الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1273 ) مسألة : قال : ( وإذا دخل مع مقيم ، وهو مسافر ، ائتم ) . وجملة ذلك أن المسافر متى ائتم بمقيم ، لزمه الإتمام ، سواء أدرك جميع الصلاة أو ركعة ، أو أقل . قال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن المسافر ، يدخل في تشهد المقيمين ؟ قال : يصلي أربعا .

                                                                                                                                            وروي ذلك عن ابن عمر ، وابن عباس ، وجماعة من التابعين . وبه قال الثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي وقال إسحاق : للمسافر القصر ; لأنها صلاة يجوز فعلها ركعتين ، فلم تزد بالائتمام ، كالفجر . وقال طاوس ، والشعبي ، وتميم بن حذلم ، في المسافر يدرك من صلاة المقيم ركعتين : يجزيان

                                                                                                                                            وقال الحسن ، والنخعي ، والزهري ، وقتادة ، ومالك : إن أدرك ركعة أتم ، وإن أدرك دونها قصر ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة } . ولأن من أدرك من الجمعة ركعة أتمها جمعة ، ومن أدرك أقل من ذلك ، لا يلزمه فرضها .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روي عن ابن عباس ، أنه قيل له : { ما بال المسافر يصلي ركعتين في حال الانفراد ، وأربعا إذا ائتم بمقيم ؟ فقال : تلك السنة . } رواه أحمد ، في " المسند "

                                                                                                                                            وقوله : السنة . ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولأنه فعل من سمينا من الصحابة ، ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفا . قال نافع : كان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلاها أربعا ، وإذا صلى وحده صلاها ركعتين . رواه مسلم . ولأن هذه صلاة مردودة من أربع إلى ركعتين ، فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة

                                                                                                                                            وما ذكره إسحاق لا يصح عندنا ; فإنه لا تصح له صلاة الفجر خلف من يصلي الرباعية ، وإدراك الجمعة يخالف ما نحن فيه ، فإنه لو أدرك ركعة من الجمعة رجع إلى ركعتين ، وهذا بخلافه . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه } . ومفارقة إمامه اختلاف عليه ، فلم يجز مع إمكان متابعته . وإذا أحرم المسافرون خلف مسافر فأحدث ، واستخلف مسافرا آخر ، فلهم القصر ; لأنهم لم يأتموا بمقيم .

                                                                                                                                            وإن استخلف مقيما ، لزمهم الإتمام ; لأنهم ائتموا بمقيم ، وللإمام الذي أحدث أن يصلي صلاة المسافر ; لأنه لم يأتم بمقيم . ولو صلى [ ص: 64 ] المسافرون خلف مقيم ، فأحدث واستخلف مسافرا أو مقيما ، لزمهم الإتمام ; لأنهم ائتموا بمقيم ، فإن استخلف مسافرا لم يكن معهم في الصلاة ، فله أن يصلي صلاة السفر ; لأنه لم يأتم بمقيم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية