الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الثامنة : إذا أخبر واحد بحضرته عليه السلام ، ولا حامل له على الكذب ، ولم ينكره ، فيدل على صدقه قطعا في المختار ، خلافا للآمدي ، وابن الحاجب . وممن جزم بالأول القاضي أبو الطيب وسليم ، والشيخ أبو إسحاق والأستاذ أبو منصور ، وابن السمعاني ، لكن شرطا أن يدعي علم النبي عليه السلام به ، ولا يكذبه وقيل : إن كان عن أمر دنيوي لم يدل على صدقه ، أو ديني دل . واختاره الهندي بشروط التقرير ، وهو ظاهر كلام ابن القشيري ، فإنه قال : إذا أخبر المخبر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بأحكام الشرع ، فتقرير الرسول على إخباره ، ولا ينكره عليه مع دلالة الحال على انتفاء السهو والنسيان عنه - عليه السلام - يدل على صدقه قطعا . والحق أن هذا الخبر إن كان عن أمر ديني فإنما يجزم بصدقه بشروط : أحدها : أن يكون وقت العمل به قد دخل ، وإلا فلا ; لأن ترك الإنكار يحتمل ; لأن له تأخير البيان إلى وقت الحاجة . [ ص: 110 ] ثانيها : أن لا يكون سكوت النبي عليه السلام قد تقدمه بيان حكم تلك الواقعة ، فإنه لا يجب عليه تكرير البيان كل وقت ، فلعله حينئذ إنما ترك الإنكار ; لاعتماده على ما تقدم من البيان .

                                                      ثالثها : أن يكون ما أخبر به مما يمكن أن يشرع ، فلو قال قائل : أوجب الله على الناس الطيران أو ترك التنفس ، لجاز أن يكون سكوته عن الإنكار ; لعلمه أن مثل هذا القول مما لا يصغى إليه ، وإن كان عن أمر دنيوي فقد قيل أيضا : إنه يجزم بصدقه إذا علم علم الرسول بالواقعة ، وضعفه آخرون ، وقالوا : الرسول لا يلزمه تبيين الأمور الدنيوية ، ولا يلزمه الإنكار على الكاذب إذا لم يحلف . تنبيه : العلم في هذا والذي قبله نظري ; لوقوعه عن النظر والاستدلال ، قاله القاضي أبو الطيب في شرح الكفاية " .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية