[ ص: 42 ] الباب الثالث
في كيفية إقامة الجمعة بعد شرائطها
الجمعة ركعتان كغيرها في الأركان ، وتمتاز بأمور مندوبة .
أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=969_283الغسل يوم الجمعة سنة ، ووقته بعد الفجر على المذهب . وانفرد في ( النهاية ) بحكاية وجه : أنه يجزئ قبل الفجر كغسل العيد ، وهو شاذ منكر .
nindex.php?page=treesubj&link=969ويستحب تقريب الغسل من الرواح إلى الجمعة . ثم الصحيح : إنما يستحب لمن يحضر الجمعة . والثاني : يستحب لكل أحد كغسل العيد . فإذا قلنا بالصحيح ، فهو مستحب لكل حاضر ، سواء من تجب عليه ، وغيره .
قلت : وفيه وجه : أنه إنما يستحب لمن تجب عليه وحضرها ، ووجه لمن تجب عليه وإن لم يحضرها لعذر . - والله أعلم - .
ولو أحدث بعد الغسل ، لم يبطل الغسل ، فيتوضأ .
قلت : وكذا لو أجنب بجماع أو غيره ، لا يبطل ، فيغتسل للجنابة . - والله أعلم - .
قال
الصيدلاني ، وعامة الأصحاب : إذا عجز عن الغسل لنفاد الماء بعد الوضوء ، أو لقروح في بدنه ، تيمم وحاز الفضيلة . قال إمام الحرمين : هذا الذي قالوه ، هو الظاهر ، وفيه احتمال . ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي هذا الاحتمال .
[ ص: 43 ] فرع : من الأغسال المسنونة ، أغسال الحج ، وغسل العيدين ، ويأتي في مواضعها - إن شاء الله تعالى - . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=2076_287الغسل من غسل الميت ، ففيه قولان . القديم : أنه واجب ، وكذا الوضوء من مسه . والجديد : استحبابه ، وهو المشهور . فعلى هذا ،
nindex.php?page=treesubj&link=283_969غسل الجمعة ، والغسل من غسل الميت ، آكد الأغسال المسنونة ، وأيهما آكد ؟ قولان . الجديد : الغسل من غسل الميت آكد . والقديم : غسل الجمعة وهو الراجح عند صاحب ( التهذيب ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني ، والأكثرين . ورجح صاحب ( المهذب ) وآخرون الجديد . وفي وجه : هما سواء .
قلت : الصواب ، الجزم بترجيح غسل الجمعة ، لكثرة الأخبار الصحيحة فيه . وفيها الحث العظيم عليه ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350694غسل الجمعة واجب ) وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350695من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل ) . وأما الغسل من غسل الميت ، فلم يصح فيه شيء أصلا . ثم من فوائد الخلاف ، ولو حضر إنسان معه ماء ، يدفعه لأحوج الناس وهناك رجلان ، أحدهما يريده لغسل الجمعة ، والآخر للغسل من غسل الميت . - والله أعلم - .
وأما الكافر إذا أسلم ، فإن كان وجب عليه غسل بجنابة ، أو حيض ، لزمه الغسل ولا يجزئه غسله في الكفر على الأصح ، كما سبق في موضعه . وإلا ، استحب له
nindex.php?page=treesubj&link=288الغسل للإسلام . وقال
ابن المنذر : يجب . ووقت الغسل ، بعد الإسلام على الصحيح ، وعلى الوجه الضعيف : يغتسل قبل الإسلام .
قلت : هذا الوجه غلط صريح ، والعجب ممن حكاه ، فكيف بمن قاله ،
[ ص: 44 ] وقد أشبعت القول في إبطاله والشناعة على قائله في ( شرح المهذب ) وكيف يؤمر بالبقاء على الكفر ليفعل غسلا لا يصح منه ؟ ! - والله أعلم - .
ومن الأغسال المسنونة ،
nindex.php?page=treesubj&link=289الغسل للإفاقة من الجنون والإغماء . وقد تقدم في باب الغسل حكاية وجه في وجوبهما . والصحيح : أنهما سنة . ومنها :
nindex.php?page=treesubj&link=25281الغسل من الحجامة ، والخروج من الحمام . ذكر صاحب ( التلخيص ) عن القديم استحبابهما ، والأكثرون لم يذكروهما . قال صاحب ( التهذيب ) : قيل : المراد بغسل الحمام ، إذا تنور . قال : وعندي أن المراد به أن يدخل الحمام فيعرق ، فيستحب أن لا يخرج من غير غسل .
قلت : وقيل : الغسل من الحمام ، هو أن يصب عليه ماء عند إرادته الخروج تنظفا ، كما اعتاده الخارجون منه . والمختار : الجزم باستحباب الغسل من الحجامة والحمام . فقد نقل صاحب ( جمع الجوامع ) في منصوصات
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال : أحب الغسل من الحجامة والحمام ، وكل أمر غير الجسد ، وأشار
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، إلى أن حكمته ، أن ذلك يغير الجسد ويضعفه ، والغسل يشده وينعشه . قال أصحابنا : يستحب
nindex.php?page=treesubj&link=282الغسل لكل اجتماع ، وفي كل حال تغير رائحة البدن . - والله أعلم - .
الأمر الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=975استحباب البكور إلى الجامع ، والساعة الأولى أفضل من الثانية ، ثم الثالثة فما بعدها . وتعتبر الساعات من طلوع الفجر على الأصح . وعلى الثاني : من طلوع الشمس . والثالث : من الزوال . ثم ، ليس المراد على الأوجه
[ ص: 45 ] بالساعات الأربع والعشرين ، بل ترتيب الدرجات ، وفضل السابق على الذي يليه ، لئلا يستوي في الفضيلة رجلان جاءا في طرفي ساعة .
والأمر الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=971التزين ، فيستحب التزين للجمعة ، بأخذ الشعر ، والظفر ، والسواك ، وقطع الرائحة الكريهة ، ويلبس أحسن الثياب ، وأولاها البيض . فإن لبس مصبوغا ، فما صبغ غزله ، ثم نسج كالبرد ، لا ما صبغ منسوجا .
nindex.php?page=treesubj&link=969ويستحب أن يتطيب بأطيب ما عنده ،
nindex.php?page=treesubj&link=971ويستحب أن يزيد الإمام في حسن الهيئة ، ويتعمم ، ويرتدي .
nindex.php?page=treesubj&link=976ويستحب لكل من قصد الجمعة ، المشي على سكينة ما لم يضق الوقت ، ولا يسعى إليها ، ولا إلى غيرها من الصلوات ، ولا يركب في جمعة ، ولا عيد ، ولا جنازة ، ولا عيادة مريض ، إلا لعذر . وإذا ركب ، سيرها على سكون .
الأمر الرابع : يستحب أن
nindex.php?page=treesubj&link=23591يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الجمعة بعد ( الفاتحة ) : سورة ( الجمعة ) . وفي الثانية : ( المنافقين ) . وفي قول قديم : إنه يقرأ في الأولى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك الأعلى ) . وفي الثانية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=1هل أتاك حديث الغاشية )
قلت : عجب من
الإمام الرافعي - رحمه الله - ، كيف جعل المسألة ذات قولين ، قديم وجديد ؟ ! والصواب : أنهما سنتان . فقد ثبت كل ذلك في ( صحيح
مسلم ) من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان يقرأ هاتين في وقت ، وهاتين في وقت . ومما يؤيد ما ذكرته ، أن
الربيع - رحمه الله - ، وهو راوي الكتب الجديدة قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - عن ذلك ، فذكر أنه يختار ( الجمعة ) و ( المنافقين ) ولو قرأ ( سبح ) و ( هل أتاك ) كان حسنا . - والله أعلم - .
فلو نسي سورة ( الجمعة ) في الأولى ، قرأها مع ( المنافقين ) في الثانية ، ولو قرأ ( المنافقين ) في الأولى ، قرأ ( الجمعة ) في الثانية .
قلت : ولا يعيد ( المنافقين ) في الثانية . وقوله : لو نسي ( الجمعة ) في الأولى ، معناه : تركها ، سواء كان ناسيا ، أو عامدا ، أو جاهلا . - والله أعلم - .
[ ص: 42 ] الْبَابُ الثَّالِثُ
فِي كَيْفِيَّةِ إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ شَرَائِطِهَا
الْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ كَغَيْرِهَا فِي الْأَرْكَانِ ، وَتَمْتَازُ بِأُمُورٍ مَنْدُوبَةٍ .
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=969_283الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى الْمَذْهَبِ . وَانْفَرَدَ فِي ( النِّهَايَةِ ) بِحِكَايَةِ وَجْهٍ : أَنَّهُ يُجْزِئُ قَبْلَ الْفَجْرِ كَغُسْلِ الْعِيدِ ، وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=969وَيُسْتَحَبُّ تَقْرِيبُ الْغُسْلِ مِنَ الرَّوَاحِ إِلَى الْجُمُعَةِ . ثُمَّ الصَّحِيحُ : إِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ . وَالثَّانِي : يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَحَدٍ كَغُسْلِ الْعِيدِ . فَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ ، فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ حَاضِرٍ ، سَوَاءٌ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ ، وَغَيْرُهُ .
قُلْتُ : وَفِيهِ وَجْهٌ : أَنَّهُ إِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَحَضَرَهَا ، وَوَجْهٌ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا لِعُذْرٍ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْغُسْلِ ، لَمْ يَبْطُلِ الْغُسْلُ ، فَيَتَوَضَّأُ .
قُلْتُ : وَكَذَا لَوْ أَجْنَبَ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ ، لَا يَبْطُلُ ، فَيَغْتَسِلُ لِلْجَنَابَةِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
قَالَ
الصَّيْدَلَانِيُّ ، وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ : إِذَا عَجَزَ عَنِ الْغُسْلِ لِنَفَادِ الْمَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ ، أَوْ لِقُرُوحٍ فِي بَدَنِهِ ، تَيَمَّمَ وَحَازَ الْفَضِيلَةَ . قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : هَذَا الَّذِي قَالُوهُ ، هُوَ الظَّاهِرُ ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ . وَرَجَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَّالِيُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ .
[ ص: 43 ] فَرْعٌ : مِنَ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ ، أَغْسَالُ الْحَجِّ ، وَغُسْلُ الْعِيدَيْنِ ، وَيَأْتِي فِي مَوَاضِعِهَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=2076_287الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ ، فَفِيهِ قَوْلَانِ . الْقَدِيمُ : أَنَّهُ وَاجِبٌ ، وَكَذَا الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّهِ . وَالْجَدِيدُ : اسْتِحْبَابُهُ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ . فَعَلَى هَذَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=283_969غُسْلُ الْجُمُعَةِ ، وَالْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ ، آكَدُ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ ، وَأَيُّهُمَا آكَدُ ؟ قَوْلَانِ . الْجَدِيدُ : الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ آكَدُ . وَالْقَدِيمُ : غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ صَاحِبِ ( التَّهْذِيبِ ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=14396وَالرُّويَانِيِّ ، وَالْأَكْثَرِينَ . وَرَجَّحَ صَاحِبُ ( الْمُهَذَّبِ ) وَآخَرُونَ الْجَدِيدَ . وَفِي وَجْهٍ : هُمَا سَوَاءٌ .
قُلْتُ : الصَّوَابُ ، الْجَزْمُ بِتَرْجِيحِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ ، لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ . وَفِيهَا الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَيْهِ ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350694غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ ) وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350695مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ ) . وَأَمَّا الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ ، فَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا . ثُمَّ مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ ، وَلَوْ حَضَرَ إِنْسَانٌ مَعَهُ مَاءٌ ، يَدْفَعُهُ لِأَحْوَجِ النَّاسِ وَهُنَاكَ رَجُلَانِ ، أَحَدُهُمَا يُرِيدُهُ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ ، وَالْآخَرُ لِلْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَأَمَّا الْكَافِرُ إِذَا أَسْلَمَ ، فَإِنْ كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ بِجَنَابَةٍ ، أَوْ حَيْضٍ ، لَزِمَهُ الْغُسْلُ وَلَا يُجْزِئُهُ غُسْلُهُ فِي الْكُفْرِ عَلَى الْأَصَحِّ ، كَمَا سَبَقَ فِي مَوْضِعِهِ . وَإِلَّا ، اسْتُحِبَّ لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=288الْغُسْلُ لِلْإِسْلَامِ . وَقَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : يَجِبُ . وَوَقْتُ الْغُسْلِ ، بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَعَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ : يَغْتَسِلُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ .
قُلْتُ : هَذَا الْوَجْهُ غَلَطٌ صَرِيحٌ ، وَالْعَجَبُ مِمَّنْ حَكَاهُ ، فَكَيْفَ بِمَنْ قَالَهُ ،
[ ص: 44 ] وَقَدْ أَشْبَعْتُ الْقَوْلَ فِي إِبْطَالِهِ وَالشَّنَاعَةِ عَلَى قَائِلِهِ فِي ( شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ) وَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِالْبَقَاءِ عَلَى الْكُفْرِ لِيَفْعَلَ غُسْلًا لَا يَصِحُّ مِنْهُ ؟ ! - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَمِنَ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=289الْغُسْلُ لِلْإِفَاقَةِ مِنَ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغُسْلِ حِكَايَةً وَجْهٌ فِي وُجُوبِهِمَا . وَالصَّحِيحُ : أَنَّهُمَا سُنَّةٌ . وَمِنْهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=25281الْغُسْلُ مِنَ الْحِجَامَةِ ، وَالْخُرُوجُ مِنَ الْحَمَّامِ . ذَكَرَ صَاحِبُ ( التَّلْخِيصِ ) عَنِ الْقَدِيمِ اسْتِحْبَابَهُمَا ، وَالْأَكْثَرُونَ لَمْ يَذْكُرُوهُمَا . قَالَ صَاحِبُ ( التَّهْذِيبِ ) : قِيلَ : الْمُرَادُ بِغُسْلِ الْحَمَّامِ ، إِذَا تَنَوَّرَ . قَالَ : وَعِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ فَيَعْرَقُ ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ .
قُلْتُ : وَقِيلَ : الْغُسْلُ مِنَ الْحَمَّامِ ، هُوَ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءً عِنْدَ إِرَادَتِهِ الْخُرُوجَ تَنَظُّفًا ، كَمَا اعْتَادَهُ الْخَارِجُونَ مِنْهُ . وَالْمُخْتَارُ : الْجَزْمُ بِاسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ مِنَ الْحِجَامَةِ وَالْحَمَّامِ . فَقَدْ نَقَلَ صَاحِبُ ( جَمْعِ الْجَوَامِعِ ) فِي مَنْصُوصَاتِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ : أُحِبُّ الْغُسْلَ مِنَ الْحِجَامَةِ وَالْحَمَّامِ ، وَكُلِّ أَمْرٍ غَيَّرَ الْجَسَدَ ، وَأَشَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، إِلَى أَنَّ حِكْمَتَهُ ، أَنَّ ذَلِكَ يُغَيِّرُ الْجَسَدَ وَيُضْعِفُهُ ، وَالْغُسْلُ يَشُدُّهُ وَيُنْعِشُهُ . قَالَ أَصْحَابُنَا : يُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=282الْغُسْلُ لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ ، وَفِي كُلِّ حَالٍ تُغَيِّرُ رَائِحَةَ الْبَدَنِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
الْأَمْرُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=975اسْتِحْبَابُ الْبُكُورِ إِلَى الْجَامِعِ ، وَالسَّاعَةُ الْأُولَى أَفْضَلُ مِنَ الثَّانِيَةِ ، ثُمَّ الثَّالِثَةُ فَمَا بَعْدَهَا . وَتُعْتَبَرُ السَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ . وَعَلَى الثَّانِي : مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ . وَالثَّالِثُ : مِنَ الزَّوَالِ . ثُمَّ ، لَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى الْأَوْجُهِ
[ ص: 45 ] بِالسَّاعَاتِ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ ، بَلْ تَرْتِيبُ الدَّرَجَاتِ ، وَفَضْلُ السَّابِقِ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ ، لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِي الْفَضِيلَةِ رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ .
وَالْأَمْرُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=971التَّزَيُّنُ ، فَيُسْتَحَبُّ التَّزَيُّنُ لِلْجُمُعَةِ ، بِأَخْذِ الشَّعْرِ ، وَالظُّفُرِ ، وَالسِّوَاكِ ، وَقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ، وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ الثِّيَابِ ، وَأَوْلَاهَا الْبِيضُ . فَإِنْ لَبِسَ مَصْبُوغًا ، فَمَا صُبِغَ غَزْلُهُ ، ثُمَّ نُسِجَ كَالْبُرْدِ ، لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا .
nindex.php?page=treesubj&link=969وَيُسْتَحَبُ أَنْ يَتَطَيَّبَ بِأَطْيَبِ مَا عِنْدَهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=971وَيُسْتَحَبَّ أَنْ يَزِيدَ الْإِمَامُ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ ، وَيَتَعَمَّمَ ، وَيَرْتَدِيَ .
nindex.php?page=treesubj&link=976وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ قَصَدَ الْجُمُعَةَ ، الْمَشْيُ عَلَى سَكِينَةٍ مَا لَمْ يَضِقِ الْوَقْتُ ، وَلَا يَسْعَى إِلَيْهَا ، وَلَا إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ ، وَلَا يَرْكَبُ فِي جُمُعَةٍ ، وَلَا عِيدٍ ، وَلَا جِنَازَةٍ ، وَلَا عِيَادَةِ مَرِيضٍ ، إِلَّا لِعُذْرٍ . وَإِذَا رَكِبَ ، سَيَّرَهَا عَلَى سُكُونٍ .
الْأَمْرُ الرَّابِعُ : يُسْتَحَبُّ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23591يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ ( الْفَاتِحَةِ ) : سُورَةَ ( الْجُمُعَةِ ) . وَفِي الثَّانِيَةِ : ( الْمُنَافِقِينَ ) . وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ : إِنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) . وَفِي الثَّانِيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=1هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ )
قُلْتُ : عَجَبٌ مِنَ
الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ، كَيْفَ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ قَوْلَيْنِ ، قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ ؟ ! وَالصَّوَابُ : أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ . فَقَدْ ثَبَتَ كُلُّ ذَلِكَ فِي ( صَحِيحِ
مُسْلِمٍ ) مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَكَانَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ ، وَهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ . وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ ، أَنَّ
الرَّبِيعَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ، وَهُوَ رَاوِي الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ قَالَ : سَأَلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ ذَلِكَ ، فَذَكَرَ أَنَّهُ يَخْتَارُ ( الْجُمُعَةَ ) وَ ( الْمُنَافِقِينَ ) وَلَوْ قَرَأَ ( سَبِّحْ ) وَ ( هَلْ أَتَاكَ ) كَانَ حَسَنًا . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
فَلَوْ نَسِيَ سُورَةَ ( الْجُمُعَةِ ) فِي الْأُولَى ، قَرَأَهَا مَعَ ( الْمُنَافِقِينَ ) فِي الثَّانِيَةِ ، وَلَوْ قَرَأَ ( الْمُنَافِقِينَ ) فِي الْأُولَى ، قَرَأَ ( الْجُمُعَةَ ) فِي الثَّانِيَةِ .
قُلْتُ : وَلَا يُعِيدُ ( الْمُنَافِقِينَ ) فِي الثَّانِيَةِ . وَقَوْلُهُ : لَوْ نَسِيَ ( الْجُمُعَةَ ) فِي الْأُولَى ، مَعْنَاهُ : تَرَكَهَا ، سَوَاءٌ كَانَ نَاسِيًا ، أَوْ عَامِدًا ، أَوْ جَاهِلًا . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .