الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 193 ] القول في تأويل قوله ( محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان )

قال أبو جعفر : يعني بقوله : " محصنات " عفيفات " غير مسافحات " غير مزانيات " ولا متخذات أخدان " يقول : ولا متخذات أصدقاء على السفاح .

وذكر أن ذلك قيل كذلك ، لأن " الزواني " كن في الجاهلية ، في العرب : المعلنات بالزنا ، و " المتخذات الأخدان " : اللواتي قد حبسن أنفسهن على الخليل والصديق ، للفجور بها سرا دون الإعلان بذلك .

ذكر من قال ذلك :

9074 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ، يعني : تنكحوهن عفائف غير زواني في سر ولا علانية ولا متخذات أخدان ، يعني : أخلاء .

9075 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : غير مسافحات المسافحات المعلنات بالزنا ولا متخذات أخدان ، ذات الخليل الواحد قال : كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ، ويستحلون ما خفي ، يقولون : " أما ما ظهر منه فهو لؤم ، وأما ما خفي فلا بأس بذلك " فأنزل الله تبارك وتعالى : ( ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) [ سورة الأنعام : 51 ] .

[ ص: 194 ] 9076 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا معتمر قال : سمعت داود يحدث ، عن عامر قال : الزنا زناءان : تزني بالخدن ولا تزني بغيره ، وتكون المرأة سوما ، ثم قرأ : محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان .

9077 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أما " المحصنات " فالعفائف ، فلتنكح الأمة بإذن أهلها محصنة - و " المحصنات " العفائف - غير مسافحة ، و " المسافحة " المعلنة بالزنا - ولا متخذة صديقا .

9078 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ولا متخذات أخدان ، قال : الخليلة يتخذها الرجل ، والمرأة تتخذ الخليل .

9079 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

9080 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان " " المسافحة " : البغي التي تؤاجر نفسها من عرض لها . و " ذات الخدن " : ذات الخليل الواحد . فنهاهم الله عن نكاحهما جميعا .

9081 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله : محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان [ ص: 195 ] ، أما " المحصنات " فهن الحرائر ، يقول : تزوج حرة . وأما " المسافحات " فهن المعالنات بغير مهر . وأما " متخذات أخدان " فذات الخليل الواحد المستسرة به . نهى الله عن ذلك .

9082 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا إسماعيل بن سالم ، عن الشعبي قال : الزنا وجهان قبيحان ، أحدهما أخبث من الآخر . فأما الذي هو أخبثهما : فالمسافحة ، التي تفجر بمن أتاها . وأما الآخر : فذات الخدن .

9083 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ، قال : " المسافح " الذي يلقى المرأة فيفجر بها ثم يذهب وتذهب . و " المخادن " الذي يقيم معها على معصية الله وتقيم معه ، فذاك " الأخدان " .

التالي السابق


الخدمات العلمية