الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
أركان الاعتكاف ، أربعة ; nindex.php?page=treesubj&link=2563اللبث في المسجد ، nindex.php?page=treesubj&link=2561والنية ، nindex.php?page=treesubj&link=2560والمعتكف ، nindex.php?page=treesubj&link=2562والمعتكف فيه .
الأول : اللبث ، وفي اعتباره وجهان حكاهما في " النهاية " . أصحهما : لا بد منه ، والثاني : يكفي مجرد الحضور ، كما يكفي مجرد الحضور بعرفة . ثم فرع على الوجهين فقال : إن اكتفينا بالحضور ، حصل الاعتكاف بالعبور . حتى لو دخل من باب ، وخرج من باب ، ونوى ، فقد اعتكف .
وإن اعتبرنا اللبث ، لم يكف ما يكفي في الطمأنينة في الصلاة ، بل لا بد من زيادة عليه بما يسمى عكوفا وإقامة .
ولا يعتبر السكون ، بل يصح اعتكافه قائما ، أو قاعدا ، أو مترددا في أطراف المسجد . ولا يقدر اللبث بزمان ، حتى لو nindex.php?page=treesubj&link=2563_2608نذر اعتكاف ساعة ، انعقد نذره . ولو nindex.php?page=treesubj&link=2563_2605نذر اعتكافا مطلقا ، خرج من عهدة النذر ، بأن يعتكف لحظة .
واستحب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ، أن يعتكف يوما للخروج من الخلاف ، فإن مالكا وأبا حنيفة رحمهما الله ، لا يجوزان اعتكاف أقل من يوم .
ونقل الصيدلاني وجها : أنه لا يصح الاعتكاف إلا يوما ، أو ما يدنو من يوم .
قلت : ولو كان nindex.php?page=treesubj&link=2563_2605يدخل ساعة ويخرج ساعة ، وكلما دخل نوى الاعتكاف ، صح على المذهب . وحكى الروياني فيه خلافا ضعيفا . والله أعلم .
[ ص: 392 ] فصل
nindex.php?page=treesubj&link=2584يحرم على المعتكف الجماع ، وجميع المباشرات بالشهوة ، فإن nindex.php?page=treesubj&link=2584جامع ذاكرا للاعتكاف ، عالما بتحريمه ، بطل اعتكافه ، سواء جامع في المسجد ، أو جامع عند خروجه لقضاء الحاجة .
فأما إذا nindex.php?page=treesubj&link=2584جامع ناسيا للاعتكاف ، أو جاهلا بتحريمه ، فهو كنظيره في الصوم .
وروى المزني عن نصه في بعض المواضع : أنه لا يفسد الاعتكاف من الوطء إلا ما يوجب الحد . قال الإمام : مقتضى هذا ، أن لا يفسد بإتيان البهيمة ، والإتيان في غير المأتي إذا لم نوجب فيهما الحد . والمذهب الأول .
قلت : نصه محمول على أنه لا يفسد بالوطء فيما دون الفرج . والله أعلم .
أما إذا nindex.php?page=treesubj&link=2583لمس ، أو قبل بشهوة ، أو باشر فيما دون الفرج متعمدا ، ففيه نصوص وطرق مختلفة ، مختصرها ثلاثة أقوال ، أو أوجه .
أصحها عند الجمهور : إن أنزل ، بطل اعتكافه ، وإلا ، فلا . والثاني : يبطل مطلقا . والثالث : لا يبطل مطلقا .
وإن nindex.php?page=treesubj&link=2583استمنى بيده ، فإن قلنا : إذا لمس فأنزل ، لا يبطل ، فهنا أولى ، وإلا فوجهان ، لأن كمال اللذة باصطكاك البشرتين . ولا بأس على nindex.php?page=treesubj&link=2620المعتكف بأن يقبل على سبيل الشفقة والإكرام . ولا بأن يلمس بغير شهوة .
فرع .
nindex.php?page=treesubj&link=32972للمعتكف أن يرجل رأسه ويتطيب ، nindex.php?page=treesubj&link=2622ويتزوج ويزوج ، ويتزين بلبس الثياب ، ويأمر بإصلاح معاشه ، وتعهد ضياعه ، وأن يبيع ويشتري ، ويخيط ويكتب ، وما أشبه ذلك ، ولا يكره شيء من هذه الأعمال إذا لم تكثر .
فإن أكثر ، أو قعد يحترف بالخياطة ونحوها ، كره ولم يبطل اعتكافه . ونقل عن القديم : أنه إذا [ ص: 393 ] nindex.php?page=treesubj&link=2617اشتغل بحرفة ، بطل اعتكافه ، وقيل : بطل اعتكافه المنذور . والمذهب ما قدمناه .
قلت : الأظهر ، كراهة nindex.php?page=treesubj&link=1936البيع والشراء في المسجد وإن قل للمعتكف وغيره ، إلا بحاجة . وهو نصه في " nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي " وفيه حديث صحيح في النهي . والله أعلم .
وإن nindex.php?page=treesubj&link=2599اشتغل بقراءة القرآن ودراسة العلم ، فزيادة خير .
فرع
يجوز أن nindex.php?page=treesubj&link=2620يأكل في المسجد ، والأولى أن يبسط سفرة أو نحوها . وله غسل يده فيه ، والأولى غسلها في طست ونحوها لئلا يبتل المسجد فيمتنع غيره من الصلاة والجلوس فيه ، ولأنه قد يتقذر .
ولهذا قال في " التهذيب " : يجوز نضح المسجد بالماء المطلق ، ولا يجوز بالمستعمل وإن كان طاهرا لأن النفس قد تعافه .
ويجوز nindex.php?page=treesubj&link=2625الفصد والحجامة في المسجد في إناء ، بشرط أن يأمن التلويث ، والأولى تركه . وفي البول في الطست احتمالان لصاحب " الشامل " والأصح : المنع ، وبه قطع صاحب " التتمة " ، لأنه أقبح من الفصد . ولهذا لا يمنع من الفصد مستقبل القبلة ، بخلاف البول .
فصل
يصح nindex.php?page=treesubj&link=2568الاعتكاف بغير صوم ، ويصح في الليل وحده ، وفي يوم العيد وأيام التشريق ، هذا هو المذهب والمشهور .
وحكى الشيخ أبو محمد وغيره قولا قديما : أن الصوم شرط ، فلا يصح nindex.php?page=treesubj&link=2558الاعتكاف في العيد ، و [ أيام ] التشريق ، والليل المجرد .
[ ص: 394 ] فرع
إذا nindex.php?page=treesubj&link=2611نذر أن يعتكف يوما هو فيه صائم ، أو أياما هو فيها صائم ، لزمه الاعتكاف في أيام الصوم ، وليس له إفراد أحدهما عن الآخر بلا خلاف .
ولو اعتكف في رمضان ، أجزأه ، لأنه لم يلتزم بهذا النذر صوما ، وإنما نذر الاعتكاف بصفة وقد وجدت . ولو nindex.php?page=treesubj&link=2611نذر أن يعتكف صائما ، أو يعتكف بصوم ، لزمه الاعتكاف والصوم .
وهل يلزمه الجمع بينهما ؟ وجهان .
أحدهما : لا ، لأنهما عبادتان مختلفتان ، فأشبه إذا نذر أن يصلي صائما . وأصحهما : يلزمه ، وهو نصه في " الأم " كالمسألة السابقة .
فعلى هذا ، لو nindex.php?page=treesubj&link=2611شرع في الاعتكاف صائما ، ثم أفطر ، لزمه استئناف الصوم والاعتكاف .
وعلى الأول : يكفيه استئناف الصوم . ولو nindex.php?page=treesubj&link=28059_2584نذر اعتكاف أيام وليال متتابعة صائما ، فجامع ليلا ، ففيه هذان الوجهان . ولو اعتكف في رمضان ، أجزأه عن الاعتكاف في الوجه الأول ، وعليه الصوم ، وعلى الثاني : لا يجزئه الاعتكاف أيضا .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=2611نذر أن يصوم معتكفا ، فطريقان . أصحهما : طرد الوجهين ، أصحهما عند الأكثرين : لزوم الجمع .
والثاني : القطع بأنه لا يجب الجمع . والفرق ، أن الاعتكاف لا يصلح وصفا للصوم ، بخلاف عكسه ، فإن الصوم من مندوبات الاعتكاف .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=2610نذر أن يعتكف مصليا ، أو يصلي معتكفا ، لزمه الاعتكاف والصلاة . وفي لزوم الجمع ، طريقان .
المذهب : لا يجب . وقيل : بطرد الوجهين . والفرق ، أن الصوم والاعتكاف متقاربان ، لاشتراكهما في الكف ، والصلاة أفعال مباشرة لا تناسب الاعتكاف .
فلو nindex.php?page=treesubj&link=2610نذر أن يعتكف محرما بالصلاة ، فإن لم نوجب الجمع بين الاعتكاف والصلاة ، فالذي يلزمه من الصلاة ، هو الذي يلزمه لو أفرد الصلاة بالنذر ، وإلا لزمه ذلك القدر في يوم اعتكافه ، ولا يلزمه استيعاب اليوم بالصلاة .
وإن nindex.php?page=treesubj&link=2610نذر اعتكاف أيام مصليا ، لزمه ذلك القدر في كل يوم ، هكذا ذكره صاحب " التهذيب " [ ص: 395 ] وغيره . ولك أن تقول : ظاهر اللفظ يقتضي الاستيعاب ، فإن تركنا الظاهر ، فلم يعتبر تكرير القدر الواجب من الصلاة كل يوم ؟ وهلا اكتفي به مرة في جميع المدة ؟ ولو نذر أن يصلي صلاة يقرأ فيها سورة كذا ، ففي وجوب الجمع الخلاف الذي في الجمع بين الصوم والاعتكاف ، قاله القفال ، وهو ظاهر .