الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولما دخلوا على يوسف الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : ( آوى إليه أخاه ) قال : ضمه إليه وأنزله معه ، وفي قوله : ( فلا تبتئس ) قال : لا تحزن ولا تيأس ، وفي قوله : ( فلما جهزهم بجهازهم ) قال : لما قضى حاجتهم وكال لهم طعامهم ، وفي قوله : ( جعل السقاية ) قال : هو إناء الملك الذي يشرب منه ( في رحل أخيه ) قال : في متاع أخيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن الأنباري في «المصاحف» عن ابن عباس في قوله : ( جعل السقاية ) قال : هو الصواع وكل شيء يشرب منه فهو صواع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري عن مجاهد قال : السقاية والصواع شيء واحد يشرب منه يوسف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : السقاية إناؤه الذي يشرب فيه وكان من فضة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد قال : السقاية هو الصواع وكان كأسا من ذهب فيما يذكرون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : [ ص: 289 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ( أيتها العير ) قال : كانت العير حميرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري وأبو الشيخ ، وابن منده في «غرائب شعبة» ، وابن مردويه والضياء عن ابن عباس في قوله : ( صواع الملك ) قال : شيء يشبه المكوك من فضة كانوا يشربون فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الأنباري في «الوقف والابتداء» والطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : ( صواع الملك ) قال : الصواع الكأس الذي يشرب فيه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول :


                                                                                                                                                                                                                                      له درمك في رأسه ومشارب وقدر وطباخ وصاع وديسق



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير في قوله : ( صواع الملك ) قال : هو المكوك الذي يلتقي طرفاه كانت تشرب فيه الأعاجم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن عكرمة في قوله : ( صواع الملك ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 290 ]

                                                                                                                                                                                                                                      قال : كان من فضة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله : ( صواع الملك ) قال : كان من نحاس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ ( نفقد صواع الملك ) بضم الصاد مع الألف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن الأنباري عن أبي هريرة أنه كان يقرأ (صاع الملك) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرؤها (صوغ الملك) بالغين المعجمة ، قال : كان صيغ من ذهب أو فضة سقايته التي كان يشرب فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الأنباري عن أبي رجاء أنه قرأ (نفقد صوع الملك) بعين غير معجمة وصاد مفتوحة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عن عبد الله بن عون أنه كان يقرأ (صوع الملك) بصاد مضمومة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 291 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ (صياع الملك) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : ( ولمن جاء به حمل بعير ) قال : حمل حمار طعام وهي لغة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : ( حمل بعير ) وقر بعير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله : ( وأنا به زعيم ) يقول كفيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والضحاك مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : ( وأنا به زعيم ) قال : الزعيم هو المؤذن الذي قال : ( أيتها العير ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الأنباري في «الوقف والابتداء» عن ابن عباس أن نافع بن [ ص: 292 ] الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : ( وأنا به زعيم ) ما الزعيم ، قال : الكفيل ، قال فيه فروة بن مسيك :


                                                                                                                                                                                                                                      أكون زعيمكم في كل عام     بجيش جحفل لجب لهام



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن الربيع بن أنس في قوله : ( ما جئنا لنفسد في الأرض ) يقول : ما جئنا لنعصي في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد في قوله : ( قالوا فما جزاؤه ) قال : عرفوا الحكم في حكمهم فقالوا ( جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه ) وكان الحكم عند الأنبياء يعقوب وبنيه عليهم السلام أن يؤخذ السارق بسرقته عبدا يسترق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن الكلبي قال : أخبروه بما يحكم في بلادهم أنه من سرق أخذ عبدا ، فقالوا ( جزاؤه من وجد في رحله ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : ( فبدأ بأوعيتهم ) الآية ، قال : ذكر لنا أنه كان كلما فتح متاع رجل استغفر تأثما مما صنع حتى بقي متاع الغلام قال : ما أظن أن هذا [ ص: 293 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أخذ شيئا ، قالوا : بلى فاستبره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الضحاك في قوله : ( كذلك كدنا ليوسف ) قال : كذلك صنعنا ليوسف ( ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ) يقول : في سلطان الملك ، قال : كان في دين ملكهم أنه من سرق أخذت منه السرقة ومثلها معها من ماله فيعطيه المسروق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله : ( ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ) يقول : في سلطان الملك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن محمد بن كعب القرظي في الآية ، قال : دين الملك لا يؤخذ به من سرق أصلا ولكن الله كاد لأخيه حتى تكلموا بما تكلموا به فأخذهم بقولهم وليس في قضاء الملك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : ( ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ) قال : لم يكن ذلك في دين الملك أن يأخذ من سرق عبدا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 294 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن الكلبي قال : كان حكم الملك أن من سرق ضاعف عليه الغرم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : ( إلا أن يشاء الله ) قال : إلا بعلة كادها الله ليوسف عليه السلام فاعتل بها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من طريق مالك بن أنس قال : سمعت زيد بن أسلم يقول في هذه الآية ( نرفع درجات من نشاء ) قال : بالعلم ، يرفع الله به من يشاء في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن ابن جريج في قوله : ( نرفع درجات من نشاء ) قال : يوسف وإخوته أوتوا علما ، فرفعنا يوسف فوقهم في العلم درجة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ والبيهقي في «الأسماء والصفات» عن ابن عباس في قوله : ( وفوق كل ذي علم عليم ) قال : يكون هذا أعلم من هذا وهذا أعلم من هذا والله فوق كل عالم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 295 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير قال : كنا عند ابن عباس فحدث بحديث فقال رجل عنده ( وفوق كل ذي علم عليم ) فقال ابن عباس بئس ما قلت الله العليم الخبير هو فوق كل عالم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن محمد بن كعب قال : سأل رجل عليا عن مسألة فقال فيها ، فقال الرجل : ليس هكذا ولكن كذا وكذا قال علي : أصبت وأخطأت ( وفوق كل ذي علم عليم ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «الأسماء والصفات» عن عكرمة في قوله : ( وفوق كل ذي علم عليم ) قال : علم الله فوق كل عالم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن سعيد بن جبير ( وفوق كل ذي علم عليم ) قال : الله أعلم من كل أحد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن الحسن في الآية قال : ليس عالم إلا فوقه عالم حتى ينتهي العلم إلى الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن الضحاك : ( وفوق كل ذي علم عليم ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 296 ]

                                                                                                                                                                                                                                      قال : يعني الله بذلك نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : ( وفوق كل ذي علم عليم ) قال : هكذا حتى ينتهي العلم إلى الله ، منه بدأ وإليه يعود ، وفي قراءة عبد الله (وفوق كل عالم عليم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن مجاهد وأبو الشيخ ، عن ابن جريج في قوله : ( وفوق كل ذي علم عليم ) قالا : هو ذلك أيضا يوسف وإخوته هو فوقهم في العلم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية