الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ إذا أجمعوا على خلاف الخبر ] إذا ذكر واحد من المجمعين خبرا عن الرسول عليه السلام ، يشهد بضد الحكم الذي انعقد عليه الإجماع ، قال ابن برهان في الوجيز " : يجب عليه ترك العمل بالحديث ، والإصرار على الإجماع ، وقال قوم من الأصوليين : بل يجب عليه الرجوع إلى موجب الحديث . وقال قوم : إن ذلك يستحيل ، وهو الأصح من المذاهب . فإن الله تعالى عصم الأمة عن نسيان حديث في الحادثة ، ولولا ذلك خرج الإجماع عن أن يكون قطعيا . وبناه في الأوسط " على الخلاف في انقراض العصر ، فمن قال : ليس بشرط منع الرجوع ، ومن اشترط جوزه . والجمهور على الأول ; لأنه يتطرق إلى الحديث احتمالات من النسخ والتخصيص ما لا يتطرق إلى الإجماع ، بل لو قطعنا بالإجماع في صورة ، ثم وجدنا على خلافه نصا قاطعا من كتاب أو سنة متواترة ، لكان الإجماع أولى ; لأنه لا يقبل النسخ بخلاف النص ، فإنه يقبله . [ ص: 409 ] وفي مثل هذه الصورة يستدل بالإجماع على ناسخ بلغهم أو موجب لتركه ، ولهذا قدم الشافعي الإجماع على النص لما رتب الأدلة . قلت : وقال في موضع آخر : الإجماع أكثر من الخبر المنفرد ، وعلى هذا ، فيجب على الراوي للخبر أن يترك العمل بمقتضى خبره ، ويتمسك بالإجماع ، وكذا قال الإمام في باب التراجيح من البرهان " : إذا أجمعوا على خلاف الخبر تطرق الوهن إلى رواية الخبر ; لأنه إن كان آحادا فذاك ، وإن كان متواترا فالتعلق بالإجماع ; لأنه معصوم ، وأما الخبر فيتطرق إليه إمكان النسخ ، فيحمل الإجماع على القطع ; لأنه لا ينعقد إلا على قطع ، ويحمل الخبر على مقتضى النسخ استنادا وتبيانا ، لا على طريق البناء ، ثم نبه على أن الكلام في الجواز ، وقطع بأنه غير واقع ، ثم قال : من ضرورة الإجماع على مناقضة النص المتواتر أن يلهج أهل الإجماع بكونه منسوخا . قلت : ويحتمل تقييد المسألة بانقراض العصر ، وإلا فيمكن أن يتطرق عدم الحجية إليه برجوعهم عنه ، ويحتمل خلافه ; لأن الأصل عدم رجوعهم .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية