الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال عدة المستحاضة سنة قال مالك الأمر عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها حين يطلقها زوجها أنها تنتظر تسعة أشهر فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض وإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر فإن حاضت الثانية قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر فإن حاضت الثالثة كانت قد استكملت عدة الحيض فإن لم تحض استقبلت ثلاثة أشهر ثم حلت ولزوجها عليها في ذلك الرجعة قبل أن تحل إلا أن يكون قد بت طلاقها قال مالك السنة عندنا أن الرجل إذا طلق امرأته وله عليها رجعة فاعتدت بعض عدتها ثم ارتجعها ثم فارقها قبل أن يمسها أنها لا تبني على ما مضى من عدتها وأنها تستأنف من يوم طلقها عدة مستقبلة وقد ظلم زوجها نفسه وأخطأ إن كان ارتجعها ولا حاجة له بها قال مالك والأمر عندنا أن المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر ثم أسلم فهو أحق بها ما دامت في عدتها فإن انقضت عدتها فلا سبيل له عليها وإن تزوجها بعد انقضاء عدتها لم يعد ذلك طلاقا وإنما فسخها منه الإسلام بغير طلاق

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1238 1223 - ( مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : عدة المستحاضة سنة ) إن لم تميز بين الدمين بلا خلاف ، فإن ميزت فعدتها بالأقراء لا بالسنة على المشهور . وقول ابن القاسم : وقال ابن وهب بالسنة مطلقا ، وهما روايتان عن مالك . ( مالك : الأمر عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها حتى يطلقها زوجها أنها تنتظر تسعة أشهر ) كما قال عمر [ ص: 322 ] ( فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر ) بعد التسعة ( فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض ) لأنها صارت من ذوات القروء . ( فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض ) حيضة ثانية ( اعتدت ثلاثة أشهر ، فإن حاضت الثانية قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض ، فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر ، فإن حاضت الثالثة استكملت عدة الحيض ) وحلت ( فإن لم تحض استقبلت ثلاثة أشهر ثم حلت ) للزواج ( ولزوجها عليها في ذلك ) أي مدة الانتظار والاستقبال ( الرجعة قبل أن تحل ) لبقاء عدتها ( إلا أن يكون قد بت طلاقها ) فلا رجعة له ( مالك : السنة عندنا أن الرجل إذا طلق امرأته وله عليها رجعة فاعتدت بعض عدتها ثم ارتجعها ثم فارقها قبل أن يمسها أنها لا تبني على ما مضى من عدتها ) لأن الرجعة تهدم العدة إذ الرجعة كالزوجة في العدة ( وأنها تستأنف من يوم طلقها عدة مستقبلة ، وقد ظلم زوجها نفسه وأخطأ ) في ذلك ( إن كان ارتجعها ولا حاجة له بها ) وقيده ابن القصار وتبعه جماعة بما إذا لم يرد برجعته التطويل عليها فتبني على عدتها الأولى إن لم يمسها ، ورده ابن عرفة بنص الموطأ هذا ، أي لأن قوله : وقد ظلم نفسه ، يفيد أنه أثم ، وإنما يأثم إذا قصد الضرر ، وزعم أن معناه تحمل مشقة ارتجاعها حياء من أهلها ، ثم يبدو له فيطلقها ولا يلزم من عدم الحاجة الإضرار بخلاف عكسه بعيد متعسف .

                                                                                                          وقد روى ابن جرير عن ابن عباس : " كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ثم يطلقها ، يفعل ذلك يضارها ويعضلها ، فأنزل الله : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) [ ص: 323 ] ( سورة البقرة : الآية 231 ) الآية " . ففيه أن الرجعة تنفذ على هذا الوجه ويكون ظالما . وروى ابن جرير عن السدي : قال نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثا راجعها ثم طلقها مضارة ، فأنزل الله : ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) ( قال مالك : والأمر عندنا أن المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر ثم أسلم فهو أحق بها ما دامت في عدتها ) لما مر في النكاح أنه - صلى الله عليه وسلم - أقر صفوان بن أمية على امرأته فاختة بنت الوليد وبين إسلاميهما نحو شهر ، وأقر عكرمة بن أبي جهل على زوجته أم حكيم لإسلامه في عدتها ( فإن انقضت عدتها ) قبل إسلامه ( فلا سبيل له عليها ، وإن تزوجها بعد انقضاء عدتها ) بمهر وولي وشهود ( لم يعد ذلك طلاقا ) فتبقى معه على عصمة كاملة ( وإنما فسخها منه الإسلام بغير طلاق ) فإن كان طلقها ثم راجعها قبل الإسلام ثم أسلم بقيت عنده على تطليقتين ، قاله أبو عمر .




                                                                                                          الخدمات العلمية