الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        ما تراه الحامل من الدم على ترتيب أدوارها ، فيه قولان .

                                                                                                                                                                        القديم : أنه دم فساد . والجديد الأظهر : أنه حيض . وسواء ما تراه قبل الحمل وبعدها ، على المذهب . وقيل : القولان فيما بعد الحركة ، فأما قبلها ، فحيض قطعا . ثم على [ ص: 175 ] القديم : هو حدث دائم ، كسلس البول . وعلى الجديد : يحرم فيه الصوم والصلاة . وتثبت جميع أحكام الحيض ، إلا أنه لا تنقضي به العدة . ولا يحرم فيه الطلاق .

                                                                                                                                                                        قلت : عدم انقضاء العدة به ، متفق عليه إذا كان عليها عدة واحدة لصاحب الحمل . فإن كان ( لها ) عدتان ، ففي انقضاء إحداهما بالحيض على الحمل خلاف .

                                                                                                                                                                        وتفصيله يأتي في كتاب ( العدة ) إن شاء الله تعالى . وقد نبهت عليه هنا في شرحي ( المهذب ) و ( التنبيه ) . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وعلى الجديد ، إذا رأت الدم ، ثم ولدت بعد خمسة عشر يوما ، فهو حيض قطعا . وكذا إن ولدت قبل الخمسة عشر ، أو متصلا بآخر الدم على الأصح فيهما .

                                                                                                                                                                        وعلى الثاني : يكون دم فساد وليس بنفاس بلا خلاف ؛ لأن النفاس لا يسبق الولادة ، بل هو عند الفقهاء : الدم الخارج عقب الولادة .

                                                                                                                                                                        وقطع معظم الأصحاب ، بأن ما يبدو عند الطلق ، ليس بنفاس . وقالوا : ابتداء النفاس يحسب من وقت انفصال الولد ، وليس هو حيضا أيضا على الصحيح .

                                                                                                                                                                        وفي وجه شاذ : أنه نفاس . وفي وجه : حيض .

                                                                                                                                                                        وأما الدم الخارج مع الولد ، ففيه أوجه :

                                                                                                                                                                        أصحها : أنه كالخارج قبل الولادة . والثاني : أنه نفاس . والثالث : أنه كالخارج بين التوأمين . فإن قلنا : إنه نفاس ، وجب به الغسل ، وبطل به الصوم ، وإن لم تر بعده دما أصلا .

                                                                                                                                                                        وإذا قلنا : ليس بنفاس ، لم يجب به الغسل ، ولم يبطل الصوم .

                                                                                                                                                                        فحصل من الخلاف المذكور في هذه المسائل أن في ابتداء مدة النفاس أوجها :

                                                                                                                                                                        أحدها : من وقت الدم البادئ عند الطلق . والثاني : من الخارج مع ظهور الولد . والثالث وهو الأصح : من انفصال الولد .

                                                                                                                                                                        وحكى إمام الحرمين وجها : أنها لو ولدت ولم تر الدم أياما ، ثم ظهر الدم ، فابتداء [ ص: 176 ] مدة النفاس ، تحسب من وقت خروج الدم ، لا من وقت الولادة . فهذا وجه رابع . وموضعه ، إذا كانت الأيام المتخللة دون أقل الطهر .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية