الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 408 ] ( وعورة الرجل ما تحت السرة إلى الركبة ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته }. ويروى { ما دون سرته حتى تجاوز ركبته }وبهذا تبين أن السرة ليست من العورة ، خلافا لما يقوله الشافعي رحمه الله . [ ص: 409 ] ( والركبة من العورة ) خلافا له أيضا ، وكلمة " إلى " نحملها على كلمة مع ، عملا بكلمة حتى ، أو عملا بقوله عليه الصلاة والسلام { الركبة من العورة } .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        { الحديث الثاني } : قال عليه السلام : { عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته }ويروى : { ما دون سرته حتى يجاوز ركبته }. قلت : فيه أحاديث : منها ما أخرجه الدارقطني في " سننه " عن سوار بن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مروا صبيانكم بالصلاة في سبع سنين ، واضربوهم عليها في عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ، وإذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره ، فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة ، فإن ما تحت السرة إلى الركبة من العورة } ، ورواه أبو داود في [ ص: 409 ] سننه " ، لم يقل فيه : فإن ما تحت السرة إلى الركبة من العورة ، انتهى ورواه أحمد في " مسنده " ، ولفظه : فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته ، ورواه العقيلي في " ضعفائه " ، ولين سوار بن داود ، قال صاحب " التنقيح " : وسوار بن داود أبو حمزة البصري وثقه ابن معين . وابن حبان ، وقال أحمد : شيخ بصري لا بأس به انتهى .

                                                                                                        وله طريق آخر عند ابن عدي في " الكامل " أخرجه عن الخليل بن مرة عن ليث بن أبي سليم عن عمرو بن شعيب به ، ولين الخليل بن مرة ، ونقل عن البخاري أنه قال : فيه نظر ، قال ابن عدي : وهو ممن يكتب حديثه ، فإنه ليس بمنكر الحديث انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الحاكم في " المستدرك في كتاب الفضائل " عن أبي الأشعث أحمد بن المقدام ثنا أصرم بن حوشب ثنا إسحاق بن واصل الضبي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، قال : قلنا لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب : حدثنا بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تحدثنا عن غيرك ، وإن كان ثقة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ما بين السرة إلى الركبة عورة }مختصر ، وسكت عنه ، قال الذهبي في " مختصره " : أظنه موضوعا ، فإن إسحاق بن واصل متروك ، وأصرم بن حوشب متهم بالكذب انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن سعيد بن راشد عن عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { ما فوق الركبتين من العورة ، وما أسفل السرة من العورة } ، انتهى وقوله : ويروى : { ما دون سرته حتى يجاوز ركبتيه } ، غريب .

                                                                                                        { الحديث الثالث } : وقال عليه السلام : { الركبة من العورة } ، قلت : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن النضر بن المنصور الفزاري عن عقبة بن علقمة سمعت عليا يقول : قال عليه السلام : { الركبة من العورة }انتهى . أخرجه في " أول الصلاة " ، [ ص: 410 ] قال شيخنا الذهبي في " ميزانه " : النضر بن منصور واه ، قال ابن حبان : لا يحتج به ، وعقبة بن علقمة هذا ضعفه الدارقطني . وأبو حاتم الرازي ، وأعاده المصنف في " الكراهية " عن أبي هريرة ، ولم تجده عنه ، وفي " الإمام " قال أبو حاتم الرازي : عقبة ضعيف الحديث ، والنضر بن منصور مجهول . انتهى . قال : وأخرج البيهقي في " الخلافيات " من جهة إبراهيم بن إسحاق القاضي عن قبيصة عن سفيان عن ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { السرة من العورة }.

                                                                                                        قال : وهذا معضل مرسل .

                                                                                                        أحاديث الخصوم واستدل من قال : إنها ليست من العورة بما أخرجه البخاري . ومسلم عن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غزا خيبر ، قال : فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس ، وركب النبي صلى الله عليه وسلم ، وركب أبو طلحة ، وأنا رديفه ، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر ، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل القرية ، قال : الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قالها ثلاثا }انتهى . وفي رواية : فانحسر الإزار عن فخذ النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه مسلم عن عائشة ، قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيته كاشفا عن فخذيه أو ساقيه ، فاستأذن أبو بكر ، فأذن له ، وهو على تلك الحال ، فتحدث ، ثم استأذن عمر ، فأذن له ، وهو كذلك ، فتحدث ، ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه : قال : فدخل ، فتحدث ، فلما خرج ، قالت عائشة : دخل أبو بكر فلم تباله ، ثم دخل عمر فلم تباله ، ثم دخل عثمان فجلست وسويت عليك ثيابك ، فقال : ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة }انتهى . ويحتمل أنه عليه السلام غطى فخذه بسرعة لما انكشف . والثاني : لم يجزم الراوي به .

                                                                                                        { حديث آخر } : استدل به الشيخ تقي الدين في " الإمام " ، أخرجه البخاري عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء ، قال : { كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر أخذ بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر } ، انتهى . قال الشيخ : وذكر البخاري تعليقا ، قال حماد بن سلمة : ثنا عاصم الأحول . وعلي بن الحكم ، سمعنا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى بنحوه ، وزاد فيه عاصم : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان قد انكشف عن ركبتيه ، فدخل عثمان فغطاها }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود عن سوار بن داود الصيرفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : { مروا أولادكم بالصلاة لسبع } ، وفيه : { وإذا زوج أحدكم [ ص: 411 ] خادمه عبده أو أجيره ، فلا ينظر إلى ما دون السرة ، وفوق الركبة }قال الشيخ : وسوار بن داود روي عن يحيى بن معين أنه قال فيه : ثقة .

                                                                                                        { حديث آخر }

                                                                                                        أخرجه الدارقطني عن سعيد بن راشد عن عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { ما فوق الركبتين من العورة ، وما أسفل السرة من العورة } ، انتهى . وقال الشيخ : وسعيد . وعباد قيل في كل منهما : متروك ، انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية