الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          تنبيهات

                                                          ( الأول ) : أجمعت المصاحف على إثبات الياء رسما في خمسة عشر موضعا مما وقع نظيره محذوفا مختلفا فيه مذكور في هذا الباب ، وهي ( و اخشوني ، و لأتم ) في البقرة فإن الله يأتي بالشمس فيها أيضا ( و فاتبعوني ) في آل عمران . و فهو المهتدي في الأعراف ( و فكيدوني ) في هود ( و ما نبغي ) في يوسف ، ومن اتبعني فيها ( و فلا تسألني ) في الكهف ( و فاتبعوني ، وأطيعون ) في طه وأن يحشر .

                                                          [ ص: 193 ] في القصص تعملون ياعبادي الذين آمنوا في العنكبوت و أن لا في يس ، و ياعبادي الذين أسرفوا آخر الزمر ( و أخرتني إلى ) في المنافقين ( و دعائي إلا ) في نوح . لم تختلف المصاحف في هذه الخمس عشرة ياء إنها ثابتة . وكذلك لم يختلف القراء في إثباتها أيضا .

                                                          ولم يجئ عن أحد منهم خلاف إلا في تسألني في الكهف اختلف فيها عن ابن ذكوان كما سنذكره في موضعه - إن شاء الله تعالى - ، ويلحق بهذه الياءات بهادي العمي في النمل لثبوتها في جميع المصاحف لاشتباهها بالتي في سورة الروم إذ هي محذوفة من جميع المصاحف كما ذكرنا في باب الوقف .

                                                          ( الثاني ) : بنى جماعة من أئمتنا الحذف والإثبات في فبشر عباد عن السوسي ، وغيره عن أبي عمرو على كونها رأس آية فقال عبيد بن عقيل عن أبي عمرو : إن كانت رأس آية وقفت على عباد وإن لم تكن رأس آية ووقفت قلت فبشر عبادي وإن وصلت قلت عبادي الذين قال : وقرأته بالقطع ، وقال ابن مجاهد : في كتاب أبي عمرو في رواية عباس وابن اليزيدي دليل على أن أبا عمرو كان يذهب في العدد مذهب المدني الأول ، وهو كان عدد أهل الكوفة والأئمة قديما فمن ذهب إلى عدد الكوفي والمدني الأخير ، والبصريين ، حذف الياء في قراءة أبي عمرو ، ومن عد عدد المدني الأول فتحها واتبع أبا عمرو في القراءة والعدد . وقال ابن اليزيدي في كتابه في الوصل والقطع : لما ذكر لأبي عمرو الفتح وصلا وإثبات الياء وقفا : هذا منه ترك لقوله إنه يتبع الخط في الوقف قال : وكأن أبا عمرو أغفل أن يكون هذا الحرف رأس آية .

                                                          وقال الحافظ أبو عمرو الداني بعد ذكره ما قدمنا : قول أبي عمرو لعبيد بن عقيل دليل على أنه لم يذهب على أنه رأس آية في بعض العدد إذ خيره فقال : إن عددتها فأسقط الياء على مذهبه في غير الفواصل وإن لم تعدها فأثبت الياء وانصبها على مذهبه في غير الفواصل ، وعند استقبال الياء بالألف واللام .

                                                          ( قلت ) : والذي لم يعدها آية هو المكي والمدني الأول فقط وعدها غيرهما آية فعلى ما قرروا يكون أبو عمرو اتبع في ترك عدها المكي والمدني الأول إذ كان من أصل مذهبه

                                                          [ ص: 194 ] اتباع أهل الحجاز ، وعنهم أخذ القراءة ، أولا واتبع في عدها أهل بلدة البصرة ، وغيرها . وعنهم أخذ القراءة ثانيا فهو في الحالتين متبع القراءة والعدد ولذلك خير في المذهبين والله تعالى أعلم .

                                                          ( الثالث ) : ليس إثبات هذه الياءات في الحالين ، أو في حالة الوصل مما يعد مخالفا للرسم خلافا يدخل به في حكم الشذوذ لما بيناه في الركن الرسمي ، أول الكتاب والله تعالى أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية