الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 235 - 236 ] باب المسح على الخفين ( المسح على الخفين جائز بالسنة ) والأخبار فيه مستفيضة ، حتى قيل : إن من لم يره كان مبتدعا ، لكن من رآه ثم لم يسمح آخذا بالعزيمة كان [ ص: 237 ] مأجورا . ( ويجوز من كل حدث موجب للوضوء إذا لبسهما على طهارة كاملة ثم أحدث ) خصه بحدث موجب للوضوء ; لأنه لا مسح من الجنابة على ما نبين إن شاء الله تعالى ، وبحدث متأخر ; لأن الخف عهد مانعا ، ولو جوزناه بحدث سابق كالمستحاضة إذا لبست على السيلان ثم خرج الوقت والمتيمم إذا لبس ثم رأى الماء كان رافعا .

                                                                                                        وقوله : ( إذا لبسهما على طهارة كاملة ) لا يفيد اشتراط الكمال وقت اللبس ، بل وقت الحدث ، وهو المذهب عندنا ، حتى لو غسل رجليه ولبس خفيه ثم أكمل الطهارة ثم أحدث يجزئه المسح ، وهذا ; لأن الخف مانع حلول الحدث بالقدم فيراعى كمال الطهارة وقت المنع ، حتى لو كانت ناقصة عند ذلك كان الخف رافعا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        باب المسح على الخفين

                                                                                                        قوله : المسح على الخفين جائز بالسنة ، والأخبار مستفيضة ، قلت : قال أبو عمر بن عبد البر [ ص: 237 ] في " كتاب الاستذكار " : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة ، وفي " الإمام " : قال ابن المنذر : روينا عن الحسن أنه قال : حدثني سبعون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين } ، انتهى . وأنا أذكر من هذه الأحاديث ما تيسر لي وجوده ، مستعينا بالله ، وأبدأ بالأصح فالأصح .

                                                                                                        فأقول : منها حديث جرير بن عبد الله البجلي رواه الأئمة الستة في " كتبهم " من حديث الأعمش عن إبراهيم عن همام عن جرير أنه بال ثم توضأ ، ومسح على خفيه ، فقيل له : أتفعل هذا ؟ فقال : نعم ، { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه }.

                                                                                                        قال الأعمش : قال إبراهيم : كان يعجبهم هذا الحديث ، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ للبخاري في " الصلاة " لأن جريرا كان من آخر من أسلم انتهى . هكذا أخرجوه بهذا الإسناد إلا أبا داود ، فإنه أخرجه عن بكير بن عامر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، أن جريرا ، بال ثم توضأ فمسح على الخفين ، وقال : ما يمنعني أن أمسح ؟ وقد { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ، قالوا : إنما كان ذلك قبل نزول المائدة قال : ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة }" انتهى .

                                                                                                        وبهذا السند والمتن رواه ابن خزيمة في " صحيحه " . والحاكم في " المستدرك " وقال : صحيح ، ولم يخرجاه [ ص: 238 ] بهذا اللفظ المحتاج إليه ، إنما أخرجاه من حديث الأعمش عن إبراهيم عن همام عن جرير ، وفيه قال إبراهيم : كان يعجبهم حديث جرير ، لأنه أسلم بعد نزول " المائدة " انتهى .

                                                                                                        قال في " الإمام " : وقد ورد مؤرخا بحجة الوداع ، رواه الطبراني في " معجمه الوسط " عن محمد بن نوح بن حرب عن شيبان بن فروخ عن حرب بن شريح عن خالد الحذاء عن محمد بن سيرين عن { جرير بن عبد الله البجلي أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فذهب عليه السلام يتبرز ، فرجع فتوضأ ومسح على خفيه }انتهى . وسكت عنه .

                                                                                                        ومنها حديث المغيرة بن شعبة ، رواه الأئمة الستة أيضا من حديثه { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لحاجته ، فأتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء ، فصب عليه حين فرغ من حاجته ، فتوضأ ومسح على الخفين } ، انتهى .

                                                                                                        وقد رواه عن المغيرة جماعة كثيرة ، ورواه الحاكم في " المستدرك " وزاد فيه { فقال المغيرة : يا رسول الله أنسيت ؟ قال : لا بل أنت نسيت ، بهذا أمرني ربي عز وجل }انتهى .

                                                                                                        وقال : إسناده صحيح ، ولم يخرجاه بهذه الزيادة ، انتهى . ورواه الطبراني في " معجمه " فزاد فيه التوقيت ، فقال : حدثنا الحسن بن علي ( النسوي ) عن إبراهيم بن مهدي عن ابن عمر بن ذريح عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي بردة عن المغيرة ، قال : { آخر غزوة غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نمسح على خفافنا للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، والمقيم يوما وليلة ، ما لم نخلع } ، انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث سعد بن أبي وقاص ، رواه البخاري من حديث ابن عمر عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين } ، وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك ، فقال : نعم ، إذا حدثك سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، فلا تسأل غيره انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث عمرو بن أمية الضمري ، أخرجه البخاري عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري أن أباه أخبره أنه { رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين }انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث حذيفة أخرجه مسلم عنه قال : { كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم ، فبال قائما فتنحيت ، فقال : ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبه ، فتوضأ ومسح على خفيه } ، ورواه البخاري لم يذكر فيه المسح على الخفين ، وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في " صحيحه " . وأبو نعيم في " مستخرجه " وفيه : { فتوضأ ومسح على [ ص: 239 ] خفيه }.

                                                                                                        ومنها حديث بلال ، أخرجه مسلم عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الخفين والخمار }انتهى . ورواه النسائي بقصة فيها فائدة حسنه ، وسيأتي قريبا .

                                                                                                        ومنها حديث بريدة ، رواه الجماعة إلا البخاري عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد ، ومسح على خفيه ، فقال له عمر بن الخطاب : لقد صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه ، فقال : عمدا صنعته يا عمر }انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : وأخرجه ابن منده ، وقال : إسناده صحيح ، على رسم الجماعة ، إلا البخاري في " سليمان بن بريدة " انتهى .

                                                                                                        وأخرج أبو داود . والترمذي . وابن ماجه عن دلهم بن صالح عن حجير بن عبد الله عن ابن بريدة عن أبيه { أن النجاشي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين فلبسهما ، ثم توضأ ومسح عليهما }انتهى .

                                                                                                        واللفظ لأبي داود ، ثم قال : هذا مما تفرد به أهل البصرة ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث دلهم .

                                                                                                        وقال الدارقطني : تفرد به حجير بن عبد الله عن ابن بريدة ، ولم يرو عنه غير دلهم بن صالح ، وذكره في " ترجمة عبد الله بن بريدة " عن أبيه ، قال المنذري في " مختصره " : رواه أحمد عن وكيع ، فقال : عبد الله بن بريدة : ومنها حديث علي ، رواه مسلم من حديث شريح بن هانئ ، قال : { سألت عائشة عن المسح على الخفين ، فقالت : ائت عليا ، فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فسألته ، فقال : جعل للمقيم يوما وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها }انتهى . وسيأتي بسطه في الحديث الأول .

                                                                                                        ومنها حديث صفوان بن عسال أخرجه الترمذي . والنسائي . وابن ماجه عن زر بن حبيش أنه سأل صفوان بن عسال عن المسح على الخفين ، فقال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن ، إلا من جنابة ، ولكن من [ ص: 240 ] غائط ، وبول ، ونوم }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه ابن خزيمة . وابن حبان في " صحيحهما " ورواه أحمد في " مسنده " والطبراني في " معجمه " ، وسيأتي الكلام عليه في الحديث الثاني إن شاء الله تعالى .

                                                                                                        ومنها حديث خزيمة بن ثابت ، أخرجه أبو داود . والترمذي . وابن ماجه عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ، وللمقيم يوم وليلة }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح . ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث من القسم الرابع ، وفيه كلام سيأتي . ومنها حديث ثوبان

                                                                                                        أخرجه أبو داود عن راشد بن سعد عن ثوبان ، قال : { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسحوا على العصائب والتساخين }انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد . في " مسنده " . والحاكم في " المستدرك " ، وقال : على شرط مسلم ، وفيه نظر ، فإنه من رواية ثور بن يزيد عن راشد بن سعد به ، وثور لم يرو له مسلم ، بل انفرد به البخاري ، وراشد بن سعد لم يحتج به الشيخان ، وقال أحمد : لا ينبغي أن يكون راشد سمع من ثوبان ، لأنه مات قديما ، وفي هذا القول نظر ، فإنهم قالوا : إن راشدا شهد مع معاوية صفين ، وثوبان مات سنة أربع وخمسين ، ومات راشد سنة ثمان ومائة ، ووثقه ابن معين . وأبو حاتم . والعجلي . ويعقوب بن شيبة . والنسائي ، وخالفهم ابن حزم ، فضعفه ، والحق معهم ، والعصائب : العمائم ، والتساخين : الخفاف ، ولفظ أحمد فيه ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على خفيه ، وعلى الخمار ، والعمامة }انتهى .

                                                                                                        وعند الطبراني ، والخمار : العمامة ، هكذا وجدته ، ومنها حديث أسامة بن زيد ، عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أسامة بن زيد ، قال : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبلال الأسواف ، فذهب لحاجته ، ثم خرج ، قال أسامة : فسألت بلالا ما صنع ؟ فقال بلال : ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ، ومسح برأسه ، ومسح على الخفين ، ثم صلى }انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ، فقد احتج بداود بن قيس انتهى .

                                                                                                        وعن الحاكم : رواه البيهقي في " المعرفة " وقال : حديث [ ص: 241 ] صحيح انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في " الإمام " : وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ، وقال : الأسواف حائط من حيطان المدينة ، قال : وسمعت يونس يقول : ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر أنه مسح على الخفين في الحضر غير هذا ، قال الشيخ : وقد وقع في " معجم الطبراني " من حديث بكير بن عامر البجلي عن عبد الرحمن بن أبي نعم زعم أن المغيرة بن شعبة حدثه { أنه مشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، فأتى بعض تلك الأودية فقضى حاجته ، ثم خرج فتوضأ ، وخلع الخفين ، فلما لبس خفيه وجد بعد ذلك ريحا فعاد ، ثم خرج فتوضأ ، ومسح على الخفين ، فقلت : أنسيت يا رسول الله ؟ قال : بل أنت نسيت ، بهذا أمرني ربي }انتهى .

                                                                                                        وبكير بن عامر البجلي كوفي ، روى له مسلم ، وقال أحمد : صالح الحديث ليس به بأس ، وقال ابن عدي : ليس بكثير الرواية ، ولم أجد له متنا منكرا ، وهو ممن يكتب حديثه ، وقال النسائي وهي رواية عن أحمد ليس بقوي انتهى .

                                                                                                        وأيضا فقد روى البيهقي في " سننه " من حديث محمد بن طلحة بن مصرف عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم بالمدينة ، فبال قائما ، ثم توضأ ومسح على خفيه }انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ : وقد رواه عن الأعمش قريب من ثلاثين رجلا ليس فيه : بالمدينة ، إلا من حديث محمد بن طلحة ، قال ابن عبد البر : ومن جعل هذا الحديث دليلا على المسح في الحضر من غير أن يكون فيه قوله : بالمدينة من حيث إن السباطة لا تكون إلا في الحضر لم يحسن ; لأنه لا يلزم من كون السباطة في الحضر أن يكون القائم عليها في حكم الحاضر انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث عمر بن الخطاب ، رواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا عمران بن موسى عن محمد بن سواء عن سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه رأى سعد بن مالك وهو يمسح على الخفين ، فقال : إنكم لتفعلون ذلك ؟ فاجتمعنا عند عمر ، فقال سعد لعمر : أفت ابن أخي في المسح على الخفين ، فقال عمر : { كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسا } ، فقال ابن عمر : وإن جاء من الغائط ؟ قال : نعم انتهى .

                                                                                                        قال في " الإمام " : وعمران بن موسى بن حبان روى عنه الترمذي . وابن ماجه . والنسائي ، وقال : هو ثقة ، وقال في موضع آخر : لا بأس به ، ومحمد بن سواء مشهور ، وأخرج له البخاري ، وباقي الإسناد أشهر [ ص: 242 ] وأعرف انتهى .

                                                                                                        ورواه البزار في " مسنده " عن خالد بن أبي بكر بن عبيد الله حدثني سالم عن ابن عمر أن سعد بن أبي وقاص سأل عمر بن الخطاب عن المسح ، فقال عمر : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالمسح على ظهر الخف ، للمسافر ثلاثة أيام . وللمقيم : يوم وليلة }انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " ولفظه ، قال : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالمسح على ظاهر الخفاف إذا لبسهما ، وهما طاهرتان }انتهى .

                                                                                                        قال البزار : هذا حديث لم يذكر فيه التوقيت عن عمر إلا من هذا الوجه ، وقد رواه عن عمر جماعة لم يذكروا فيه التوقيت ، وخالد بن أبي بكر العمري : لين الحديث انتهى .

                                                                                                        ورواه الدارقطني في " علله " وقال : زاد خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فيه التوقيت ، وزاد فيه : { على ظهر الخف }. ولم يأت بهما غيره ، وخالد ليس بالقوي انتهى . قلت : ذكره ابن حبان في الثقات .

                                                                                                        ومنها حديث أبي بن عمارة أخرجه أبو داود . وابن ماجه في " سننهما " عنه { أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أمسح على الخفين ؟ قال : نعم قال : يوما ؟ قال : ويومين ، قال : وثلاثا ؟ حتى بلغ سبعا ، قال له : وما بدا لك }انتهى ، وأبي بن عمارة " بكسر العين " صحابي مشهور ، ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال : لم ينسب إلى واحد من رجاله جرح انتهى . وفيه كلام سيأتي إن شاء الله تعالى .

                                                                                                        ومنها حديث سهل بن سعد الساعدي : أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن عبد المهيمن بن العباس بن سهل الساعدي عن أبيه عن جده { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وأمرنا بالمسح على الخفين }انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : وعبد المهيمن بن عباس : استضعفه بعضهم ، قال : وقد رواه الحافظ أبو علي بن السكن بطريق أجود من هذه ، فقال : حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل . ويحيى بن محمد بن صاعد . والحسين بن محمد ، قالوا : ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه ، قال : رأيت سهل بن سعد يبول بول الشيخ الكبير يكاد أن يسبقه قائما ، ثم توضأ ، ومسح على خفيه ، فقلت : ألا تنزع هذا ؟ فقال : لا ، { رأيت خيرا مني ومنك يفعل هذا ، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله } ، انتهى .

                                                                                                        وقال : هذا إسناد على [ ص: 243 ] شرط " الصحيحين " فيعقوب الدورقي وعبد العزيز وأبوه من رجال " الصحيحين " . وشيوخ ابن السكن هؤلاء ثقات انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث أنس بن مالك : رواه ابن ماجه أيضا حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا عمر بن عبيد الطنافسي ثنا عمر بن المثنى عن عطاء الخراساني عن { أنس بن مالك ، قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال : هل من ماء ؟ فتوضأ ، ومسح على خفيه ، ثم لحق بالجيش فأمهم }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الخامس ، من القسم الرابع ، من طريق أبي عوانة عن أبي يعفور عن أنس ، ورواه الطبراني في " معجمه الوسط " ثنا عبد الرحمن ثنا عمر . وأبو زرعة ثنا علي بن عياش الألهاني : حدثني علي بن الفضيل بن عبد العزيز الحنفي حدثني سليمان التيمي عن أنس بن مالك ، قال : { وضأت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر ، فمسح على الخفين }.

                                                                                                        ومنها حديث عائشة ، رواه النسائي في " سننه الكبرى " من حديث شريح بن هانئ ، قال { سألت عائشة عن المسح على الخفين ، فقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن يمسح المقيم يوما وليلة ، والمسافر ثلاثا }انتهى .

                                                                                                        ورواه الدارقطني من حديث بقية ثنا أبو بكر بن أبي مريم ثنا عبدة بن أبي لبابة عن محمد الخزاعي عن عائشة ، قالت : { ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح منذ أنزلت عليه سورة المائدة حتى لحق بالله تعالى } ، انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث أبي بكر رضي الله عنه ، رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الأول ، من القسم الرابع ، من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت في المسح على الخفين ، ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر . وللمقيم ، يوما وليلة }. ومنها حديث عوف بن مالك الأشجعي .

                                                                                                        أخرجه أحمد . وإسحاق بن راهويه . والبزار . والطبراني في " معجمه الوسط " وقال : لا يروى عن عوف إلا بهذا الإسناد تفرد به هشيم في " مسانيدهم " ، قال في " الإمام " : داود بن عمر ، وقال : ابن أبي حاتم [ ص: 244 ] عن أبيه ثقة ، وقال أحمد : مقارب الحديث في " مسانيدهم " أخبرنا هشيم عن داود بن عمر .

                                                                                                        وعن بشر بن عبيد الله عن أبي إدريس عائذ بالله عن عوف بن مالك { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم }انتهى .

                                                                                                        قال صاحب " التنقيح " : قال أحمد : هذا من أجود حديث في المسح على الخفين ، لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث أبي بكرة ، رواه ابن خزيمة في " صحيحه " والطبراني في " معجمه " والبيهقي في " سننه " عن المهاجر بن مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة } ، انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي في " علله الكبير " : سألت محمدا " يعني البخاري " أي حديث أصح عندك في التوقيت في المسح على الخفين ؟ فقال : حديث صفوان بن عسال ، وحديث أبي بكرة ، حديث حسن انتهى .



                                                                                                        ومنها حديث أبي أيوب الأنصاري ، رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " ثم الطبراني في " معجمه " حدثنا جرير عن الأشعث عن ابن سيرين عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان يأمر بالمسح على الخفين ، ويغسل رجليه ، فقيل له في ذلك ، فقال : بئس مالي إن كان مهنأة لكم ، وما ثمة علي ؟ { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين ويأمر به ، ولكن حبب إلي الوضوء }انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث أبي هريرة رواه أحمد في " مسنده " والبيهقي في " سننه " حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا أبان " يعني ابن عبد الله البجلي " حدثني مولى لأبي هريرة ، زاد البيهقي ، وأظنه قال : أنا أبو وهب ، قال : سمعت أبا هريرة ، يقول : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وضئني فأتيته بوضوء ، فاستنجى ، ثم أدخل يده في التراب فمسحها ، ثم غسلها ، ثم توضأ ، ومسح على خفيه ، فقلت : يا رسول الله رجليك لم تغسلهما ، قال : إني أدخلتهما ، وهما طاهرتان }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة . والبزار في " مسندهما " حدثنا زيد بن الحباب حدثني عمر بن عبد الله بن أبي خثعم الثمالي أنبأ يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة { أن رجلا قال : يا رسول الله أقصر الصلاة في السفر ؟ [ ص: 245 ] قال : نعم ، إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بفريضته قال : يا رسول الله ، والطهور على الخفين ؟ قال : للمقيم يوم وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن }انتهى .

                                                                                                        وقال صاحب " التنقيح " : رواه ابن ماجه عن ابن أبي شيبة ، فذكره بسنده ومتنه ، ولم أجده في " نسختين من ابن ماجه " ، ولا ذكره ابن عساكر في " أطرافه " ثم قال : وعمر بن عبد الله الثمالي ، قال البخاري فيه : منكر الحديث ، قال : وقد ضعف الدارقطني في " علله " كل ما روي عن أبي هريرة في المسح انتهى .

                                                                                                        وعمر بن أبي خثعم قال البخاري : منكر الحديث ، وقال أبو زرعة : واهي الحديث .

                                                                                                        ومنها حديث أبي بردة : رواه البزار في " مسنده " عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل { أنه توضأ ومسح على خفيه } ، ومنها حديث ابن عباس أخرجه البزار في " مسنده " عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس ، قال : أشهد { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين } ، انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث جابر بن عبد الله ، أخرجه البزار عنه أيضا { أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين } ، انتهى .

                                                                                                        ورواه الطبراني في " معجمه " ولفظه : { ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين حتى قبضه الله تعالى }انتهى .

                                                                                                        ورواه الترمذي : حدثنا قتيبة عن بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، قال : سألت جابر بن عبد الله عن المسح على الخفين ، فقال : السنة يا ابن أخي ، وسكت عنه .

                                                                                                        ومنها حديث سلمان ، رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الخامس والثلاثين ، من القسم الرابع : عنه أنه رأى رجلا توضأ ، وهو يريد أن ينزع خفيه ، فأمره أن يمسح عليهما ، وقال سلمان : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه ، وعلى خماره }انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث ربيعة بن كعب الأسلمي ، رواه الطبراني في " معجمه " من طريق محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن يحيى بن هند الأسلمي عن حنظلة بن علي الأسلمي عن ربيعة بن كعب الأسلمي ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 246 ] يمسح على خفيه }انتهى .

                                                                                                        ورواه العقيلي في " ضعفائه " وأعله بالواقدي ، ومنها حديث أسامة بن شريك ، رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا سهل بن زنجلة ثنا الصباح بن محارب عن عمر بن عبد الله عن أبيه عن جده عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك ، قال : { كنا مع رسول الله في السفر لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن ، ونكون معه في الحضر نمس على خفافنا يوما وليلة }انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث البراء بن عازب ، قال : { قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : للمسافر ثلاثة أيام ولياليها ، وللمقيم يوم وليلة في المسح على الخفين }انتهى .

                                                                                                        وأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن سوار بن مصعب عن مطرف عن أبي الجهم عن البراء ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الحفين حتى قبض }انتهى .

                                                                                                        وضعف سوار بن مصعب عن البخاري ، والنسائي ، وابن معين ، ووافقهم ، وقال : عامة ما يرويه غير محفوظ انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث مسلم أبي عوسجة ، رواه الطبراني أيضا في " معجمه " حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني محمد بن جعفر الوركاني ثنا أبو الأحوص عن سليمان بن قرم عن عوسجة بن مسلم عن أبيه ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه }انتهى .

                                                                                                        ورواه البزار في " مسنده " حدثنا محمد بن إسحاق ثنا مهدي بن حفص ثنا أبو الأحوص به عن مسلم أبي عوسجة ، قال : { سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يمسح على الخفين }انتهى .

                                                                                                        قال البزار : أخطأ فيه مهدي ، فقال : سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما سافر مع علي انتهى .

                                                                                                        قال في " الإمام " : ورواية عبد الله بن أحمد بن حنبل عن محمد بن جعفر الوركاني التي أخرجها الطبراني تبرئ مهديا من نسبة الخطإ إليه انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث أبي طلحة رواه الطبراني في " معجمه الصغير " من حديث يحيى بن جعدة [ ص: 247 ] عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن أبي طلحة { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على الخفين والخمار }. ومنها حديث أوس الثقفي رواه ابن أبي شيبة في " مسنده " حدثنا شريك عن يعلى بن عطاء عن ابن أبي أوس عن أبيه ، قال : مررنا على ماء من مياه الأعراب ، قال : فقام أبو أوس بن أوس الثقفي فبال وتوضأ ، ومسح على خفيه ، قال : فقلت له : ألا تخلعها ؟ قال : { لا أزيدك على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله }انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث يسار ، أخرجه العقيلي في " كتابه " عن الهيثم بن قيس العنسي ثنا عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، وللمقيم يوم وليلة }انتهى وأعله بالهيثم .

                                                                                                        ومنها حديث ابن مسعود أخرجه ابن عدي في " الكامل " والبزار في " مسنده " عن سليمان بن يسير ، ويقال : " ابن أسير " مولى إبراهيم النخعي عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله ، قال : { كنا نمسح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر يوما وليلة ، وفي السفر ثلاثة أيام } ، وفي لفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخف : { للمسافر ثلاثة أيام ، وللمقيم يوم وليلة }وضعف سليمان هذا ، عن ابن معين ، ونقل عن البخاري أنه قال : ليس بالقوي ، ثم قال هو : وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الطبراني في " معجمه الوسط " عن أيوب بن سويد ثنا سفيان الثوري عن منصور عن خيثمة عن أبي عبيدة عن عبد الله نحوه .

                                                                                                        ومنها حديث أم سعد الأنصارية ، أخرجه ابن عدي أيضا في " الكامل " عن محمد بن زاذان عن أم سعد الأنصارية ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ليس على من أسلف مالا زكاة ، قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين }انتهى .

                                                                                                        وضعف محمد بن زاذان ، وأسند عن البخاري أنه قال فيه : منكر الحديث انتهى قال في [ ص: 248 ] " الإمام " : ورواه أبو عبيد في " معرفة الصحابة " عن سعيد بن زكريا أبي عمرو المدائني عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن غزوان عن أبي سعد ، فذكره .

                                                                                                        ومنها حديث خالد بن عرفطة ، رواه أسلم بن سهل الواسطي المعروف ببحشل في " كتابه : تاريخ واسط " فقال : حدثنا عبد الصمد بن محمد ثنا أبو معمر ثنا هشيم ثنا أبو رحمة مصعب بن زاذان بن جوان بن عبد الله الباهلي عن أبيه عن خالد بن عرفطة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المسح على الخفين : { للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوم وليلة }انتهى .

                                                                                                        وخالد بن عرفطة بن أبرهة العذري القضاعي له حديث واحد عند الترمذي ، والنسائي حديث " { من قتله بطنه }" .

                                                                                                        ومنها حديث أبي أمامة : رواه الطبراني في " معجمه " ثنا أحمد بن شريح الحضرمي ثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس ثنا سليمان بن أبي سليمان ثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي أمامة وثوبان { أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين بعدما بال } ، ثنا أبو سلمة الكشي ثنا محمد بن أبي بكر المقدسي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا مروان أبو سلمة ثنا شهر بن حوشب عن أبي أمامة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثا في السفر ، ويوما وليلة في الحضر }.

                                                                                                        ومنها حديث عبادة بن الصامت ، رواه الطبراني أيضا في " معجمه " حدثنا أحمد بن أسد عن عبثر بن القاسم عن عبيدة عن أبي عتبة عن الحسن عن عبادة بن الصامت ، قال : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بال ، ثم توضأ ومسح على خفيه }انتهى . قال الشيخ في " الإمام " : وينظر في سماع الحسن عن عبادة انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث عبد الرحمن بن بلال : رواه الطبراني أيضا ، ومنها حديث عمرو بن الشريد ، رواه الطبراني أيضا ، قلت : إنما هو أثر حديث الشريد ثنا خير بن عرفة المصري ثنا عبد الله بن عبد الحكم ثنا ابن لهيعة عن عمر بن ربيعة الصدفي عن عمرو بن الشريد عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين }.

                                                                                                        ومنها حديث عبد الله بن رواحة ، رواه الطبراني أيضا في " معجمه " عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن رواحة وأسامة بن زيد { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الخفين }انتهى .

                                                                                                        قال في " الإمام " : وعطاء بن يسار عن [ ص: 249 ] عبد الله بن رواحة منقطع . ومنها حديث عبد الرحمن ابن حسنة ، رواه الطبراني أيضا ثنا محمد بن العباس الأحرم الأصبيان ثنا أحمد بن يزداد الكوفي ثنا عمرو بن عبد الغفار عن الأعمش عن أسد بن وهب عن عبد الرحمن ابن حسنة ، قال : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه }.

                                                                                                        ومنها حديث عمرو بن حزم : رواه الطبراني أيضا ثنا أحمد بن عبد الله التستري ثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن عبد الله بن الطفيل ، قال : { رأيت عمرو بن حزم يمسح على الخفين ، ويقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه }.

                                                                                                        ومنها حديث عبد الله بن عمر : رواه الطبراني في " معجمه الوسط " من طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم { أن عبد الله بن عمر كان يمسح على الخفين ، ويقول : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك }انتهى .

                                                                                                        وهذا سند صحيح ، ورواه فيه أيضا حدثنا عبدان بن محمد المروزي عن قتيبة بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن العصاب عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين : { للمقيم يوم وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن }انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ في " الإمام " : والعصاب معروف ، ذكره الأسود ، وقال : حدث عن نافع ، روى عنه الفضل بن موسى الشيباني انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث يعلى بن مرة الثقفي : رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سهل بن زنجلة الرازي ثنا الصباح بن محارب عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي عن أبيه عن جده .

                                                                                                        وعن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخفين : { للمسافر ثلاثة ، وللمقيم يوم وليلة }انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث مالك بن سعد رواه الحافظ أبو نعيم في " كتاب معرفة الصحابة " حدثنا محمد بن سعد البارودي ثنا عبد الله بن محمد الحمري البصري ثنا أبو عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ثنا مليكة بنت الحارث المالكية ، من بني مالك بن سعد ، [ ص: 250 ] قالت : حدثتني أمي عن جدي مالك بن سعد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : وسئل عن المسح على الخفين فقال : { ثلاثة أيام للمسافر ، ويوم وليلة للمقيم }انتهى .

                                                                                                        قال في " الإمام " : وفي هذا الإسناد من يحتاج إلى الكشف عن حاله انتهى . قال أبو نعيم : مالك بن سعد مجهول ، عداده في أعراب البصرة انتهى .

                                                                                                        ومنها حديث مالك بن ربيعة السلولي أبي مريم ، والد بريد ، رواه أبو نعيم أيضا في " الكتاب المذكور " حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى عن محمد بن المسيب عن عاصم بن المغيرة عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة عن خالد بن عاصم بن مكرمة ثنا بريد بن أبي مريم عن أبيه ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه ، وقال : للمسافر ثلاثة أيام ، وللمقيم يوم وليلة }انتهى .

                                                                                                        قال أبو نعيم : مالك بن ربيعة السلولي يكنى " أبا مريم والد بريد " شهد الشجرة ، سكن الكوفة ، له غير حديث عند ابنه بريد ، انتهى .

                                                                                                        قال في " الإمام " : قال : أبو عمر بن عبد البر لم يرو عن أحد من الصحابة إنكار المسح على الخفين ، إلا عن ابن عباس وعائشة . وأبي هريرة رضي الله عنهم ، فأما ابن عباس وأبو هريرة ، فقد جاء عنهما بالأسانيد الحسان خلاف ذلك ، قال ابن أبي شيبة : حدثنا عبد الله بن إدريس عن فطر ، قال : قلت لعطاء : إن عكرمة يقول : قال ابن عباس : سبق الكتاب المسح على الخفين فقال عطاء : كذب عكرمة ، أنا رأيت ابن عباس يمسح عليهما انتهى .

                                                                                                        قال : وروى أبو زرعة وابن جريج عن أبي هريرة أنه كان يمسح على خفيه .

                                                                                                        وأما عائشة ففي صحيح مسلم أنها أحالت علم ذلك على علي ، قال الشيخ : والرواية المذكورة عن عائشة أخرجها عن محمد بن مهاجر البغدادي بن إسماعيل ابن أخت مالك ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها قالت : لأن أقطع رجلي بالموسى أحب إلي من أن أمسح على الخفين ، قال : هذا باطل لا أصل له ، قال ابن حبان : محمد بن مهاجر البغدادي كان يضع الحديث ، قلت : الذي وجدته في " العلل المتناهية " لابن الجوزي ، رواه من حديث محمد بن مهاجر بالإسناد المذكور عن عائشة ، قالت : لأن يقطع رجلي بالموسى أحب إلي من أن أمسح على القدمين انتهى .

                                                                                                        قال ابن الجوزي : موضوع وضعه محمد بن مهاجر على عائشة انتهى .

                                                                                                        وأما ابن عباس فإن البيهقي قال : إنما كرهه حين لم يثبت له مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين [ ص: 251 ] بعد نزول " المائدة " ، فلما ثبت له رجع إليه ، وأفتى به للمقيم والمسافر جميعا ، ثم أسند عن شعبة عن قتادة ، قال : سمعت موسى بن سلمة ، قال : سألت ابن عباس عن المسح على الخفين ، فقال : للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوم وليلة ، قال : وهذا إسناد صحيح انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية