الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله عز وجل : وجاوزنا ببني إسرائيل البحر شروع في قصة بني إسرائيل ، وشرح ما أحدثوه من الأمور الشنيعة بعد أن أنقذهم الله عز وجل من ملكة فرعون ، ومن عليهم من النعم العظام الموجبة للشكر ، وأراهم من الآيات الكبار ما تخر له شم الجبال ، تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإيقاظا للمؤمنين حتى لا يغفلوا عن محاسبة أنفسهم ومراقبة أحوالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وجاوز بمعنى جاز ، وقرئ : ( جوزنا ) بالتشديد ، وهو أيضا بمعنى جاز ، فعدي بالباء ; أي : قطعنا بهم البحر . روي أنه عبر بهم موسى عليه السلام يوم عاشوراء بعد ما أهلك الله تعالى فرعون ، فصاموه شكرا لله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      فأتوا ; أي : مروا .

                                                                                                                                                                                                                                      على قوم قيل : كانوا من لخم ، وقيل : من العمالقة الكنعانيين الذين أمر موسى عليه السلام بقتالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      يعكفون على أصنام لهم ; أي : يواظبون على عبادتها ويلازمونها ، وقرئ بكسر الكاف . قال ابن جريج : كانت أصنامهم تماثيل بقر ، وهو أول شأن العجل .

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا عند ما شاهدوا أحوالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      يا موسى اجعل لنا إلها مثالا نعبده .

                                                                                                                                                                                                                                      كما لهم آلهة الكاف متعلقة بمحذوف وقع صفة لإلها ، وما موصولة ، ولهم صلتها ، وآلهة بدل من ما ، والتقدير : اجعل لنا إلها كائنا كالذي استقر هو لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال إنكم قوم تجهلون تعجب عليه السلام من قولهم هذا إثر ما شاهدوا من الآية الكبرى والمعجزة العظمى ، فوصفهم بالجهل المطلق ; إذ لا جهل أعظم مما ظهر منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية