الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  271 ( باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان حكم من إذا ذكر في المسجد أنه جنب ، وحكمه أنه يخرج على حالته ولا يحتاج إلى التيمم . قوله : " ذكر من الباب الذي مصدره الذكر " بضم الذال ، لا من الباب الذي مصدره الذكر بالكسر ، وهذه دقة لا يفهمها إلا من له ذوق من نكات الكلام ، فلذلك فسر بعضهم قوله : ذكر بقوله : تذكر ، فلو ذاق هذا ما ذكرناه لما احتاج إلى تفسير فعل بتفعل . قوله : " يخرج رواية أبي ذر وكريمة " ، ورواية غيرهما : خرج . قوله : " كما هو " ، أي : على هيئته وحاله جنبا . وقوله ولا يتيمم توضيح لقوله كما هو . وقال الكرماني : " ما " موصولة وموصوفة ، وهو مبتدأ وخبره محذوف ، أي : كالأمر الذي هو عليه أو كحالة هو عليها . قلت : على كل تقدير هذه الجملة محلها النصب على الحال من الضمير الذي في يخرج . وقال الكرماني أيضا : فإن قلت : ما معنى التشبيه هاهنا ؟ قلت : مثل هذه الكاف تسمى بكاف المقارنة ، أي : خرج مقارنا للأمر أو لحالة هو عليها ، انتهى . قلت : تسمية هذه الكاف بكاف المقارنة تصرف منه واصطلاح ، بل الكاف هنا للتشبيه على أصله ، ونظير ذلك قولك لشخص : كن كما أنت عليه ، والمعنى على ما أنت عليه ، ثم في هذا وجوه من الإعراب : الأول : أن تكون " ما " موصولة ، وهو مبتدأ وخبره محذوف ، والتقدير كالذي هو عليه من الجنابة . الثاني : أن يكون هو خبرا محذوف المبتدأ ، والتقدير : كالذي هو عليه كما قيل في قوله تعالى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة أي : كالذي هو لهم آلهة . والثالث : أن تكون " ما " زائدة ملغاة عن العمل ، والكاف جارة ، وهو ضمير مرفوع أنيب عن المجرور كما في قوله : ما أنا كانت ، والمعنى يخرج في المستقبل مماثلا لنفسه فيما مضى . والرابع : أن تكون " ما " كافة ، وهو مبتدأ محذوف الخبر ، أي عليه أو كائن . والخامس : أن تكون ما كافة وهو فاعل ، والأصل يخرج كما كان ، ثم حذفت كان فانفصل الضمير ، وعلى هذا الوجه يجوز أن تكون " ما " مصدرية .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية