الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : اذهبوا بقميصي هذا .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ ، عن وهب بن منبه قال : لما كان من [ ص: 324 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أمر إخوة يوسف ما كان كتب يعقوب إلى يوسف - وهو لا يعلم أنه يوسف - بسم الله الرحمن الرحيم ، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد : فإنا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء ، كان جدي إبراهيم خليل الله عليه السلام ألقي في النار في طاعة ربه فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، وأمر الله جدي أن يذبح له أبي ففداه الله بما فداه به ، وكان لي ابن وكان من أحب الناس إلي ففقدته ، فأذهب حزني عليه نور بصري وكان له أخ من أمه كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري ، فأذهب عني بعض وجدي وهو المحبوس عندك في السرقة وإني أخبرك أني لم أسرق ولم ألد سارقا ، فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب بكى وصاح وقال : ( اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله : ( اذهبوا بقميصي هذا ) إن نمرود لما ألقى إبراهيم في النار نزل إليه جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يتحدث فأوحى الله إلى النار ( كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) ولولا أنه قال : ( وسلاما ) لآذاه البرد ولقتله البرد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عباس قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا خير البشر [ ص: 325 ]

                                                                                                                                                                                                                                      فقال : ذاك يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله ، إن الله كسا إبراهيم ثوبا من الجنة فكساه إبراهيم إسحاق فكساه إسحاق يعقوب فأخذه يعقوب فجعله في قصبة حديد وعلقه في عنق يوسف ولو علم إخوته إذ ألقوه في الجب لأخذوه فلما أراد الله أن يرد يوسف على يعقوب وكان بين رؤياه وتعبيرها أربعون سنة أمر البشير أن يبشره من ثمان مراحل فوجد يعقوب ريحه فقال : ( إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ) فلما ألقاه على وجهه ارتد بصيرا وليس شيء يقع من الجنة على عاهة من عاهات الدنيا إلا أبرأها بإذن الله تعالى .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : لما ألقي إبراهيم في النار كساه الله تعالى قميصا من الجنة فكساه إبراهيم إسحاق وكساه إسحاق يعقوب وكساه يعقوب يوسف فطواه وجعله في قصبة فضة فجعله في عنقه وكان في عنقه حين ألقي في الجب : وحين سجن وحين دخل عليه إخوته . وأخرج القميص من القصبة فقال : ( اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا ) فشم يعقوب عليه السلام ريح الجنة وهو بأرض كنعان بفلسطين فقال : ( إني لأجد ريح يوسف ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية