الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الموطن السابع في الفرق بينه وبين الإنشاء وذلك من وجوه . الأول : أن الإنشاء سبب لمدلوله ، وليس الخبر سببا لمدلوله ، فإن العقود إنشاءات مدلولاتها ومنطوقاتها بخلاف الأخبار . الثاني : أن الإنشاءات يتبعها مدلولها ، والإخبارات تتبع مدلولاتها ، فإن الملك والطلاق مثلا يثبتان بعد صدور صيغ البيع والطلاق ، وفي الخبر قبله ، فإن قولنا : قام زيد تبع لقيامه في الزمن الماضي . الثالث : أن الإنشاء لا يحتمل التصديق والتكذيب ، فلا يحسن أن يقال لمن قال : امرأتي طالق : صدق ولا كذب ، إلا أن يريد الإخبار عن طلاقها . الرابع : أن الإنشاء يقع منقولا غالبا عن أصل الصيغ في صيغ العقود ، والطلاق ، والعتاق ، ونحوها ، ولهذا لو قال لامرأتيه : إحداكما طالق مرتين يجعل الثاني خبرا لعدم الحاجة إلى النقل ، وقد يكون إنشاء بالوضع الأول كالأوامر والنواهي ، فإنها للطلب بالوضع اللغوي ، والخبر يكفي فيه الوضع الأول في جميع صوره . هذا حاصل ما ذكره القرافي . [ ص: 90 ]

                                                      ويفترقان أيضا من جهة أن الإنشاء كلام نفسي عبر عنه لا باعتبار تعلق العلم بالأعيان والجنان ، فإنه إذا قام بالنفس طلب مثلا ، وقصد المتكلم التعبير عنه باعتبار العلم والجنان ، قال : طلبت من زيد ، وإن أراد أن يعبر عنه لا باعتبار ذلك ، قال : افعل أو لا تفعل ، واعلم أن كلا من الإنشاء والخبر يستحيل تعليقه ، إذ هما نوعان من أنواع الكلام يستحيل وجودهما حيث لا كلام ، والتعليق إنما هو في النسبة الحاصلة بين جزأي الجملة ، غير أن النسبة موقوفة على ذلك الشرط .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية