُتِبَتْ : ( ق . ر . ن ) فَحُذِفَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَلِفَاتِ لِلتَّخْفِيفِ ، وَخَرَجَ مِنَ الْهَمْزِ الْمُتَحَرِّكِ بَعْدَ الْأَلِفِ مِنَ الْمُتَوَسِّطِ أَصْلٌ مُطَّرِدٌ وَكَلِمَاتٌ مَخْصُوصَةٌ . فَالْأَصْلُ الْمُطَّرِدُ مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ مِثْلَانِ فَأَكْثَرُ ، وَذَلِكَ فِي الْمَفْتُوحَةِ مُطْلَقًا نَحْوُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171دُعَاءً وَنِدَاءً ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=22مَاءً ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57مَلْجَأً ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92خَطَأً ) وَمِنَ الْمَضْمُومَةِ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَاوٌ نَحْوُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90جَاءُوكُمْ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142يُرَاءُونَ ) وَفِي الْمَكْسُورَةِ إِذَا وَقَعَ بَعْدَهَا يَاءٌ نَحْوُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40إِسْرَائِيلَ ) وَمِنْ ( وَرَايْ وَ شُرَكَايْ وَالَّايْ ) فِي قِرَاءَةِ
حَمْزَةَ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَلَمْ يُكْتَبْ لِلْهَمْزِ فِي ذَلِكَ صُورَةٌ ؛ لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ صُورَتَيْنِ ، وَالْكَلِمَاتُ الْمَخْصُوصَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ فِي الْبَقَرَةِ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ فِي الْأَنْعَامِ ، وَفِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَفِي الْأَحْزَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ وَفِي فُصِّلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فَكُتِبَ فِي أَكْثَرِ مَصَاحِفِ
أَهْلِ الْعِرَاقِ مَحْذُوفَ الصُّورَةِ ، وَفِي سَائِرِ الْمَصَاحِفِ ثَابِتًا . وَحَكَى
ابْنُ الْمُنَادِي وَغَيْرُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ ) فِي الْأَنْفَالِ مَحْذُوفٌ أَيْضًا ، وَأَجْمَعَتْ الْمَصَاحِفُ عَلَى حَذْفِ أَلِفِ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْهَمْزِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَنَحْوِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَإِنَّمَا حُذِفَتْ صُورَةُ الْهَمْزِ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَمَّا حُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنَ الْمَخْفُوضِ اجْتَمَعَ الصُّورَتَانِ ، فَحُذِفَتْ صُورَةُ الْهَمْزِ لِذَلِكَ ، وَحُمِلَ الْمَرْفُوعُ عَلَيْهِ ، وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ لِيُنَاسِبَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ، وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي "
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=74جَزَاؤُهُ " الثَّلَاثَةُ الْأَحْرُفِ مِنْ يُوسُفَ . فَحَكَى حَذْفَ صُورَةِ الْهَمْزَةِ فِيهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14841الْغَازِي بْنُ قَيْسٍ فِي كِتَابِهِ " هِجَاءُ السُّنَّةِ " ، وَرَوَاهُ
الدَّانِيُّ فِي مُقْنِعِهِ عَنْ
نَافِعٍ ، وَوَجْهُ ذَلِكَ قُرْبُ شِبْهِ الْوَاوِ مِنْ صُورَةِ الزَّايِ فِي الْخَطِّ الْقَدِيمِ كَمَا فَعَلُوا فِي الرُّؤْيَا ، فَحَذَفُوا صُورَةَ الْهَمْزَةِ لِشِبْهِ الْوَاوِ بِالرَّاءِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى رَسْمِ " تَرَاءَ " مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : فَلَمَّا تَرَاءَ الْجَمْعَانِ فِي الشُّعَرَاءِ بِأَلِفٍ وَاحِدَةٍ ، وَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي الْأَلِفِ الثَّابِتَةِ وَالْمَحْذُوفَةِ هَلِ الْأُولَى أَمِ الثَّانِيَةُ ؟ فَذَهَبَ
الدَّانِيُّ إِلَى أَنَّ الْمَحْذُوفَةَ
[ ص: 451 ] هِيَ الْأُولَى ، وَأَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الثَّابِتَةُ ، وَوَجَّهَ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا أَنَّ الْأُولَى زَائِدَةٌ ، وَالثَّانِيَةَ أَصْلِيَّةٌ ، وَالزَّائِدُ أَوْلَى بِالْحَذْفِ ، وَالْأَصْلِيُّ أَوْلَى بِالثُّبُوتِ . وَالثَّانِي أَنَّهُمَا سَاكِنَانِ ، وَقِيَاسُهُ تَغْيِيرُ الْأُولَى . وَالثَّالِثُ أَنَّ الثَّانِيَةَ قَدْ أُعِلَّتْ بِالْقَلْبِ ، فَلَا تُعَلُّ ثَانِيًا بِالْحَذْفِ ؛ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهَا إِعْلَالَانِ . وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الْأُولَى ، وَأَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الْمَحْذُوفَةُ ، وَاسْتَدَلُّوا بِخَمْسَةِ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا أَنَّ الْأُولَى تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى وَلَيْسَتِ الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ ، فَحَذْفُهَا أَوْلَى . وَالثَّانِي أَنَّ الثَّانِيَةَ طَرَفٌ ، وَالطَّرَفُ أَوْلَى بِالْحَذْفِ . وَالثَّالِثُ أَنَّ الثَّانِيَةَ حُذِفَتْ فِي الْوَصْلِ لَفْظًا ، فَنَاسَبَ أَنْ تُحْذَفَ خَطًّا . وَالرَّابِعُ أَنَّ حَذْفَ إِحْدَى الْأَلِفَيْنِ إِنَّمَا سَبَبُهُ كَرَاهِيَةُ اجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ ، وَالِاجْتِمَاعُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالثَّانِيَةِ ، فَكَانَ حَذْفُهَا أَوْلَى . وَالْخَامِسُ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ ثَبَتَتْ لَرُسِمَتْ يَاءً ؛ لِأَنَّهَا قِيَاسُهَا لِكَوْنِهَا مُنْقَلِبَةً عَنْ يَاءٍ ، وَأَجَابُوا عَنِ الْأُولَى بِأَنَّ الزَّائِدَ إِنَّمَا يَكُونُ أَوْلَى بِالْحَذْفِ مِنَ الْأَصْلِيِّ إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ لِمُجَرَّدِ التَّوَسُّعِ ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ لِلْأَبْنِيَةِ فَلَا . وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّهَا لَمْ تُحْذَفْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، بَلْ لِلْمِثْلَيْنِ ، وَأَيْضًا فَقَدْ غُيِّرَ الثَّانِي لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ كَثِيرًا ، وَعَنِ الثَّالِثِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْقَلْبِ اللَّفْظُ ، وَمَحَلَّ الْحَذْفِ الْخَطُّ ، فَلَمْ يَتَعَدَّدِ الْإِعْلَالُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَخَرَجَ مِنَ الْمُتَطَرِّفِ بَعْدَ الْأَلِفِ كَلِمَاتٌ وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا مَضْمُومَةً وَمَكْسُورَةً ، فَالْمَضْمُومَةُ مِنْهَا ثَمَانِ كَلِمَاتٍ كُتِبَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا وَاوًا بِلَا خِلَافٍ ، وَهِيَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12شُرَكَاءُ ) فِي الْأَنْعَامِ ( أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَؤُا ) ، وَفِي الشُّورَى ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَؤُا ) وَنَشَاءُ فِي هُودٍ ( أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَؤُا ) ، وَالضُّعَفَاءُ فِي إِبْرَاهِيمَ ( فَقَالَ الضُّعَفَؤُا ) ، وَشُفَعَاءُ فِي الرُّومِ ( مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَؤُا ) ، وَ دُعَاءٌ فِي غَافِرٍ ( وَمَا دُعَاؤُا الْكَافِرِينَ ) ، وَالْبَلَاءُ فِي الصَّافَّاتِ ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَؤُا الْمُبِينُ ) ، وَفِي الدُّخَانِ ( بَلَؤٌا مُبِينٌ ) ، وَبُرَآءُ فِي الْمُمْتَحِنَةِ ( إِنَّا بُرَؤَاءُ ) ، وَجَزَاءُ فِي الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمَائِدَةِ ( وَذَلِكَ جَزَؤُا الظَّالِمِينَ ) وَ ( إِنَّمَا جَزَؤُا الَّذِينَ ) ، وَفِي الشُّورَى ( وَجَزَؤُا سَيِّئَةٍ ) ، وَفِي الْحَشْرِ ( وَذَلِكَ جَزَؤُا الظَّالِمِينَ ) ، وَاخْتُلِفَ فِي أَرْبَعٍ ، وَهِيَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=85جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ فِي الزُّمَرِ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=76جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى فِي طه ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=88جَزَاءً الْحُسْنَى فِي الْكَهْفِ وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الشُّعَرَاءِ ،
[ ص: 452 ] وَ ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَؤُا ) فِي فَاطِرٍ ، وَفِي ( أَنْبَاؤُا مَا كَانُوا بِهِ ) فِي الْأَنْعَامِ وَالشُّعَرَاءِ . فَمَا كُتِبَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِالْوَاوِ ، فَإِنَّ الْأَلِفَ قَبْلَهُ تُحْذَفُ اخْتِصَارًا ، وَتُلْحَقُ بَعْدَ الْوَاوِ مِنْهُ أَلِفٌ تَشْبِيهًا بِوَاوِ يَدْعُوا ، وَقَالُوا : وَمَا لَا يُكْتَبُ فِيهِ صُورَةُ الْهَمْزَةِ فَإِنَّ الْأَلِفَ فِيهِ تُثْبَتُ لِوُقُوعِهَا طَرَفًا وَالْمَكْسُورَةُ صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ يَاءً فِي أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ ، وَهِيَ ( مِنْ تِلْقَايِ نَفْسِي ) فِي يُونُسَ وَ ( إِيتَايِ ذِي الْقُرْبَى ) فِي النَّحْلِ ، وَ ( مِنْ آنَايِ اللَّيْلِ ) فِي طه ، وَ ( أَوْ مِنْ وَرَايِ حِجَابٍ ) فِي الشُّورَى ، وَالْأَلِفُ قَبْلَهَا ثَابِتَةٌ فِيهَا ، وَلَكِنْ حُذِفَتْ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ مِنْ ( تِلْقَايِ نَفْسِي ) ، وَ ( إِيتَايِ ذِي الْقُرْبَى ) قَالَ
السَّخَاوِيُّ قَدْ رَأَيْتُ فِي الْمُصْحَفِ الشَّامِيِّ الْأَلِفَ مَحْذُوفَةً مِنْ ( تِلْقَيِ نَفْسِي ) ، وَمِنْ ( ايتِي ذِي الْقُرْبَى ) كَمَا كُتِبَتْ إِلَى بِغَيْرِ أَلِفٍ ، وَثَابِتَةٌ فِي آنَايِ اللَّيْلِ ، وَوَرَايِ حِجَابٍ . انْتَهَى . وَاخْتُلِفَ فِي ( بِلِقَايِ رَبِّهِمْ ، وَلِقَايِ الْآخِرَةِ ) الْحَرْفَيْنِ فِي الرُّومِ ، فَنَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14841الْغَازِي بْنُ قَيْسٍ عَلَى إِثْبَاتِ الْيَاءِ فِيهِمَا ، وَقَالَ
الدَّانِيُّ : وَمَصَاحِفُ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14841الْغَازِي بْنُ قَيْسٍ بِالْيَاءِ . وَقَالَ
السَّخَاوِيُّ : وَقَدْ رَأَيْتُ الْحَرْفَ الْأَوَّلَ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=154بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ بِغَيْرِ يَاءٍ ، وَرَأَيْتُ الْحَرْفَ الثَّانِيَ " وَلِقَايِ الْآخِرَةِ " بِالْيَاءِ . وَأَمَّا اللَّايْ فَإِنَّهَا كُتِبَتْ فِي السُّوَرِ الثَّلَاثِ ( إِلَى ) عَلَى صُورَةِ " إِلَى الْجَارَةِ لِتَحْتَمِلَهَا الْقِرَاءَاتُ الْأَرْبَعُ . فَالْأَلِفُ حُذِفَتِ اخْتِصَارًا كَمَا حُذِفَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي وَبَقِيَتْ صُورَةُ الْهَمْزَةِ عِنْدَ مَنْ حَذَفَ الْيَاءَ وَحَقَّقَ الْهَمْزَةَ ، أَوْ سَهَّلَهَا بَيْنَ بَيْنَ ، وَصُورَةُ الْيَاءِ عِنْدَ مَنْ أَبْدَلَهَا يَاءً سَاكِنَةً ، وَأَمَّا عِنْدَ وَقْفِ حَمْزَةَ ، وَمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ أَثْبَتَ الْهَمْزَةَ وَالْيَاءَ جَمِيعًا ، فَحُذِفَتْ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ لِاجْتِمَاعِ الصُّورَتَيْنِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ مَحْذُوفَةٌ ، وَالثَّابِتُ هُوَ الْيَاءُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَخَرَجَ مِنَ الْهَمْزِ الْمُتَحَرِّكِ الْمُتَطَرِّفِ الْمُتَحَرِّكِ مَا قَبْلَهُ بِالْفَتْحِ كَلِمَاتٌ وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا مَضْمُومَةً وَمَكْسُورَةً . فَالْمَضْمُومَةُ عَشْرَةٌ كُتِبَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا وَاوًا ، وَهِيَ ( تَفَتَوُا ) فِي يُوسُفَ ، وَ ( يَتَفَيَّوُا ) فِي النَّحْلِ ، وَ ( أَتَوَكَّوُا ) وَ ( لَا تَظْمَوُا ) كِلَاهُمَا فِي طه ، وَ ( يَدْرَوُا عَنْهَا ) فِي النُّورِ ، وَ ( يَعْبَوُا ) فِي الْفُرْقَانِ ، وَ ( الْمَلَا ) فِي أَوَّلِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ [ ص: 453 ] فِي قِصَّةِ
نُوحٍ ، وَفِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ فِي النَّمْلِ ، وَهِيَ ( الْمَلَوُا انِّي ) ( وَالْمَلَوُا فْتُوَانِي ) ( وَالْمَلَوُا ايُّكُمْ ) وَ ( يُنَشَّوُا فِي الْحِلْيَةِ ) فِي الزُّخْرُفِ ( وَنَبَوُ ) فِي غَيْرِ حَرْفِ بَرَاءَةَ ، وَهُوَ فِي إِبْرَاهِيمَ ( نَبَوُا الَّذِينَ ) ، وَكَذَلِكَ فِي التَّغَابُنِ ، وَ ( نَبَوٌا عَظِيمٌ ) فِي ص ، وَ ( نَبَوُا الْخَصْمِ ) فِيهَا ، إِلَّا أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ كُتِبَ بِغَيْرِ وَاوٍ ، وَ ( يُنَبَّوُا الْإِنْسَانُ ) فِي الْقِيَامَةِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ ، وَزِيدَتِ الْأَلِفُ بَعْدِ الْوَاوِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَشْبِيهًا بِالْأَلِفِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ وَاوِ الضَّمِيرِ ، وَالْمَكْسُورَةُ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ يَاءً ، وَهِيَ ( مِنْ نَبَايِ الْمُرْسَلِينَ ) فِي الْأَنْعَامِ ، إِلَّا أَنَّ الْأَلِفَ زِيدَتْ قَبْلَهَا ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْأَلِفَ هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ فِي ذَلِكَ ، وَإِنَّ الْيَاءَ زَائِدَةٌ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَوْلَى ، بَلِ الصَّوَابُ . فَإِنَّ الْهَمْزَةَ الْمَضْمُومَةَ مِنْ ذَلِكَ صُوِّرَتْ وَاوًا بِالِاتِّفَاقِ ، فَحَمْلُ الْمَكْسُورَةِ عَلَى نَظِيرِهَا أَصَحُّ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَلِفَ زِيدَتْ قَبْلَ الْيَاءِ رَسْمًا فِي ( لِشَايٍ ) مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ ، وَفِي " جِيءَ " لِغَيْرِ مُوجِبٍ فَزِيَادَتُهَا هُنَا لِمُوجِبِ الْفُتْحَةِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ أَوْلَى ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكُتَّابَ أَجْمَعُوا عَلَى زِيَادَةِ الْأَلِفِ فِي ( مَايَةٌ ) قَبْلَ الْيَاءِ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِنْهُ ، وَحَمَلَ عُلَمَاءُ الرَّسْمِ الْأَلِفَ فِي يَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس ) عَلَى ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ( بِيسَ ) مَعَ وُجُودِ الْقِرَاءَةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ ، فَحَمْلُهَا هُنَا لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَنِي وَنَبِي أَوْلَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43السَّيِّئِ ) فِي مَوْضِعَيْ فَاطِرٍ وَحِكَايَةُ
الْغَازِي وَغَيْرِهِ أَنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ فِيهِ كُتِبَتْ أَلِفًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ ، وَإِنْكَارُ
الدَّانِيِّ ذَلِكَ وَأَنَّهَا كُتِبَتْ يَاءً عَلَى الْقِيَاسِ . وَوَجْهُ رَسْمِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَضْمُومِ الْمُتَطَرِّفِ وَاوًا وَمَكْسُورِهِ يَاءً تَنْبِيهًا عَلَى وَجْهِ تَخْفِيفِهَا وِفْقًا لِذَلِكَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقِفُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ . وَقِيلَ : تَقْوِيَةً لِلْهَمْزَةِ فِي الْخَطِّ كَمَا قُوِّيَتْ فِي اللَّفْظِ بِحَرْفِ الْمَدِّ . وَقِيلَ : اعْتِنَاءً بِبَيَانِ حَرَكَتِهَا ، وَقِيلَ : إِجْرَاءً لِلْمُتَطَرِّفِ فِي مَجْرَى الْمُتَوَسِّطِ بِاعْتِبَارِ وَصْلِهِ بِمَا بَعْدَهُ ، كَمَا أَجْرَوْا بَعْضَ الْهَمَزَاتِ الْمُبْتَدَآتِ لِذَلِكَ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ ؛ لِظُهُورِ فَائِدَتِهِ وَبَيَانِ ثَمَرَتِهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ، وَخَرَجَ مِنَ الْهَمْزِ الْمُتَوَسِّطِ الْمُتَحَرِّكِ بَعْدَ مُتَحَرِّكٍ أَصْلٌ مُطَّرِدٌ ، وَهُوَ مَا وَقَعَ بَعْدَ الْهَمْزَةِ فِيهِ
[ ص: 454 ] وَاوًا أَوْ يَاءً ، فَلَمْ تُرْسَمْ فِي ذَلِكَ صُورَةً ، وَذَلِكَ نَحْوُ ( مُسْتَهْزُونَ ) وَ ( صَابُونَ ) وَ ( مَالُونَ ) وَ ( يَسْتَنْبُونَكَ ) وَ ( لِيُطْفُو ) وَ ( بِرُوسِكُمْ ) وَ ( يَطُونَ ) وَنَحْوُ ( خَاسِينَ ) وَ ( صَابِينَ ) وَ ( مُتَّكِينَ ) ، وَذَلِكَ إِمَّا لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَأْلُوفَةِ رَسْمًا ، أَوْ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُسْقِطُ الْهَمْزَةَ رَأْسًا ، أَوْ لِتَحْتَمِلَ الْقِرَاءَتَيْنِ إِثْبَاتًا وَحَذْفًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَكَذَلِكَ حَذَفُوهَا مِنْ ( سَيَّاتِ ) فِي الْجَمْعِ نَحْوُ ( كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيَّاتِهِمْ ) ، وَ ( اجْتَرَحُوا السَّيَّاتِ ) لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ ، وَعَرَضُوا عَنْهَا إِثْبَاتَ الْأَلِفِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسِهِمْ فِي أَلِفَاتِ جَمْعِ التَّأْنِيثِ ، وَأَثْبَتُوا صُورَتَهَا فِي الْمُفْرَدِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=81سَيِّئَةً ) ، وَ ( سَيِّئًا ) وَجَمَعُوا بَيْنَ صُورَتِهَا وَأَلِفِ الْجَمْعِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24الْمُنْشَآتُ ، وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْهَمْزَةُ الْمَضْمُومَةُ بَعْدَ كَسْرٍ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهَا وَاوٌ نَحْوُ ( وَلَا يُنَبِّيكَ ) ، وَ ( سَنُقْرِيكَ ) فَلَمْ يُرْسَمْ عَلَى مَذْهَبِ الْجَادَّةِ بِوَاوٍ ، بَلْ رُسِمَ عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ بِالْيَاءِ وَرُسِمَ عَكْسَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108سُئِلَ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=14سُئِلُوا عَلَى مَذْهَبِ الْجَادَّةِ ، وَلَمْ يُرْسَمْ عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ ، وَاخْتُلِفَ مِنَ الْمَفْتُوحِ بَعْدَ الْفَتْحِ فِي ( اطْمَانُّوا ) ، وَفِي ( لَامْلَنَّ ) أَعْنِي الَّتِي قَبْلَ النُّونِ ، وَفِي : ( اشْمَزَّتْ ) فَرُسِمَتْ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ بِالْأَلِفِ عَلَى الْقِيَاسِ ، وَحُذِفَتْ فِي أَكْثَرِهَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ تَخْفِيفًا وَاخْتِصَارًا إِذَا كَانَ مَوْضِعُهَا مَعْلُومًا ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي ( ارَايْتَ ) وَ ( ارَيْتُمْ ) وَ ( ارَيْتَكُمْ ) فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ ، فَكُتِبَ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ بِالْإِثْبَاتِ ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْحَذْفِ ، إِمَّا عَلَى الِاخْتِصَارِ أَوْ عَلَى قِرَاءَةِ الْحَذْفِ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمُ الْحَذْفَ فِي سُورَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4الدِّينِ فَقَطْ ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِيهَا وَفِي ( أَرَيْتُمْ ) فَقَطْ ، وَالصَّحِيحُ إِجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا ( نَأَى ) فِي سُبْحَانَ وَفُصِّلَتْ فَإِنَّهُ رُسِمَ بِنُونٍ وَأَلِفٍ فَقَطْ ؛ لِيَحْتَمِلَ الْقِرَاءَتَيْنِ ، فَعَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَدَّمَ حَرْفَ الْمَدِّ عَلَى الْهَمْزِ ظَاهِرٌ ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ قَدْ رُسِمَ الْأَلِفُ الْمُنْقَلِبَةُ أَلِفًا فَاجْتَمَعَ حِينَئِذٍ أَلِفَانِ فَحُذِفَ إِحْدَاهُمَا ، وَلَا شَكَّ عِنْدَنَا أَنَّهَا الْمُنْقَلِبَةُ ، وَأَنَّ هَذِهِ الْأَلِفَ الثَّابِتَةَ هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76رَأَى كُتِبَ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ بِرَاءٍ وَأَلِفٍ لَا غَيْرَ ، وَالْأَلِفُ فِيهِ صُورَةُ الْهَمْزَةِ كَذَلِكَ وَكُتِبَ فِي مَوْضِعَيِ النَّجْمِ وَهُمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=11مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى بِأَلِفٍ بَعْدَهَا يَاءٌ عَلَى لُغَةِ الْإِمَالَةِ فَجَمَعَ
[ ص: 455 ] فِي ذَلِكَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا رَسْمُ ( مِايَةٌ ) وَ ( مِايَتَيْنِ ) وَ ( مَلَايِهِ ) وَ ( مَلَايِهِمْ ) بِالْأَلِفِ قَبْلَ الْيَاءِ ، فَالْأَلِفُ فِي ذَلِكَ زَائِدَةٌ كَمَا قَدَّمْنَا ، وَالْيَاءُ فِيهِ صُورَةُ الْهَمْزَةِ قَطْعًا ، وَالْعَجَبُ مِنَ
الدَّانِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14563وَالشَّاطِبِيِّ وَمَنْ قَلَّدَهُمَا كَيْفَ قَطَعُوا بِزِيَادَةِ الْيَاءِ فِي ( مَلَايِهِ ) وَ ( مَلَايِهِمْ ) فَقَالَ
الدَّانِيُّ فِي مُقْنِعِهِ : وَفِي مَصَاحِفِ
أَهْلِ الْعِرَاقِ وَغَيْرِهَا وَ ( مَلَايِهِ ) وَ ( مَلَايِهِمْ ) حَيْثُ وَقَعَ بِزِيَادَةِ يَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ ، قَالَ : كَذَلِكَ رَسَمَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14841الْغَازِي بْنُ قَيْسٍ فِي كِتَابِ " هِجَاءِ السُّنَّةِ " الَّذِي رَوَاهُ عَنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، قَالَ
السَّخَاوِيُّ : وَكَذَلِكَ رَأَيْتُهُ فِي الْمُصْحَفِ الشَّامِيِّ .
( قُلْتُ ) : وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ ، وَلَكِنَّهَا غَيْرُ زَائِدَةٍ ، بَلْ هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ ، وَإِنَّمَا الزَّائِدَةُ الْأَلِفُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَخَرَجَ مِنَ الْهَمْزِ الْوَاقِعِ أَوَّلًا كَلِمَاتٌ لَمْ تُصَوَّرِ الْهَمْزَةُ فِيهِ أَلِفًا كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِيمَا وَقَعَ أَوَّلًا ، بَلْ صُوِّرَتْ بِحَسَبِ مَا تُخَفَّفُ بِهِ حَالَةَ وَصْلِهَا بِمَا قَبْلَهَا ؛ إِجْرَاءً لِلْمُبْتَدَأِ فِي ذَلِكَ مَجْرَى الْمُتَوَسِّطِ ، وَتَنْبِيهًا عَلَى جَوَازِ التَّخْفِيفِ جَمْعًا بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ ، فَرُسِمَتِ الْمَضْمُومَةُ فِي ( أَوُنَبِّيكُمْ ) بِالْوَاوِ بَعْدَ الْأَلِفِ ، وَلَمْ تُرْسَمْ فِي نَظِيرِهَا ( أَأُنْزِلَ أَأُلْقِيَ ) بَلْ كُتِبَا بِأَلِفٍ وَاحِدَةٍ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْبَابِ نَحْوُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6أَأَنْذَرْتَهُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140أَأَنْتُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أَأَشْفَقْتُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أَأَمِنْتُمْ مَنْ ، أَأَللَّهُ أَذِنَ ) وَكَذَلِكَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ ثَلَاثُ أَلِفَاتٍ لَفْظًا نَحْوُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=58أَآلِهَتُنَا ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَإِنَّا إِلَّا مَوَاضِعَ كُتِبَتْ بِيَاءٍ عَلَى مُرَادِ الْوَصْلِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ ، وَرُسِمَ " هَؤُلَاءِ " بِوَاوٍ ، ثُمَّ وُصِلَ بِهَا التَّنْبِيهُ بِحَذْفِ أَلِفِهِ كَمَا فُعِلَ فِي ( يَأَيُّهَا ) ، وَرُسِمَ ( يَابْنَوُمٍّ ) فِي طه بِوَاوٍ ، وَوُصِلَ بِنُونِ ( ابْنَ ) ثُمَّ وَصِلَتْ أَلِفُ ابْنٍ بِيَاءِ النِّدَاءِ الْمَحْذُوفَةِ الْأَلِفِ ، فَالْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْيَاءِ هِيَ أَلِفُ ( ابْنَ ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14467أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ ، نَقَلَهُ عَنِ الْمُصْحَفِ الشَّامِيِّ رُؤْيَةً ، وَكَذَلِكَ رَأَيْتُهَا أَنَا فِيهِ غَيْرَ أَنَّ بِهَا أَثَرُ حَكٍّ أَظُنُّهُ وَقَعَ بَعْدَ
السَّخَاوِيِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَهَذَا الْمُصْحَفُ ) الَّذِي يَنْقُلُ عَنْهُ
السَّخَاوِيُّ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِالْمُصْحَفِ الشَّامِيِّ هُوَ بِالْمَشْهَدِ الشَّرْقِي الشَّمَالِيِّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَشْهَدُ عَلِيٍّ
بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ مِنْ
دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ . وَأَخْبَرَنَا شُيُوخُنَا الْمَوْثُوقُ بِهِمْ أَنَّ هَذَا الْمُصْحَفَ كَانَ أَوَّلًا بِالْمَسْجِدِ الْمَعْرُوفِ
بِالْكُوشَكِ دَاخِلَ
دِمَشْقَ الَّذِي جَدَّدَ
[ ص: 456 ] عِمَارَتَهُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ
nindex.php?page=showalam&ids=17217نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زِنْكِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَنَّ
السَّخَاوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ سَبَبُ مَجِيئِهِ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ مِنَ الْجَامِعِ ، ثُمَّ إِنِّي أَنَا رَأَيْتُهَا كَذَلِكَ فِي الْمُصْحَفِ الْكَبِيرِ الشَّامِيِّ الْكَائِنِ بِمَقْصُورَةِ
الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ ، ثُمَّ رَأَيْتُهَا كَذَلِكَ بِالْمُصْحَفِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : الْإِمَامُ ، بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ، وَهُوَ الْمَوْضُوعُ بِالْمَدْرَسَةِ الْفَاضِلِيَّةِ دَاخِلَ
الْقَاهِرَةِ الْمُعِزِّيَّةِ ، وَكُتِبَتِ الْهَمْزَةُ مِنْ أُمٍّ فِي ( ابْنَ أُمٍّ ) فِي الْأَعْرَافِ أَلِفًا مَفْصُولَةً ، وَأَمَّا ( هَاؤُمُ اقْرَوُا ) فِي الْحَاقَّةِ فَالْهَمْزَةُ فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، فَلَمْ تَكُنْ كَالْهَمْزَةِ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=31هَؤُلَاءِ وَهَانْتُمْ ) ; لِأَنَّ هَمْزَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19هَاؤُمُ حَقِيقِيَّةٌ ؛ لِأَنَّهَا تَتِمَّةُ كَلِمَةِ " هَاءَ " بِمَعْنَى خُذْ ، ثُمَّ اتَّصَلَ بِهَا ضَمِيرُ الْجَمَاعَةِ الْمُتَّصِلُ وَهَؤُلَاءِ ( وَهَانْتُمْ ) الْهَاءُ فِيهِ لِلتَّنْبِيهِ دَخَلَتْ عَلَى أُولَاءِ ، وَعَلَى أَنْتُمْ فَتُسَهَّلُ هَمْزَةُ ( هَاوُمُ ) بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ بَيْنَ وَيُوقَفُ ( هَاوُمُ ) عَلَى الْمِيمِ بِلَا نَظَرٍ ، وَقَدْ مَنَعَ
أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ الْوَقْفَ عَلَيْهَا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْأَصْلَ ( هَاوُمُو ) بِوَاوٍ ، وَإِنَّمَا كُتِبَتْ عَلَى لَفْظِ الْوَصْلِ فَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ كَمَا حُذِفَتْ فِي سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ فَقَالَ : لَا يَحِينُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّكَ إِنْ وَقَفْتَ عَلَى الْأَصْلِ بِالْوَاوِ خَالَفْتَ الْخَطَّ ، وَإِنْ وَقَفْتَ بِغَيْرِ وَاوٍ خَالَفْتَ الْأَصْلَ ، وَذَكَرَ
الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ مَعْنَى ذَلِكَ ، وَذَلِكَ سَهْوٌ بَيِّنٌ ، فَإِنَّ الْمِيمَ فِي ( هَاوُمُ ) مِثْلُ الْمِيمِ فِي ( أَنْتُمُ ) الْأَصْلُ فِيهِمَا الصِّلَةُ بِالْوَاوِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَرَسْمُ الْمُصْحَفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِحَذْفِ الْوَاوِ فِيمَا لَيْسَ بَعْدَهُ سَاكِنٌ ، فَمَا بَعْدَهُ سَاكِنٌ أَوْلَى فَالْوَقْفُ عَلَى الْمِيمِ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ ، وَإِذَا كَانَ الَّذِي يَصِلُ مِيمَ الْجَمْعِ بِوَاوٍ فِي الْوَصْلِ لَا يَقِفُ بِالْوَاوِ عَلَى الْأَصْلِ فَمَا الظَّنُّ بِغَيْرِهِ . وَهَذَا مِمَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأُسْتَاذُ
أَبُو شَامَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرُسِمَ ( لَاصَلِّبَنَّكُمْ ) فِي طه وَالشُّعَرَاءِ وَفِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ بِالْوَاوِ بَعْدَ الْأَلِفِ ، وَكَذَلِكَ ( سَاوُرِيكُمْ ) فَقَطَعَ
الدَّانِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ فِي ذَلِكَ ، وَإِنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ هُوَ الْأَلِفُ قَبْلَهَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّائِدَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْأَلِفُ ، وَأَنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ هُوَ الْوَاوُ ، كُتِبَتْ عَلَى مُرَادِ الْوَصْلِ تَنْبِيهًا عَلَى التَّخْفِيفِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةُ الْأَلِفِ بَعْدَ اللَّامِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ وَهُوَ ( لَا اذْبَحَنَّهُ ) وَ ( لَا اوْضَعُوا ) ، وَكَذَلِكَ إِذَا خَفَّفْنَا الْهَمْزَةَ
[ ص: 457 ] فِي ذَلِكَ فَإِنَّا نُخَفِّفُهَا بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ كَمَا أَنَّا إِذَا خَفَّفْنَاهَا فِي هَذَا نُخَفِّفُهُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ ، فَدَلَّ عَلَى زِيَادَةِ الْأَلِفِ فِي كُلِّ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . " نَعَمْ " زِيدَتِ الْوَاوُ بِإِجْمَاعٍ مِنْ أَئِمَّةِ الرَّسْمِ وَالْكِتَابَةِ فِي أُولِي لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ( إِلَى ) الْجَارَّةِ ، وَفِي أُولَئِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4إِلَيْكَ ) وَاطَّرَدَتْ زِيَادَتُهَا فِي ( أُولُوا ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أُولَاتِ ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119أُولَاءِ ) حَمْلًا عَلَى أَخَوَاتِهِ ، وَهِيَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179يَاأُولِي ) تَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِزِيَادَتِهَا فِي نَظَائِرِهَا ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ صُورَةَ الْهَمْزَةِ كَمَا كُتِبَتْ فِي هَؤُلَاءِ ، وَتَكُونُ الْأَلِفُ أَلِفَ يَاءٍ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ؛ لِاطِّرَادِ حَذْفِ الْأَلِفِ مِنْ يَاءِ حَرْفِ النِّدَاءِ ، وَلَكِنْ إِذَا أَمْكَنَ الْحَمْلُ عَلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ بِلَا مُعَارِضٍ فَهُوَ أَوْلَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَرُسِمَتِ الْمَكْسُورَةُ فِي : ( لَيِنْ ) ، ( وَيَوْمَيِذٍ ) ، ( وَحِينَيِذٍ ) يَاءً مَوْصُولَةً بِمَا قَبْلَهَا كَلِمَةً وَاحِدَةً . وَكَذَلِكَ صُوِّرَتْ فِي ( ايِنَّكُمْ ) فِي الْأَنْعَامِ وَالنَّمْلِ ، وَالثَّانِي مِنَ الْعَنْكَبُوتِ وَفُصِّلَتْ ( وَ أَيِنَّ لَنَا ) فِي الشُّعَرَاءِ ( وَ أَيِنَّا لَمُخْرَجُونَ ) فِي النَّمْلِ وَ ( أَيِنَّا لَتَارِكُوا ) فِي الصَّافَّاتِ وَ ( ايِذَا مِتْنَا ) فِي الْوَاقِعَةِ ، وَكَذَا رُسِمَ ( أَيِنْ ذُكِّرْتُمْ ) فِي يس وَ ( ايِفْكًا ) فِي الصَّافَّاتِ فِي مَصَاحِفِ
الْعِرَاقِ وَرُسِمَا فِي غَيْرِهَا بِأَلِفٍ وَاحِدَةٍ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْبَابِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا " أَيِمَّةً " فَلَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَهَا
الشَّاطِبِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِ ، فَإِنَّ الْهَمْزَةَ فِيهِ لَيْسَتْ أَوَّلًا ، وَإِنْ كَانَتْ فَاءً ، بَلْ هِيَ مِثْلُهَا فِي يَئِنُّ وَيَئِطُّ ، وَكَذَلِكَ فِي ( يَيِسَ ) ، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا فَرَسْمُهَا يَاءً عَلَى الْأَصْلِ ، وَهَذَا مِمَّا لَا إِشْكَالَ فِيهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ الْمَفْتُوحَةُ بَعْدَ لَامِ التَّعْرِيفِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ ، إِحْدَاهُمَا ( الْآنَ ) فِي مَوْضِعَيْ يُونُسَ وَفِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ إِجْرَاءً لِلْمُبْتَدَأِ مَجْرَى الْمُتَوَسِّطَةِ ، وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ لُزُومِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْأَدَاةَ ، وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي فِي سُورَةِ الْجِنِّ وَهُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ ) فَكُتِبَ فِي بَعْضِهَا بِأَلِفٍ ، وَهَذِهِ الْأَلِفُ هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ ، إِذِ الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَهَا مَحْذُوفَةٌ عَلَى الْأَصْلِ اخْتِصَارًا ، وَالثَّانِيَةُ ( الَايْكَةِ ) فِي الشُّعَرَاءِ وَص رُسِمَتْ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ بِغَيْرِ أَلِفٍ بَعْدِ اللَّامِ ، وَقَبْلَهَا لِاحْتِمَالِ الْقِرَاءَتَيْنِ فَهِيَ عَلَى قِرَاءَةِ
أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّامِ ظَاهِرَةٌ تَحْقِيقًا ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ
[ ص: 458 ] تَحْتَمِلُ تَقْدِيرًا عَلَى اللَّفْظِ وَمُرَادِ النَّقْلِ . وَرُسِمَ ( أَفَايِنْ مَاتَ ) فِي آلِ عِمْرَانَ ( أَفَايِنْ مِتَّ ) فِي الْأَنْبِيَاءِ بِيَاءٍ بَعْدَ الْأَلِفِ . فَقِيلَ : إِنَّ الْيَاءَ زَائِدَةٌ ، وَالصَّوَابُ زِيَادَةُ الْأَلِفِ كَمَا أَذْكُرُهُ ، وَرُسِمَ ( بِاييدٍ ، وَبِاييِّكُمْ ) بِأَلِفٍ بَعْدَ الْبَاءِ وَبِيَاءَيْنِ بَعْدَهَا ، فَقِيلَ : إِنَّ الْيَاءَ الْوَاحِدَةَ زَائِدَةٌ ، وَلَا وَجْهَ لِزِيَادَتِهَا هُنَا ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْأَلِفَ هِيَ الزَّائِدَةُ كَمَا زِيدَتْ فِي مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ ، وَالْيَاءُ بَعْدَهَا هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ كُتِبَتْ عَلَى مُرَادِ الْوَصْلِ وَتَنْزِيلًا لِلْمُبْتَدَأَةِ مَنْزِلَةَ الْمُتَوَسِّطَةِ كَغَيْرِهَا ، وَأَمَّا ( بِايَةٍ ، وَبِايَاتِنَا ) فَرُسِمَ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ بِأَلِفٍ بَعْدَ الْيَاءِ وَيَاءَيْنِ بَعْدَهَا ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى زِيَادَةِ الْيَاءِ الْوَاحِدَةِ ، وَقَالَ
السَّخَاوِيُّ : وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمَصَاحِفِ الْعِرَاقِيَّةِ ( بَاييَةٍ ، وَبِاييتِنَا ) بِيَاءَيْنِ بَعْدَ الْأَلِفِ ، وَلَمْ أَرَ فِيهَا غَيْرَ ذَلِكَ . ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْمُصْحَفِ الشَّامِيِّ كَذَلِكَ بِيَاءَيْنِ ، قَالَ : إِنَّمَا كُتِبَتْ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَالَةِ ، فَصُوِّرَتِ الْأَلِفُ الْمُمَالَةُ يَاءً ، وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مِنْ ( بِآيَةٍ ، وَبِآيَاتِنَا ) كَمَا حُذِفَتْ مِنْ ( آيَاتٍ ) انْتَهَى . وَقَوْلُهُ : حُذِفَتِ الْأَلِفُ الَّتِي بَعُدَ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مِنْ ( بِآيَةٍ ) فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْيَاءِ فِي ( بِآيَةٍ ) أَلِفٌ ، إِنَّمَا الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْيَاءِ فِي ( بِآيَاتِنَا ) ، وَلَوْ قَالَ : الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْهَمْزَةِ فِي ( بِآيَةٍ ) وَالْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْيَاءِ فِي ( بِآيَاتِنَا ) لَكَانَ ظَاهِرًا . وَلَعَلَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ فَسَبَقَ قَلَمُهُ ، أَوْ لَعَلَّهُ إِنَّمَا رَأَى بِـ " آيَةٍ " الْجَمْعَ مِثْلُ ( بِآيَاتِنَا ) ، وَعَلَيْهِ يَصِحُّ كَلَامُهُ ، وَلَكِنْ سَقَطَ مِنَ النَّاسِخِ سِنَةً ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
( فَهَذَا ) مَا عَلِمْنَاهُ خَرَجَ مِنْ رَسْمِ الْهَمْزِ عَنِ الْقِيَاسِ الْمُطَّرِدِ ، وَأَكْثَرُهُ عَلَى قِيَاسٍ مَشْهُورٍ ، وَغَالِبُهُ لِمَعْنًى مَقْصُودٍ ، وَإِنْ لَمْ يُرَدْ ظَاهِرُهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَجْهٍ مُسْتَقِيمٍ يَعْلَمُهُ مَنْ قَدَرَ لِلسَّلَفِ قَدْرَهُمْ وَعَرَفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ . وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ فِي بَعْضِ مَا خَرَجَ عَمَّا عَرَفَهُ مِنَ الْقِيَاسِ : هُوَ عِنْدَنَا مِمَّا قَالَ فِيهِ
عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : أَرَى فِي الْمَصَاحِفِ لَحْنًا سَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ : وَلَا يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَرَى
عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَيْئًا فِي الْمُصْحَفِ يُخَالِفُ رَسْمَ الْكِتَابَةِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ فِيهَا فَيُقِرُّهُ عَلَى حَالِهِ وَيَقُولُ : إِنَّ فِي الْمُصْحَفِ لَحْنًا سَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْكِتَابَةِ مَعْنًى وَلَا فَائِدَةٌ ، بَلْ كَانَتْ تَكُونُ وَبَالًا لِاشْتِغَالِ
[ ص: 459 ] الْقُلُوبِ بِهَا ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28885وَعِلَّةُ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمَرْسُومَةِ فِي الْمُصْحَفِ عَلَى خِلَافِ مَا جَرَى بِهِ رَسْمُ الْكِتَابِ مِنَ الْهِجَاءِ - الِانْتِقَالُ مِنْ وَجْهٍ مَعْرُوفٍ مُسْتَفِيضٍ إِلَى وَجْهٍ آخَرَ مِثْلِهِ فِي الْجَوَازِ وَالِاسْتِعْمَالِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْتَقَلُ عَنْهُ أَكْثَرَ اسْتِعْمَالًا . انْتَهَى . وَالْأَثَرُ فَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=11939أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ بِأَلْفَاظٍ مُضْطَرِبَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَكُلُّهَا مُنْقَطِعَةٌ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا ، وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ
عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ ذَلِكَ فِي مُصْحَفٍ جُعِلَ لِلنَّاسِ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ ، ثُمَّ يَتْرُكُهُ لِتُقِيمَهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ مِنَ
الصَّحَابَةِ حَتَّى قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : لَوْ وُلِّيتُ مِنَ الْمَصَاحِفِ مَا وَلِيَ
عُثْمَانُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ . وَأَيْضًا فَإِنَّ
عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَأْمُرْ بِكِتَابَةِ مُصْحَفٍ وَاحِدٍ ، إِنَّمَا كُتِبَ بِأَمْرِهِ عِدَّةُ مَصَاحِفَ ، وَوَجَّهَ كُلًّا مِنْهَا إِلَى مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ ، فَمَاذَا يَقُولُ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ فِيهَا ؟ أَيَقُولُونَ : إِنَّهُ رَأَى اللَّحْنَ فِي جَمِيعِهَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ لِتُقِيمَهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا أَمْ رَآهُ فِي بَعْضِهَا ؟ فَإِنْ قَالُوا فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ، فَقَدِ اعْتَرَفُوا بِصِحَّةِ الْبَعْضِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّ اللَّحْنَ كَانَ فِي مُصْحَفٍ دُونَ مُصْحَفٍ ، وَلَمْ تَأْتِ الْمَصَاحِفُ مُخْتَلِفَةً إِلَّا فِيمَا هُوَ مِنْ وُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَحْنٍ ، وَإِنْ قَالُوا : رَآهُ فِي جَمِيعِهَا لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُنَاقِضًا لِقَصْدِهِ فِي نَصْبِ إِمَامٍ يُقْتَدَى بِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ، وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ الَّذِينَ تَوَلَّوْا جَمْعَهُ وَكِتَابَتَهُ لَمْ يُقِيمُوا ذَلِكَ وَهُمْ سَادَاتُ الْأُمَّةِ وَعُلَمَاؤُهَا ، فَكَيْفَ يُقِيمُهُ غَيْرُهُمْ .
وَإِنَّمَا قَصْدُنَا اسْتِيعَابُ مَا رُسِمَ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْهَمْزِ لِأَنَّا لَمَّا أَتَيْنَا عَلَى تَحْقِيقِهِ عَلَى مَذَاهِبِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَكَانَ مِنْهُ مَا صَحَّ نَقْلًا وَمَا لَا يَصِحُّ تَعَيَّنَ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى رَسْمِ الْهَمْزِ لِنَذْكُرَ مَا يَصِحُّ أَيْضًا مِمَّا لَا يَصِحُّ . قَالَ الَّذِينَ أَثْبَتُوا
nindex.php?page=treesubj&link=28953الْوَقْفَ بِالتَّخْفِيفِ الرَّسْمِيِّ : اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهِ اخْتِلَافًا شَدِيدًا ، فَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِمَا وَافَقَ التَّخْفِيفَ الْقِيَاسِيَّ وَلَوْ بِوَجْهٍ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
مُحَمَّدُ بْنُ وَاصِلٍ وَأَبُو الْفَتْحِ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ ، وَصَاحِبُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13269وَابْنُ شُرَيْحٍ ،
وَمَكِّيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=14563وَالشَّاطِبِيُّ ، وَغَيْرُهُمْ . فَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ
[ ص: 460 ] إِذَا كَانَ فِي التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ وَجْهٌ رَاجِحٌ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ ظَاهِرَ الرَّسْمِ ، وَكَانَ الْوَجْهُ الْمُوَافِقُ ظَاهِرَهُ مَرْجُوحًا كَانَ هَذَا الْمُوَافِقُ الرَّسْمَ هُوَ الْمُخْتَارُ ، وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا بِاعْتِبَارِ التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِالْوَاوِ الْمَحْضَةِ نَحْوُ ( يَعْبَوُا ، وَالْبَلَوُا ، وَهُزُوًا ، وَ كُفُوًا ) مِمَّا كُتِبَ بِالْوَاوِ . وَقَدْ يَكُونُ بِالْيَاءِ الْمَحْضَةِ نَحْوُ ( مِنْ نَبَايِ الْمُرْسَلِينَ ، وَمِنْ أَنَايِ اللَّيْلِ ) مِمَّا كُتِبَ بِالْيَاءِ ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْأَلِفِ نَحْوُ ( النَّشْاةَ ) مِمَّا كُتِبَ بِأَلِفٍ . وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ بَيْنَ نَحْوُ مَا مَثَّلْنَا بِهِ عِنْدَ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ بِالرَّوْمِ الْمُوَافِقِ لِلْمُصْحَفِ كَمَا سَيَأْتِي ، وَنَحْوُ ( سَنُقْرِيكَ ، وَسَيِّيَةً ) ، وَنَحْوُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=31هَؤُلَاءِ وَ أَيِنَّكُمْ ) عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ ، وَنَحْوُ ( يَابْنَوُمٍّ ، وَيَوْمَيِذٍ ) ، وَنَحْوُ ( السُّواى ، وَمَوْيِلًا ) عَلَى رَأْيٍ . وَقَدْ يَكُونُ بِالْحَذْفِ نَحْوُ : ( يَسْتَهْزِوُنَ وَ الْمُنْشِيُونَ ، وَخَاسِيِينَ وَ مُتَّكِيِينَ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171دُعَاءً وَنِدَاءً وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57مَلْجَأً ) وَقَدْ يَكُونُ بِالنَّقْلِ نَحْوُ ( أَفْيِدَةً ، وَمَسْوُلًا ، وَالظَّمَانُ ) وَقَدْ يَكُونُ بِالنَّقْلِ وَالْإِدْغَامِ نَحْوُ ( شَيًّا ، وَسُوًا ) وَقَدْ يَكُونُ بِالْإِدْغَامِ نَحْوُ ( رِءْيَا ، وَتُؤْي ) ، وَنَحْوُ ( رُويَاكَ ، وَالرُّويَا ) عِنْدَ بَعْضِهِمْ . وَهَذَا هُوَ الرَّسْمُ الْقَوِيُّ ، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ : الصَّحِيحُ ، وَقَدْ يُقَالُ : الْمُخْتَارُ . قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ فِي كَافِيهِ : الِاخْتِيَارُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ الْوَقْفُ
لِحَمْزَةَ عَلَى الْمَهْمُوزِ بِتَسْهِيلٍ لَا يُخَالِفُ الْمُصْحَفَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ : وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28951_28885كَيْفِيَّةِ تَسْهِيلِ مَا جَاءَ مِنَ الْهَمْزِ الْمُتَطَرِّفِ مَرْسُومًا فِي الْمُصْحَفِ عَلَى نَحْوِ حَرَكَتِهِ ، كَقَوْلِهِ : ( فَقَالَ الْمَلَؤُا الَّذِينَ كَفَرُوا ) وَهُوَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ مِنْ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَكَذَلِكَ الثَّلَاثَةُ الْأَحْرُفِ مِنَ النَّمْلِ . وَكَذَلِكَ ( تَفْتَوُا ، وَنَشَوُا ) ، وَمَا أَشْبَهُهُ مِمَّا صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ وَاوًا عَلَى حَرَكَتِهَا ، أَوْ عَلَى مُرَادِ الْوَصْلِ ، وَكَذَلِكَ : ( مِنْ نَبَايِ الْمُرْسَلِينَ ) وَشِبْهُهُ مِمَّا رُسِمَتْ فِيهِ يَاءً عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : تَسْهِيلُ الْهَمْزَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا فَتُبْدَلُ أَلِفًا سَاكِنَةً حَمْلًا عَلَى سَائِرِ نَظَائِرِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ صُورَتُهَا فِيهِ ؛ إِذْ ذَاكَ هُوَ الْقِيَاسُ قَالَ : وَكَانَ هَذَا مَذْهَبُ شَيْخِنَا
أَبِي الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : تُسَهَّلُ الْهَمْزَةُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ تُبْدَلَ بِالْحَرْفِ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُهَا مُوَافِقَةً عَلَى رَسْمِهَا ، تُبْدَلُ وَاوًا سَاكِنَةً فِي قَوْلِهِ : ( الْمَلَوُا ) وَبَابِهِ ،
[ ص: 461 ] وَتُبْدَلُ يَاءً سَاكِنَةً فِي قَوْلِهِ : ( مِنْ نَبَايِ الْمُرْسَلِينَ ) وَنَحْوِهِ . قَالَ : وَهَذَا كَانَ مَذْهَبَ شَيْخِنَا
أَبِي الْفَتْحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ اخْتِيَارِي أَنَا ، وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ هُوَ الْقِيَاسَ فَإِنَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ جِهَتَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ
أَبَا هِشَامٍ وَخَلَفًا رَوَيَا ، عَنْ
حَمْزَةَ نَصًّا أَنَّهُ كَانَ يَتَّبِعُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْهَمْزَةِ خَطَّ الْمُصْحَفِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ وَقْفَهُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ بِالْوَاوِ وَبِالْيَاءِ عَلَى حَالِ رَسْمِهِ دُونَ الْأَلِفِ لِمُخَالَفَتِهِمَا إِيَّاهُ ، وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ خَلَفًا قَدْ حَكَى ذَلِكَ عَنْ
حَمْزَةَ مَنْصُوصًا ، ثُمَّ حَكَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ : وَهَذِهِ الْكَلِمُ فِي الْمَصَاحِفِ مَرْسُومَةٌ بِالْيَاءِ وَالْوَاوِ . وَمَعَ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ فَإِنَّ إِبْدَالَ الْهَمْزَةِ بِالْحَرْفِ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُهَا دُونَ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا فِي الْوَقْفِ خَاصَّةً فِي نَحْوِ ذَلِكَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ حَكَاهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : يَقُولُونَ فِي الْوَقْفِ : هَذَا الْكَلَوُ ، فَيُبْدِلُونَ مِنَ الْهَمْزَةِ وَاوًا ، وَ : مَرَرْتُ بِالْكَلَيِ ، فَيُبْدِلُونَ مِنْهَا يَاءً ، وَ : رَأَيْتُ الْكَلَا ، فَيُبْدِلُونَ مِنْهَا أَلِفًا حِرْصًا عَلَى الْبَيَانِ . قَالَ - يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ - : وَهُمُ الَّذِينَ يُحَقِّقُونَ فِي الْوَصْلِ . قَالَ
الدَّانِيُّ : فَوَاجِبٌ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ اللُّغَةِ فِي مَذْهَبِ
هِشَامٍ وَحَمْزَةَ فِي الْكَلِمِ الْمُتَقَدِّمَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّحْقِيقِ فِي الْوَصْلِ كَالْعَرَبِ الَّذِينَ جَاءَ عَنْهُمْ ذَلِكَ . انْتَهَى . وَقَالَ أَيْضًا : وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأَدَاءِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28951إِدْغَامِ الْحَرْفِ الْمُبْدَلِ مِنَ الْهَمْزَةِ وَفِي إِظْهَارِهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51وَتُؤْوِي إِلَيْكَ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=13الَّتِي تُؤْوِيهِ ) ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52رُوحًا ) فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى إِدْغَامَهُ مُوَافَقَةً لِلْخَطِّ ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى إِظْهَارَهُ لِكَوْنِ الْبَدَلِ عَارِضًا ، فَالْهَمْزَةُ فِي التَّقْدِيرِ وَالنِّيَّةِ ، وَإِدْغَامُهَا مُمْتَنِعٌ ، قَالَ : وَالْمَذْهَبَانِ فِي ذَلِكَ صَحِيحَانِ ، وَالْإِدْغَامُ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَنْصُوصًا عَنْ
حَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52رُوحًا ) لِمُوَافَقَةِ رَسْمِ الْمُصْحَفِ الَّذِي جَاءَ عَنْهُ اتِّبَاعُهُ عِنْدَ الْوَقْفِ عَلَى الْهَمْزِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَمَّمَ فِي التَّخْفِيفِ الرَّسْمِيِّ فَأَبْدَلَ الْهَمْزَةَ بِمَا صُوِّرَتْ بِهِ وَحَذَفَهَا فِيمَا حُذِفَتْ فِيهِ ، فَيُبْدِلُهَا وَاوًا خَالِصَةً فِي نَحْوِ ( رَوُفٌ ) ( أَبْنَاوُكُمْ ) وَ ( تَوُزُّهُمْ ) ، وَ ( شُرَكَاوُكُمْ ) ، وَ ( يُذْرَوُكُمْ ) ، وَ ( نِسَاوُكُمْ ) ، وَ ( أَحِبَّاوُهُ ) ، وَ ( هَوُلَاءِ ) وَيُبْدِلُهَا يَاءً خَالِصَةً فِي نَحْوِ ( تَايِبَاتٍ ) ( سَايِحَاتٍ ) وَ ( نِسَايِكُمْ ) وَ ( أَبْنَايِكُمْ ) وَ ( خَايِفِينَ ) وَ ( أُولَيِكَ ) وَ ( جَايِرٌ ) وَ ( مَوْيِلًا ) وَ ( لَيِنْ ) وَيُبْدِلُهَا أَلِفًا خَالِصَةً فِي نَحْوِ ( سَالَ ) وَ ( امْرَاتُهُ ) وَ ( سَالَهُمْ ) وَ ( بَدَاكُمْ )
[ ص: 462 ] وَ ( اخَاهُ ) وَحَذَفَهَا فِي نَحْوِ ( وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاهُ إِنْ أَوْلِيَاوُهُ ، إِلَى أَوْلِيَايِهِمْ ) ، وَيَقُولُ فِي ( فَادَّارَاتُمْ : فَادَّارَتُّمْ ) ، وَفِي ( امْتَلَأْتِ : امْتَلَتِ ) ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=45اشْمَأَزَّتْ : اشْمَازَّتْ ، وَاشْمَزَّتْ ) ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6أَأَنْذَرْتَهُمْ : أَنْذَرْتَهُمْ ) ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=8الْمَوْءُودَةُ : الْمَوْدَةُ ) عَلَى وَزْنِ الْمَوْزَةِ ( وَلَا يُبَالُونَ ) وَرَدَ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسٍ أَمْ لَا ، صَحَّ ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَمْ لَمْ يَصِحَّ ، اخْتَلَّتِ الْكَلِمَةُ أَمْ لَمْ تَخْتَلَّ ، فَسَدَ الْمَعْنَى أَمْ لَمْ يَفْسُدْ ، وَبَالَغَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ شُرَّاحِ قَصِيدَةِ
الشَّاطِبِيِّ فِي ذَلِكَ حَتَّى أَتَى بِمَا لَا يَحِلُّ وَلَا يَسُوغُ . فَأَجَازَ فِي نَحْوِ ( رَأَيْتُ ، وَسَأَلْتُ : رَايْتُ وَسَالْتُ ) فَجَمَعَ بَيْنَ ثَلَاثِ سَوَاكِنَ ، وَلَا يُسْمَعُ هَذَا إِلَّا مِنَ اللِّسَانِ الْفَارِسِيِّ ، وَأَجَازَ فِي نَحْوِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64يَجْأَرُونَ : يَجْرُونَ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَيُسْأَلُونَ : يَسْلُونَ ) فَأَفْسَدَ الْمَعْنَى وَغَيَّرَ اللَّفْظَ ، وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4بُرَآءُ - بُرَوُا فَغَيَّرَ الْمَعْنَى وَأَفْسَدَ اللَّفْظَ ، وَأَتَى بِمَا لَا يَسُوغُ ، وَرَأَيْتُ فِيمَا أَلَّفَهُ
ابْنُ بَصْخَانَ فِي وَقْفِ
حَمْزَةَ أَنْ قَالَ : وَمَا رُسِمَ مِنْهُ بِالْأَلِفِ وُقِفَ عَلَيْهِ بِهَا نَحْوُ ( وَأَخَاهُ ، بِأَنَّهُمْ ) ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38فَآتِهِمْ ) عَلَى مَا فِيهِ حَتَّى رَأَيْتُهُ بِخَطِّهِ ( بَانَّهُمْ ) فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُقَالَ فِي الْوَقْفِ ( بَانَّهُمْ ) فَيَفْتَحُ الْبَاءَ الَّتِي قَبْلَ الْهَمْزَةِ ، إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْطَقَ بِالْأَلِفِ بَعْدَهَا إِلَّا بِفَتْحِهَا ، ثُمَّ يَمُدُّ عَلَى الْأَلِفِ مِنْ أَجْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ نَقْلُهُ وَلَا تَثْبُتُ رِوَايَتُهُ عَنْ
حَمْزَةَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَلَا عَمَّنْ نَقَلَ عَنْهُمْ ، وَيُقَالُ لَهُ : الرَّسْمِيُّ . وَقَدْ يُقَالُ لَهُ : الشَّاذُّ ، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ : الْمَتْرُوكُ ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُ أَشَدُّ نُكْرًا مِنْ بَعْضٍ . فَأَمَّا إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً فِي نَحْوِ ( خَايِفِينَ ، وَجَايِرٌ ، وَأُولَيِكَ ) ، وَوَاوًا فِي نَحْوِ ( ابْنَاوُكُمْ ، وَأَحِبَّاوُهُ ) فَإِنِّي تَتَبَّعْتُهُ مِنْ كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ وَنُصُوصِ الْأَئِمَّةِ ، وَمَنْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ذَكْرَهُ وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ وَلَا صَرَّحَ بِهِ ، وَلَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ ، وَلَا دَلَّتْ عَلَيْهِ إِشَارَتُهُ سِوَى
أَبِي بَكْرِ بْنِ مِهْرَانَ ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ فِي وَقْفِ
حَمْزَةَ وَجْهًا فِي نَحْوِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5تَائِبَاتٍ ) بِإِبْدَالِ الْيَاءِ ، وَفِي نَحْوِ ( رَوُوفٌ ) بِإِبْدَالِ الْوَاوِ . وَرَأَيْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=13757أَبَا عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيَّ فِي كِتَابِهِ " الِاتِّضَاحُ " حَكَى هَذَا عَنْ شَيْخِهِ
أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الطَّبَرِيِّ ، وَقَالَ : وَلَمْ أَرَ أَحَدًا ذَكَرَهُ وَلَا حَكَاهُ مِنْ جَمِيعِ مَنْ لَقِيتُ غَيْرَهُ ( قُلْتُ ) : ثُمَّ إِنِّي رَاجَعْتُ
[ ص: 463 ] كِتَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ ، وَهُوَ " الِاسْتِبْصَارُ " فَلَمْ أَرَهُ حَكَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ سِوَى بَيْنَ بَيْنَ لَا غَيْرَ ، وَالْقَصْدُ أَنَّ إِبْدَالَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ مَحْضَتَيْنِ فِي ذَلِكَ ، هُوَ مِمَّا لَمْ تُجِزْهُ الْعَرَبِيَّةُ ، بَلْ نَصَّ أَئِمَّتُهَا عَلَى أَنَّهُ مِنَ اللَّحْنِ الَّذِي لَمْ يَأْتِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ ، وَإِنْ تَكَلَّمَتْ بِهِ النَّبَطُ ، وَإِنَّمَا الْجَائِزُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ بَيْنَ بَيْنَ لَا غَيْرَ . وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِاتِّبَاعِ الرَّسْمِ أَيْضًا ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَمِنْهُ مَا وَرَدَ عَلَى ضَعْفٍ ، وَمِنْهُ مَا لَمْ يَرِدْ بِوَجْهٍ ، وَكُلُّهُ غَيْرُ جَائِزٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ مِنْ أَجْلِ عَدَمِ اجْتِمَاعِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ . فَهُوَ مِنَ الشَّاذِّ الْمَتْرُوكِ الَّذِي لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَسَيَأْتِي النَّصُّ فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدِ لِيُعْلَمَ الْجَائِزُ مِنَ الْمُمْتَنَعِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ . وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28949الْقَوْلِ بِالتَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ حَسْبَمَا وَرَدَتِ الرِّوَايَةُ بِهِ دُونَ الْعَمَلِ بِالتَّخْفِيفِ الرَّسْمِيِّ ، وَهَذَا الَّذِي لَمْ يَذْكُرِ
ابْنُ سَوَّارٍ وَابْنُ شَيْطَا وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ ، وَأَبُوَ مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ وَأَبُو الْكَرَمِ الشَّهْرَزُورِيُّ ، وَالْحَافِظُ
أَبُو الْعَلَاءِ ، وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ ،
وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ خَلَفٍ ، وَشَيْخُهُ
أَبُو الْقَاسِمِ الطَّرَسُوسِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الْمَالِكِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ ، وَأَبُوَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ سِوَاهُ ، وَلَا عَدَلُوا إِلَى غَيْرِهِ ، بَلْ ضَعَّفَ
أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ الْقَوْلَ بِهِ ، وَرَدَّ عَلَى الْآخِذِينَ بِهِ ، وَرَأَى أَنَّ مَا خَالَفَ جَادَّةَ الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهُ وَلَا الْجُنُوحُ إِلَيْهِ إِلَّا بِرِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ ، وَأَنَّهَا فِي ذَلِكَ مَعْدُومَةٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .