الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            9847 وعن أبي موسى قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننطلق مع جعفر بن أبي طالب إلى النجاشي فبلغ ذلك قريشا ، فبعثوا عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد ، وجمعا للنجاشي هدية ، وقدما على النجاشي فأتياه بالهدية فقبلها وسجدا له ثم قال عمرو بن العاص : إن ناسا من أرضنا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك ، فقال لهم النجاشي : في أرضي ؟ قالوا : نعم . فبعث إلينا ، فقال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد ، أنا خطيبكم اليوم ، فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلس ، وعمرو بن العاص عن يمينه ، وعمارة عن يساره ، والقسيسون والرهبان جلوس سماطين ، وقد قال له عمرو وعمارة : إنهم [ ص: 31 ] لا يسجدون لك ، فلما انتهينا بدرنا من عنده من القسيسين والرهبان : اسجدوا للملك ، فقال جعفر : إنا لا نسجد إلا لله . قال له النجاشي : وما ذاك ؟ إن الله بعث إلينا رسولا ، وهو الرسول الذي بشر به عيسى - عليه السلام - من بعدي اسمه أحمد ، وأمرنا بالمعروف ، ونهانا عن المنكر .

                                                                                            فأعجب النجاشي قوله ، فلما رأى ذلك عمرو قال : أصلح الله الملك ، إنهم يخالفونك في ابن مريم ، فقال النجاشي : ما يقول صاحبكم في ابن مريم ؟ قال : يقول فيه قول الله : " هو روح الله وكلمته أخرجه من العذراء البتول التي لم يقربها بشر ، ولم يفترضها ولد " . فتناول النجاشي عودا من الأرض فرفعه ، فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ، ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه ، مرحبا بكم ، وبمن جئتم من عنده ، أشهد أنه رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى ، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أقبل نعليه ، امكثوا في أرضي ما شئتم . وأمر لنا بطعام وكسوة ، وقال : ردوا على هذين هديتهما ، وكان عمرو بن العاص رجلا قصيرا ، وكان عمارة رجلا جميلا ، وكانا أقبلا إلى النجاشي فشربوا - يعني خمرا - ومع عمرو بن العاص امرأته فلما شربوا من الخمر ، قال عمارة لعمرو : مر امرأتك فلتقبلني ، فقال له عمرو : ألا تستحي ؟ فأخذ عمارة عمرا فرمى به في البحر ، فجعل عمرو يناشد عمارة حتى أدخله السفينة ، فحقد عمرو على ذلك ، فقال عمرو للنجاشي : إنك إذا خرجت خلفك عمارة في أهلك . فدعا النجاشي عمارة فنفخ في إحليله فطار مع الوحش . قلت : روى أبو داود منه مقدار سطر من الجنائز .
                                                                                            رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية